مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

أي المساحقات أصحاب الرسّ كما ان اللائطين أصحاب لوط.

فالظاهر أنّ السؤال عن محض ذكرهن لا عن حدّهن ، ولهذا قال : هن أصحاب الرسّ من غير بيان الحدّ لهن الّا أن يكون حدّهن معلوما في ذلك الوقت ، فتأمّل.

ومعلوم انّ حدّ الزاني والزانية في القرآن ، هو مائة جلدة.

ورواية سماعة بن مهران ، قال : سألته عن المرأتين توجدان في لحاف واحد؟

فقال : يجلد كلّ واحدة منهما مائة جلدة (١).

فكأنّه كناية عن السحق أو انّه إذا كان مجرد كونهما في لحاف واحد ، موجبا للمائة فالسحق بالطريق الاولى ، والزيادة منفيّة بالأصل وغيره.

ورواية أبي خديجة المتقدمة (٢).

ورواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : الساحقة تجلد (٣).

لعلّها صحيحة ولا يضرّ (أبان) (٤) كأنّه الأحمر ، فافهم.

ثم اعلم انّ في دلالة هذه الاخبار وسندها ، كلاما.

بل قد يقال : أنّ الأول يدل على التفصيل ، فانّ حدّ الزاني المحصن في الشرع هو الرجم ، وغيره الجلد ، وليس بمعلوم كون المراد ما في القرآن وهو الجلد.

وكذا في عموم الثاني وسنده كما ترى ، فافهم.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٦.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٦.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب حدّ السحق ج ١٨ ص ٤٢٥.

(٤) سندها كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ابان بن عثمان ، عن زرارة.

١٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن لما كان القتل والرجم امرا عظيما وبناء الحدود على التخفيف والسقوط وأصل العدم وما قيل بأقل من مائة جلدة حدّ (١) ، ذهب الأكثر الى ذلك ، فتأمّل.

وقد ذهب إلى التفصيل بانّ المحصن يرجم وغيره يجلد مائة جلدة.

وربما يستدل عليه بالرواية وبما في الروايات من رجم الساحقة بالجارية وحملت من ماء زوجها ، وهو مذكور في روايات ستجي‌ء.

مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السّلام يقولان : بينا (بينما ـ خ ل) الحسن بن عليّ عليهما السّلام في مجلس أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أقبل قوم فقالوا : يا با محمّد (يا أبا محمّد ـ خ) أردنا أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : وما حاجتكم) قالوا : أردنا أن نسأله عن مسألة قال : وما هي؟ تخبرونا بها فقالوا : امرأة جامعها زوجها فلمّا قام عنها قامت بحموتها (٢) فوقعت على جارية بكر فساحقتها فوقعت (القت ـ خ ل) النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا؟ فقال الحسن : معضلة وأبو الحسن لها ، وأقول : فإن أصبت فمن الله و (ثم ـ خ ل) من أمير المؤمنين ، وان أخطأت فمن نفسي فأرجو ان لا أخطئ ان شاء الله تعالى ، يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة ، لأنّ الولد لا يخرج منها حتّى تشق فتذهب عذرتها ، ثم ترجم المرأة لأنّها محصنة ، وينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها ويردّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحدّ قال : فانصرف القوم من عند الحسن عليه السّلام فلقوا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : ما قلتم لأبي محمّد؟ وما قال لكم؟ فأخبروه فقال : لو انني المسؤول ما كان عندي

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ولكن الصواب : وما قيل من ان أقل من مائة جلدة حدّ.

(٢) في القاموس : حمى من الشي‌ء كرضى حميّة ومحمية كمنزلة أنف ، والشمس والنار حمأ وحميا وحموا اشتد حرهما ، انتهى.

١٢٢

فان تكرر الحدّ ثلاثا قتلت في الرابعة.

______________________________________________________

منها (فيها ـ خ ئل) أكثر من ما قال ابني (١).

وفي التهذيب قريب منه بسند آخر (٢) وبدل قوله : (فمن نفسي) (فإنّ أمير المؤمنين من ورائكم) ، وهو أولى.

ومعلوم انّ مثل هذا الكلام على سبيل كسر النفس والتواضع والّا فأمثال هذا الكلام ليس بالحقيقة عن المعصوم ، وهو ظاهر أو مصلحة أخرى في نحوها ، وفيها أحكام فافهم.

وفي مثل هذه المرأة روى إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : قلت له : ترجم المرأة وتجلد الجارية ويلحق الولد بأبيه؟ قال : ولا أعلمه إلّا قال : وهو (الذي ـ خ) ابتلى بها (٣).

وفي رواية معلى بن حنيس مثلها عنه عليه السّلام فقال : الولد للرجل ، وعلى المرأة الرجم ، وعلى الجارية الحدّ (٤).

