مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ولو ادّعت التي وجب عليها القصاص ـ وأريد قصاصها ـ الحمل ، وليس لها بيّنة من النساء الثقات العارفات بالحمل ، بعلامته المعلومة بذلك ، ولا ما يدلّ عليه من علامات الحمل ، هل يسمع وتصدّق في ذلك أم لا؟ يحتمل عدمه للأصل وعدم سماع الدعوى بغير بيّنة ، وأنّها متهمة ودافعة عن نفسها الضرر ، ولعدم التأخير في الحدود كما مرّ.

والوجه التصديق وتأخير القصاص حتّى يعلم عدم الحمل أو تضع ، فيقتص منها إن كان من يكفله وترضعه موجودا ، وإلّا أخر حتّى يستغنى الولد عنها للاحتياط.

ولأنّ أمثال ذلك إليها ، إذ إثباتها بالبيّنة متعذر كالحيض والطهر وظاهر حال المسلم فيحتمل بغير يمين ويحتمل معها ، فتأمّل.

ولو اقتصت امرأة وظهرت أنّها كانت حاملا ، فقتل الولد ظلما ، فدية الولد على الذي اقتصّ منها مع علمه بالحمل.

ويحتمل القصاص إن كان عالما ، فإنّه قتل عمد عدوان.

ولو جهل الحمل فدية الحمل على الحاكم مع علمه به.

وظاهر العبارة أنّه على القاتل لا الحاكم مع علمهما ، وذلك غير بعيد ، لأنّه المباشر.

ويحتمل التشريك.

ولم يعلم الحكم في المتن حال جهلهما ، فيحتمل أيضا على القاتل ، لأنّه مباشر للقتل ، وليس العلم والعمد شرطا للدية ، فيكون الدية عليه ، كما إذا قتل بفعله أحدا خطأ ومن غير شعوره أصلا ، بأن يكون غافلا أو نائما.

ويحتمل على الحاكم فإنّ فعله بقوله واجتهاده ورأيه وكان عليه الاستفسار والاحتياط.

٤٢١

ولا يضمن المقتصّ سراية القصاص مع عدم التعدّي ، فإن اعترف بالتعمّد اقتص في الزائد.

وان اعترف بالخطإ أخذت ديته ويصدّق في الخطأ مع اليمين.

______________________________________________________

ويحتمل التشريك.

ويحتمل على بيت المال والسقوط.

وظاهر العبارة عدم لزوم الدية على القاتل ولا على الحاكم مع جهلهما ، حيث شرط العلم وما ذكر غيرهما ، فيكون على بيت المال أو ساقطا.

وهو مشكل ، لا بطال دم امرئ مسلم مع وجود المباشر والسبب.

قوله : «ولا يضمن إلخ» لو وجب لشخص قصاص في غير النفس فاقتصّ من المستحقّ فسرى القصاص ، فإن ذهب غير ما ثبت قصاصه من الأعضاء أو النفس ، لم يضمن المقتصّ ، للأصل ، ولأنّه أثر فعله الجائز المستحق ، ولوازمه وللروايات.

مثل رواية زيد الشحّام ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل قتله القصاص ، هل عليه دية؟ فقال : لو كان ذلك ، لم يقتص من أحد ، وقال : من قتله الحدّ فلا دية (١).

ومثله في رواية أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام (٢) ، ولا يضرّ عدم صحتهما.

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، أيّما رجل قتله الحدّ أو القصاص فلا دية له (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ بالسند الثالث ج ١٩ ص ٤٦.

(٢) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ بالسند الأوّل ج ١٩ ص ٤٦.

(٣) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٥ ج ١٩ ص ٤٧.

٤٢٢

ويثبت القصاص في الطرف لكلّ من يثبت له القصاص في النّفس.

ولا يقتصّ الّا بالسيف غير الكالّ والمسموم ، وان قتل بغيره ،

______________________________________________________

وفي صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : من قتله القصاص فلا دية له ، الحديث (١).

ولا فرق بين كونه بإذن الإمام أم لا ، نعم لا بدّ من كونه جائزا.

ولا يدلّ ما في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام ـ قال : من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له (٢) ـ على اشتراط إذن الامام في ذلك.

إلّا أن يقال : بعدم جواز القصاص إلّا بإذن الإمام ، فتأمّل.

وهذا مع عدم التعدّي عما وجب له ، ومنه فإن اعترف بأنّه وقع عمدا (فيه ـ خ) اقتصّ فيما سرى فيه من العضو الزائد والنفس.

وإن لم يعترف به ، بل اعترف أنّه خطأ سمع منه ذلك ، مع يمينه ، للأصل ، وأخذ منه ديته للجناية الموجبة ان كان مما يوجب الدية ، وإلّا فلا أرش ، تأمّل.

قوله : «ويثبت القصاص إلخ» أي يثبت القصاص في العضو والطرف المقطوعين لصاحبهما على قاطعهما الذي يثبت له عليه القصاص في النفس لو قتله ، ولا يثبت في الطرف لو لم يثبت في النفس لو قطع أب يد ابنه أو جرح عضوا منه بحيث لو فعل بغيره لاقتصّ منه.

وبالجملة يثبت القصاص في غير النفس كما في النفس ، إذا كان عمدا عدوانا بشرائطه الآتية في النفس.

