تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

وذهب الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) إلى تنجّس الماء به ؛ لحكمه بتنجيس (٢) المطلق بالمضاف المتنجّس الممتزج (٣) به إذا غيّر أحد أوصافه.

وهو شاذّ لم نقف له على مستند سوى بعض الإطلاقات ، وقد عرفت ضعفه.

وقد يرجع كلامه إلى المشهور ، وسيجي‌ء القول فيه عند بيان تطهير المضاف إن شاء الله.

هذا إن غيّر (٤) بصفته ، وأمّا إن غيّره بصفة النجاسة فإن كان المتنجّس ماء.

فلا شبهة في تنجّس الماء به مع تنجّس الأوّل به ، سواء كان تغيّره بامتزاج النجاسة أو بغيره (٥).

وإطلاق كلامهم هنا وإن أوهم القول بالطهارة إلّا أنّ ظاهر كلامهم في اعتبار زوال التغير في طهر المتغير القطع بتنجّس (٦) ما يمازجه من الماء مع تغيّره به ، بل عباراتهم هنا (٧) صريحة في ذلك.

وممّا ينادي به اعتبارهم إلقاء كرّ ثانية وثالثة مع تغيّر السابق.

ويدلّ عليه أنّه لا يتحقّق التغيير في الأجزاء البعيدة عن النجاسة إلا بذلك ، فيندرج في مدلول الأخبار والإجماعات.

والتفصيل بين وجود عين النجاسة وعدمه ممّا يقطع بفساده ، بل لإبقاء العين في النجاسة الممازجة لاستهلاكه فيما يلاقيه أولا ثمّ يسري التغيير من المتغير بها إلى بقية الماء.

مضافا إلى الإجماع على عدم طهره من دون زوال التغير ، فبدونه ينجس ما يمازجه من

__________________

(١) المبسوط ١ / ٥.

(٢) في ( د ) : « بتنجس ».

(٣) لم ترد في ( د ) : « به ».

(٤) في ( د ) : « غيّره ».

(٥) في ( د ) : « غيّره ».

(٦) في ( د ) : « بتغير » ، بدلا من : « بتنجس ».

(٧) زيادة في ( د ) : « لك ».

٨١

الماء الطاهر ؛ لاتحاد حكم الماء الواحد (١) في السطح الواحد (٢) مع الامتزاج وعدم المائز.

وقد يستدلّ عليه فيما إذا كان متغيّرا بالامتزاج بصدق التغيّر بعين النجاسة ، فوجودها (٣) فيه وإن لم يتميّز في الحس لكن الاستناد إلى ذلك في الماء مشكل ؛ لما عرفت من إجراء حكم الماء عليه بعد الاستهلاك.

نعم ، يتّجه (٤) ذلك في غير الماء ، فلو مزج الدم بطاهر أحمر (٥) فامتزج بالماء تنجّس به إذا كان الدم في نفسه صالحا لمسمّى التغيير ، وبذلك يتقوّى القول بالتنجيس في المضاف المتغير كذلك إذا غيّر الماء بصفة النجاسة.

وأمّا إذا تغيّر بوقوع النجاسة فيه من دون مزج ، ففي تنجّس الماء به إذن إشكال ، من لزوم انقلابه مطلقا في قبوله الطهارة فيجري فيه حكمه بعد الانقلاب ، ومن عدم تأثير التغيير في نجاسته ولا أقل من الشكّ فيه.

والقول بالأولويّة في تنجسه به منقوض بالجوامد ، فهو كالمضاف المتنجّس المتغيّر بمجاورة النجاسة ، ولا ريب في عدم اعتبار زوال التغيير في طهره.

وأيضا غاية ما يثبت (٦) من الأدلّة اعتبار زوال التغيير في الماء المتغير والمفروض في المقام صيرورة المتغير ماء ، وفرق بين الأمرين.

غاية الأمر أن يقال إذن باستصحاب النجاسة ، فيعارضه (٧) استصحاب طهارة الآخر والأصل الطهارة.

ويجري الاشكال فيما سوى المضاف من المائعات إلّا أنّ احتمال الطهارة فيها أقرب.

__________________

(١) في ( د ) : « الوارد » ، بدلا من : « الواحد ».

(٢) في ( د ) : « الوارد » أيضا.

(٣) في ( د ) : « لوجودها ».

(٤) في ( ج ) : « ينجر ».

(٥) في ( د ) : « آخر » ، بدلا من : « أحمر ».

(٦) في ( د ) : « ثبت ».

(٧) في ( د ) : « فيعاضد » ، بدلا من : « فيعارضه ».

٨٢

وأمّا الجوامد فلا شكّ في عدم انفعال الماء بها مع التغيير (١) ، بل هي تطهّر بمجرّد ملاقاة الماء.

[ مدار التنجّس فعليّته ]

السابع : ظاهر الأخبار وفتاوى قدماء الأصحاب دوران الحكم على حصول التغيّر وفعليّته ، فلو كانت النجاسة مسلوبة الصفة لم تقدّر فيها ذلك.

وهو في غير النجاسة المغيّرة بالامتزاج موضع وفاق ، وأمّا فيها فعند معظم المتأخّرين أنّها كذلك أيضا.