يمكن اختصاص هذا الحكم بمثل الصورة المذكورة من حمل الباكرة من سحق المرأة بعد وطئها.

ويحتمل عمومه ـ كما هو الظاهر ـ فيكون السحق مثل الزنا ، على المحصنة الرجم ، وعلى غيرها الجلد مائة ، الله يعلم.

والرأي إشارة إلى رأي آخر وهو هذا التفصيل.

قوله : «فان تكرر الحدّ إلخ» قد مرّ دليل قتل من ارتكب كبيرة مرّة بعد اخرى وحدّ في الثالثة وقتل في الرابعة وحينئذ قد يقال : هذه كبيرة وله حدّ فيصير

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب حدّ السحق والقيادة ج ١٨ ص ٤٢٦.

(٢) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٣ من أبواب حدّ السحق والقيادة ج ١٨ ص ٤٢٧.

(٣) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٢ من أبواب حدّ السحق والقيادة ولاحظ صدرها.

(٤) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٤ من أبواب حدّ السحق والقيادة ص ٤٢٨ ولاحظ صدرها.

١٢٣

والتوبة تسقط الحدّ قبل البيّنة لا بعدها.

ويتخيّر الامام لو تابت بعد الإقرار.

وتعزر الأجنبيتان المجتمعتان في إزار ، مجردتين.

فان تكرر التعزير مرّتين حدّتا في الثالثة.

ولو القت ماء الرجل في رحم البكر جلدتا وغرمت (١) مهر المثل لها ولحق الولد بالرجل.

______________________________________________________

القول فيها مبنيّا على القول في الكبيرة.

ويمكن ان يكون : حكمه حكم الزنا وليس بأقوى منه ، وقد مرّ انّه موجب للقتل في الرابعة لا في الثالثة وان كانت كبيرة ، قلنا : انّها موجبة للقتل في الثالثة إلّا الزنا فإنه موجب للقتل في الرابعة ، وأنّه أحوط.

قوله : «والتوبة تسقط الحدّ إلخ» قد مرّ دليل سقوط الحدّ بالتوبة قبل إثبات الموجب بالبيّنة لا بعده.

وكذا التخيير بين الإقامة وعدمها إذا تاب بعد الثبوت بالإقرار في الزنا واللواط وهذا مثلها.

قوله : «وتعزّر الأجنبيتان إلخ» وقد مرّ دليل تعزير امرأتين المجردتين في لحاف وإزار واحد من غير حاجز بينهما.

ووجه التقييد بالأجنبية ما فهم ، وكذا الحدّ بعد تكرر التعزير في الثالثة.

ثم انّه يحتمل القتل بعد الحدّ ثلاث مرّات أو مرّتين على ما تقدم في صاحب الكبيرة ، وعدمه للشبهة ، والدرء ، والتخفيف ، وعدم العلم فيحتمل تكرار التعزير والحدّ ثالثا وهكذا دائما ، فتأمّل.

قوله : «ولو القت ماء الرجل إلخ» قد مرّ في الاخبار رجم المساحقة بعد

__________________

(١) وغرمت مهر مثل البكر لها ـ خ.

١٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وطي زوجها بالبكر فحملت من ماء زوجها وجلد البكر بعد وضع حملها وتغريم المساحقة مهر المثل للباكرة ، ولحوق الولد بزوجها.

ولكن المصنف وغيره ـ مثل المحقق القائلين بعدم الرجم في السحق ـ عملوا بها إلّا في الرجم حيث ثبت عندهم عدم الرجم على المساحقة ، فكأنّهم عملوا بها في غير هذا الجزء ، فأسقطوه بالمعارض الأقوى.

ولكن قد عرفت عدم معارض أقوى منها وانّ هذا بعيد.

ويحتمل ان يكون لهم دليل آخر على هذه الاحكام وأسقطوا هذه الرواية بالكليّة ، أو قالوا : إنّها حكاية مخصوصة بما وقعت.

ويحتمل أيضا القول بالرجم في التي ألقت ماء زوجها في فرج وحملت فقط لهذه الرواية وخصّ ما يدل على عدم الرجم بغير هذه الصورة ان كان دليلا ، والّا تجعل هذه دليل الكلّ.

ولكنه بعيد ، فانّ القتل ـ خصوصا على هذه الصورة ـ يحتاج الى دليل قوي مع التخفيف في الحدود ، والإسقاط بالشبهة والدرء.

ونقل عن ابن إدريس إسقاط هذه بالكلية بخروجها عن القواعد ، فإنّ الباكرة باغية لا مهر لها ، فلا يلحق الولد بالزوج أيضا لأنّ الولد للفراش ، والباكرة مختارة وليست فراشا له ولا شبهة أيضا ، وقد مرّ انّ الحدّ هو الجلد فجلدتا.