قوله : «ولا يقتص إلخ» أي إذا أراد ان يقتصّ من القاتل لا يفعل إلّا

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٥ ج ١٩ ص ٤٧.

(٢) الوسائل الباب ٢٤ حديث ٨ من أبواب القصاص في النفس ج ١٩ ص ٤٧.

٤٢٣

ويقتصر على ضرب العنق من غير تمثيل ، وان كان قد فعله.

______________________________________________________

بالسيف الصّارم الحادّ لا غيره من سائر آلات القتل والقطع مثل السكين ، ولا بالسيف الكالّ المعذب لا يقطع سريعا ، فيحصل له الألم الكثير فيأثم ، وإن لم يضمن شيئا.

وان لا يقتل بالسيف المسموم خصوصا في الطرف لئلا يفسد البدن بسراية السّم فيه فيتعسّر الغسل والكفن والدفن ، فتحصل الإهانة فيأثم ، وإن لم يضمن.

إلّا ان يكون في الطرف فيضمن السراية ، وإن قتل القاتل المقتول الأوّل بغير السيف مثل الغرق والحرق وبالسيف الكالّ والمسموم.

وأيضا يجب ان يقتصر في الاقتصاص على ضرب العنق من غير تمثيل ، وإن مثل القاتل المقتول الأوّل.

لعلّ دليل المذكور تحريم هذه الأمور إلّا القتل الذي جوّز له بدليله ، وهو يحصل بما مرّ فلا يتعدّى.

ورواية موسى بن بكر عن عبد صالح عليه السّلام ، في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع العصا حتّى مات؟ قال : يدفع إلى أولياء المقتول ولكن لا يترك يتلذّذ به ، ولكن يجاز عليه بالسيف (١).

وحسنة الحلبي ، ورواها أبو الصباح الكناني أيضا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قالا : سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا ، فلم يقلع عنه الضرب حتّى مات أيدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال : نعم ، ولكن لا يترك يعبث به ، ولكن يجيز عليه (بالسيف ـ ئل) (٢).

ومثلها صحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١٠ ج ١٩ ص ٢٦.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢.

٤٢٤

واجرة القصاص على بيت المال ، فان ضاق فعلى القاتل.

ويقضى بالقصاص مع التيقّن ، لا مع اشتباه التلف بغير الجناية ، فيقتص حينئذ في الجرح خاصّة.

______________________________________________________

عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع عنه حتّى قتل ، أيدفع إلى أولياء المقتول؟ قال : نعم ، ولكن لا يترك يعبث به ، ولكن يجاز عليه (١).

واعلم انّ هذه ليس لها دليل واضح ، فإن كانت اجماعيّة ، والظاهر عدمه كما نقله في شرح الشرائع وإلّا فالظاهر جواز القتل بالمثل نقلا ، للآية (٢) والخبر (٣) وعقلا ، ما لم يكن محرّما مثل القتل بالسّحر مع اختلاف في تأثيره ، وعدم العلم بحصوله ، فتأمّل.

قوله : «واجرة القصاص إلخ» إن اقتصّ الولي بنفسه ، أو من وكله واذن له بغير اجرة فلا بحث ، وان احتاج إلى الأجرة فهي على بيت المال لانّه لمصالح المسلمين ، وهذا من ذاك.

وان ضاق بيت المال ولم يف به ، فقال المصنف : فعلى القاتل ، فيجب عليه ان يعطي شيئا ليقتله أحد إذ يجب عليه تسليم الذي يترتّب عليه القتل بغير كلفة على ولي الدّم ، فيكون الأجرة عليه ، ولأنّه أزهق روح شخص فوجب إزهاق روحه بيد الولي وإذنه فيجب عليه ما يتوقف عليه ذلك ، فمؤنته عليه.

وقيل : على ولي الدّم فإنّه لمصلحته واستيفاء حقه ، فتأمّل.

قوله : «ويقضي إلخ» أي يقتضي من يحكم بالقصاص على الجاني إذا تيقّن ان القتل وقع بجنايته ، ولا يحكم بمجرّد الظن والوهم ، إذا اشتبه ، بعد ان مات

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١٢ ج ١٩ ص ٢٧.

(٢) المائدة : ٤٥ «وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ).».

(٣) الوسائل : ب ١٩ من أبواب قصاص النفس ج ١٩ ص ٣٧.

٤٢٥

ويرث القصاص والدّية وارث المال عدا الزوج والزوجة في القصاص ، ويرثان من الدية ان رضى الأولياء بها ، ولو عفا الولي عن القصاص فلا دية لهما ، ولو عفا عن دية الخطأ فلهما نصيبهما.

______________________________________________________

المجني عليه هل مات بجنايته أم بشي‌ء آخر ، فالشاهد لا يشهد الّا مع علمه بذلك.

وكذا لا يحكم القاضي إلّا بحكم من يدّعي اليقين.

وكذا ولي الدّم ان أراد قتل القاتل بغير حكم الحاكم لا بدّ ان يعرف أنّه قتل المقتول يقينا.

والظاهر أنّه لا يحتاج الحاكم الى اليقين ، بل يكفيه الظن الحاصل ممّا يثبت به القتل ، سواء كان إقرارا أو شاهدين عدلين ، وكذا ولي الدّم بعد حكم الحاكم ، فتأمّل فيه.

