مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١٣

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩١

ولا في ثمرة الشجرة عليها ، بل محرزة.

ولا على من سرق مأكولا عام مجاعة.

______________________________________________________

قميصه الأعلى لم اقطعه وان كان قد طر من قميصه الداخل (السافل ـ ئل) قطعته (١).

ورواية مسمع أبي سيّار عن الصادق عليه السّلام ان أمير المؤمنين أتي بطرار قد طرّ من رجل من ردائه دراهم؟ فقال : ان طر من قميصه الأعلى لم يقطع وان كان طر من قميصه الأسفل قطعناه (٢).

وهما ضعيفان ولكن مؤيّدتان بالشهرة مع المناسبة وعدم ظهور الخلاف.

وهما يدلّان على المعنى الثاني وعدم الفرق بين الوجه والبطن ، فتأمّل.

وكذا دليل عدم القطع ـ في ثمرة الشجرة حال كونها عليها وانه انما يقطع إذا كانت مصرومة محروزة في حرزها ـ كونها في غير حرز وقد مرّ في الرواية أيضا.

ويمكن ان يقال : إذا كانت على الشجرة ويكون عنده ناظر ينظرها أو يكون بحيث يكون في بستان محوّط بحائط عال وباب مغلوق أو يكون في دار الإنسان.

وبالجملة يكون محفوظا ومحروزا ، يقطع فيه.

وظاهر الكلام هنا العدم ، ويؤيّده الأصل ، ومبنى الحدود على التخفيف والشبهة والدرء وكذا المتقدمة.

ويؤيده القطع عموم الكتاب والسنة مع صدق الحرز في الجملة وعدم دليل قوى يدل على الحرز المراد وضعف الرواية ، فتأمّل.

قوله : «ولا على من سرق إلخ» وجه عدم القطع على من سرق المأكول عام المجاعة ـ وان كان محرما ـ هو الاعتبار ، وتخيّل (تختل ـ خ ل) الاضطرار ، وخبر

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٤.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ بالسند الثاني ج ١٨ ص ٥٠٤.

٢٤١

ولا على سارق الجمال والغنم في الصحراء مع اشراف المالك عليها.

______________________________________________________

عاصم بن حميد ، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السّلام لا يقطع السارق في أيّام المجاعة (١).

وخبر السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قال : لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة (يعني في المأكول دون غيره) (٢) مجاعة وخبر زياد القندي ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : لا يقطع السارق سنة في المحق (٣) (المحل ـ خ ل) في شي‌ء ممّا يؤكّل مثل الخبز واللحم وأشباهه (٤) (وأشباه ذلك ـ خ ل).

وكأنّه لهذا الحديث قيّد في المتن وغيره بالمأكول.

ولعلّهم قيّدوا الأولين به فتأمّل ، لعدم المنافاة.

وظاهر كلامهم كالروايات غير مقيّد بالضرورة والعجز ، وانّ المراد بالمأكول ما يصلح لذلك ومن جنسه سواء يؤكل بالفعل كالخبز أم بالقوّة كاللحم.

قوله : «ولا على سارق الجمال إلخ» وجه عدم قطع سارق الجمال ـ من الصحراء وان كان صاحبه ناظرا أو مطلقا ومشرفا عليه ـ عدم الحرز ، فان الصحراء ليس بحرز الجمل وان كان صاحبه فيه.

فيه تأمّل ، إذ ما نعرف للجمال والغنم محرزا في البادية والصحراء غيره ، فإنه ليس لأهلها بيت ودار له غلق يكون حرزا ، وانّما حرزه حفظ صاحبه إيّاه واطلاعه عليه.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٠.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢١.

(٣) والمحل ، الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٠.

٢٤٢

ويقطع سارق الصغير المملوك حدّا ، والحرّ مع بيعه حدّا ، دفعا لفساده.

______________________________________________________

ولو لم يكن ذلك حرزا وحفظا له يلزم ضمانه دائما على من كان عنده بالأمانة مثل الودعي والمستعير وغيرهما ، على انا ما فهمنا لزوم حرز في كلّ شي‌ء.

قوله : «ويقطع سارق الصغير إلخ» لو سرق شخص مملوكا صغيرا بشرائطه مثل النصاب وكونه في حرز ، مثل البيت وعند أبيه وامّه وحافظه ، قطع يده حدّا لانه مال كسائر الأموال ولعلّ الحرز هنا كونه في البيت واطلاع المولى أو وكيله عليه.

وامّا إذا كان حرّا فلا يقطع حدّا لانه ليس بمال فليس سرقته سرقة عرفيّة وشرعيّة ، بل قطع لدفع الفساد ، لان الفساد والفتنة أشدّ من القتل (١) ، وإذا كان القتل موجبا للقتل ، فلا يبعد كون الفساد موجبا للقتل.

ولرواية السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ان أمير المؤمنين عليه السّلام أتي برجل قد باع حرّا فقطع يده (٢).

ورواية سنان بن طريف ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل سرق حرّة فباعها؟ قال : فقال : فيها أربعة حدود ، أمّا أولها فسارق يقطع يده إلخ (٣).