وفيه نظر لانّه ورد بها نصّ صريح صحيح وليس له معارض في العقل والنقل ، فإنّه ما ثبت الجلد مطلقا بدليل ، لما عرفت.

وليس هذا بزنا ، والماء ماء الرجل فيمكن ان يحكم الشارع باللحوق وان لم يحكم بالزنا.

وكونها مختارة لهذا الفعل ، لا ينافي المهر بسبب إزالة البكارة فإنّها ما اختارت ذلك ومع ذلك لا بعد فيه للنص.

١٢٥

ويجلد القوّاد ـ وهو الجامع بين الرجال أمثالهم للواط وبينهم وبين النساء للزنا ـ خمسا وسبعين جلدة ويحلق رأسه ويشهر وينفى.

______________________________________________________

وبالجملة لا معنى لردّ النص ولا لبعضه بأمثال ذلك الّا ان يرى له دليلا.

ويحتمل لحوق الولد بالباكرة أيضا للولادة من غير زنا والصدق لغة ، ويحتمل عدم كون مثله موجبا له شرعا ، فتأمّل.

قوله : «ويجلد القوّاد إلخ» دليل حدّ القوّاد ، رواية عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أخبرني عن القوّاد ما حدّه؟ قال : لا حدّ على القوّاد ، أليس انّما يعطى الأجر على أن يقوّد؟ قلت : جعلت فداك انّما يجمع بين الذكر والأنثى حراما ، قال : ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى حراما؟ فقلت : هو ذلك (ذاك ـ خ ل) ، قال : يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني ـ خمسة وسبعين سوطا ـ وينفى من المصر الذي هو فيه ، قلت : جعلت فداك ، فما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال : يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتّى يستبرأ شعرها ، فان نبت أخذ منه مهر نسائها ، وان لم ينبت أخذ منه الدية كاملة ـ (خمسة آلاف درهم ـ خ) ـ قلت : فكيف صار مهر نسائها ان نبت شعرها؟ فقال : يا ابن سنان انّ شعر المرأة وعذرتها يشتركان في الجمال ، فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا (كملا ـ خ ل) (١).

أنت تعلم ما فيها سندا لوجود محمّد بن سليمان المشترك.

ودلالة فإنّها لم تدلّ على الحلق ، ولا على الشهرة ، وانّها لم تدل أيضا على الذي يجمع بين الرجلين ، ولا بين المرأتين وعلى تقدير العموم فاستثناء المرأة من النفي والحلق الذي يراد به الجز هنا والشهرة ، يحتاج الى دليل ، الّا أن يقال : الأصل

__________________

(١) الوسائل أورد صدره في باب ٥ حديث ١ من أبواب حدّ السحق والقيادة ج ١٨ ص ٤٢٩ وذيله في باب ٣٠ حديث ١ من أبواب ديات الأعضاء ج ١٩ ص ٢٥٥.

١٢٦

سواء الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر ، والرجل والمرأة إلّا في الجزّ والشهرة والنفي فيسقط عنها.

وتثبت بالإقرار مرّتين من البالغ العاقل الحرّ المختار ، وبشهادة عدلين.

______________________________________________________

العدم ، ثبت في الرجل بالإجماع ولا إجماع ولا غيره في المرأة.

وبالجملة ، أصل ثبوت هذا الحكم ، ثم تعميمه ـ بجعله أعمّ من أن يكون المؤلّف مسلما أو كافرا ، ذكرا أو أنثى ، حرّا أو عبدا إلّا في المرأة فيسقط هذه الثلاثة ، الجزّ ، والشهرة ، والنفي ـ غير ظاهر الدليل.

قوله : «ويثبت بالإقرار إلخ» أي يثبت القيادة أو السحق أو كلّ واحد منهما بالإقرار مرّتين ممّن يصحّ إقراره ، وهو البالغ العاقل الحرّ المختار ، وبشهادة عدلين.

دليل الأوّل ، دليل إقرار العقلاء على أنفسهم جائز (١) مع الاحتياط في الحدود ، والتخفيف ، والدرء في حدود الله بالشبهة (٢) ، وعدم حصول الزنا واللواط الّا بالأربعة ، فالاعتبار ، والأصل ، يشعر بعدم الاكتفاء بالمرّة ، وسوق الخبر الدالّ على اعتبار العدد ، يشعر باعتباره في أمثال ذلك ، فتأمّل.

ودليل الثاني ، ثبوت حجيّة العدلين ، فهما حجّة شرعيّة الّا ان يدلّ دليل على العدم واعتبار الزيادة ، فتأمّل.

