تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

تبصرة

[ في سؤر الحائض ]

سؤر الحائض الغير المأمونة كما نصّ عليه جماعة منهم المفيد والديلمي والقاضي وابنا سعيد والشهيد وغيرهم حيث حكي عنهم التعبير بما ذكرناه.

وعن النهاية والوسيلة والسرائر والمعتبر وكثير من كتب العلّامة واللمعة وغيرها التعبير بالتهمة.

وعن السيد في المصباح والشيخ في المبسوط إطلاق الكراهة.

وربّما يوهم عبارة السيد في الجمل (١) انتفاء الكراهة حيث قال : لا بأس بسؤر الجنب والحائض (٢).

ويمكن حمله على إرادة نفي الحرمة كما هو ظاهر لفظ « البأس » أو يقال : إنه أراد نفي البأس عنه من حيث كونه سؤر الحائض وإن لحقه حكم الكراهة من جهة الاتهام.

وكيف كان ، فثبوت الكراهة في سؤر الحائض في الجملة هو المعروف من المذهب بل الظاهر الإطباق عليه. والأخبار به متظافرة ، فثبوت الحكم فيه. كذلك ممّا لا تأمّل فيه. وربّما يستظهر من المقنع المنع.

__________________

(١) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ) ٣ / ٢٣ ، كتاب الطهارة في المياه.

(٢) لم ترد في ( ب ) : « ويمكن حمله .. سؤر الحائض ».

٣٠١

تبصرة

[ في كراهية سؤر الحائض المتّهمة ]

المعروف كراهة سؤر الحائض المتّهمة وامّا غيرها ففيه قولان من ورود المستفيضة المشتملة على المعتبرة الحاكمة بكراهة سؤرها (١) من غير تفصيل.

ومن التقييد (٢) في المأمونة في موثقة علي بن يقطين : والرجل يتوضأ بفضل الحائض؟

قال : « إذا كانت مأمونة فلا بأس » (٣).

وموثقة العيص من (٤) سؤر الحائض؟ قال : « توضّأ منه وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة تغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء » (٥).

فلا بدّ من حمل المطلقات على المقيّد.

وقد يرجّح العمل على تلك الاطلاقات لكثرتها وظهور دلالتها على الإطلاق فتحمل هاتان على شدّة الكراهة مع عدم الأمن.

وقد يؤيّد ذلك بأنّ في بعض تلك الأخبار ظهورا تامّا في العموم كما في رواية ابن أبي يعفور : أيتوضّأ الرجل من فضل المرأة؟ قال : « إذا كانت تعرف الوضوء ولا يتوضّأ من سؤر الحائض » (٦).

وصحيحة العيص ، عن سؤر الحائض فقال : « لا توضّأ منه ، وتوضّأ من سؤر الجنب إذا

__________________

(١) في النسخ المخطوطة : « سؤره ».

(٢) في ( د ) : « التعبّد ».

(٣) الإستبصار ١ / ١٦ ، باب استعمال فضل وضوء الحائض والجنب وسؤرهما ح ١٣٠.

(٤) في ( د ) : « عن ».

(٥) الكافي ٣ / ١٠ ، باب الوضوء من سؤر الحائض ولجنب واليهودي والنصراني والناصب ح ٢.

(٦) الكافي ٣ / ١١ ، باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب ح ٤.

٣٠٢

كانت مأمونة » (١) .. الخبر.

إذ إطلاق المنع فيه مع تقيّد (٢) الجواز في الآخر شاهد على إطلاق الحكم فيه.

ثمّ الظاهر اتّحاد صحيحة العيص لموثّقته السابقة فالظاهر ترجيحها عليها لصحّة إسنادها وروايتها في الكافي الذي هو أضبط كتب الحديث ، فينحصر الشاهد على التقييد في خصوص الموثقة ، فالبناء على تعميم الكراهة أولى.

والظاهر أنّ هناك كراهتين إحداهما من جهة الجنابة (٣) الحاصلة لحدث الحيض ، والأخرى بسبب الاطمئنان على عدم طهارتها ، والقائلون بالتفصيل إنّما يقولون بالكراهة من الجهة الأخرى خاصّة.

ثمّ إنّ المذكور في الأخبار هو خصوص كراهة الوضوء بل نصّ في جملة منها على عدم البأس بالشرب ، فالقول بكراهة سؤرها مطلقا على الخلاف كما هو قضيّة إطلاقهم لا يخلو من إشكال ، بل الظاهر من الأخبار خلافه.

نعم ، قد يتّجه التسرية إلى الغسل. وفي تسريته إلى غسل النجاسة وجهان.

ولا يبعد القول بعموم الكراهة في المتّهمة من جهة إطلاق فتوى الأكثر ، وعدم ظهور انتفاء الكراهة من تلك الجهة من الأخبار.

وذلك كاف في أدلّة السنن مع تأيّده ببعض الاعتبارات المقربة.

ثمّ إنّ جماعة من المفصّلين إنّما فصّلوا بين المتّهمة وغيرها ، والروايتان المذكورتان إنّما يفيدان التفصيل بين المأمونة وغيرها ، وهي أخصّ من غير المتّهمة ، فبعد البناء على التفصيل فلا بدّ من البناء عليه كما نصّ عليه آخرون منهم.