ورواية أخرى ، عن سنان بن طريف ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل باع أمّهاته؟ قال : على الرجل ان يقطع يده إلخ (٤).

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ـ البقرة : ١٩١.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٤.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٤ وفيه : معاوية بن طريف بن سنان الثوري.

(٤) الوسائل باب ٢٨ قطعة من حديث ١ من أبواب حدّ الزنا ج ١٨ ص ٣٩٩ وفيه : عن معاوية عن طريف بن سنان.

٢٤٣

ولو نقب بيته واخرج مال المستأجر أو المستعير قطع ، لا مال الغاصب.

ومن سرق الوقف مع مطالبة الموقوف عليه

______________________________________________________

والأخبار صريحة ، والدليل الأوّل غير تام ، والأصل العدم الّا ان يقال : انه سرقه عرفا وشرعا وهو موجب للقطع ، فتأمّل.

قوله : «ولو نقب بيته إلخ» لو نقب شخص بيته الّذي أعاره أو آجره لشخص فسرق النصاب من مال المستودع والمستأجر من حرزه المتعارف قطع يده ، لانه سرق النصاب من الحرز الشرعي.

بخلاف ما لو سرق النصاب من مال غاصب داره وكان في حرزه لو كان مالكها بان نقب وأخذ النصاب من بيته فإنه لا يقطع لانه ما سرق من الحرز الشرعي فإن بيته ليس بحرز لمال الغاصب فأخذه من غير حرزه.

والظاهر انه لو كان غاصبا لدار غير السارق أيضا فنقب وسرق يكون الحكم كذلك لان الدار المغصوب (المغصوبة ـ ظ) ليس بحرز لمال الغاصب ، وانّ الداخل والناقب والسارق أيضا غاصب في الدخول ، فتأمّل.

قوله : «ومن سرق الوقف إلخ» أي يقطع من سرق المال الموقوف إذا وجد شرائطه بشرط مرافعة ومطالبة الموقوف عليه ، فإنه ملكه أو انتفاعه له فهو بمنزلة المالك ، فلا يقطع بغير طلبه ومرافعته له.

امّا أصل القطع فلعموم أدلة القطع من غير مخصّص بغير الوقف.

هذا ـ في الوقف الخاص وحصر الموقوف عليه ـ ظاهر.

وامّا العام فيحتمل السقوط لوجود الشبهة ، فإن المستحق غير منحصر فليس له من يرفعه فلا يستحق.

ويحتمل ان يطلبه الحاكم إذا سمع فأثبته عليه أو شخص آخر من باب الحسبة وان كان الحاكم عالما ، فيكون هو الطالب ، فإنّه يحتمل ان يكون وليّا

٢٤٤

أو باب الحرز على رأي.

______________________________________________________

للوقف مع عدم المتولي ، ومعه يحتمل كون المطالبة إليه.

هذا إذا لم يكن السارق ممن وقف عليه ، والّا فيكون مثل ما سبق من سرقة شخص من المال المشترك فيقطع ان كان الزائد على نصيبه نصابا على ما مرّ فقوله : (ومن سرق) عطف على ما يفهم من سوق الكلام من فاعل (يقطع) مقدرا وبالجملة عطفا على الجملة السابقة.

قوله : «أو باب الحرز على رأي» عطف على الوقف ممّا سبق.

قال : في الشرح : وهو مبنيّ على تفسير الحرز ، فقيل : هو الحرز ما يكون سارقه على خطر خوفا من الاطلاع عليه ، ويضعّف في عكسه بالدار المفتحة الأبواب في العمران وصاحبها ليس فيها وقال الشيخ في النهاية واتباعه : هو كلّ موضع ليس لغير المالك دخوله ، و (لا ـ خ) ينتقض بما انتقض به الأوّل ـ ولعلّه أراد سلب القدرة ـ وقيل : ما راعاه المالك ، وقيل : ما كان مغلقا عليه أو مقفّلا أو مدفونا ، فعلى الأول يقطع سارق باب الحرز والحلقة المسمرة في الباب وعلى الثاني والرابع ، لا يقطع لعدم تحقق معناهما (هنا ـ خ) ، وعلى الثالث يقطع ان كان مراعيا والّا فلا ، والشيخ اختار القطع في الخلاف والمبسوط وتبعه القاضي بناء على المراعاة أو على جريانه مجرى ما ليس لغير المالك دخوله ، وابن إدريس اختار عدمه بناء على الرابع ، قال في المختلف : ولا بأس به والمراد بالباب هنا باب الدار لا باب الخزانة التي في الدار ، فان كان مغلقا ، فهو حرز عند الشيخ ، والّا فليس بحرز ولم يعتبر في باب الدار الاغلاق ، وفي حكم الباب آلات الحائط لأنّه محرز في الحائط ، وما قاله الشيخ قريب (١).

ولا يخفى ما في الأوّلين من النقض بما ذكره وبغيره ، بل هما ينتقضان في

__________________

(١) إلى هنا عبارة الشارح رحمه الله.

٢٤٥

والمال من الباب المفتوح مع حراسة المالك على إشكال.

