تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

ومع البناء على الثاني فهل يتوقف طهرها على نزح جميع الماء أو يكتفى بنزح ما يزيل التغيير على بقائه؟ قولان.

والأوّل مختار العلّامة رحمه‌الله (١) في التذكرة ، وولده في الايضاح (٢).

وقوّاه في القواعد (٣) على إشكال.

والثاني مختار جماعة. واستقر به بعض أفاضل المتأخرين.

والوجه في الأول استصحاب النجاسة ، فلا يحكم بزوالها بعد انتفاء علامة الطهارة إلّا بنزح الجميع ؛ إذ هو القدر المتيقّن.

وفي الثاني طريق الأولويّة ، فإنّه إذا كان ذلك كافيا مع بقاء التغيير فمع زواله أولى.

وهذا هو الأظهر تفريعا على الوجه المذكور.

نعم ، لو لم يحصل العلم به إلّا مع نزح الجميع فلا كلام في لزومه على كلّ من القولين المذكورين (٤) للعلّامة في القواعد والنهاية (٥) ، فقال ببقاء النجاسة مع زوال التغيير من نفسه من دون النزح أو ملاقاة المطهّر.

ولذلك أوجب حينئذ نزح الجميع.

ولو قلنا بتنجّسها بالملاقاة طهرت بالنزح المقدّر إجماعا ، وبمطهر غيرها من الاتصال بالجاري أو الغيث أو الكر أو ممازجتها بناء على اعتبارها.

وبه نصّ في البيان والروضة وجماعة من متأخري المتأخرين ، ويعطيه كلام العلّامة رحمه‌الله في جملة من كتبه ؛ لإطلاق ما دلّ على طهوريّة (٦) الماء ، ولأنّه بعد الامتزاج لا بدّ من القول بطهارة الجميع أو نجاسته ، والثانية باطل لما مرّ ، فتعين الأوّل.

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٧٠ ؛ تذكرة الفقهاء ١ / ٣٠.

(٢) إيضاح الفوائد ١ / ٢١.

(٣) قواعد الأحكام ١ / ١٨٩.

(٤) زيادة في ( د ) : « خلافا ».

(٥) نهاية الإحكام ١ /. ٢٦١

(٦) في ( ج ) : « طهور ».

٢٢١

ويسري الحكم إذن إلى مجرد الاتصال لعدم القول بالفصل بعد الاكتفاء به في التطهير.

ولا ينافيه ظاهر إطلاق الروايات وكلام الأصحاب من ذكر النزح بالخصوص ؛ لابتنائه على ما هو الغالب من عدم التمكّن من غيره أو صعوبته ، فلا دلالة فيها على عدم الاكتفاء به بعد حصوله.

مضافا إلى عدم وضوح دلالتها على الحصر.

ويضعف بما (١) ذكرنا ما في المعتبر من عدم الاكتفاء بجريان الماء المتصل بالجاري إليها معلّلا بتعلّق الحكم بالنزح ولم يحصل.

وفصّل الشهيد في الذكرى والدروس (٢) بين وصول الجاري أو الكثير إليها بالتسنيم وغيره ، فحكم في الثاني بالتطهير دون الأوّل لعدم الاتحاد في المسمّى.

ونصّ المحقّق الكركي على طهرها باتصالها بالجاري على وجه لا تسنّمها من علوّ ، وعلّله باتحادها به قال (٣) : أمّا إذا تسنمها من علوّ فيشكل (٤) لأنّ الحكم بالطهارة دائر مع النزح ، وكذا القول في ماء المطر والكثير إذا ألقى فيها دفعة.

ويظهر منه أنّه يريد بتعليله بالاتحاد خروج البئر عن اسمه في الأوّل فيسقط النزح بخلاف الثاني.

ويحتمل عبارة الشهيد رحمه‌الله. وفيه ـ بعد عدم اتضاح الفرق بين الوجهين في ذلك ـ أنّه يرجع إلى ما ذكره المحقّق رحمه‌الله ؛ إذ الظاهر اكتفاؤه بذلك بعد خروجها عن اسم البئر.