هذا ، وفي ثبوت الكراهة مطلقا أو مع الاتّهام في النفساء وجهان ؛ من إطلاقهم اشتراك النفاس والحيض في الأحكام عدا ما استثني ، ومن خروجها عن مدلول النص.

__________________

(١) الكافي ٣ / ١٠ ، باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب ح ٢.

(٢) في ( د ) : « تعبّد ».

(٣) في ( د ) : « الخباثة ».

٣٠٣

وكذا الحال في المستحاضة.

وألحق الشهيدان وجماعة بالحائض المتّهمة كلّ متّهم بالنجاسة ممّن لا يتوقّى منها.

وأورد عليه بأنّه تصرّف في النصّ.

قلت : في رواية ابن أبي يعفور الماضية إشارة إليه ، فالقول به غير بعيد ، لكن في تسرية الحكم إلى الشرب وسائر الاستعمالات النافية « لا بأس عن شرب سؤر الحائض » إشارة إلى عدمها إلّا أن يقال : إنّ مفاد تلك الاطلاقات انتفاء الكراهة من جهة الحيض ، والاتّهام سبب آخر.

وقد يستشكل في استنباط ذلك من المقام ؛ لما عرفت من دلالة الرواية هنا على اعتبار الأمن. وهو لا يعتبر في سائر المقامات بلا تأمّل إلّا أن يقال : إنّه لمّا كانت الحائض عرضة للنجاسة اعتبر كونها مأمونة ؛ لعدم اطمينان النفس بطهارتها من دونه.

وقد يؤيّد ذلك بما دلّ على رجحان الاجتناب في بعض موارد الظن بالنجاسة كطين المطر بعد الثلاثة (١). وقد يستفاد من ذلك تسرية الحكم إلى كلّ من يلازم النجاسة مع كونه مأمونا كالمسلوس ونحوه.

ثمّ هل يختصّ الكراهة فيما ذكر بخصوص ما يلاقيه من دون تسرية إلى غيره ممّا يلاقي ما يلاقيه وهكذا ، أو يعمّ الجميع؟ وجهان ؛ أقواهما الأوّل لاختصاص الدليل به ، وظهور عدم بناء الشرع عليه. مضافا إلى غير التحرز منه.

__________________

(١) زيادة في ( د ) : « وغيره ».

٣٠٤

فصل

في الماء المستعمل في إزالة الأخباث أو رفع الأحداث

والظاهر أنّ المستعمل في رفع الخبث ما يكون مزيلا للنجاسة أو جزء من المزيل ، فما لا يكون كذلك كالغسلة المندوبة الحاصلة بعد طهر المحلّ كالغسلة (١) الثالثة في الاستنجاء لمن يبول ، فلا يندرج في العنوان.

وربّما توهّم بعضهم نجاسة الغسالة ولو بعد طهر المحلّ كما سيجي‌ء الإشارة إليه. وهو إن لم يؤل بما يرجع إلى ما قلناه فهو مقطوع الفساد.

وفي جريان ذلك في المستعمل في رفع الحدث كالغسلة الثالثة في الغسل وجه إلّا أنّ ظاهر الإطلاق هناك يعمّ الكلّ.

نعم ، في الغسلة من العضو الأخير لا يبعد القول بخروجه عن محلّ البحث ؛ لارتفاع الحدث قبله.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « كالغسلة الثالثة .. بعد طهر المحلّ ».

٣٠٥

تبصرة

[ في نجاسة الغسالة ]

لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة الغسالة مع تغيرها في أحد الأوصاف الثلاثة. وهو مع غاية وضوحه قد استفاض حكاية الإجماع عليه.

وممّن حكاه الفاضلان في المعتبر والمختلف وصاحبا الذخيرة والدلائل وغيرهم.

وقد شاع الخلاف بين الأصحاب في حكمها مع عدم تغيّرها ، ولهم فيه أقوال ربّما ينتهي إلى اثني عشر قولا :

أحدها : القول بالنجاسة مطلقا وعزي (١) إلى ظاهر المقنع. وحكي عن الشيخ في المبسوط وموضع من الخلاف ، وصاحب الاصباح ، والمحقق في الشرائع والنافع والمعتبر ، والآبي في كشف الرموز ، والعلّامة في عدّة من كتبه كالمنتهى والتذكرة والتحرير والمختلف ، والشهيدين (٢) في اللمعة والروضة ، وابن فهد في المقتصر ، والسيوري في التنقيح.

واختاره جماعة من المتأخرين.

وربّما حكى في التحرير (٣) عليه الإجماع حيث قال : إذا كان على بدن الجنب والحائض نجاسة كان المستعمل نجسا إجماعا.

وعن الروض أنّه أشهر الأقوال.

وعن الفاضل الميسي وغيره حكاية الشهرة عليه.

وربّما يستفاد من المنتهى نفي الخلاف بالنسبة إلى الغسلة الأولى حيث قصر النزاع على

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « عزي إلى ظاهر .. والمعتبر و ».