______________________________________________________

طرده أيضا ، فتأمّل.

وكذا الثالث ، فإن مراعاة المالك غير معتبر ، ولهذا لا يقطع بالأخذ من الموضع المباح دخوله كالحمّامات عندهم ، وكذا الجمال ، والغنم ، وانه يقطع بالأخذ من المقفل وان لم يكن صاحبه يراعى بالفعل.

وامّا الرابع ، فهو تعريف بالأخص وهو ظاهر ، وينبغي ان يحال ذلك الى العرف حيث لا معنى له شرعا ولم يرد اللغة ، فالمراد موضع حفظ الشي‌ء على سبيل العرف والعادة كما ذكروا في حفظ الوديعة وان لم يقولوا في بعض المواضع مع تحققه فيه مثل عدم السرقة في المباحات والحمّامات ، والجمال ، والغنم في الصحراء مع المراعاة ، فإن كان لنصّ أو إجماع فيخرج كالمستثنيات من الحكم ، والّا قتل (١) به أيضا.

ثم انّ الباب فيما نحن فيه ان كان ممّا لا قيمة له كثيرا ويكون من الأبواب المتعارفة في الأكثر فليس حفظه الّا كونه في الدار (وـ خ) مع وجود الناس فيه وورود (وتردد ـ خ) فيها وان كان ممّا قيمته كثيرة ولم يتعارف ان يخلّى مثلها في مثل ذلك البيت من غير ملاحظته ، فلا يكون حرزه.

وكأنّ وجه تخصيص الشارع (الشارح ـ خ) كونه (٢) باب الدار لا باب الخزانة أنها محرزة بها ولكن يحتمل عدمه أيضا الّا أنّ الأكثر ما قاله ، فتأمّل.

قوله : «والمال من الباب المفتوح إلخ» وجه الإشكال في قطع يد السارق المال من بيت كان بابه مفتوحا مع حفظ المالك ومراعاته إيّاه ، أنّه ليس بحرز ، فان حرز ما في البيت قفله واغلاقه لا مراعاة المالك.

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب (قطع) بدل (قتل).

(٢) قوله قدّس سرّه كونه مفعول لقوله قدّس سرّه تخصيص وقوله قدّس سرّه : أنها محرزة خبر قوله قدّس سرّه (كان وجه إلخ).

٢٤٦

وسارق الكفن وان لم يكن نصابا على رأي.

______________________________________________________

وان المراعاة حفظ فهو (فهي ـ ظ) حرز بل أكثر من الغلق بغير حافظ وعموم الأدلّة ـ مع عدم ظهور يثبت الحرز أكثر من ذلك ـ يدلّ على القطع.

والأصل ، والتخفيف ، والدرء ـ مع اعتبار الحرز في الجملة بالإجماع وعدم معلوميّة كون المراعاة حرزا ـ يدلّ على العدم ، فتأمّل.

قال في الشرح : منشأ الاشكال ما تقدم (١) ما تفاسير الحرز ، فعلى الثلاثة الأول يقطع ، وعلى الرابع لا يقطع وتؤيّده رواية السكوني : ما يقطع الّا من نقب نقبا (بيتا ـ خ) (٢).

وقد مرّ مع ما فيه ، فتذكر.

قوله : «وسارق الكفن إلخ» كأنّ دليل قطع سارق الكفن ـ وان لم يكن الكفن نصابا كما هو مذهب ابن إدريس وظاهر كلام الشيخ والقاضي على ما نقل في الشرح ـ عموم الكتاب والسنة في قطع يد السارق وتخصيصهما في غيره بالنّص والإجماع عامّي وخصوص الروايات في قطع يد السارق والنبّاش من غير تقييد بالنصاب ، مثل صحيحة عيسى بن صبيح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن الطرّار والنبّاش والمختلس؟ فقال : يقطع الطرّار والنبّاش ، ولا يقطع المختلس (٣).

كأن المختلس هو الذي يأخذ قهرا ، والطرّار الّذي يأخذ خفيّة.

وما في رواية زيد الشحّام عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : كان علي بن

__________________

(١) تقدم نقل معاني الحرز من الشارح قدّس سرّه نقلا من شرح الشهيد رحمه الله عند شرح قول المصنف : (وباب الحرز على رأي) فراجع.

(٢) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٩٨ ، والظاهر ان ما نسبه الى رواية السكوني منقول بالمعنى في بعض روايات السكوني والّا فليس في رواية السكوني هذه العبارة نعم قد ورد في مرسلة جميل عن أحدهما عليهما السّلام راجع الوسائل باب ١٨ حديث ٥ ص ٥١٠.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠٥.

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أبي طالب عليه السّلام يقطع النباش ، وقال : هو سارق وهتّاك للموتى (١).

ووجه اشتراط النصاب ، عموم أدلّة الاشتراط وتخصيص عموم أدلة قطع السارق بالإجماع والنص ، وتخصيص عموم دليل قطع النبّاش أيضا بذلك.

على انّه ليس كلّ الأخبار الدالّة على قطع النباش ، صحيحة ، بل أكثرها ضعيفة ومقيّدة بتشبيه الميّت بالحيّ في القطع.