وفي الذكرى (٢) أنّه ظاهر المذهب.

وذهب العلّامة رحمه‌الله (٣) في جملة من كتبه وجماعة ممّن تأخّر عنه كولده قدس سرّه والمحقّق الكركي (٤) والشهيد الثاني (٥) إلى تقدير الأوصاف والحكم بالنجاسة مع حصول التغيير على تقدير المخالفة.

والأقوى الأوّل ؛ للأصل والعمومات ، وظاهر إطلاق الروايات والإجماعات المنقولة المعلّقة للحكم بالنجاسة على حصول التغيير والغلبة لصفة النجاسة الظاهرة في التحقيق دون التقدير ، وأن المدار في التنجيس إن كان على حصول التغيير فالمفروض عدمه ، وإن كان على غلبة ذات النجاسة والأوصاف كاشفة عنها لزم القول بالطهارة مع حصول التغيير فيما إذا كانت الصفة في النجاسة شديدة خارجة عن المعتاد ؛ لعدم كشفها إذن عن غلبة الذات.

والقول بأنّ المدار فيها على أحد الأمرين خروج عن مقتضى الأخبار وكلام الأصحاب

__________________

(١) في ( د ) : « التغيّر ».

(٢) الذكرى : ٨.

(٣) قواعد الأحكام ١ / ١٨٤.

(٤) جامع المقاصد ١ / ١١٣ ـ ١١٤ ؛ رسائل الكركي ١ / ٨٥ ـ ٨٦.

(٥) روض الجنان : ١٣٤ ، إلا أنه قال في شرح اللمعة ١ / ٢٥١ ومسالك الإفهام ١ / ١٤ : المعتبر من التغيّر الحسي لا التقديري.

٨٣

لإناطة الحكم فيها بأمر واحد.

على أنّ الأخبار واردة في النجاسة المغيّرة بالامتزاج وغيره على نهج واحد ، فالتفصيل بينهما خروج عن مقتضاها ؛ مضافا إلى أنّ قضيّة ما ذكر تقدير الصفة المتوسطة في حقيقة الأوصاف ، وهو خلاف ظاهر القائل بالتقدير.

وفيه أيضا مخالفة ظاهرة لظواهر الأخبار.

و (١) احتجّ العلّامة رحمه‌الله (٢) بأنّ التغيير الذي هو مناط النجاسة دائر مع الأوصاف ، فإذا فقدت وجب تقديرها.

وفي المدارك (٣) والمعالم وغيرهما : أنّه إعادة للمدّعى.

قلت : بل ظاهره (٤) متدافع ؛ إذ مع تسليم دوران التغيير (٥) الذي هو المناط في النجاسة مع الأوصاف يلزم انتفاؤه مع عدمها الموجب لانتفاء النجاسة ، فلا وجه لتقدير الأوصاف ، فمقتضى الدليل المذكور ردّ القول بالتقدير (٦) لا ثبوته.

وقد يوجّه بأنّ مقصوده من التغيير هو مغلوبيّة (٧) ذات الماء بالنجاسة (٨) ، وتغيّره في ذاته بسبب امتزاجه بها ، فربّما يكون ذلك التغيير (٩) مخرجا له عن الحقيقة الاسميّة ، وقد يكون سببا لزوال الأوصاف ، وقد لا يوجب شيئا منهما.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) و ( د ) : « و ».

(٢) نقله عنه المحقق الكركي في جامع المقاصد ١ / ١١٤ ، والعاملي في المدارك ١ / ٢٩ ، ولم نجدها في أكثر كتبه المطبوعة التي راجعناها.

(٣) مدارك الأحكام ١ / ٢٩.

(٤) في ( د ) : « طاهره ».

(٥) في ( د ) : « التغيّر ».

(٦) في ( ج ) : « في التقدير ».

(٧) في ( د ) : « مغلوبيّته ».

(٨) في ( د ) : « للنجاسة ».

(٩) في ( د ) : « التغيّر ».

٨٤

والأخير (١) معتبر في الشرع والأوّل خارج عن محلّ البحث ، والثاني إنّما يتعيّن بملاحظة الأوصاف ، فإن وجدت وإلّا وجب تقديرها ، فيرجع محصّل الدليل إلى بيان مقدّمتين يتفرّع عليهما وجوب التقدير :

أحدهما : كون التغيير بالمعنى المذكور مناطا في الحكم.

ويدلّ عليه أنّ المتنجّس في الحقيقة هو عين النجاسة ، فالمؤثّر ذات النجاسة الغالبة لا صفتها.

وثانيهما : دوران ذلك مع الأوصاف ، وهو واضح ، وترتّب (٢) وجوب التقدير عليهما ظاهر.

وجوابه : أنّا نقول : إنّ المنجّس هو ذات النجاسة لكن بشرط غلبة صفتها على صفة الماء لإناطة الحكم بالوصف في الأخبار.

والقول بعدم اعتبار غلبة الوصف في التنجيس ، وأن إناطة الحكم بها في الأخبار (٣) لمجرّد الكشف أوّل الدعوى.