(٢) في النسخ المخطوطة : « والشهيدان ».

(٣) تحرير الأحكام ١ / ٦.

٣٠٦

الغسلة الأخيرة.

وقد نصّ في التحرير والتذكرة بعدم الفرق بين الغسلة الأولى وغيرها فيما يعتبر فيه التعدد.

وعبّر في اللمعة بأنّها كالمحلّ قبلها. وظاهر إطلاقه اعتبار التعدّد فيما يلاقيه لو اعتبر ذلك في المحلّ قبلها ، فيفرق إذن بين غسالة الغسلة الأولى والثانية.

وقيّده في الروضة بما يغسل مرّتين لا بخصوص النجاسة ، فلو كان التعدّد لخصوصيّة النجاسة كالولوغ فلا تعدد ؛ إذ لا تسمّى ملاقاة الغسالة ولوغا. وظاهر كلامه يومي (١) أنّه إذا اعتبر التعدد في مطلق النجاسة هناك يظهر الفرق بين المسألتين ، وأمّا إذا كان التعدد من جهة نجاسة خاصّة فلا ؛ لعدم اندراج الغسالة فيها.

وأنت خبير بأنّ القول باعتبار التعدد في مطلق النجاسة ضعيف ، فلا ثمرة إذن في ذلك.

وقد يحمل كلامه حينئذ على عدم الفرق بين الغسلتين ، والاجتزاء بالواحدة في كلّ من الأمرين.

ويمكن حمله على بيان الفرق بين ما إذا اعتبر التعدد في تلك النجاسة مطلقا وما إذا كان بكيفية (٢) ملاقاة تلك النجاسة مدخليّة في التعدّد ، فأراد إخراج الأخير ، ولذا مثّل بالولوغ ؛ إذ مطلق النجاسة الكلّية (٣) لا يعتبر فيه التعدد بخلاف البول.

وحكى في غرر الجامع القول بكونه كالمحلّ قبل أن يغسل رأسا ، سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية وأنه يعتبر في تطهيره ما يعتبر في تلك النجاسة المغسولة من تعدّد الغسل وعدمه إلى أكثر المتأخرين. وبه فسّر (٤) عبارة النافع أيضا.

فقد ظهر بما بيّنا أنّ في القول المذكور وجوها عديدة ، فإن ثبت لكلّ منها قائل انحلّ القول

__________________

(١) زيادة في ( د ) : « إلى ».

(٢) في ( د ) : « الكيفيّة ».

(٣) في ( د ) : « الكلبيّة ».

(٤) في ( ب ) : « فسّرها رحمه‌الله » ، بدل : « فسّر عبارة ».

٣٠٧

المذكور إلى أقوال متعددة.

ثانيها : القول بالطهارة مطلقا. وحكي عن المقنع أيضا ، وكذا عن الشيخ في المبسوط والخلاف ، وعزي إلى الطوسي في الوسيلة ، والشهيد في ظاهر الذكرى ونكت الإرشاد.

وعزاه في حاشية الدروس إلى البصروي.

وفي غرر الجامع أنّه القول الثاني من المشهور.

وحكاه المحقّق الكركي عن أكثر المتقدّمين.

وذكر الصيمري في كشف الالتباس أنّ عليه فتوى شيوخ المذهب كالسيد والشيخ وابني إدريس وحمزة وأبي عقيل.

وأسنده المحقّق الكركي أيضا إلى السيد والشيخ وابن إدريس.

وهذا يعطي أنّهما خلطا بين القول المذكور والقول الآتي المفصّل بين الورودين.

وله وجه.

وقد حكى في المدارك (١) عن جماعة انّهم قالوا : إن كلّ من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة ما عدا الشهيد في الذكرى حيث لم يفرّق بين الورودين.

ولا يذهب عليك أنّ الجماعة إنّما اعتبروا ذلك في كيفية التطهير لا في طهارة الغسالة (٢) حتّى يعدّوا المورد أيضا غسالة شرعيّة ، لكن يحكمون بنجاستها.

بل الظاهر أنّ المورد (٣) عندهم ليس من الماء المستعمل شرعا في التطهير. فهذا القول في الحقيقة قول بالإطلاق في طهارة الغسالة وإنّما جعلناه قولا آخر ؛ أخذا بالظاهر ، ولاختلافه مع غيره في حكم الماء المستعمل وإن لم يكن غسالة عند هذا القائل.

ثمّ إنّ هذا القول على طرف النقض من القول الأوّل كما ذكره الشهيد الثاني.

ثالثها : الفصل بين الوارد والمورود ، وعزي إلى السيد والشيخ والحلي.

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ / ١٢٢.

(٢) زيادة في ( ب ) : « اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة ما عدا الشهيد في الذكرى ».

(٣) في ( ب ) : « المورود ».

٣٠٨

وإسناده إلى الجماعة لا يخلو من التأمل ؛ لعدم تنصيصهم بالتفصيل المذكور في الغسالة.