مثل صحيحة حفص بن البختري ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : حدّ النباش حدّ السارق (٢).

ورواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الاحياء (٣).

وفي رواية عبد الله بن محمّد الجعفي ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه السّلام وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك : في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم (وـ خ) نكحها ، فان الناس قد اختلفوا علينا هاهنا ، طائفة قالوا : اقتلوه ، وطائفة قالوا : أحرقوه ، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام : ان حرمة الميّت كحرمة الحيّ (حدّه ان ـ خ) ، تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب ويقام عليه الحدّ في الزنا ، ان أحصن رجم ، وان لم يكن أحصن جلد مائة (٤).

وان حدّه مثل حدّ السارق ، وذلك هو القطع مع النصاب فيكون هنا أيضا كذلك ، والإجماع المنقول ، عن ابن إدريس ، في الشرح.

ورواية إسحاق بن عمار ان عليّا عليه السّلام قطع نبّاش القبر ، فقيل له :

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٥ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١١.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٠.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٠.

(٤) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٠.

٢٤٨

ولو نبش ولم يأخذ عزّر.

______________________________________________________

أتقطع في الموتى؟ فقال : انا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا (١).

وامّا وجه التعزير مع النبش وعدم الأخذ ، فهو ظاهر ، لأنه فعل محرّما موجبا للتعزير وما سرق شيئا حتّى يجب قطعه.

وتدلّ عليه أيضا رواية علي بن سعيد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل أخذ وهو ينبش؟ قال : لا أرى عليه قطعا الّا ان يأخذ (يؤخذ ـ ئل) وقد نبش مرارا فاقطعه (٢).

وكأنه لا دخل لقوله : (وقد نبش مرارا) وذكر لزيادة السببية ، فتأمّل.

وبالجملة ، الروايات مختلفة ، بعضها يدلّ على القطع مطلقا ، وبعضها على ان قطعه كقطع الحيّ ، وبعضها انه لا يقطع الّا ان يكون له عادة ، وبعضها انه يقتل ، فينبغي ان يعمل بالصحيح والمعمول المطابق للقوانين.

قال في الشرح ـ بعد ذكر القولين باشتراط النصاب وعدمه ودليلهما ـ : وقال الشيخ في الاستبصار : لا يقطع الّا مع اعتياد إخراج الكفن.

قال المحقق في النكت : وهو جيّد ولكن الأحوط اعتبار النصاب في كلّ مرّة لما روي عنهم عليهم السّلام : انهم قالوا : لا يقطع يد السارق حتى يباع قيمة ربع دينار ، قال : وهذا متفق عليه.

وقال الصدوق في المقنع وكتاب من لا يحضره الفقيه : لا يقطع الّا مع النبش مرارا ولم يذكر السرقة ، ولا بلوغ النصاب ، والأصح القطع مع إخراج النصاب ولو بأول مرة ونقل عن ابن إدريس الإجماع على قطعه مطلقا ، قال المحقق : وهو معزول (٣) عن اختلاف الفقهاء واختلاف الأخبار المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام (٤)

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٣.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٣.

(٣) وهو غفول (الشرح).

(٤) الى هنا عبارة الشارح رحمه الله.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ما رأيت ذلك في الاستبصار ، بل الذي رأيته فيه انه نقل الأخبار الدالة على القطع ، ثم نقل خبر الفضيل ، كأنه ابن يسار ، فالخبر صحيح ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : النباش إذا كان معروفا بذلك قطع (١).

وخبر ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في النباش إذا أخذ أول مرّة عزّر ، فان عاد قطع (٢).

ثم قال : هذه الاخبار الأخيرة كلّها تدل على انه انّما قطع النباش إذا كان له عادة فامّا إذا لم يكن عادته ، نظر ، فان كان نبش وأخذ الكفن وجب قطعه ، فان لم (يكن ـ خ) يأخذ لم يكن عليه أكثر من التعزير ، وعلى هذا يحمل الأخبار التي قدمناها أوّلا ، وأيّده برواية علي بن سعيد ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل أخذ وهو ينبش؟ قال : لا ارى عليه قطعا الّا أن يأخذ وقد نبش مرارا فاقطعه (٣).

ثم حمل الأخبار الدالة على قتل النباش بان يلقى تحت ارجل الناس فيوطؤوه حتّى يموت على تكرر الفعل منهم ثلاث مرّات كفاعل الكبائر.

وكلام الاستبصار انه يقطع بالأخذ ولو مرّة واحدة ، ولا يقطع بالنبش أوّل مرّة ، بل إذا كان له عادة ويعزّر بأول مرّة بدون العادة ، فتأمّل.

وما نقل من المحقق لما روي عنهم عليهم السّلام أيضا فما رأيته (بعينه ـ خ) في الأصول.

ويحتمل ان يكون في موضع آخر ، أو يكون النقل بالمعنى ، وقد فهم ذلك من مجموع الاخبار ، وهو أعلم.

__________________

(١) لم نعثر على هذا الصحيح في كتب الحديث التي بأيدينا كما اعترف به الشارح قدّس سرّه أيضا فيما يأتي عن قريب.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١٦ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٤.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ١١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٣.