واحتجّ عليه في الإيضاح (٤) بأنّ المقتضي للانفعال نهي النجاسة ، وهو حاصل في المقام إذ كلّما لم يصيّر (٥) الماء مقهورا لم يتغيّر بها على تقدير المخالفة ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : كلّما تغير على تقدير المخالفة كان مقهورا. وهو يرجع إلى الوجه السابق.

ويضعّف بما مر.

وبتقرير آخر : إن اريد بقهر النجاسة غلبتها على الماء بإزالة وصفه (٦) أعني الطهارة فكلّية

__________________

(١) في ( ج ) و ( د ) : « غير ».

(٢) في ( د ) : « يترتب ».

(٣) في ( د ) : « وأنّ الحكم بها منوطة في الأخبار » ، بدلا من : « وأن إناطة الحكم بها في الأخبار ».

(٤) إيضاح الفوائد : ١ / ١٦.

(٥) قد تقرأ في ( د ) : « لم يصر ».

(٦) في ( ألف ) و ( ج ) : « وضعه ».

٨٥

الأصل ممنوعة ؛ إذ (١) حصول القهر مع تقدير الصفة في النجاسة أوّل الدعوى.

وإن أراد به مجرد الغلبة فكليّة العكس غير نافعة ؛ إذ كون مجرّد المقهوريّة المعروضة موجبا للنجاسة ممنوع.

وربّما يحتجّ لذلك بجملة من الأخبار كالصحيح المشتمل على اشتراط قهر الماء للنجاسة في اعتصامه ، والصحيحة الاخرى الدالّة على اعتبار غلبة كثرة الماء على النجاسة والصحيحتين المعلّلتين لطهارة ماء الاستنجاء والمطر المخالط للنجاسة المفروضة بأكثريّته من القذر ، ونحو ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع ؛ فإنّ المستفاد (٢) من إطلاقها دوران الأمر على مجرّد القهر والاستيلاء والتقدير المفروض كاشف عنه.

مضافا إلى استصحاب بقاء نجاسة الممازج ؛ إذ غاية ما يثبت (٣) ارتفاع حكمها بالاستهلاك مع عدم التغيير ولو بالتقدير.

ودعوى تبدّل الموضوع ممنوع يكشف عنه عدم البناء عليه في غير الماء ، ولا أقلّ من الشكّ ، فالأصل بقاؤه أيضا.

ويدفعه أن حصول القهر والاستيلاء إما بحسب الوصف أو الذات ، والأوّل يتفرّع على اختلافهما في الصفات والثاني يعتبر لغلبة اسم الماء على النجاسة باستهلاكها فيه وعدّها ماء في العرف وعدمه ، فهو دائر مدار التسمية العرفية.

ونحن نقول باعتبار الوجهين كما يتبيّن (٤).

فاعتبار التغيير (٥) بعد التقدير لا يوجب القهر للذّات ولا للصّفات ، ولو سلّم فهو خارج عن ظاهر الإطلاقات بل مجرّد الشكّ كاف فيه ؛ لما تقرّر من أصالة الطهارة.

__________________

(١) في ( ج ) : « أو ».

(٢) في ( د ) : « فالمستفاد » ، بدلا من « فإنّ المستفاد ».

(٣) في ( ج ) و ( د ) : « ثبت ».

(٤) في ( د ) : « ستبيّن ».

(٥) في ( ألف ) : « التعبير ».

٨٦

والرجوع إلى الاستصحاب في ذلك بيّن الوهن لمعارضته باستصحاب طهارة الماء ، والأصل الطهارة ؛ مضافا إلى تبدّل الموضوع ، لدورانه مدار الأسماء على ما قيل.

واحتجّ المحقّق الكركي (١) بعد تضعيف الوجهين المذكورين بأنّ المضاف المسلوب الأوصاف لو (٢) امتزج بالماء وجب اعتباره إمّا بقلّة الأجزاء وكثرتها أو بتقديره مخالفا في الأوصاف على اختلاف الرأيين ، وإذا وجب الاعتبار في الجملة للمضاف فللنجاسة أولى ، وحيث لا قائل بالأوّل هنا يتعيّن الثاني.

وبأنّه لو لم يعتبر التقدير لزم الحكم بالطّهارة ، وإن كانت النجاسة أضعافه ، وهو بيّن الفساد.

ويضعف الأوّل بعدم ثبوت الحكم في الأصل ، وإنّما يدور الحكم هناك مدار التسمية ، ونقول بمثله هنا أيضا.

وبذلك يظهر ضعف الثاني لاعتباره إذن ببقاء (٣) التسمية وعدمه ، ومن الظاهر انتفاء التسمية مع كون النجاسة مثله ، فكيف بضعفه وأضعافه.

[ الاستهلاك في النجاسة والممازجة ]

الثامن : لو استهلك الماء في النجاسة نجس قطعا وكذا لو خرج بممازجتها عن اسمه وإن لم يتغيّر أحد أوصافه على ظاهر المذهب بل الظاهر عدم الخلاف فيه ، وكذا الحال لو مازج المائعات المتنجّسة مع خروجها (٤) عن الاسم.