نعم ، قوّى السيد في بادي نظره التفصيل بين الورودين في انفعال القليل كما مرّت الإشارة إليه معلّلا بأنّه لو لاه لأدّى إلى عدم إمكان تطهير الثوب بالقليل.

وهو كما ترى لا يدلّ على طهارة الغسالة حينئذ ، بل هو بالدلالة على خلافه أولى ؛ إذ لو كان للغسالة خصوصيّة عنده لما صحّ تعليله المذكور ، ولوجب عليه الاقتصار مع (١) مورد الضرورة ، فهو في الحقيقة قائل بعدم انفعال الماء مع الورود على النجاسة غسالة كان أو لا.

وفي تعليله المذكور دلالة على قطعه بعدم الفرق بين الغسالة وغيرها ، وإلّا لم يصحّ له الإسناد إلى ذلك في عدم انفعال الماء مع الورود مطلقا كما أشرنا إليه.

على أنه قد يقول بنجاسة الغسالة مع عدم طهر المحلّ لورود الماء عليه كما إذا توقّف الطهر على التعدد أو لم يحصل زوال العين بالمرّة ؛ لصيرورته موردا حينئذ عند انفصال الغسالة.

ويجري نحو ذلك في كلام الحلي حيث استحسن كلام السيد على أنّه قد نصّ بنجاسة الغسالة الأولى في الولوغ.

ثمّ إنّه قد حكم بطهارة الغسالة مع ورود الماء على النجاسة في الكفاية. وتردد في عكسه.

وهو كما ترى ليس قولا صريحا في التفصيل المذكور.

رابعها : أنّهما كالمحلّ بعدها ، فإن كان ممّا يكتفى فيه بالمرّة كانت طاهرة وإلّا حكم بطهارة الّتي يتعقّبها كما في المحل.

حكوه قولا في المقام وعزي إلى الاستاد الشريف رفع مقامه.

خامسها : التفصيل بين الغسلة الأولى والثانية ، فيحكم بالطهارة في الثانية دون الأولى.

وعزي إلى الشيخ في الخلاف (٢) إلّا أنّه نصّ بطهارة غسالة الولوغ وإن كانت الأولى. وقد يرجع هذا إلى ما تقدّمه إن خصّ نجاسة الأولى بما فيه التعدّد ، فيحكم بطهارتها مع الوحدة.

وقد عزي ذلك إلى الشيخ في الخلاف ، وإن قال بثبوت النجاسة في الغسلة الواحدة كان

__________________

(١) في ( د ) : « على ».

(٢) في ( ب ) : « النهاية ».

٣٠٩

قولا آخر.

سادسها : أنّها نجسة وأنّها كالمحلّ قبلها. وهو أحد الوجوه المتقدمة في القول الأول.

سابعها : أنها نجسة لكنّها معفوّ عنها. حكاه غير واحد من الأصحاب.

ثامنها : أنّها طاهرة وقد سلبت عنها الطهوريّة. وربّما يومي إلى ظاهر الصدوق حيث ساوى بينها وبين المستعمل في رفع الأكبر.

تاسعها : أنّها طاهرة قبل الانفصال نجسة بعده. حكاه غير واحد منهم.

عاشرها : أنّها طاهرة إذا لم يزد وزنها على ما قبل استعمالها. حكاه بعض الأصحاب ، ولا نعرف من يقول به.

نعم ، عن العلامة في النهاية إلحاق الزيادة في الوزن بالتغيير إلّا أنّه لم يحكم بالطهارة مع عدمه.

حادي عشرها : أنّها طاهرة إذا كانت غسالة الإناء من ولوغ الكلب. حكاه أيضا بعض الأصحاب.

وهو كما ترى غير مشتمل على بيان الحكم في غير الولوغ. وعدّة قولا برأسه كأنّه من جهة استثناء الولوغ. ولعلّه أشار بذلك إلى ما حكيناه عن الخلاف.

ثاني عشرها : أنّها نجسة وإن زاد على الواجب وترتيب الغسلات إلى ما لا نهاية لها. وعن ابن فهد والمحقق الكركي في غير واحد من كتبهما ، والشهيد الثاني في الروض أنّهم حكوه قولا في المسألة ، بل عزاه ابن فهد إلى الفاضلين وفخر المحققين.

وغلطه الصيمري في تلك النسبة ؛ إذ لا دلالة عليه في كلام الفاضلين أصلا ، والفخر في الايضاح لم يتعرض للمسألة ظاهرا.

مضافا إلى ما هو ظاهر جدّا من بعد ذهاب هؤلاء الأجلاء إلى ما هو بيّن الفساد ؛ إذ من الواضح أنّ المحل بعد الطهارة (١) لا يوجب تنجيس الماء.

__________________

(١) في ( د ) : « طهارته ».

٣١٠

وقد خصّ (١) المحقق الكركي (٢) بأنّ الظاهر أنّ موضع النزاع ماء الغسل المعتبر في التطهير دون ما سواه.

فهذا القول على فرض ثبوته ضعيف جدا يقطع عادة بعدم ركون مثل هؤلاء الأفاضل إليه.