٢٥٠

فان تكرر وفات السلطان قتل.

ولو سرق اثنان نصابا قطعا على رأي ، وسقط عنهما على رأي.

______________________________________________________

وامّا دعوى إجماع ابن إدريس فهو غير ظاهر ، فانا نجد القائل بالاشتراط أكثر على ما نقل.

وكان ينبغي ان لا يخرج عن ظاهر القرآن والاخبار ، كأنّهم بيّنوا تخصيصهما بالإجماع ونحوه فتأمّل ، وهم أيضا اعرف.

وما عرفت أيضا وجه قول المصنف : (فان تكرر وفات السلطان قتل) أي ان نبش مكررا فيحصل بالمرّتين وانهزم من السلطان ، فإن أخذه سلطان أي حاكم آخر أو ظفر به الحاكم الذي فاته ، قتله.

وما رأيت في الخبر ، التكرر ، ولا فوت السلطان.

نعم دلّ بعض الاخبار على قتله ، مثل ما روي : اتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل نبّاش ، فأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام بشعره فضرب به الأرض ثم أمر الناس (ان يطؤوه بأرجلهم ـ خ) فوطؤوه حتّى مات (١).

وفي أخرى اتي أمير المؤمنين عليه السّلام بنبّاش ، فأخّر عذابه الى يوم الجمعة فلما كان يوم الجمعة ألقاه تحت اقدام الناس فما زالوا يتوطؤنه بأرجلهم حتّى مات (٢).

قال في الاستبصار ـ بعدهما ـ : فان هاتين الروايتين نحملهما على انه إذا تكرّر منهم الفعل ثلاث مرّات وأقيم عليهم الحدود فحينئذ ، عليهم القتل كما يجب على السارق ، والامام مخيّر في كيفيّة القتل كيف شاء حسب ما يراه أردع في الحال.

قوله : «ولو سرق اثنان إلخ» أي لو هتكا حرزا وقبضا متاعا كان نصابا واخرجاه معا من الحرز لا ان يأخذ كلّ واحد نصف النصاب ، فان الظاهر ان لا

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١١.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١٧ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥١٤.

٢٥١

ولو اخرج النصاب دفعتين وجب القطع.

ولو أحدث ما ينقصه عن النصاب كقطع الثوب قبل الإخراج فلا قطع ، أمّا لو نقصت قيمته بعده قبل المرافعة ثبت القطع.

______________________________________________________

خلاف في عدم القطع حينئذ.

فللأصحاب خلاف ، قيل : قطعهما معا ، لان النصاب قد اخرج قطعا بخروجهما فيجب قطعهما ، إذ قطع أحدهما ، غير معقول ، وكذا أحدهما دون الآخر معيّنا.

وقد يقال : قد لا يوجب القطع مطلق الإخراج ، بل إذا كان ما أخرجه واحد يكون نصابا ، فتأمّل.

والقول الآخر : لا يقطع للأصل ، والدرء ، والتخفيف ، والاحتياط ، وعدم تحقق كون ذلك موجبا ، فان الموجب باليقين الثابت ، هو إخراج وأخذ ذلك وامّا غيره فغير معلوم ، والقياس على القتل بأنهما لو قتلا واحدا قتلا ، باطل ، وصدق السرقة الموجبة ـ وهو سرقة النصاب التام على واحد ـ غير ظاهر.

بل ولو لم يكن إجماع فيما إذا نقبا معا وأخذ ما يكون حصّة كلّ واحد نصابا ، لأمكن منع كونه موجب القطع ولا يجزم به.

هذا بعد ثبوت اشتراط النصاب في قطع كلّ سارق ، وامّا إذا قيل : ان الشرط المحقق بالإجماع ، إخراج النصاب لا بالنسبة الى كل سارق ، يقتضي القطع فتأمّل.

قوله : «ولو اخرج النصاب في دفعتين وجب القطع» إذا أخرج السارق النصاب من حرز واحد دفعتين أو دفعات وجب قطع يده لتحقق الشرائط.

وفيه تأمّل إذا كان بين الدفعات فاصلة بحيث لا يعدّ عرفا سرقة واحدة ، بل سرقتين بحيث سرق بعض النصاب ليلة وبعضه الآخر ليلة أخرى ، فكأنّ مراده ذلك فتأمّل.

قوله : «ولو أحدث ما ينقصه إلخ» يعني لو أخذ السارق النصاب من

٢٥٢

ولو قال المسروق منه : هو لك فأنكر ، فلا قطع.

ولو قال السارق : هو ملك شريكي في السرقة فلا قطع ، فإن أنكر شريكه لم يقطع المدّعي ، وفي المنكر اشكال.

______________________________________________________

الحرز ونقصه فيه قبل ان يخرجه منه ـ بأن أحدث فيه حدثا ينقصه قيمته عما كانت حتّى صارت دون النصاب كقطع الثوب فيه ـ فلا قطع عليه لانه ما اخرج النصاب من الحرز ، نعم ضامن للثوب بقيمته الأوّل ، وهو ظاهر.