وإذا كان الجناية والجرح متحقّقا ولم يعلم الموت بتلك الجناية ، لا يقتل ، بل يعمل بمقتضى الجناية ، فإن كان ممّا يقتص له مثل قطع اليد يقتص ، وإلّا يأخذ الدية.

قوله : «ويرث إلخ» قد مرّ في كتاب الميراث قولان في ميراث من يتقرّب بالأم من الدية وعدم رجحان المتن أحدهما ، بل اقتصر على نقلهما.

وهو مشعر بتردده هناك ، لعموم آية الإرث (١) واخباره الدالين على ارث كلّ مناسب ومسابب من جميع ما تركه الميّت ، وفي شموله للدية والقصاص تأمّل فافهم.

وللأخبار الدالّة على عدم إرث الاخوة والأخوات من الامّ من الدية.

مثل صحيحة عبد الله بن سنان (٢) ، عن أبي عبد الله عليه السّلام : إنّ أمير

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ».) الأنفال : ٧٥.

(٢) هكذا في النسخ كلها مخطوطة ومطبوعة ، ولكن ليس في كتب الأحاديث لا في الكافي ولا في

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المؤمنين عليه السّلام قضى أنّ الدية يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين إلّا الاخوة والأخوات من الأمّ فإنّهم لا يرثون من الدية شيئا.

ومثلها صحيحة محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام (١) ، وغيرهما.

وجزم (٢) هنا بتوريثهم ترجيحا للكتاب (٣).

وفيه تأمّل ، لما مرّ ولتقديم الخاص.

ولكن يمكن الاقتصار على ما في النصّ من الإخوة والأخوات من الأم إلّا أن يقال بعدم القائل بالفصل أو أنّه يفهم عدم ارث غيرهم من الأخوال وأولادهم بالطريق الأولى ، وذلك غير بعيد ، فتأمّل.

وأمّا عدم توريث الزوج والزوجة من القصاص ، وتوريثهم من الدية سواء كانت بالأصالة أو كانت عوضا عن القصاص برضا ولي الدم والقاتل ، فقد ادّعى فيه الإجماع وما علم من يخالفه ويؤيّده عموم الكتاب والسنة (٤) وان كان في

__________________

الفقيه ، ولا في التهذيب ولا في الوسائل عين ولا أثر من صحيحة عبد الله بن سنان بهذه العبارة والمتن ، نعم نقلها المشايخ الثلاثة بسند صحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين (علي ـ ئل) عليه السّلام في دية المقتول في كتاب الله الى آخر الحديث كما نقله الشارح قدّس سرّه هنا ، ثم نقل في الكافي والتهذيب بلا فصل عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ الدية يرثها الورثة إلّا الإخوة من الأم فإنّهم لا يرثون من الدية شيئا ، والمظنون بالظن القوي ان الذي أوقع الاشتباه للشارح قدّس سرّه كون صحيحة عبد الله بن سنان عقيب صحيحة سليمان بن خالد في الكافي والتهذيب فوقع نظره الشريف أوّلا الى عبد الله بن سنان ثم كتب متن صحيحة سليمان بن خالد فراجع الكافي باب مواريث القتلى إلخ والتهذيب باب ميراث المرتد ومن يستحق من الدية إلخ والفقيه باب ميراث القاتل إلخ والوسائل باب ١٠ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٩٣.

(١) يعني الماتن رحمه الله.

(٢) وهو قوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ».) الأنفال : ٧٥.

(٣) لا حظ عمومات آيات الإرث.

(٤) راجع الأخبار الواردة في هذا المقام من الأحاديث النبوية والأولويّة.

٤٢٧

ويستحبّ للإمام إحضار عارفين عند الاستيفاء.

______________________________________________________

دلالتهما (١) نظر.

ومعلوم أن المراد بالإرث من (عن) الدية ، بعد الدين والوصايا وإن لم يكن لانتقال الدية إلى الميّت ثم قضاء الدين أو التوريث ، معنى (٢) منقّح إلّا أنّه قد ثبت أنّها بحكم مال الميّت في ذلك كلّه ، للنصوص الخاصّة (٣) ، لا لأدلّة الإرث فلا اشكال فافهم.

ومعلوم أيضا أنّه على تقدير عفو الورثة عن القصاص لا ارث لهما ، ولا منع لهما ، ولا لغيرهما ممّن يرث الدية دون القصاص ، وكذا الديّان والموصى له ، وإليه ، فتأمّل.

وأنّه لو عفا بعض الورثة عن الدية في الخطأ ، لهما حصّتهما من الدية ، وكذا لغيرهما ممن لم يعف.

وأن ليس للوارث العفو الّا عن حصّته فعلى تقدير الدين أو الوصيّة ليس له العفو إلّا عمّا يرثه ، وكلّ ذلك ظاهر والحمد لله.

قوله : «ويستحبّ للإمام إلخ» يستحبّ للإمام ويحتمل انّ لمطلق الحاكم كذلك ، بل ذلك لغيره ينبغي بالطريق الأولى ، ولهذا قيل في غيره : ويستحبّ للحاكم إلخ فلو قال هنا أيضا ذلك كان أولى.

فيمكن ان يكون مراده أعمّ أن (٤) يحضر الشاهدين المقبولين عند استيفاء

__________________

(١) في هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : وجهه أنّ الضامن (مال) الميّت ما تخلّف من الأموال ولا شك ان الدية ليست من الأموال (انتهى).