وبالجملة دليل هذه الاحكام ، غير واضح الّا ان يكون إجماعا.

وقد نقل في شرح الشرائع اتفاق الكلّ على ثبوت الجلد المذكور على القوّاد ، وانّما الاختلاف في ثبوت الزيادة ، مثل الحلق ، والنفي ، والشهرة ، فإن كانت الحجّة

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ١ ص ٢٢٣ وج ٢ ص ٢٥٧ وج ٣ ص ٤٤٣ طبع مطبعة سيّد الشهداء ـ قم.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من أبواب مقدمات الحدود ج ١٨ ص ٢٣٦.

١٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الخبر فقط ، ينبغي الاقتصار على مضمونه فيدخل النفي أيضا دونهما.

ولكن لم يثبت في غير المؤلّف بين الذكر والأنثى للزنا وان كان غيره من الإجماع يعمل به فيما إذا ثبت ، ولا يتعدّى عن الدليل ، فتأمّل.

١٢٨

المقصد الرابع

في حدّ القذف

وفيه مطلبان :

الأوّل : في أركانه

وهي ثلاثة :

(الأوّل) الصيغة ، وهي الرمي بالزنا أو اللواط ، مثل أنت زان ، أو لائط ، أو منكوح في دبره ، أو زنيت أو لطت ، أو يا زان ، أو يا لائط ، أو أنت زانية أو زني بك ، وما أشبه ذلك.

______________________________________________________

قوله : «الأوّل الصيغة إلخ» معنى القذف لغة معلوم ، وهو الرمي ولعلّه شرعا نسبة شخص بالزنا أو اللواط.

دليل تحريم القذف ، وكونه موجبا للجلد ، نصّ الكتاب «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً» (١).

__________________

(١) النور : ٤.

١٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والمراد من القذف ، الرمي بالزنا ، قاله المفسرون.

والسنة ، وهي كثيرة ، مثل حسنة عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ان الفرية ثلاثة (ثلاث ـ خ) ـ يعني من ثلاث وجوه ـ إذا رمى الرجل ، الرجل بالزنا ، وإذا قال : ان امه زانية ، وإذا ادعى لغير أبيه فذلك فيه حدّ ، ثمانون (١).

ولعلّه يريد الإشارة إلى أصول صيغة القذف ، فيدخل قذف المرأة الرجل وبالعكس في الأوّل ، فإنّ المقصود منه قذف المواجه بأنّه زنى ، رجلا كان أو امرأة وكذا المواجه.

الثاني أن لا يقذف المواجه والمخاطب ، بل غيره ، مثل ان قذف امّه وأباه.

والثالث قذف الولد بأنّه غير حاصل من أبيه.

والباقي ليس بخارج منها فانّ الغرض الإشارة والتمثيل ليتضح.

والظاهر أن لا خلاف بين المسلمين في انّه موجب للحدّ ثمانين جلدة في الجملة وان وجد الخلاف بينهم في بعض الفروع.

ويدلّ على ذلك ـ في القذف بالزنا في المرأة ـ أخبار كثيرة ، مضافة الى الآية ، وعلى ثبوته أيضا بالرمي باللواط ، أخبار كثيرة.

مثل رواية عباد البصري عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام ، قال : إذا قذف الرجل الرجل فقال : انّك لتعمل (تعمل ـ خ ئل) عمل قوم لوط تنكح الرّجال؟ قال : يجلد حدّ القاذف ثمانين جلدة (٢).

ومثلها رواية غياث ، قال : سألت جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن رجل

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٢.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٣ وفيه : عن نعيم بن إبراهيم بن عباد البصري.

١٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

قال لرجل : انك لتعمل عمل قوم لوط قال : يضرب حدّ القاذف ثمانين جلدة (١).

وسيجي‌ء في خبر عباد بن صهيب من لزوم الحدّ على من قال : يا منكوحا في دبره (٢).

وانّه أفحش من الزنا فيلزم بقذفه حدّه بالطريق الاولى مع نفي الزيادة بالأصل ، فتأمّل.

وله أركان ثلاثة (ركنه ـ خ) الأول الصّيغة ، مثل أنت ، أو هو ، أو فلان ، أو فلانة زان ، أو لائط ، أو زانية أو زنيت أو لطت ، وبطريق النداء : يا زان أو زانية أو يا لائط أو يا منكوحا في دبره أو زنى بك فلان.

وفي كونها قذفا للمخاطب ، اشكال ، بل الذي يقتضي قواعد الحدّ ، عدمه فإنّه صريح في قذف الفاعل وهو فلان.

وأمّا المخاطب والمخاطبة ، فلا لجواز كونهما مكرهين أو مشتبها عليهما أو نائمين ، نعم لا شك انّه قذف لو قصد ذلك وعلم فيحدّ لها أيضا.