وما قد يقال من تعارض الاستصحابين حينئذ ، وقضية الأصل الطهارة ؛ مدفوع بأنّ

__________________

(١) جامع المقاصد ١ / ١١٤ ـ ١١٥.

(٢) في ( د ) : « إذا ».

(٣) في ( د ) : « بقاء ».

(٤) في ( د ) : « خروجهما » ، والظاهر : « خروجه » ، والضمير راجع إلى الماء.

٨٧

النجاسة والمتنجّس المفروض (١) لم يعرض لهما بسبب الممازجة ما يزيل حكمهما لبقاء حقيقتهما من غير استحالة كما لو امتزجا بغير الماء من سائر الأعيان وإن زال الاسم عن المجموع مع قطعهم بانتفاء الاستحالة هناك.

وهذا بخلاف الماء لعدم دوران الحكم فيه على حقيقة المائية بل على التسمية العرفيّة كما عرفت فبعد خروجه عن اسمه ينجس (٢) بالملاقاة.

ويدلّ عليه إطلاق القهر والغلبة وما شابههما في الأخبار المذكورة ؛ إذ ذاك أعظم أفراد الغلبة.

ويشهد له نصّ جمهور الأصحاب بعدم طهر المضاف وسائر المائعات المتنجّسة (٣) إلّا بصيرورتها مطلقا ، مع أنّ الحال فيها أخفّ من نجس العين ، بل ظاهر كلامهم هناك يعطي اتّفاقهم على (٤) الحكم في النجس كما أشرنا إليه.

__________________

(١) في ( د ) : « المفروضين ».

(٢) في ( د ) : « يتنجس ».

(٣) في ( د ) : « النجسة » بدلا من : « المتنجسة ».

(٤) في ( د ) : « في » بدلا من : « على ».

٨٨

البحث (١) الثاني

في بيان أقسام المياه وأحكام كلّ منها

وكيفيّة تطهيرها بعد تنجّسها (٢).

تبصرة (٣)

[ في أقسام المياه ]

لمّا اختلفت أحكام المياه بحسب أنواعها من جهة قبولها وعدمها بل وغير ذلك أيضا وقع البحث عندهم عن عدّة من أقسام المياه فقسّموا الماء إلى [ أقسام ] (٤) ، فينقسم (٥) الماء باعتبار ورود النجاسة عليه (٦) إلى الجاري وماء الغيث وماء الحمام والمحقون وماء البئر.

ويعتبر في صدق الجاري خروجه عن المادّة سواء جرى على وجه الأرض أو تحتها مع عدم بروزه على الأرض كما في بعض القنوات أو بروزه كما في أكثرها.

ولا عبرة بالجريان عن غير المادّة ، ولذا اعتبر جماعة فيه المنع (٧) قاطعين به من غير ظهور خلاف فيه.

__________________

(١) في ( ج ) : « المبحث ».

(٢) في ( د ) : « تنجيسها » ، بدلا من : « تنجّسها ».

(٣) الزيادة من نسخة ( ج ).

(٤) لم ترد في ( د ) : « لمّا اختلف أحكام .. فقسّموا الماء إلى ».

(٥) في ( د ) : « ينقسم ».

(٦) لم ترد في ( ج ) : « فينقسم .. عليه ».

(٧) في ( د ) : « معه النبع » ، بدلا من : « فيه المنع ».

٨٩

قال في جامع المقاصد (١) : إنّ الجاري لا عن عين من أقسام الراكد يعتبر فيه الكرّيّة اتفاقا ممّن عدا ابن أبي عقيل.

وظاهر ذلك خروج الجاري عن الموادّ الظاهرة كبعض البحيرات أو الغدران الواسعة التي يجتمع فيها السيول.

وكأنّه الأظهر ؛ إذ لا يزيد حكمه على حكم أصله ، وإطلاق الجاري عليه مع عدم المعرفة بأصله لا يدلّ على صدقه عليه ، ولذا يصحّ سلبه عنه بعد المعرفة بحالة ، لكنّ الظاهر عدم فائدة يعتدّ (٢) بها في ذلك ؛ لما سنبيّن من اتحاد الماء المفروض والجاري في الحكم.

ومثل ذلك ما (٣) يجري من الثلوج ولا تأمّل هنا في اعتبار الكرّية فيه ، فيجري عليه أحكام الواقف.

وذهب شذوذ من المتأخّرين إلى صدق الجاري على غير الجاري من العيون ، وظاهره صدقه بمطلق الجريان إلّا أنّه اعتبر في حكمه وجود المادّة ، واكتفى فيها بوقوع جزء من الماء فوق موضع الملاقاة.

وهو بمكان من الضعف.

ولا يعتبر فيه كون مادّته تحت الأرض ، بل لو نبع من فوق كما في بعض العيون النابعة من صفحات الجبال كان جاريا قطعا ، فاعتبار بعض الأصحاب (٤) نبعها من تحت الأرض محمول على ما يشمل ذلك أو على الغالب.

وهل (٥) يعتبر فيه حصول الجريان أو يكتفى في صدقه بمطلق النبع أو مع كونه غير البئر؟ وجوه ؛ أقواها الأوّل لظاهر العرف ، وهو الظاهر من جماعة من الأصحاب وصريح البعض.