وقيّده بعض الأصحاب عند حكايته بما إذا كان مبتلى بماء الغسالة الّتي كان من قبلها نجسا. وكأنّه من جهة نجاسة المتخلّف في الجملة ، وسيجي‌ء الإشارة إليه.

هذا ، ولنوضّح (٣) الكلام برسم أمور :

أحدها : الأظهر من الأقوال المذكورة نجاسة الغسالة مطلقا سواء كانت عن الغسلة الأولى أو الثانية ، وسواء ورد الماء على النجاسة أو وردت عليه إن اكتفينا بالثانية في التطهير.

ويدلّ عليه وجوه :

الأول : إطلاق مفهومات الأخبار الدالّة على اشتراط اعتصام الماء بالكرّية حسب ما مرّ من دلالتها على انفعال ما دون الكر بالملاقاة إن تمّ ما ذكر في بيان إطلاقها.

ويؤيّده أنّ ورودها في مقام البيان ينافي البناء فيها على الإجمال ، وكأنّ المنساق فيها بحسب الفهم العرفي هو ما ذكرناه من الإطلاق ، ولذا لم يرد بيانها في شي‌ء من الأخبار مع تظافر تلك الروايات الدالّة عليه ، ولم يسأل عنه أحد من أجلّاء الرواة مع عموم الحاجة إليه وقيام الدواعي على الاستفصال عنه.

الثاني : إن القاعدة المستفادة من الروايات الواردة في القليل هو انفعاله بالنجاسة كيف كان حتّى يقوم دليل على عدم تنجّسه في بعض المقامات ، وهو الذي جرى عليه الأصحاب في فهم تلك الروايات ؛ إذ لم يتوهّم أحد منهم اختصاص الحكم بموارد تلك الأخبار بل فهموا إطلاق الحكم بانفعاله مع القلّة كسائر الأعيان ، ففهموا أنّ القلّة هو المناط في الانفعال كما أنّ

__________________

(١) في ( د ) : « نصّ ».

(٢) جامع المقاصد ١ / ١٢٨.

(٣) في ( ب ) : « ولتوضيح » ، ولو كان كذلك يجب أن تكون بعده « ترسم ».

٣١١

الكثرة هو المناط في الاعتصام ، ولذا يستندون فيما قالوا بطهارته مع القلّة إلى الأدلّة الخاصّة ، ولم يتكلّموا فيها على مجرّد الأصل.

الثالث : ما دلّ عليه .... (١).

__________________

(١) في مخطوطتي ( ألف ) و ( د ) : « بياض في الأصل » ، والعبارة متصلة في نسخة ( ب ).

٣١٢

تبصرة

[ في إزالة ماء الاستنجاء من البدن والثوب ]

لا خلاف بين علمائنا في عدم وجوب إزالة ماء الاستنجاء من الثوب والبدن ؛ لأجل ما هو مشروط بالطهارة ، وقد حكى اتفاقهم عليه غير واحد منهم.

نعم ، حكي عن الشيخ في الخلاف الفرق بين الغسلة الأولى والثانية. وهو شاذ ملحوق بالإجماع ، بل ومسبوق به.

ويدلّ عليه مضافا إلى ذلك النصوص المستفيضة المشتملة على الصحاح وغيرها منها صحيحة الأحول : أخرج عن الخلاء فاستنجى بالماء فيقع ثوبى في ذلك الماء الّذي استنجيت؟ فقال : « لا بأس به » (١).

وصحيحة الهاشمي : عن رجل يقع ثوبه على الماء الّذي استنجى به ، أينجس ذلك ثوبه؟ قال : « لا » (٢).

صحيحة أخرى للأحول : قلت له : أستنجي ثمّ وقع ثوبي فيه وأنا جنب؟ فقال : « لا بأس به » (٣).

وفي رواية أخرى بعد بيان الحكم : « أو تدري لم صار لا بأس به؟ » قلت : لا والله جعلت فداك ، فقال : « لأنّ الماء أكثر من القذر » (٤).

__________________

(١) الكافي ٣ / ١٣ ، باب اختلاط ما ، المطر بالبول وما يرجع في الإناء من غسالة الجنب ح ٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٨٦ ، باب صفة الوضوء ح ٧٧.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٨٧ ، باب صفة الوضوء ح ٧٦.

(٤) علل الشرائع ١ / ٢٨٧ ، باب ٢٠٧ ، العلة التي من أجلها لا يجب غسل الثوب الذي يقع في الماء الذي يستنجي به ح ١.

٣١٣

وقد وقع الكلام في طهارته والعفو عنه مع نجاسته ، فظاهر الأكثر هو الأوّل. وحكي الشهرة عليه في كلام جماعة ، ونسب خلافه إلى الشذوذ في المجار (١). واستقرب الشهيد في الذكرى القول بالعفو ، وحكي عن ظاهر المنتهى.

وكلام المحقّق في المعتبر مضطرب في المقام. ومن الأصحاب من توهّم التدافع بين النجاسة والعفو فنزّل كلام القائل بالعفو على إرادة سلب الطهوريّة ، وحكى ذلك عن ظاهر الذكرى ، ولا دلالة في عبارته عليه.