(٢) اسم مؤخر لقوله قدّس سرّه : وان لم يكن ، وقوله قدّس سرّه : لانتقال الدية خبر مقدم.

(٣) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب موانع الإرث ج ١٧ ص ٣٩٧ وفيه عن إسحاق بن عمار عن جعفر ان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : إذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال ، وغيرها فما نقل في الوصايا ـ في الدين ـ في القرض.

(٤) هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب من ان يحضر إلخ.

٤٢٨

ولو اتحد مستحقّ القصاص فالأولى اذن الحاكم وليس وليس واجبا على رأي.

______________________________________________________

الولي القصاص طرفا كان أو نفسا ليكونا شاهدين عليه ، ويثبت على الولي ذلك عند الحاجة والدعوى ، ولاحتمال ان ينسى الحاكم ولان لا يحتاج الى الحكم بالعلم المختلف فيه ، وقد يؤدّى الى التهمة ، فتأمّل.

واعلم أنّ إثبات استحقاق الثواب بمثل هذا لا يخلو عن شي‌ء ، ولكن يفعلون ذلك كثيرا.

ويمكن الفهم من الأمر بالإشهاد في الآيات والاخبار ، فافهم (١).

وهذه العبارة مشعرة بحضور الامام ، ويحتمل ان يراد الأمر بالإحضار ، وحينئذ وجه الاستحباب أظهر ، وثبوت الاستيفاء عنده (٢).

قوله : «ولو اتّحد إلخ» إذا كان مستحق القصاص شخصا واحدا وأراد القصاص ينبغي ان يفعل ذلك بإذن الحاكم ويوقعه (ويوقفه ـ خ) على إذنه ويستأذنه فيه ويفعل بعد إذنه مع الإمكان ، وعلى تقدير استيذانه ليس له المنع عن ذلك ، ولو منع لا يجب اتّباعه ، بل فعل هو حراما.

نعم له ان يلتمس العفو والصلح بمال ، ولا يجب على المستحق استيذانه.

واذنه ليس شرطا للجواز والاستيفاء فيجوز له ان يفعل بغير ذلك مع إمكانه ، ويقع في محلّه ، كما إذا أذن.

دليل عدم الوجوب والشرطيّة ، الأصل وإطلاق أدلّة القصاص من الكتاب والسنة مع عدم دليل ظاهر على ذلك حتّى يرفع الأصل ويقيّد الإطلاق.

__________________

(١) أما الآيات فقوله تعالى «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» البقرة : ٢٨٢ ، وقوله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» البقرة : ٢٨٢ ، وقوله تعالى «فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» النساء : ١٥ وغيرها من الآيات وأمّا الاخبار فراجع الباب ١ و ٢ و ٣ من كتاب الشهادات.

(٢) في بعض النسخ المخطوطة : وهو ثبوت الاستيفاء عنده.

٤٢٩

وان تعدّد وجب الاتفاق أو الاذن ، ولا يجوز لأحدهم المبادرة على رأي ، فان بادر ضمن حصص الباقين.

______________________________________________________

وذهب جماعة إلى وجوب ذلك ، فلو بادر من غير ذلك أثم ، ويجب تعزيره ، وليس عليه سوى ذلك شي‌ء ، وما عرفت دليلهم وهم أعرف.

وليس لتقييد المتن بوحدة المستحق وجه ظاهر ، فإنّ الخلاف يجري مع الكثرة أيضا ، ولعلّه لأنّ مع الكثرة خلاف آخر أيضا وهو أنّه هل يحتاج إلى إذن سائر الورثة أم لا ، لأنّه لا خلاف في اعتبار اذن الامام مع الكثرة ، مع أنّه قد يكون الخلاف مع الوحدة كما هو ظاهر المتن.

قوله : «ولو تعدّد إلخ» لو تعدّد مستحق القصاص يجب في وقوعه على الوجه الشرعيّ اتفاق جميع ورثة القصاص على ذلك ، بان يقتلوه جميعا بأن يأخذوا السيف ويضربوه جميعا على عنقه ، أو يوكّلوا غيرهم للقصاص أو واحدا منهم ، فلا يجوز لبعضهم المبادرة قبل ذلك ، فلو بادر بعضهم من غير ذلك فحصل القصاص ضمن حصص الباقين ، فعليه الدية لكلّ واحد نصيبه منها.

هذا رأي المحقق والمصنف ، ووجهه ظاهر ، وهو أنّ الحقّ للكلّ فلا يجوز للغير ، التّصرف والاستيفاء ، فعلى الفاعل ضمان العهدة.

والأكثر على أنّه يجوز للبعض الاستقلال في ذلك ، ونقل عن السيد والشيخ الإجماع على ذلك لقوله تعالى «فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً» (١) ولبناء القصاص على التغليب ، ولأنّه لو عفى بعض على مال أو بغير مال كان للآخر القصاص ، مع أنّ القاتل قد أحرز بعض نفسه ، فهنا كذلك بالطريق الاولى.

ويمكن ان يقال : الإجماع غير ظاهر ، ولهذا خالف المصنف والمحقق ، والآية غير ظاهرة في المطلوب ، والتغليب ليس بحجة ، بل غير مسلّم ، فإنه يسقط بالشبهة

__________________

(١) الإسراء : ٣٥.