__________________

(١) جامع المقاصد ١ / ١١٠.

(٢) لم ترد في ( د ) : « يعتدّ ».

(٣) لم ترد في ( د ) : « ما ».

(٤) في ( ج ) : « المتأخرين » ، بدل : « الأصحاب ».

(٥) في ( ب ) : « هو ».

٩٠

والثاني مختار بعض المتأخرين (١).

والثالث مختار الشهيد الثاني وجماعة من المحققين.

ويؤيّده أنّهم لم يذكروا عنوانا مستقلّا للنابع الواقف ، فهو داخل عندهم في الجاري ؛ لعدم دخوله في الراكد ، ولا (٢) البئر وإن حكي عن المقنعة والتهذيب إلحاقه بالبئر ، وربّما استحسنه (٣) بعض المتأخّرين (٤) ؛ إذ هو في غاية البعد ، لوضوح عدم شمول اسم البئر له مع ما لها من الأحكام المخالفة للأصل ، خصوصا على القول بالانفعال.

وفيه : أنّهم لم يقصدوا حصر الأقسام ، وبعد فرضه فغاية الأمر إطلاقهم الجاري عليه ، وهو لا يقتضي كونه حقيقة في عرفهم فضلا عن اللغة أو العرف العام.

فإن أريد بتعميم (٥) الجاري للنابع غير البئر أو مطلقا حمل ما ورد في الأخبار على الأعم فهو في غاية الضعف ، وإن أريد بيان مصطلح الفقهاء فيه حتّى يحمل عليه إطلاقاتهم فهو غير معلوم.

نعم ، حمل كلام من رام حصر أقسام المياه مع عدم ذكره له تخصيصه (٦) على النابع غير البئر ممكن ، بل حمل عبائر كثير منهم عند بيان أقسام الماء عليه ليس بذلك البعد.

وأمّا تعميمه للنابع مطلقا فلا يطابق اللغة (٧) والإطلاقات العرفيّة قطعا.

ولا ثمرة مهمّة يترتّب (٨) على ذلك.

__________________

(١) في ( ألف ) : « ومختار الثاني أو بعض المتأخرين ».

(٢) في ( د ) : « وأمّا » ، بدلا من : « ولا ».

(٣) في ( ج ) زيادة : « صاحب كشف ».

(٤) زيادة في ( د ) : « صاحب كشف اللثام ».

(٥) لم ترد في ( ب ) : « بتعميم .. وإن اريد ».

(٦) في ( د ) : « بخصوصه ».

(٧) زيادة في ( د ) : « لا ».

(٨) في ( د ) : « يرتب ».

٩١

تبصرة

[ في كيفيّة تنجّس الجاري ]

لا ينجس الجاري بمجرّد ملاقاة النجاسة قليلا كان أو كثيرا على المشهور بين الأصحاب ، فأطلق (١) في الخلاف والغنية والمعتبر والمنتهى حكاية الإجماع عليه.

وحكى القاضي في شرح الجمل الإجماع على عدم تنجّس قليله وكثيره.

وذهب العلّامة رحمه‌الله في جملة من كتبه إلى اعتبار الكريّة في اعتصامه.

وتبعه الشهيد الثاني في المسالك والروضة وغيره.

وعزاه في الروض إلى جماعة ، وظاهر ذلك اعتبار الكريّة في خصوص الخارج منه ، لا مع انضمامه إلى المادّة.

والأقوى الأوّل ؛ للأصل والعمومات الدالّة على طهارة الماء ، وظاهر الإجماعات المحكيّة المطلقة ، وصريح الخاص منها ، وقول علي عليه‌السلام فيما رواه الراوندي : « الماء الجاري لا ينجّسه شي‌ء » (٢).

وروى في الدعائم عنه عليه‌السلام في الماء الجاري يمرّ بالجيف والعذرة والدم : « يتوضّأ منه ويشرب وليس ينجّسه شي‌ء (٣) ما لم يتغيّر أوصافه وطعمه ولونه وريحه » (٤) مع اعتضادها بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل لا يعرف خلاف فيه ممّن سبق العلّامة كما في

__________________

(١) في ( ب ) و ( د ) : « وأطلق ».

(٢) كتاب النوادر : ١٨٨.

(٣) في ( ب ) زيادة : « وروى ».

(٤) دعائم الإسلام ١ / ١١١ ، وعنه في مستند الشيعة ١ / ٢٠.

٩٢

الذكرى (١).

ويدلّ عليه أيضا ما ورد في ماء الحمام في الصحيح وغيره من أنّه : « كماء النهر يطهّر بعضه بعضا » (٢) وأنّه بمنزلة الجاري (٣).

بل المستفاد منها ظهور حكم الجاري حيث شبّه به ماء الحمّام ونزّل منزلته مع وضوح عدم اعتبار الكريّة فيه كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى.

وما دلّ على اعتصام الماء بالمادّة كصحيحة (٤) ابن بزيع الواردة في البئر ، ولأنه لو تغير ما يقارب المنبع منه بالنجاسة وقطع التغيير (٥) عمود الماء بحيث يكون الباقي عند المنبع (٦) أقلّ من الكر لزم تنجّسه على هذا القول.