بخلاف ما لو اخرج ما قيمته النصاب فصاعدا ثم نقصت قيمته عن النصاب ، فإنه موجب للقطع ، سواء أحدث قبل مرافعته الى الحاكم أو بعده إذ الموجب ، هو إخراج النصاب وقد تحقق.

قوله : «ولو قال المسروق منه إلخ» لو قال المسروق منه للسارق : الذي سرقته كان ملكك ، وأنكر السارق ذلك ، وقال : ليس ملكي بل ملكك فحصل هنا عند الحاكم شبهة دارئة للقطع ، ولان صاحب المال ينكر انه له فليس له مرافعة وطلب الحدّ ، فلا يمكن حدّه.

ويحتمل أن يكون المراد ثم أنكر المسروق منه وقال : ذلك ، وقال : بل ملكي ، وكان نصابا وفي الحرز ، لم يجز قطع يده للشبهة الدارئة للحدّ ، إذ لا شك في أن ذلك شبهة.

قوله : «ولو قال السارق إلخ» لو قال سارق النصاب : ان الذي سرقته هو مال الشخص الذي كان شريكا معي في السرقة فلا قطع عليه ، سواء أنكر الشريك ذلك أم لا ، إذ لا شك ان ذلك شبهة دارئة للحدّ الّا ان ذلك حال الإقرار أظهر ، وحينئذ لا قطع على الشريك.

وامّا على تقدير إنكاره هل عليه قطع أم لا؟ ففيه إشكال ينشأ (من) انه شبهة في الجملة فيحصل للحاكم شبهة وهي مسقطة (ومن) ان الشبهة إنما هي بالنسبة إلى المدّعي ، لا بالنسبة إلى غيره فان صاحبه منكر ومعه تعدم الشبهة ، فأدلة

٢٥٣

ولو قال العبد : هو ملك سيدي فلا قطع وان كذّبه السيّد.

ولو سرق مستحق الدين عن غريمه المماطل ، فلا قطع ، ولا على مستحقّ النفقة.

ويقطع لو سرق من الودعي ، والوكيل ، والمرتهن ، وبسرقة مباح الأصل كالماء والحطب بعد الإحراز.

______________________________________________________

القطع تشمله من غير مخرج ، ومعلوم انّ المراد مع تحقق الشرائط حتّى كون حصّة كلّ واحد منهما نصابا ، فتأمّل.

قوله : «ولو قال العبد هو إلخ» لو سرق مملوك ثم قال : الذي سرقته هو ملك سيّدي فلا قطع عليه ، سواء صدّقه المولى أو كذّبه وادّعى شخص آخر انه له للشبهة الدارئة.

قوله : «ولو سرق مستحق الدين إلخ» لو سرق من له دين على شخص من ماله شيئا وادّعى انه كان مماطلا مسوّفا لا يعطيني ديني فلا قطع عليه ، سواء كان المدّعى عليه مقرّا بذلك أم لا للشبهة.

وكذا لا قطع على من سرق من مال من وجب عليه نفقته ، وادّعى أنّه انما أخذه لمنعه عن النفقة ومماطلته له ، سواء أقرّ المدّعى عليه أم لا ، للشبهة.

وبالجملة قد ثبت بناء الحدود على التخفيف والتحقيق والاحتياط فيسقط لأدنى شبهة ممكنة ، فتأمّل.

قوله : «ويقطع لو سرق إلخ» أي لو كان مال شخص عند الودعي موضوعا في حرزه أو بيد وكيله أو عند المرتهن فسرقه سارق ، يقطع بذلك ، وليس كونه عند غير المالك من المرتهن والوكيل ، والوصي (الودعيّ ـ خ) ، مانعا من القطع أو (وـ خ) شبهة مسقطة للحدّ لعموم أدلة القطع وعدم ثبوت مخصّص ومخرج ، وهو ظاهر.

٢٥٤

المطلب الثالث : في الحدّ

ويجب بأوّل مرّة قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى ، وتترك الراحة والإبهام ولو كانت شلّاء أو كانت يداه شلّاوين ، فان سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك عقبه ، فان سرق ثالثا خلّد بالحبس ، فان سرق فيه قتل.

______________________________________________________

ويقطع أيضا سرقة مال مباح الأصل مثل الماء والحطب بعد التملك ووضعه في حرزه لعموم الأدلّة.

وبالجملة يجب القطع بكلّ مال وفي كلّ يد مشروع بالشرائط المذكورة إلّا المستثنيات المقررة لا خصوصيّة له بمال دون آخر ، لعموم الأدلة وعدم المخصّص.

لعلّ ذكر (ذلك ـ خ) بعض (هذه ـ خ) الأشياء لدفع خلاف بعض العامّة أو التوهم البعيد.

قوله : «ويجب بأوّل مرّة إلخ» يجب في السرقة بأوّل مرّة قطع اليد اليمنى من السارق من مفصل أصابعه الأربعة ويخلى به الإبهام والرّاحة ، سواء كانت تلك اليد شلاء والأخرى صحيحة أو العكس أو كلاهما شلاءين.