الّا أن يقال : انه ظاهر في ذلك في مقام الشتم ، وانه مجمع عليه ، وكأنّه ـ عرفا ـ معناه ذلك.

ويدلّ عليه خبر عباد بن صهيب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته كان عليّ عليه السّلام يقول : إذا قال الرجل للرجل : يا مفتوح (معفوج ـ ئل) ومنكوحا (يا منكوح ـ ئل) في دبره فان عليه الحدّ حدّ القاذف (٣).

فتأمّل ، فإنّ الاحتمال الضعيف شبهة دارئة للحدّ ، وانه لو قال : ما أردت

__________________

(١) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٢ بالسند الثالث نقلا عن الشيخ رحمه الله ج ١٨ ص ٤٣٣.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ بالسند الأوّل ج ١٨ ص ٤٣٣.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب حدّ القذف ، وفيه عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعته يقول : كان عليّ عليه السّلام يقول : إذا قال الرجل للرجل إلخ ج ١٨ ص ٤٣٣.

١٣١

بأي لغة كان مع معرفته.

وكذا ، لست بولدي لمن اعترف به أو لست لأبيك.

______________________________________________________

ذلك أو كذلك ، يقبل منه ولا يحدّ ، والعرف ، والإجماع غير ظاهرين ، والخبر ضعيف.

ولا فرق في تحقق القذف بالرمي بلسان دون آخر ، ولكن يشترط معرفة اللافظ ، فان لم يكن عالما بمعناه وقال كلاما موجبا للحد وقذفا عند العارف (القاذف ـ خ) لم يحدّ ويصدّق في ذلك ان أمكن عدم معرفته بذلك ولا يشترط عدم المقذوف سابقا ، فإنّه إذا علم ان ذلك قذف في لسان المتكلّم يثبت عليه الحدّان من غير توقف على شي‌ء آخر لتحقق معنى القذف فيدلّ على ثبوته ، أدلّة حدّ القذف.

وكذا يتحقق القذف بقول شخص لولده الذي أقرّ أنّه ولده : لست بولدي فإنّه قذف لامه بأنّه حصّلته من الزنا ، ولو لم يقرّ لم يثبت الحدّ لجواز نفيه باللعان.

وكذا إذا قال لولد غيره : لست لأبيك ، فإنّه قذف لامه بالزنا.

قيل : أشار بالتسوية بين المثالين الى ردّ بعض العامة ان الأوّل ليس بقذف ، إذ قد يقول ذلك شخص لتأديب ابنه بخلاف الثاني.

وهو باطل لعدم حصر التأديب في ذلك وعدم جوازه إذا كان صريحا في القذف (أو كان ـ خ) ظاهرا.

ولا فرق بينهما في المفهوم إذا كان الثاني قذفا فالأول كذلك.

ولكن في ذلك تأمّل مرّ ، إذ قد تكون امّه حصّلته بالشبهة أو الإكراه ، وليس بصريح في القذف بالزنا للام لغة الّا أن يقال : قد صار عرفا صريحا في الرمي به ، فتأمّل.

ويفهم من شرح الشرائع كونه لغة وعرفا صريحا في الرمي الموجب للحدّ ، فتأمّل.

١٣٢

ولو قال : زنت بك أمك أو يا ابن الزانية ، فقذف للام.

و (لو قال) زنا بك أبوك أو يا ابن الزاني فقذف للأب.

ويا ابن الزانيين وزنا بك أبواك ، فلهما.

______________________________________________________

ولا شك في إثبات التعزير للمواجه الذي هو الولد ، فان لم يكن موجبا للحدّ للام يكون موجبا للتعزير لها أيضا ، فتأمّل.

قوله : «ولو قال : زنت بك إلخ» لو قيل لشخص : زنت بك أمك أي حصّلتك أمك من زنا أو يا ابن الزانية ، فلا شك انّه قذف للام بالزنا فيحد لها ، واذاء للولد فيعزر له زائدا على الحدّ بناء على ما تقرر من لزوم التعزير لكل كبيرة لو كان القذف بالنسبة إلى المواجه كبيرة كما يظهر من كلامهم حيث يوجبون بذلك ، التعزير.

وفيه تأمّل لعدم ثبوت الصغرى والكبرى الّا أن يكون إجماعيّا كما يظهر من كلامهم أو انّه ثبت بالإجماع كل ما يكره المواجه من الكلام إذا لم يكن قذفا موجبا للحدّ ولا جائزا بوجه موجب للتعزير كما يظهر من كلامهم ، فتأمّل.

قوله : «ولو قال : زنا بك أبوك إلخ» ولو قال أحد لأحد : زنى بك أبوك أي حصّلك أبوك من الزنا ، فهو قذف للأب بالزنا من غير شك وليس بقذف للام لاحتمال الاشتباه والكراهة بالنسبة إليها.