ومن الغريب أن صاحب الحدائق مع جعله ثمرة البحث في جواز التناول والاستعمال ورفع الخبث أو الحدث أيضا نصّ على أنّ مقصود القائل بالعفو هو سلب الطهورية.

ومن الواضح عدم تفريع تحريم التناول عليه.

والذي يقوى في النظر عدم المنافاة بين النجاسة والعفو المذكور ؛ إذ من الظاهر أنّ الطهارة والنجاسة من الأحكام الوضعية (٢) الثابتة للأشياء مع قطع النظر من الأحكام الشرعيّة التابعة لها ، غاية الأمر أنّه مع عدم تفريع (٣) شي‌ء من الأحكام الشرعيّة عليها يكون تشريعها لغوا. وهاهنا ليس كذلك ؛ إذ غاية ما يقولون فيه بالعفو هو عدم وجوب إزالته ، أما سائر أحكام النجاسة من حرمة التناول والاستعمال فباقية بحالها ، فارتفاع تابع من توابع النجاسة لا يوجب ارتفاع أصل الحكم.

ثمّ إنّ المراد بالعفو إمّا سقوط وجوب الإزالة لما يشترط بها بالنسبة إليه وإلى ما يلاقيه ، وحينئذ فيسري النجاسة الثابتة له إلى غيره على نحو ما ثبت له أو أنّ المراد سقوط حكم التنجيس عنه فهو لا يجب إزالته ، ولا ينجس ما يلاقيه فلا يثبت (٤) في ملاقيه شي‌ء من أحكام النجاسة ، وكأنّ هذا هو الأظهر في مذهبهم.

__________________

(١) كذا في المخطوطات الثلاثة.

(٢) في ( ألف ) : « الوصف ».

(٣) لم ترد في ( ب ) : « تفريع شي‌ء .. هو عدم ».

(٤) ما بين الهلالين مأخوذة من ( د ).

٣١٤

وحينئذ فدفعه بصحيحة الأحوال المتقدمة ظاهر الاندفاع.

وبعد ملاحظة الأصل والأخبار لا يخفى قوّة هذا القول ؛ إذ ليس المستفاد منها سوى عدم وجوب إزالته وطهارة ملاقيه ، وهو أعم من الطهارة ، فالثابت قطعا من هذه الأخبار مفاد القول بالعفو دون الحكم بالطهارة.

وهذا هو مراد الشهيد وغيره من دعوى صراحة الأخبار في العفو دون الطهارة ، فلا يرد عليه أنّ غاية الأمر إجمال الرواية بالنسبة إلى إفادة الطهارة فكيف يدعى صراحتها في خلافها ، لكن بعد ملاحظة الشهرة و (١) فهم كثير من الأصحاب منها الطهارة بناء على دلالة نفي بعض لوازم الطهارة أو النجاسة على انتفاء ملزومه كما فهموا ذلك من حرمة الوضوء والشرب والمنع عنهما في أبواب المياه ، يكون القول بالطهارة أقوى.

مضافا إلى تأيّده بالأصل والعمومات الحاكمة بطهارة الماء. والتعليل المذكور في رواية العلل الظاهر في عدم انفعال الماء عن النجاسة بسبب الكثرة والإجماع المحكي عليه في ظاهر المنتهى ، وحينئذ فنثبت (٢) له سائر أحكام الطهارة من جواز الشرب مع عدم الخباثة والاستعمال في رفع الأحداث والأخباث إلّا أن الإجماع محكي على عدم جواز ارتفاع الحدث بالمستعمل في رفع الخبث كما عرفت.

فإن ثبت كان ذلك خارجا بالدليل.

هذا ، ( وقد ذكر ) (٣) للحكم بطهارة الماء المذكور شروطا (٤) كعدم تغيّره بالنجاسة وعدم تعدّيها به عن المحلّ المعتاد وعدم مصاحبة نجاسة أخرى مع الحدث الخارج ، بل وغيرها ممّا تنجّس (٥) بها .. إلى غير ذلك.

__________________

(١) زيادة واو العطف من ( د ).

(٢) في ( ب ) : « تثبت ».

(٣) ما بين الهلالين مأخوذة من ( د ).

(٤) في ( ألف ) : « مشروطا ».

(٥) في ( د ) : « يتنجّس ».

٣١٥

ولا تصريح في شي‌ء من روايات الباب لشي‌ء من ذلك إلّا أن اعتبار بعض الشرائط مستفاد من الأصل أو غيره.

ولتوضيح (١) القول في ذلك ترسم أمور :

أحدها : لو تغيّر بالنجاسة فلا شبهة في نجاسته لاطباقهم ظاهرا على نجاسة المتغيّر بالنجاسة كائنا ما كان ، ولأنّه لا يزيد على المياه المعتصمه.

وإطلاق الروايات منصرف إلى الغالب من عدم التغير (٢) فلا يشمل التغير ، وعلى فرض شموله فهي معارضة بإطلاق ما دلّ على نجاسة المتغيّر كالنبوي المشهور وغيره مع ترجيحه بعمل الأصحاب ، ووضوحه في العموم.