ودليل ذلك ـ بعد إجماع الأصحاب ظاهرا ـ هو ظاهر الكتاب (١) وعموم الاخبار في الجملة ، فإنه صادق عليه قطع اليد ، فهو كاف وبه يخرج عن العهدة.

وامّا التعيين والحصر في ذلك ، فللأصل واخبار أخر.

مثل صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : من اين يجب القطع؟ فبسط أصابعه فقال : من هاهنا يعني من مفصل الكف (٢).

ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : القطع من وسط

__________________

(١) قال الله تعالى (السّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ـ المائدة : ٢٨.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٩.

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الكف ولا يقطع الإبهام ، وإذا قطعت الرجل ترك العقب (وـ خ) لم يقطع (١).

وفيها دلالة على بيان قطع الرجل ثانيا وموضع قطعها أيضا.

ورواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : اتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف وترك الإبهام ولم يقطعها (٢) إلخ.

ويدلّ على قطع اليمنى حسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السّلام ـ في السارق إذا سرق ـ قطعت يمينه ، وإذا سرق مرّة أخرى قطعت رجله اليسرى ثم إذا سرق مرّة أخرى سجنه وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها ، وقال : اني لأستحيي من الله ان اتركه لا ينتفع بشي‌ء ولكني أسجنه حتّى يموت في السجن وقال : ما قطع رسول الله صلّى الله عليه وآله من سارق بعد يده ورجله (٣).

وفيها أحكام أخر ما فهمتها.

ورواية إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال : تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته ، وتقطع رجله ويترك عقبه يمشي عليها (٤).

وتدلّ على قطع اليد اليمنى على كلّ حال ـ صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام في رجل أشلّ اليد اليمنى ، أو أشلّ الشمال سرق؟ قال : تقطع اليد (يده ـ خ) اليمنى على كلّ حال (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٩.

(٢) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٢٨ وللحديث ذيل فلا حظ.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٩٢.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ٤ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٩٠.

(٥) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٥٠١.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية سماعة ، قال : قال (أبو عبد الله عليه السّلام ـ يب) : إذا أخذ السارق قطعت يده (قطع ـ خ يب) من وسط الكف ، فان عاد قطعت رجله من وسط القدم ، فان عاد استودع السجن فان سرق في السجن قتل (١).

وفي رواية محمّد بن عبد الله بن هلال ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : قلت له : أخبرني عن السارق لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؟ فقال : ما أحسن ما سألت ، إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام ، فإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما ، قال : قلت له : جعلت فداك وكيف يقوم وقد قطعت رجله؟ قال : ان القطع ليس من حيث رأيت يقطع إنّما يقطع الرجل من الكعب ويترك من قدمه ما يقوم عليه ويصلّي ويعبد الله ، قلت : من اين يقطع اليد؟ قال : يقطع الأربع أصابع ويترك الإبهام يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه للصلاة ، قلت : فهذا القطع من أوّل من قطع؟ قال : قد كان عثمان بن عفان حسّن ذلك لمعاوية (٢).

ورواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كان علي عليه السّلام لا يزيد على قطع اليد والرجل ويقول : إني لأستحيي من ربّي ان أدعه ليس له ما يستنجي به أو يتطهّر به ، قال : وسألته ان هو سرق بعد (ما ـ خ) قطع اليد والرجل؟ فقال : استودعه السجن ابدا واغني (اكفي ـ خ ل ئل) عن الناس شرّه (٣).

ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : يقطع رجل السارق بعد قطع اليد ثم لا يقطع بعد ، فان عاد حبس في السجن ، وأنفق عليه من بيت مال

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٨٩.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٨ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٩٤.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب حدّ السرقة ج ١٨ ص ٤٩٢.

٢٥٧

ولو تكررت السرقة من غير حدّ فواحد.

ولو كانت له إصبع زائدة في إحدى الأربع قطعت ان لم يمكن قطعها منفردة.

ولو قطع الحدّاد اليسار قصدا اقتصّ منه ، ولم يسقط قطع اليمنى ، ولو ظنها اليمنى فالدية عليه ولا يسقط القطع.

______________________________________________________

المسلمين (١).

ورواية (أبي ـ يب) القاسم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل سرق؟ فقال : سمعت أبي عليه السّلام يقول : أتي علي عليه السلام في زمانه برجل قد سرق فقطع يده ثم اتي به ثانية فقطع رجله من خلاف ، ثم اتي به ثالثة فخلده في السجن ، وأنفق عليه من بيت مال المسلمين ، وقال : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله لا أخالفه (٢).

فقد مر دليل ما في المتن (الى قوله) : فان سرق قتل وان كان دليل القتل غير صحيح ، مع انه أمر عظيم لكنه موافق لفتواهم ، فان لم يكن إجماع يمكن خلافه فيقطع أيضا ان وجد شرائطه ـ فتأمل ـ في الحبس أيضا.

وقد مر فيما سبق ما يمكن فهم دليل قوله : (ولو تكرر الى آخره أيضا فافهم).