وأصرح منه قوله : (يا ابن الزاني) فيحدّ للأب ، ويعزر للولد.

وفيه ما مرّ.

وإذا قال : يا ابن الزانيين أو زنى بك أبواك أي حصّلاك من الزنا فهو قذف للأب والام بالزنا فيحدّ لهما ، وفي التعزير للولد ما مرّ.

ولو قال : ولدتك أمك من الزنا ، فهو قذف للام فقط ، لأن معناه حصّلتك من الزنا فتكون هي زانية وما نسب الزنا إلى غيرها.

١٣٣

و (لو قال) ولدتك أمك من الزنا قذف للام وولدت من الزنا قذف لهما على اشكال.

______________________________________________________

قوله : «ولو قال : ولدت من الزنا إلخ» ظاهره ان الإشكال في قوله : (ولدت) فيحتمل حينئذ كونه قذفا لهما معا لانّ المتبادر من هذا اللفظ كونه حاصلا من الزنا كولد الزنا ، فإنّ الولادة من الزنا ، وولد الزنا واحد.

ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى الأم فقط ، فإنّ الولادة تنسب في الأكثر إليها فهو كقوله : ولدتك أمك من الزنا.

ويحتمل بالنسبة إلى الأب فقط فإنّه الأصل المحصل ، والولادة تنسب إليه أيضا ، لأنّه الوالد.

ويحتمل عدم الحدّ أصلا فإنّه ليس بصريح في نسبة الزنا إليهما معا.

ويحتمل أحدهما فقط ولما لم يتعين أحدهما ولم يمكن الحدّ لأحدهما لا على التعيين فيسقط للشبهة الدارئة ، ولعدم تعيين المستحق كما أنّه إذا سمع أنّه قذف شخص شخصا لا على التعيين ولم يعلم المقذوف وقد يفرق (١).

وعدمه (٢) ، فيمكن الحدّ إذا طلبا معا على الاجمال.

ولا خفاء في انّه لمّا كان مبنى الحدّ على التخفيف والإسقاط للشبهة ، فمع احتمال ضعيف ، يسقط فلا يحدّ لهما معا لاحتمال صدق هذا الكلام باعتبار زنا أحدهما ، ولما لم يتعيّن ذلك أيضا فلا يحد ولا يعزر.

ولا يبعد حدّ واحد بطلبهما معا لئلا يحصل للناس الجرأة على قذف بعضهم بعضا ولا يفتح هذا الباب ولكن قد ينسدّ بالتعزير.

والظاهر أنّ هذه الاحتمالات تجري في قوله : (ولدتك أمك من الزنا)

__________________

(١) يعني يفرق بين المثال والمثل.

(٢) عطف على قوله : كونه قذفا.

١٣٤

ويا زوج الزانية أو يا أبا الزانية أو يا ابن الزانية أو أخا الزانية ، قذف للمنسوب إليه دون المواجه.

وزنيت بفلانة أو لطت بفلان ، قذف للمواجه والمنسوب على اشكال.

______________________________________________________

أيضا لاحتمال أن تكون الولادة التي ولدتها امه كانت من الزنا ولم يعلم من الزاني بخصوصه؟ فتأمّل وان كان احتمال كونه قذفا للام فقط أظهر.

ويحتمل قذفا لهما بل قذف الأب فقط على احتمال أضعف كما يظهر من الشرائع.

قوله : «ويا زوج الزانية إلخ» لا شكّ في أن ، يا زوج الزانية ، ويا أبا الزانية ويا أخا الزانية ، قذف بالنسبة إلى الزوجة والبنت المضاف إليهن ، فإنّه صريح في ذلك فان كانت واحدة فهو ظاهر.

وان كانت متعددة ، فيحتمل السقوط لعدم تعيين المستحق والحد للجميع كما مرّ وامّا المواجه فيحتمل التعزير وقد مرّ مرارا.

ولو قال : وزنيت بفلانة أو لطت بفلان ، فهو قذف للمواجه المخاطب من غير اشكال.

وامّا كونه قذفا بالنسبة إليه المنسوب إليه ، ففيه إشكال ينشأ من انّه قذف له عرفا ، ومن أنه لغة ليست بصريحة (١) ، فإنّه مع كون المنسوب إليه مكرها أو مشتبها عليه أو نائما ، يصدق هذا اللفظ ، والعرف غير ظاهر ، والأصل عدم وجوب الحدّ.

والدرء للشبهة والبناء على التخفيف يدلّ على العدم ، نعم يمكن التعزير له أيضا بناء على إثباته مطلقا ، فتأمّل.

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب : ليس بصريح.