ويتوقّف طهره حينئذ على ورود المطهّر عليه من خارج وإن جرى عليه من المنبع (٧) (٨) ما جرى ؛ لنقصان الخارج عن الكر وانفعاله.

وهو مع وضوح فساده يدفعه نصّ (٩) قوله عليه‌السلام : « يطهّر بعضه بعضا » (١٠).

ويؤيّد ذلك إطلاق ما دلّ على نفي البأس عن البول في الماء الجاري (١١) ، ووقوع السؤال

__________________

(١) الذكرى : ٨.

(٢) كماي الكافي ٣ / ١٣ باب ماء الحمام والماء الذي تسخنه الشمس ح ١.

(٣) الكافي ٣ / ١٣ ح ٣.

(٤) الكافي ٣ / ٥ ح ٢ ؛ المعتبر ١ / ٧٦ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٤١ ، ح ١٢ ، والصحيحة هكذا : « ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء إلّا أن يتغيّر ».

(٥) في ( د ) : « التغير ».

(٦) في ( ب ) : « المنع ».

(٧) في ( ب ) : « المنع ».

(٨) في ( د ) : « النبع ».

(٩) في ( د ) : « بنصّ ».

(١٠) كما نقلناه من الكافي ، وانظر : وسائل الشيعة ١ / ١٥٠ ، ح ٧.

(١١) انظر العبارة في : جواهر الكلام ١ / ٨٦.

٩٣

في جميع تلك الأخبار عن (١) حال الفعل إن سلّم لا ينافي ذلك ـ كما قيل ـ على (٢) ما ذكره الشيخ محمّد والفاضل الجزائري دام ظلّه العالي (٣) ؛ إذ ذلك أيضا من الآثار المترتّبة عليه.

احتجّوا بإطلاق الصحاح الدالّة على اشتراط الكرّية في عدم الانفعال من غير تفصيل.

وفيه : بعد المناقشة في عمومها بحيث يشمل الجاري ؛ إذ المفهوم منها بملاحظة مواردها ـ مع ندرة الجاري في محلّ الصدور ـ خصوص الراكد ، مضافا إلى فهم الأصحاب منها ذلك ؛ أنها معارضة بروايات الجاري المعتضدة بالعمل والإجماعات المحكيّة المطلقة.

ولا ريب إذن في ترجيح جانب الطهارة لوجوه شتّى (٤).

مضافا إلى ما عرفت من سائر الأدلّة الدالّة عليه.

وممّا يضعّف القول المذكور أنّ القائل به هنا لا يقول به في البئر بل لا يعرف هناك قائل بالتّفصيل إلّا شاذ من الأصحاب ، فالقول بطهارة ما دون الكر منها دون سائر المياه النابعة في غاية الركاكة.

وقد يقرّب هذا القول من المشهور بحمله على اعتبار الكريّة في مجموع الخارج والباقي في المادّة ؛ إذ في كثير من المياه الجارية يحصل القطع ببقاء الكرّ فيها ، وهو حينئذ وإن كان أقرب إلى ظاهر الدليل إلّا أنّه مخالف لظاهر كلامهم ، مردود بإطلاق الأدلّة المذكورة ، مع أنّ العلم به غير حاصل أيضا في كثير من المواضع خصوصا إذا كان نبعه ضعيفا وتعرضه الانقطاع في بعض الأحيان.

وهل يعتبر فيه عدم العلم بالقلّة؟ وجهان ؛ من الأصل ، وإطلاق الأدلّة والشك في شمولها لمثله.

__________________

(١) في ( د ) : « بل ».

(٢) الزيادة من ( ج ).

(٣) لم ترد في ( د ) : « على ما ذكره الشيخ .. العالي ».

(٤) منها موافقتها الأصل والعمومات والشهرة بين الأصحاب ؛ كما يفهم من حاشية للمؤلف قدس‌سره ، وهي موجودة في ( ج ) إلّا أن الكاتب أدخلها في المتن.

٩٤

ولا بدّ من بقاء النبع حين ملاقاة النجاسة أو (١) اتّصال الماء بالمنبع بحيث لو أخرج منه نبع مكانه ؛ لخروجه عن اسمه بعد انقطاعه ، ولأنّه السبب في الاعتصام كما دلّ عليه العلّة المنصوصة.

وكأنّه مقصود الشهيد رحمه‌الله (٢) وغيره من اعتبار دوام النبع فيه كما اختاره جماعة في توجيه كلامه.

ويرشد إليه أنّ ظاهره في الذكرى (٣) الإجماع على عدم اعتبار ما عدا الكرية فيه ، ولو فسّر بمعنى عدم (٤) انقطاعه في بعض الأوقات كما يوهمه ظاهر العبارة ، فلا دليل عليه بل يدفعه ظاهر الإطلاقات.

ولو كان خروجه عن المادة على نحو التقاطر من دون اتّصال بعض الأجزاء ببعض كان في حكم الواقف.

وكذا لو قطع التغيير عمود الماء بالنّسبة إلى ما دون المتغير لانقطاعه عن المادة العاصمة.