٤٣٠

ولو كان المستحق صغيرا فللولي استيفاء حقّه على رأي.

ولو اختار بعض المتعددين الدّية ورضى القاتل ، فللباقين القصاص بعد ردّ نصيب المفادى ولو لم يرض القاتل جاز القصاص لطالبه بعد ردّه نصيب شريكه من الدية ، ولو عفا البعض جاز للباقي القصاص بعد ردّ نصيب العافي من الدية على القاتل.

______________________________________________________

مثل سائر الحدود ، وجواز استقلال البعض بالاستيفاء والقصاص ـ بعد أخذ الباقي حقّه بالعفو وغيره ـ لا يستلزم جوازه بدون أخذهم ذلك ، فكيف الأولويّة ، فتأمّل.

ويمكن ان يقال : يجوز للبعض ذلك ، لأنّ الباقي إمّا يريدون قتله أو الدية أو العفو فإن أراد القتل فقد حصل ، وإن أراد الدية فالمباشر يعطي ، وان أراد العفو فيعفو.

فيه أيضا تأمّل لاحتمال ارادة العفو عنه لا عن المباشر وكذا أخذ الدية منه (فيه ـ خ) ومن ماله. أو القتل بأنفسهم أو بإذنهم.

قوله : «ولو كان إلخ» ولو كان مستحق الدم ووارثه صغيرا وله ولي كولد أو مجنون قتلت أمّه وله أب أو جدّ ، فالمصنف والمحقق جوّزا له استحقاق الحقّ ، لأنّه وليّ وله ان يفعل مقتضى مصلحته ، ولأنّه قد يموت أو يهرب قبل البلوغ والإقامة فيتعذّر القصاص ، ولم يمكن له أخذ الدية أيضا فيتعذران فيضيع حقّه مع إمكان أخذه.

ونقل عن الشيخ (١) وجوب حبس القاتل ، وعن المحقق أنّه قال : وفي التأخير للقصاص اشكال ، والحبس أشدّ إشكالا وقال (أيضا ـ خ) : قلت : وتجويزه للعفو على مال ثمّ تجويزه للصغير القصاص أقوى إشكالا منهما ، فتأمّل.

قوله : «ولو اختار إلخ» إذا كانت ورثة المقتول متعدّدة ، ورضي

__________________

(١) في الشرح ، هكذا في هامش بعض النسخ.

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

بعضهم بالدية ، ورضي القاتل أيضا بذلك ولم يرض الباقون بل أرادوا القصاص ، لهم ذلك ، بعد ردّ ما أعطاه القاتل الى الراضين بالدية ، وهو المراد بنصيب المفادى أي القاتل ولو قال العافي ، لكان أولى.

وان لم يرض القاتل ، لهم ذلك أيضا : لكن بعد إعطاء مقدار نصيب من يرضى بالدية إليهم.

وجه ذلك كلّه ظاهر.

ولو عفى بعض الورثة دون بعض جاز فلغير العافي أخذ الدية بحساب حصته مع رضى القاتل ، وله القصاص أيضا ، ولكن يردّ الى القاتل مقدار حصة العافي من الدية ، وجهه ظاهر.

ويدلّ عليه أيضا رواية جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابه ، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ، في رجل قتل وله وليان فعفا أحدهما وأبى الآخر ان يعفو؟ قال : إن أراد الذي لم يعف ان يقتل قتل ، وردّ نصف الدية على أولياء المقتول المقاد منه (١).

وغيرها ، مثل صحيحة أبي ولّاد الحنّاط (٢).

فيحذف مثل رواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول : من عفى عن الدّم من ذي سهم له فيه ، فعفوه جائز ويسقط الدّم ويصير دية ويرفع عنه (عنهم ـ خ) حصة الذي عفى (٣) الدالّة (٤) على سقوط القصاص بعفو البعض وتعيين الدية حينئذ.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٢ ج ١٩ ص ٨٤.

(٢) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب القصاص في النفس الرواية ٤ ج ١٩ ص ٨٦.

(٤) صفة لقوله قدّس سرّه رواية إسحاق بن عمار.

٤٣٢

ولو اقتص مدعي العفو على شريكه على مال فصدّقه أخذ المال ، والّا الجاني والشريك على حاله في شركة القصاص.

وللولي القصاص من دون ضمان الدية للدّيان على رأي.

______________________________________________________

لمخالفته (١) للأصول مع الضعف ، أو يؤوّل بما إذا لم يعط من يريد القصاص الدية إلى القاتل مقدار حصة من عفى عنه ، كما فعله في التحرير.

قوله : «ولو اقتصّ إلخ» أي لو أراد بعض الورثة الاقتصاص من القاتل وادّعى على البعض الآخر من شركائه في استحقاق القصاص العفو عن القاتل على مال ، فإن صدّق الشريك المدّعى أخذ الشريك المال الذي عفى عليه من الجاني إن قتله الجاني ، وإن لم يقبل المال فإن أمكنه الإثبات أثبت ، وإلّا سقط حقّه ، والجاني يأخذ مقدار تمام حصة العافي ، وان كان ما أعطاه شيئا يسيرا ، أو ما اعطى شيئا من الحصّة ، أو اعطى الأكثر.