١٣٥

ولو قال : يا ديّوث أو يا كشخان أو يا قرنان ، وفهم إرادة الرمي للأخت والام والزوجة حدّ والّا عزر إن أفادت الشتم ، والّا فلا.

(الثاني) القاذف ، ويشترط فيه : البلوغ ، والعقل ، سواء الذكر ، والأنثى فيعزر الصبيّ والمجنون وان قذفا كاملا.

______________________________________________________

قوله : «ولو قال : يا ديّوث إلخ» قبل : الديّوث (١) قذف بالزوجة بأنّ زوجته زنت ، والكشخان هو قذف بالأم ، والقرنان هو قذف بالأخت.

والذي يفهم من المتن ان الديوث رمي للأخت ، والكشخان للام ، والقرنان بالزوجة.

وعلى كلّ حال ان كان معلوما كون كلّ واحد قذفا بالنسبة إلى من كانت فهو قذف موجب للحدّ له وان لم يعرف كونه قذفا وعلم كونه شتما يكون فيه التعزير بناء على ما مرّ والّا فلا شي‌ء.

واعلم أنّه ما علم محلّ ثبوت التعزير هل هو في كلّ محرّم ، صغيرا كان أو كبيرا كما يظهر من كثير من المواضع بحيث يصرّحون بالتعزير مع عدم عدّه في الكبائر (٢) ، إذ الكبائر كما صرّح به في بعض المواضع ، مثل الشرائع (٣) في أوائل الحدود وسيجي‌ء تحقيق ذلك.

قوله : «الثاني القاذف إلخ» الركن الثاني القاذف.

دليل اشتراط البلوغ والعقل في القاذف مطلقا ذكرا كان أو أنثى ، هو سقوط التكليف عنهما مع عموم دليل الحدّ الشامل للذكر والأنثى ، والكافر والمسلم

__________________

(١) يقال : الديوث هو الذي يدخل الرجل على زوجته. والقرنان هو الذي يرضى أن يدخل الرجال على بناته والكشخان من يدخل الأخوات (مجمع البحرين).

(٢) هذه العبارة ناقصة كما لا يخفى.

(٣) في آخر الباب الثالث (حدّ القذف) من الشرائع : كل من فعل محرّما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا تبلغ حدّا وتقديره إلى الامام ولا تبلغ به حدّ الحر في الحر ولا حدّ العبد في العبد (انتهى).

١٣٦

وفي المملوك قولان : (أحدهما) انه كالحرّ و (الآخر) ان عليه النصف.

وكذا الخلاف في الأمة ، فلو ادعاها صدّق مع الجهل ، وعلى مدّعي الحريّة البينة.

______________________________________________________

على الظاهر.

فلا حدّ على الصبيّ ، ولا على المجنون بل يعزران على ما يراه الحاكم حتّى لا يؤذيان المسلمين ولا يحصل الفساد به.

ولا فرق في ذلك بين أن يقذفا البالغين العاقلين الكاملين بشرائط المقذوف أم لا.

وفي اشتراط الحريّة في تمام الحدّ خلاف ، فقيل : العبد والأمة مثل الحرّ والحرّة في حدّ القذف فيحدان حدّا كاملا ، لعموم الأدلة.

وقيل : عليهما نصف ما على الأحرار ، قياسا على الزنا ، فتأمّل.

ولو ادعى القاذف الرقيّة على القول بالتنصيف صدّق ، فيحد نصف الجلد ، للأصل ، وللدرء ، وللتخفيف.

ويحتمل التصديق من غير يمين لذلك ، واليمين ، بناء على عموم ، اليمين على من أنكر ، وعلى مدّعي حريته ، البيّنة لعموم ، البيّنة على المدّعي ، فتأمّل.

واعلم أنّ المذهب الأوّل ، هو قول الأكثر ، وعليه الأدلة أيضا أكثر ، مثل قوله تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ» (١) ، المفهوم من الّذين ، هو العموم عرفا ولغة ، من جهة اشعار الوصف بالعلّية وغير ذلك ، لا لانّه جمع معرّف بلام الجنس كما قيل ، فإنّه خلاف ما تقرر عندهم فهو شامل للعبيد والإماء.

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا قذف العبد الحرّ

__________________

(١) النور : ٤.

١٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

جلد ثمانين ، وقال : هذا من حقوق الناس (١).

ورواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن عبد افترى على حرّ؟ فقال : يجلد ثمانين (٢).

ولا يضر وجود محمّد بن الفضيل (٣).

ورواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام في مملوك قذف حرّة محصنة؟ قال : يجلد ثمانين لأنه إنما يجلد بحقها (٤).

ولا يضرّ موسى بن بكر (٥).