ثانيها : لا ريب في نجاسته مع تعدّي النجاسة عن المحلّ المعتاد لخروجه من اسم الاستنجاء ، فلا يشمله الروايات المذكورة.

ومن ذلك يظهر أنّه لو تعدّى من المخرج بحيث لم يمنع من صدقه كما إذا لم يكن خارجا عن النحو المعتاد كان طاهرا.

وعليه يحمل ما في الدروس من نفيه الفرق بين المتعدّي وغيره ؛ لوضوح الأمر مع الخروج عن اسم الاستنجاء.

ثمّ مع التعدية لو غسل المقدار المتعدي جرى في الباقي حكمه ، وكذا لو غسل ما في المخرج وأبقى الباقي على إشكال في المقامين مع اتّصال المتعدّي لنجاسة الماء الملاقي للنجاسة في الأوّل وملاقاة الماء للنجاسة المتعدّية في الثاني.

ثالثها : لو لاقى الماء نجاسة خارجية تنجّس قطعا لخروج ذلك عن مدلول الأخبار ، ومن ذلك ما لو كانت اليد نجسة قبل الاستنجاء سواء كانت بنجاسة خارجية أو من المخرج.

ومنه أيضا ما لو كان المخرج متنجّسا قبل ذلك ، وكذا لو صاحب الحدث الخارج نجاسة أخرى كالدم ، خلافا لبعضهم في ذلك حيث حكم بالطهارة لإطلاق الأخبار.

__________________

(١) في ( د ) : « ولنوضّح ».

(٢) في ( ب ) : « تغيره ».

٣١٦

وأنت خبير بأنّ الإطلاقات إنّما تنصرف إلى الغالب ، وأنّ غاية ما يستفاد منها طهارة ماء الاستنجاء ، وعدم تنجّسها من ملاقاة النجاسة المعروفة ، فبقي غيرها تحت الأصل.

ويؤيّده أنّه لو خرجت تلك النجاسة وحدها لم يجر فيه حكم الاستنجاء في ظاهر المذهب ، بل الظاهر أنّه ممّا [ لا ] يتأمّل فيه أحد ، فمع المصاحبة كذلك ؛ إذ لا يوجب النجاسة الأخرى تخفيفا في حكمها.

ومن الظاهر ترجيح الأشد مع اجتماع السببين.

ولو صاحبها شي‌ء آخر كالبلغم أو الودي أو المذي ففيه وجهان ؛ من الشك في شمول الاطلاق لمثله ، ومن أنّه لا يزيد على حكم النجاسة المتنجسة به.

وبعض الأصحاب حكم بالطهارة لدعوى شمول الاطلاق.

وهو محلّ نظر سيّما إذا كان أدخل من خارج فخرج كالدّواء.

هذا إذا لم يكن متنجّسا من خارج ، وإلّا كان بحكم النجاسة المصاحبة.

وفي إلحاق المني بالحدثين وجه قوي. وكأنّ في الصحيحة الأخيرة دلالة عليه ، فتأمّل.

ثمّ إنّ تنجّس اليد حال الاستنجاء لا ينجس الماء إلّا إذا رفعها بعد تنجّسها فأراد العود إليه من دون تطهيرها ففيه وجهان.

وإلحاقها بالنجاسة الخارجة قويّ مع الخروج عن النحو المعتاد ، ولو أزال النجاسة بغير اليد ففي إجراء الحكم إليه وجهان.

ويجريان فيما إذا استنجى له غيره ، والظاهر خروجه من مدلول الأخبار فإن صحّ تنقيح المناط كما هو الأظهر ، والأقوى (١) النجاسة.

هذا بالنسبة إلى مخرج الغائط ، وأما بالنسبة إلى مخرج البول فالظاهر التنجيس لعدم الحاجة فيه إلى معونة الآلة ، فيخرج عن مفاد الروايات.

ومع الحاجة إليه لعارض ففيه وجهان أوجههما الطهارة.

__________________

(١) كذا ، والظاهر : فالأقوى.

٣١٧

ولا فرق بين سبق الماء اليد في الوصول إلى النجاسة وعكسه ؛ لظاهر الاطلاق.

نعم ، لو سبقه اليد لا بقصد الاستنجاء كان كالنجاسة الخارجة ، ولو طهره حينئذ بحيث لم يتراح عند وصول الماء عن النحو المعتاد ففيه وجهان.

رابعها : لو استنجى على النجاسة الخارجة ينجس الماء بالوصول إليها ؛ إذ تلك كغيرها من النجاسات الخارجة. وإطلاق الروايات غير واضح الشمول لذلك ، وإنما المستفاد منها عدم التنجّس بسبب ملاقاة النجاسة عند المخرج.

ودعوى غلبة حصول الاستنجاء على النجاسة غير معلوم في تلك الأوقات.

على أنّ المفروض في الصحيحة الأولى مغايرة محل الاستنجاء ومكان الخلوة ، وفيه إيماء إلى أنّه المعروف في تلك الأزمنة.

وهل يعتبر اضمحلال النجاسة المزالة في الماء أو يجري الحكم مع بقاء أجزاء منه في الماء؟ وجهان.