وإن لم يصدّقه الشريك ، بل قال : ما عفوت لا على مال ولا على غير مال ان أمكن إثباته فقد مرّ حكمه ، وإلّا أخذ الجاني من المقتصّ الزائد على حصته من الدية الّتي هي حصة الباقي.

والشريك يبقى على شركته ، فإن رضي بالقصاص الذي وقع فلا بحث ولا شي‌ء له ، وان لم يرض فله أخذ حصته من الدية من شريكه المقتصّ ، والكلّ واضح ، الحمد لله.

قوله : «وللوليّ إلخ» إذا قتل مديون معسر بما يوجب القصاص فللورثة قتل القاتل قصاصا من غير أن يرضى الدّيان ، ومن غير ان يضمنوا لهم الدية ، على رأي المصنّف والمحقّق وجماعة ، لأنّ الواجب هو القصاص ، وذلك إلى الورثة ، والفرض عدم المال ، ولا يجب على الورثة إسقاط حقّهم ليحصل وفاء الدّين فإنّه

__________________

(١) تعليل لقوله قد سرّه : فيحذف.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

بمنزلة الكسب ، وهو غير واجب لاداء دين المورث وهو ظاهر.

ولظاهر الآية (١) والاخبار الدالتين على ثبوت القصاص مطلقا ، سواء كان المقتول مديونا معسرا أم لا ، من غير إيجاب ضمان مال على تقدير الإعسار.

ونقل في الشرح عن جماعة مثل ابن الجنيد والشيخ في النهاية أن ليس لهم القصاص إلّا بعد ضمان الدين لهم ، ولهم العفو.

وعن المبسوط : روي أنّ لهم منع الوارث من العفو والقصاص حتّى يضمنوا الدية ، وتبعه الصهرشتي وأبو الصلاح والقاضي وابن زهرة والكيدري وصفي الدين محمّد بن معد العلوي الموسوي ، ذكره في مسألة له في هذا المعنى لرواية عبد الحميد بن سعيد قال : قال سألت أبا الحسن الرّضا عليه السّلام ، عن رجل قتل ، وعليه دين ولم يترك مالا وأخذ أهله الدية من قاتله أعليهم ان يقضوا الدّين؟ قال : نعم قال : قلت : ولو لم يترك شيئا؟ قال : إنّما أخذوا الدية فعليهم ان يقضوا عنه الدين (٢) هكذا احتجّ المصنف ، وأجاب بعدم الدلالة على المتنازع ، لاحتمال كون القتل غير عمد ، ولأنّ السؤال وقع عن أولياء أخذوا الدية ونحن نقول بموجبه وأقول : هذه الرواية ظاهرة في عدم الدلالة على المراد.

ونحوه في الاحتجاج رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يقتل وعليه دين وليس له مال فهل للأولياء أن يهبوا دمه لقاتله؟ فقال : إنّ أصحاب الدين هم الغرماء الخصماء (للقاتل ـ ئل) ، فان وهب أولياؤه دمه للقاتل فجائز ، وان أرادوا القود فليس لهم ذلك حتّى يضمنوا الدية للغرماء (٣).

__________________

(١) وهي قوله تعالى «وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ» وقوله تعالى «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ».

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من كتاب الدين ج ١٣ ص ١١١ وفي يحيى الأزرق عن أبي الحسن عليه السّلام ، لا عبد الحميد.

(٣) الوسائل الباب ٥٩ من أبواب القصاص في النفس حديث ١ ج ١٩ ص ٩٢.

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه الرواية لا يرد عليها شي‌ء ممّا ذكر أمّا تجويز كون القتل خطأ وشبهه فمنفيّ بقوله : (وان أرادوا القود).

وأمّا كون السؤال وقع عمّن أخذ الدية ، فهو ظاهر الانتفاء.

وأجاب المحقق في النكت بضعف السند وندورها ، فلا تعارض الأصول.

وجمع الشيخ أبو منصور الطبرسي في كتابه بأنّ القاتل إذا بذل الدية وجب قبولها ولم يكن للأولياء القصاص إلّا بعد الضمان ، وإن لم يبذلها جاز القود بلا ضمان (١).

قلت : هذه الرواية على الوجه الذي ذكرها لا يرد عليه شي‌ء ممّا ذكر ، كما ينبّه.

ولكن يرد عليه أنّه كان من المطلوب عدم جواز العفو ، وهي تدلّ عليه ، وأنّ الّتي في التهذيب ليست كذلك قال فيه يونس (٢) ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير (يعني المرادي ـ ئل) ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل (الرجل ـ ئل) قتل وعليه دين ، وليس له مال فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال : انّ أصحاب الدّين هم الخصماء للقاتل فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدية للغرماء وإلّا فلا (٣).

ولا شكّ في عدم دلالتها على المطلوب ، ولعلّ المصنف هكذا رواها.

ويؤيّده أنّه لا معنى لقوله : (وهم الخصماء) مع كون الهبة للأولياء وتفريع

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشرح.

(٢) يحتمل كون يونس هو ابن عبد الرحمن وابن مسكان هو عبد الله وأبو بصير هو ليث فالخبر صحيح ولكنّه غير ظاهر منه رحمه الله (هكذا في حاشية بعض النسخ المخطوطة).