ورواية أبي بكر الحضرمي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن عبد قذف حرّا؟ فقال : يجلد ثمانين هذا من حقوق المسلمين (الناس ـ خ ئل) ، فأمّا ما كان من حقوق الله عزّ وجلّ ، فإنّه يضرب نصف الحدّ ، قلت : الذي من حقوق الله ما هو؟ قال : إذا زنى أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحدّ (٦).

ولا يضر عدم التصريح بتوثيق أبي بكر ، مع توثيقه في كتاب ابن داود.

ومثلها ، عن ابن بكير (٧).

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٥.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ٧ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٥.

(٣) سنده كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٨ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٥.

(٥) سنده كما في الكافي هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة.

(٦) الوسائل باب ٤ حديث ١٠ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٧ ولا حظ ذيله.

(٧) الوسائل باب ٤ حديث ١٤ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٧.

١٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا يضرّ عدم توثيقه ، ويكفي كونه ممّن اجمع على تصحيح ما صح عنه.

ورواية بكير عن أحدهما عليهما السّلام انه قال : من افترى على مسلم ضرب ثمانين ، يهوديا كان أو نصرانيا أو عبدا (١).

وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن العبد يفتري على الحرّ ، قال : يجلد حدّا (٢).

وهو ظاهر في الحدّ التام للقذف ، وهو ثمانون جلدة.

ونقل عن ابن بابويه (٣) والمبسوط جلد أربعين نصف الثمانين.

واستدل عليه بأصالة البراءة ، وهو مضمحلّ بما سمعت من الأدلة.

وبأنه يثبت في الزنا نصف الحدّ للمملوك وليس هذا أعظم منه فلا يكون حدّه أكثر وقد يمنع ذلك بالنصّ (٤).

وبقوله تعالى «فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ» (٥)

ضمير (أتين) للإماء ولا فرق بينها وبين العبيد ، والظاهر من الفاحشة أيّ فاحشة كانت كما هو مقتضى النكرة في الإثبات لا فاحشة معيّنة لعدم الفهم من النكرة ، ولزوم الإجمال الذي هو خلاف الأصل فلا يحتاج الى كونها عامّة ، بل ليس بمعقول ولا يفيد (ولا بمفيد ـ خ) للمطلوب ، فانّ المطلوب ليس الإتيان بكل واحدة

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١٣ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٦.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١٨ و ١٩ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ وفي الثاني بعد قوله : (حدّا) الّا سوطا أو سوطين.

(٣) كأنه علي فان محمّدا صرّح بأنه مثل في الفقيه (منه رحمه الله) هكذا في هامش بعض النسخ.

(٤) راجع الوسائل باب ٣١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٤٠١.

(٥) النساء : ٢٥.

١٣٩

(الثالث) المقذوف ، ويشترط فيه : البلوغ ، والعقل ، والحريّة ،

______________________________________________________

واحدة من الفاحشة وهو ظاهر.

فلا يرد أنّ الاستدلال موقوف على كونها للعموم ، والنكرة في الإثبات ليست للعموم كما قاله في الشرح.

نعم قد يقال : انّها عبارة عن الزنا ، قاله المفسرون ، ويدلّ عليه ما قبلها (١) ولا قائل بعمومها ، فتأمّل.

وبرواية القاسم بن سليمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن العبد إذا افترى على الحرّ كم يجلّد؟ قال : أربعين ، وقال : إذا اتى بفاحشة فعليه نصف العذاب (٢).

ولا شكّ في دلالتها على المطلوب الّا أنّ القاسم مجهول ولم يمكن الاستدلال به خصوصا مع مخالفتها ظاهر الكتاب والاخبار الكثيرة والشهرة.

ونسبها الشيخ في التهذيب الى الشذوذ ، ويمكن حملها على التقيّة ، فإنّ ذلك مذهب الشافعي ، والحنفي من العامّة قاله في الشرح.

ثم قال : والعجب أنّ المحقّق والمصنف نقلا فيها قولين ولم يرجحا أحدهما مع ظهور الترجيح ، فان القول بأربعين نادر جدا (٣).

يفهم منه ان تعجّبه من شهرة ذلك القول وندرة هذا وليس ذلك محلّ التعجب ، بل محلّه خلاف الدليل ، فتأمّل.

قوله : «المقذوف ويشترط إلخ» شرائط المقذوف ، التكليف ، بالبلوغ ، والعقل ، والإسلام ، والحرّية ، والعفة عن الزنا غير المتظاهر.

__________________

(١) فان قبل هذه الجملة قوله تعالى «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ» إلخ.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١٥ من أبواب حدّ القذف ج ١٨ ص ٤٣٧.

(٣) شرح الإرشاد للشهيد الأول عنه قول المصنف : وفي المملوك قولان إلخ.

١٤٠