قوله : «ولو كانت له إلخ» ان كان للسارق إصبع زائدة متصلة بإحدى الأصابع الأربع التي تقطع ولا يمكن قطعها بدونها ، يقطع الزائدة أيضا ، إذ لا يمكن الإتيان بالواجب الا به ، فيجب ، ولو كانت خارجة عنها لا تقطع لعدم الموجب.

قوله : «ولو قطع الحداد إلخ» أي لو قطع الحداد الذي يحد السارق

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٨ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٤٩٣.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٤٩٣.

٢٥٨

ولو لم يكن له يمين ، قيل : تقطع اليسرى ، وقيل : الرجل.

______________________________________________________

ويقطع يده بأمر الحاكم يسار السارق عمدا وقصدا ، فعل حراما واقتص منه السارق بقطع يساره ، أو يعفو أو يصطلح بأخذ الدية ولم يسقط القطع عن السارق.

ويحتمل ان يكون كذلك ان كان جاهلا ويحكم بقطعه.

ويحتمل الدية كما إذا قطع خطأ بأن ظن انه اليمين أو ظن أن اليسار يقطع على الاحتمال فيؤخذ الدية من مال الحداد ، لا من بيت المال.

وان كان المخطئ بالمسألة ، الحاكم فيحتمل ـ كما قالوه ـ من بيت المال ، لما تقدم من ان خطأ الحاكم على بيت المال ، وهنا أيضا لم يسقط قطع يمينه كما لا يسقط في البواقي.

وفيه تأمل يعلم مما تقدم من قوله : (واني لأستحيي من ربي إلخ) (١) فتأمل.

قوله : «ولو لم يكن له يمين إلخ» أي إذا لم يكن للسارق يمين ـ ولكن ما قطعت في السرقة ، فإنه لو كانت مقطوعة فيها قطعت رجله ، لما مر في الاخبار ـ وكان له يسار ، ففي قطع يده اليسرى أو رجله اليسرى ، قولان للشيخ.

اليد اليسرى ، لصدق اليد المذكورة في القرآن والحديث.

والرجل اليسرى لما مر مما يدل على انه إذا سرق ثانيا بعد قطع يده اليمنى قطع رجله اليسرى ، وهذا مثله ، لان سبب الانتقال إلى الرجل اليسرى ، هو عدم اليمنى.

والظاهر أن القرآن والحديث ، محمولان على المرة الاولى واليد اليمنى ، ولهذا لا يقطع اليد اليسرى في المرة الثانية ، بل يقطع الرجل اليسرى.

ويمكن أن يقال : انما خصصوا القرآن والحديث باليد اليمنى ، فيما إذا كانت اليمنى موجودة للإجماع ونحوه ، لا مطلقا ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٤٩٢.

٢٥٩

ولو لم تكن له يسار قطعت يمينه.

______________________________________________________

ويحتمل عدم القطع حينئذ ، إذ الواجب قطع اليمنى بأول مرة وليست ، فلا قطع كأن لا يد ولا رجل أصلا ، فتأمل.

قوله : «ولو لم يكن له يسار إلخ» أي لو لم يكن للسارق يسار وله يمين ، قطعت يمينه للآية والحديث المحمولين عليها مع وجودها.

وخصوص الأخبار ـ في قطع اليد اليمنى في السرقة الأولى ـ مثل ما تقدم في صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : يقطع يده اليمنى على كل حال (١).

ولانه يقطع إذا كانتا شلاوين أو اليسرى شلاء هذا هو المشهور ومذهب الأكثر.

ومنهم من قال : انه لا يقطع اليمين الا مع وجود اليسار ، لانه يلزم ان يبقى بلا يد أصلا.

وهو ممنوع لما تقدم من الروايات الدالة على انه عليه السلام قال : (لأستحيي على ان أدعه بلا يد ولا يقدر على الاستنجاء) (٢).

ولما في رواية المفضل بن صالح (٣) ، عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام ، قال : قلت له : لو ان رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما

__________________

(١) الوسائل باب ١١ ذيل حديث ١ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٥٠١.

(٢) راجع الوسائل باب ٥ حديث ١٢ ـ ١٦ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٤٩٥.

(٣) الظاهر انه اشتبه واختلط على الشارح قدس سره حين كتابة هذا الحديث فإن رواية عبد الرحمن بن الحجاج فقلت في التهذيب والاستبصار عقيب رواية المفضل بن صالح بلا فصل فاشتبه متن الثانية بسند الاولى بمعنى انه قدس سره ذكر سند الاولى مع متن الثانية والبحث في السند أيضا متفرع على هذا الاشتباه فان سند الرواية التي نقلها قدس سره هنا سندها هكذا : الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه السلام وسند الرواية لم ينقلها هنا سندها هكذا : يونس بن عبد الرحمن بن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه قال : قال أبو عبد الله عليه السلام إلخ ولا حظ الوسائل باب ١١ حديث ٢ ـ ٣ من أبواب حد السرقة ج ١٨ ص ٥٠٢ وليس في سنديهما (محمد بن عيسى) فراجع التهذيب باب الحد في السرقة إلخ والاستبصار باب من وجب عليه القطع إلخ ج ٤ ص ٢٤٢.

٢٦٠