(٣) الوسائل الباب ٥٩ من أبواب القصاص الرواية ١ وفيه عن أبي بصير يعني المرادي ج ١٩ ص ٩٢ وراجع باب ٢٤ من كتاب الدين ج ١٣ ص ١١٢.

٤٣٥

ولو اقتص الوكيل بعد علم العزل فعليه القصاص ، والّا فلا شي‌ء ، ولو استوفى بعد العفو جاهلا فالدية ، ويرجع على الموكّل.

______________________________________________________

ذلك عليه بقوله : (فان وهب إلخ).

وأيضا يبعد الفرق بين الهبة والقود بعدم الضمان في الأوّل ، وبه في الثاني.

وبالجملة الأولى تدلّ على بعض المطلوب ، وهو عدم القصاص إلّا مع الضمان وجواز العفو بدونه.

والثانية تدلّ على عدم جواز العفو إلا مع الضمان ، ولم يذكر القصاص ، فتأمّل.

ثمّ انّه يعلم منهما صحة الهبة في غير المال بل الدّم. فكأنّها بمعنى العفو والإبراء ، فتأمّل.

قوله : «ولو اقتصّ الوكيل إلخ» إذا وكل ولي الدّم المستحق للقصاص من يقتصّ بوكالته ، فان فعل قبل العزل وقع في محلّه ، لإنّه فعل قابل للوكالة ، إذ الغرض وقوع الفعل ، وقد وقع ، فحصل المطلوب.

وإن عزله ، فإن كان بعد الفعل فلا أثر له كعدمه ، وإن كان قبل الفعل وأعلمه ففعل بعد علمه به صار قاتل عمد عدوان ، فعليه القصاص.

ولو نسي ذلك وفعل يحتمل الدية في ماله ، ويمكن قبول قوله فيه.

ولو لم يعلم ولم يشهد ، وقيل بعدم انعزاله بدونهما ، فلا شي‌ء هنا أيضا ، فإنّه مثل ما إذا لم يعزله مطلقا.

وإن قيل بعزله مطلقا أو بالإشهاد واشهد فالظاهر أنّه لا شي‌ء أيضا لو لم يكن عفا.

وإن عفا على مال مساو للدية فكذلك ، وان كان أقلّ لو عفى على غير مال ، فحينئذ (١) يحتمل لزوم الدية أو ثمنها (تتمتها ـ خ) على الموكّل فإنّه صار سببا لقتل

__________________

(١) أي لو عفى تبرّعا يحتمل إلخ.

٤٣٦

ولو عفا مقطوع اليد فقتله القاطع قتل بعد ردّ دية اليد على اشكال ، وكذا لو قتل مقطوع اليد قصاصا أو أخذ ديتها ، والّا فلا ردّ ، ولو قطع كفا بغير أصابع ، قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع.

______________________________________________________

نفس غير مستحق ، ولا يبطل دم امرئ مسلم والقصاص غير معقول ، فالدية ، وليس على الوكيل المباشر لضعفه ، فعلى الموكّل السبب.

ويحتمل على الوكيل ابتداء لأنّه باشر الإتلاف ، فالضمان ابتداء عليه ، ولمّا كان ناشيا عن أمر الموكّل يرجع بها عليه ، وقد عرفت التفصيل ، ويفهم منه إجمال المتن.

قوله : «ولو عفا مقطوع اليد إلخ» أي إذا قطع شخص يد آخر ، فعفا المقطوع ، القاطع عن قطع اليد ، ثمّ جاء القاطع وقتل مقطوع اليد الذي عفا عنه ، قتل القاتل بالقتل ، ولكن بعد ردّ دية يده على اشكال.

قال الشارح : الاشكال هنا في موضعين : الأوّل : في جواز قتله ، وتوجيهه ان يقال : إنّ القتل بعد القطع كالسّراية للجناية الاولى ، وقد سبق العفو عن بعضها ، فليس له القصاص في الباقي ، هكذا علّله في المبسوط.

ويمكن ان يقال : أزهق نفسا متكافئة معصومة فيقتل ، وهو الأصح ، وكونها كالسراية ممنوع ، بل هو أحداث قاطع للسّراية فكيف يكون كالسراية وبتقديره ، لمانع أن يمنع إنّ العفو عن البعض يستلزم سقوط القود بالباقي حتّى قام عليه دليل (١).

ولا يخفى أنّ احتمال العدم في غاية البعد ، فإنّه قتل نفسا عمدا عدوانا بقطع غير معفو عنه ، والعفو عن قطع سابق لا يستلزم ـ بوجه من الوجوه ـ العفو عن

__________________

(١) الى هنا عبارة الشارح (الشهيد الأوّل).

٤٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قطع وضرب آخر ، وليس ذلك إلّا كقتل شخص آخر ، ولا فرق في قتله المقطوع وغيره ، فكما أنّ قتله غيره موجب للضمان والقود ، فكذلك المقطوع ، فيقتصّ ، لعموم أدلة القصاص ، وهو في غاية الوضوح.

نعم لو مات بسراية القطع المعفو عنه ، لكان للخلاف وجها ، من جهة أنّه عفا عن قطع اليد ، بمعنى أنّه لا يقتصّ ، ولا يؤخذ ديتها ، وهو غير مستلزم للعفو عن سرايته ، فإنّ سرايته هو الموجب للقتل ، وما عفا عنه ، فانّ العفو عن بعض أثر شي‌ء ، لا يستلزم العفو عن بعض آخر.