وقد يفصّل بين ما إذا كانت الأجزاء ظاهرة متميّزة في الحسّ وما إذا كانت صغارا لا يتميّز إلّا بعد الفحص التامّ فيحكم بالطهارة لعدم خلوّ الماء عنه ؛ إذ استهلاك أجزاء الغائط في الماء بحيث لا يبقى أجزاء الصغار أيضا نادر جدّا فكيف يحمل عليه الإطلاقات المذكورة.

ثمّ إنّه لو شكّ في وجود أجزاء متميّزة في الماء فظاهر إطلاق الروايات البناء على الطهارة للحكم فيها بعدم البأس من تكليف بالفحص. وقد يفصّل بين ما إذا شكّ في وجود أجزاء متميّزة من أوّل الأمر وبين العلم بوجوده والشكّ في الاضمحلال كذلك ؛ لأصالة البقاء في الثاني.

وكأنّ الأولى أقوى.

ومنه يظهر الوجه في الإطلاقات مع البناء على النجاسة بمجرّد وجود الأجزاء الصغار.

خامسها : هل يختصّ الحكم بما إذا كان الاستنجاء عن طلب منه وقصد أو يعمّ صورة

٣١٨

انتفاء القصد؟ وأيضا كما إذا صبّ (١) الماء عليه من دون قصد أو وقع عليه الماء فطهره؟ وجهان.

وظاهر اللفظ بحسب اللغة يعطي الأوّل إلّا أنّ التعميم لا يخلو من قرب. وعلى الثاني فهل يعتبر فيه قصد التطهير؟ وجهان.

سادسها : هل يختص الحكم بالمخرج الخلقي المعتاد أو يجري في العارضي أيضا أو يفصل بين اعتياده وعدمه أو بين سدّ الخلقي وعدمه أو بين اجتماع الصفتين وعدمه؟ وجوه.

وهي جارية في الخلقي إذا لم يكن في الموضع المعتاد. وقضية الأصل فيها أجمع الحكم بالنجاسة.

وفي جريان الحكم في الخلقي إذا كان معدّا له وجه قويّ سيّما مع الانحصار فيه.

ومنه يتبيّن جريان الحكم في كلّ من فرج الخنثى المشكل ، بل وغيره أيضا إذا كان كلّ منهما معدّا لذلك وجه (٢) لو اختصّ أحدهما به واتفق خروجه من الآخر ففيه أيضا وجهان.

ويقوى فيه النجاسة إلّا مع الاعتياد ، ففيه إشكال.

ولو لم يخرج من شي‌ء من فرجيه الخلقيين في المشكل واتّفق خروجه من أحدهما ففي إجراء حكم المذكور له وجهان ؛ من أصالة الانفعال في القليل مع اشتباه الحال ، ومن أصالة الطهارة كأنّه (٣) أقوى.

فإن خرج منهما كان غسالة كا منهما بمنزلة المشتبه.

ويجري الوجوه المذكورة في البول الخارج من الدبر أو الخارج من مخرج الحيض في المرأة مع الإفضاء بها أو عدمه ، والحكم بطهارة غسالة المجبوب وجه قويّ.

سابعها : الظاهر ثبوت الحكم المذكور للماء سواء كان بعد الانفصال او قبله ، بعد طهر المحل أو قبله ، لكن لو قصر الماء عن إزالة العين فأزال به بعضه ففي الحكم بطهره مع نجاسة المحل إشكال سيّما إذا استنجى كذلك عالما بالحال ، ولو أكمله كذلك من دون تراخ يعتدّ به قوي

__________________

(١) في ( ألف ) : « أصيب ».

(٢) زيادة في ( ب ) : « قويّ ».

(٣) في ( ب ) : « وكما أنّه ».

٣١٩

الطهارة.

ثامنها : اعتبر بعض الأصحاب في طهارته عدم زيادة وزن النجاسة على وزن الماء ، وكأنّه للعلّة المذكورة في الرواية المتقدمة.

وأنت خبير بأن الغالب حصول التغيير بل الإضافة (١) مع المساواة ، ولو فرض انتفاؤهما قوي الطهارة ، لضعف الرواية وخروجها مخرج الغالب.

تاسعها : يثبت الحكم المذكور بالنسبة إلى كلّ من مخرج البول والغائط على ظاهر المذهب ، وإن كان الظاهر من جماعة من أهل اللغة تخصيص الاستنجاء بالثاني (٢).

قال في القاموس (٣) : النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.

لكن ورد في الأخبار في كلام الإمام عليه‌السلام والشامل إطلاق الاستنجاء على تطهير مخرج البول فلا يبعد شمول الاخبار للأمرين.

وقد يدّعى الشمول بحسب اللغة على أنّ الغالب الاستنجاء من الأمرين في محلّ واحد فعدم التفصيل في الأخبار شاهد على التعميم.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « الإضافة ».

(٢) في ( ب ) : « بالماء » ، بدل : « بالثاني ».

(٣) القاموس الفقهي : ٢٤٩ ( نجا ).

٣٢٠