وما تخيّله بعض أفاضل المتأخّرين ـ من شمول الإطلاق لمثله وجواز اعتصامه بالمادّة وإن توسّطه النجس ـ بيّن الضعف.

ولذا أطبقوا على إجراء حكم العليّة (٥) على (٦) دون المتغيّر مع قلّته وإن كان كثيرا فقد أطلقوا الحكم باعتصامه.

وينبغي التفصيل فيه على القول باعتبار تساوي السطوح في الكر.

ويحتمل إلحاقه في ذلك بالجاري.

والأقوى عدم الفرق في المادّة بين ما يكون خروج الماء منها بطريق النبع والفوران أو

__________________

(١) في ( ب ) : « و ».

(٢) شرح اللمعة ١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ؛ روض الجنان : ١٣٤ ـ ١٣٧.

(٣) الذكرى : ٨.

(٤) في ( د ) : « بعدم » ، بدلا من : « بمعنى عدم ».

(٥) في ( د ) : « القليل ».

(٦) زيادة في ( د ) : « ما ».

٩٥

بنحو النز والرشح كما في بعض العيون والقنوات ؛ لظاهر العرف.

وفي جريان الحكم في السماد (١) ـ وهو الماء المجتمع في الرمال بحيث إن كشف (٢) عنه ظهر من دون نبع ـ وجهان ؛ أوجههما العدم ، فيلحقه أحكام الواقف ، إلّا أنّ الظاهر (٣) عدم (٤) اعتصام الظاهر (٥) بما خفي منه (٦) مع كثرة المجموع والاتّصال.

ولو ذاب الثلج ففار من موضع وخرج من آخر مع عدم مداخلته لمادّة العين ولا حصول اجتماع له هناك يصح (٧) صدق المادّة عليه كما يتّفق كثيرا في الجبال عند ذوبان الثلوج ونزول الأمطار ، ففي اندراجه في النابع إشكال ؛ إذ اعتصامه بمجرد الفار تحت الأرض غير ظاهر من الأدلّة (٨).

ولا يعتبر في المادّة كونها تحت الأرض ، بل لو جرى من فوق كما في بعض العيون السائلة من صفحات الجبال كان جاريا.

فاعتبار بعض الأصحاب نبعه من تحت الأرض محمول على الغالب أو على ما يشمل المذكور (٩).

ولو شكّ في كون الماء جاريا عن المادّة و (١٠) الثلج أو غيره بني (١١) على عدم الاعتصام في وجه قويّ.

__________________

(١) في ( د ) : « الثمال ».

(٢) في ( د ) : « لا يكشف » ، بدلا من : « إن كشف ».

(٣) في ( ب ) : « ظاهر اعتصام ».

(٤) لم ترد في ( ج ) و « د » : « عدم ».

(٥) في ( د ) : « الطاهر ».

(٦) لم ترد في ( د ) : « بما خفي منه ».

(٧) في ( د ) : « يصحح ».

(٨) الزيادة أثبتناه من نسخة ( ج ).

(٩) لم ترد في ( د ) : « ولا يعتبر في المادة كونها .. أو على ما يشمل المذكور ».

(١٠) في ( د ) : « أو ».

(١١) في ( ج ) : « مبني ».

٩٦

ولو شكّ في انفصاله فيها بعد الاتصال بني على أصالة البقاء على الأقوى.

وكذا لو شكّ في انقطاع المادة من أصلها.

ولو (١) توارد عليه الحالان بني على أصالة الطهارة.

وفي جواز التطهير (٢) على نحو المعتصمة (٣) إشكال ، و (٤) الأظهر المنع.

ولا يشترط فيه تساوي السطوح بلا خلاف فيه يعرف حتّى ممّن اعتبره في الواقف للأصل وعموم الأدلّة.

ولا إشكال فيه على ما هو المختار لاعتصامه بالمادّة ، وأمّا عند القائل باشتراط الكريّة فلعلّه باستظهار حصول الوحدة العرفيّة هنا بمجرد الاتصال أو لما ذكره بعض (٥) الأفاضل (٦) من أنّه يرى في الجاري (٧) خصوصيّة لا يراها في غيره ؛ إذ الغالب عدم الاستواء (٨) ، فلو اعتبر فيه ذلك لزم تنجّس الأنهار العظيمة بمجرّد الملاقاة.

هذا إذا كان الجريان على نحو المعتاد ، وأمّا لو أجري الماء ببعض الأعمال إلى فوق مع جريانه إذن بنفسه أو بجذب أو وقوفه كذلك ففي اعتصام العالي بالسافل إشكال يتقوّى في بعض صوره.

ويجري الإشكال في الأمواج المرتفعة من (٩) سطح الماء بهبوب الرياح.

والأقوى في جميع ذلك الاعتصام لما سيجي‌ء إن شاء الله.

__________________

(١) في ( د ) : « الا » ، بدلا من : « ولو ».

(٢) زيادة في ( د ) : « به ».

(٣) في ( د ) : « المعصيّة » ، بدلا من : « المعتصمة ».

(٤) لم ترد في ( د ) : « و ».

(٥) الزيادة أثبتناه من ( ج ).

(٦) منتهى المطلب ١ / ٢٨ ؛ جامع المقاصد ١ / ١١٢ ؛ المبسوط ١ / ٦ ؛ مسائل الإفهام ١ / ١٣.