ولاحتمال أنّه اعتقد أنّ أثره هو القطع ومن جهة أنّه عفا عن القطع وبعده سرى القطع الى النفس فكأنّه عفا عن المجموع فلا يقتصّ.

وتحقيقه أنّه ان علم انّ العفو عن أثر الضرب والقطع مطلقا فهو معفوّ عنه وعن جميع ما يترتّب عليه من تلف عفو آخر والنّفس.

وان كان عن موجبه الّذي هو سقوط اليد فلا يعفى عن غيره ، فيبقى أثره الذي يترتّب عليه بعده من تلف عضو أو نفس وهو ظاهر وبالجملة انّ هذا ليس محل الخلاف.

والثاني (١) : أنّه على تقدير الجواز هل يردّ دية اليد على المقتصّ منه أم لا؟ فيه إشكال ، ينشأ من انّ الناقص لا يقتصّ له من الكامل إلّا بعد الردّ كالمرأة ، وهو متحقق هنا ، فيردّ.

ومن عموم قوله تعالى «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» (٢) وقوله تعالى «الْحُرُّ بِالْحُرِّ» (٣).

__________________

(١) تتمة : عبارة الشهيد الأوّل في الشرح.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) البقرة : ١٧٨ وهنا تنتهي عبارة الشارح (الشهيد الأوّل).

٤٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولأنّ فاقد اليد خلقة أو ذهبت بآفة سماويّة ونحوها يقتص له من غير ردّ ، فكذا هنا.

قال في الشرح : بنى الشيخ المسألة على عدم دخول الطرف في النّفس إلخ.

ثمّ قال : والمحقق جعل مستند احتمال الردّ رواية سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، ونقل معناها ولفظها ، قال : سئل عن رجل قتل رجلا عمدا وكان المقتول أقطع اليد اليمنى؟ فقال : ان كانت يده قطعت في جناية جناها على نفسه أو كان قطع وأخذ دية يده من الّذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها ان كان أخذ دية يده ويقتلوه ، وان شاؤوا طرحوا عنه دية يد وأخذوا الباقي. قال : وان كانت يده قطعت في غير جناية جناها على نفسه ولا أخذ لها دية قتلوا ولا يغرم شيئا ، وان شاؤوا أخذوا دية كاملة ، قال : وهكذا وجدناه في كتاب عليّ عليه السّلام (١).

ثم قال : وهذه قريبة من صورة الفرض ، ويناسبها أنّه لو قطع كفّا بغير أصابع قطعت كفه بعد ردّ دية الأصابع اعتمادا على رواية الحسن بن الجريش ونقل الرواية في الكافي هي رواية الحسن بن العباس بن الجريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام ، قال : قال أبو جعفر الأوّل عليه السّلام لعبد الله بن عباس ، يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله اختلاف؟ قال : فقال : لا ، قال : فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتّى سقطت ، فذهب ، وأتى رجل آخر فأطار كفّ يده فأتى به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفّه ، وأقول لهذا المقطوع : صالحه على ما شئت ، وابعث إليهما ذوي عدل ، فقال له : قد جاء الاختلاف في حكم الله ونقضت القول الأوّل ، أبى الله ان يحدث في

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب القصاص في النفس الرواية ١ ج ١٩ ص ٨٢.

٤٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

خلقه شيئا من الحدود وليس تفسيره في الأرض اقطع يد قاطع الكفّ أصلا ثم أعطه دية الأصابع ، هذا حكم الله (١).

ثمّ قال والراوي ضعيف ، وفي طريقها سهل بن زياد (٢) ، وابن إدريس منع من حكم هذه المسألة ، وأوجب فيها الحكومة في الكفّ ، وعمل بموجبها أكثر الأصحاب كالشيخ والقاضي وغيرهما وقال المصنف في المختلف : قول ابن إدريس لا بأس به انتهى (٣).

دليل القتل من غير ردّ الدية في المسألة لا يخلو عن قوّة ، وهو عموم الآيات.

واحتمال الردّ لا دليل له ، فإنّ الوجه ممنوع.

وما ذكر في بيانه من قصاص المرأة قياس غير مسموع.

ورواية سورة ليست بصحيحة ولا حسنة ، لعدم توثيق سورة ، بل عدم مدحه الذي يقتضي الحسن أيضا ، فإنّه نقل في الخلاصة عن الكشي رواية دالة على صحة عقيدته في الباقر والصادق عليهما السّلام وهذا لا يقتضي الايمان الكامل فكيف المدح الموجب للحسن ، على أنّه قال : في طريق هذه الرواية حذيفة بن منصور (٤).

وقد ضعّفه ابن الغضائري ، وان قال في كتاب ابن داود (كش) : ممدوح ، فهو غير ظاهر ، على أنّه قال في رجال ابن داود : سورة بن كليب اثنان.

فقول شرح الشرائع (حسنة سورة) ـ مع ترك المصنف وغيره ذلك ، بل

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب قصاص الطرف الرواية ١ ج ١٩ ص ١٢٩.

(٢) طريقه كما في الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسين (الحسن ـ خ بن العباس بن الجريش.

(٣) الى هنا عبارة الشرح.

(٤) ص ٤٢ طبع طهران في القسم الأوّل.

٤٤٠