(٧) في ( ج ) : « الجاري و ».

(٨) في ( ج ) و « د » : « الاستقرار ».

(٩) في ( د ) : « عن ».

٩٧

وقد قطع جماعة من الأصحاب منهم (١) الشهيد في الدروس (٢) بعدم اعتصام الواقف المتّصل بالجاري إذا كان أعلى.

قال في الدروس (٣) : ويكفي في علوّ الجاري فورانه من تحت الواقف ، فتأمّل.

__________________

(١) في ( ب ) : « فهم ».

(٢) الدروس : ١ / ١١٩.

(٣) الدروس ١ / ١١٩.

٩٨

تبصرة

[ في اعتبار كرّية المادة وعدمه ]

لا خلاف بين الأصحاب (١) في عدم انفعال ماء الحمّام في الجملة بمجرّد ملاقاة النجاسة مع اتّصاله بالمادّة ، بل الظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين قاطبة.

والمراد به على ما نصّ عليه جماعة منهم ـ من غير خلاف يعرف ـ ما في حياضة الصغار المعروفة. وألحق بعضهم بها ما يشابهها ، والأصل في الحكم بعد الأصل والإجماع : النصوص المستفيضة كصحيحة داود بن سرحان : ما تقول في ماء الحمّام؟ قال : « هو بمنزلة الجاري » (٢).

ورواية إسماعيل بن جابر : « ماء الحمّام لا ينجّسه شي‌ء » (٣).

ومرفوعة ابن أبي يعفور الماضية (٤).

وإطلاق الحكم فيها مقيّد بالاتّصال بالمادّة للإطباق عليه ظاهرا. بل في الصحيحة والمرفوعة إشارة إليه أيضا.

مضافا إلى خصوص الرواية : « ماء الحمّام لا بأس به إذا كانت له مادّة » (٥).

وقريب منه ما في الفقه الرضوي (٦).

والمراد به بحكم العرف الاتصال بالمادّة لا وجودها من دونه ، وهو ظاهر.

__________________

(١) لم ترد في ( د ) : « بين الأصحاب ».

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٣٧٨ ، ح ٢٨ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٤٨ ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ٧٣ / ٧٩.

(٣) وسائل الشيعة ١ / ١٥٠ ، ح ٨.

(٤) وسائل الشيعة ١ / ١٥٠ ، ح ٧.

(٥) تهذيب الأحكام ١ / ٣٧٨ ، ح ٢٦ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٤٩ ، ح ٤ ؛ بحار الأنوار ٧٣ / ٧٩.

(٦) فقه الرضا : ٨٦ ، ونصّه : « وماء الحمّام سبيله سبيل الماء الجاري ، إذا كانت له مادة ».

٩٩

وقد (١) وقع الكلام في المقام في اعتبار الكريّة في المادّة ، وفي طريق تطهيره ، وفي إلحاق غيره به. وكأنّه (٢) عليه يحمل ما في الصحيح عن النصراني : يغتسل مع المسلم في الحمّام؟ قال : « إذا علم أنّه نصرانيّ اغتسل بغير ماء الحمّام إلّا أن يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثمّ يغتسل » (٣). بحمل النهي أوّلا (٤) على ما إذا اشتدّت (٥) المادّة حال الغسل ، وتجويزه الغسل بعد غسله (٦) وإجراء المادّة وتطهيره للحوض.

وقد (٧) وقع الكلام في المقام في اعتبار الكريّة في المادّة ، و (٨) في طريق تطهيره ، وفي إلحاق غيره به ، فالبحث هنا في أمور :

أحدها : في اعتبار الكرية في المادّة أو في المجموع ، ولهم فيه أقوال :

الأوّل : اعتبار الكريّة في خصوص المادّة. ذهب إليه العلامة رحمه‌الله في جملة (٩) من كتبه.

وفي الروض (١٠) : أنّه أشهر القولين.

وعزاه في المدارك (١١) إلى أكثر المتأخرين.

وفي الحدائق (١٢) أنّه ظاهر أكثر المتأخرين.

__________________

(١) الزيادة أثبتناها من ( ج ).

(٢) لم ترد من قوله : « وقد وقع الكلام .. » إلى هنا في ( د ).

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٢٢٣ ، ح ٢٣ ؛ وسائل الشيعة ٣ / ٤٢١ ، ح ٩ ؛ وقريب منه في بحار الأنوار ٧٧ / ٥١.

(٤) لم ترد في ( د ) : « اوّلا ».

(٥) في ( د ) : « استندت ».

(٦) في ( د ) : « الغسل ».

(٧) لم ترد في ( ج ) : « وقد وقع .. غيره به ».

(٨) لم ترد في ( ب ) : « و ».

(٩) منتهى المطلب ١ / ٣٢ ؛ تذكرة الفقهاء ١ / ١٨ ؛ تحرير الأحكام ١ / ٤٦.

(١٠) روض الجنان : ١٣٧.

(١١) مدارك الأحكام ١ / ٣٤.

(١٢) الحدائق الناضرة ١ / ٢٠٧.

١٠٠