وإن اريد بذلك بقاء الممايزة بين المائين وعدم حصول الوحدة المعتبرة في التطهير ففيه ما عرفت سابقا. ومع الغض عنه فلا شبهة في اتحاد الممازج معه وهو معتصم بما فوقه اعتصام الواقف بالجاري أو الكر إذا كان ما فوقه كرا ، وهو كاف في المقام ومع زوال التغيير من نفسه أو

__________________

(١) في ( ب ) : « ممّا ».

(٢) الذكرى : ١٠ ؛ الدروس ١ / ١٢٠ و ١٢١.

(٣) جامع المقاصد ١ / ١٤٨.

(٤) زيادة في ( د ) : « ذلك ».

٢٢٢

بتصفيق الرياح ونحوه فلا مجال للقول بطهرها ، وإن قيل باكتفاء زوال التغيير في طهر الكر.

وحينئذ فهل يعتبر في تطهيره نزح (١) الكل أو يكتفى بنزح ما يزيل التغيير على فرض بقائه؟ فيه الخلاف (٢) المتقدم والأظهر فيه الوجه الثاني حسبما مرّ.

ولو جرى البئر بعد تنجّسه فإن كان من نفسه وعلى سبيل الندرة احتمل طهر الجميع حينئذ (٣) بخروجه عن اسم البئر في وجه قويّ ، وإن كان بإجرائه على الأرض فالظاهر خروجه عن اسمه فيطهر به لما دلّ على طهوريّة الجاري.

ويحتمل فيه كالأوّل بقاء النجاسة إلى حصول النزح أو طهارة ما بقي بعد جريان قدر المنزوح.

ولا يخفى ضعفه في غير الأوّل.

واحتمل الوجوه الثلاثة في الذكرى من غير ترجيح ، وقطع في الدروس ببقاء النجاسة.

ولا يخفى ضعفه.

ولو أجريت باستعانة بعض الآلات ففي بقاء حكمها بعد الجريان وجهان. وينبغي القطع بطهارة الباقي بعد خروج المقدار الّذي يجب نزحه.

__________________

(١) في ( ب ) : « بنزح ».

(٢) في ( ب ) : « بخلاف ».

(٣) في ( د ) : « بعد خروجه » بدل « بخروجه ».

٢٢٣

تبصرة

[ في مقدار نزح ماء البئر ]

يطهر البئر بناء على انفعاله بالملاقاة بنزح مائه أجمع لوقوع الخمر وغيرها من المسكرات المائعة بالأصل والفقاع والمني وكلّ من الدماء الثلاثة وموت البعير على المعروف بين الأصحاب.

وقد حكى الإجماع على الجميع في السرائر والغنية ، وأسند في نهاية الإحكام وجوب نزح (١) الجميع لما ذكر على القائلين بقبوله الانفعال مؤذنا باتفاقهم عليه (٢).

ويدلّ على ثبوت الحكم في الخمر بعد الأصل والإجماع المنقول الصحاح المستفيضة كصحيحة الحلبي : « إن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح (٣) الماء كله (٤) ».

وصحيحة ابن سنان : « إن مات فيها ثور أو صبّ فيها خمر نزح الماء كلّه (٥) ».

وصحيحة ابن عمّار : في البئر يبول فيها الصبيّ أو يصب فيها بول أو خمر؟ « ينزح الماء كله » (٦).

__________________

(١) في ( ب ) : « نزح وجوب ».

(٢) زيادة في ( د ) : « وعدا العمامة المذكورة في السرائر النجاسات المنصوص عنده فربّما يظهر منه ورود النصّ في الجميع لكن النصّ عليه غير موجود عندنا في كثير منها ».

(٣) زيادة في ( د ) : « وفي الاستبصار فلينزح ».

(٤) الكافي ٣ / ٦ ، ح ٧ ؛ الإستبصار ١ / ٣٤ ، ح (٩٢) ٢ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٠ ، ح ٢٥ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٨٠ ، ح ٦.

(٥) الإستبصار ١ / ٣٥ ، ح (٩٣) ٣ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤١ ، ح ٢٦ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٧٩ ، ح ١.

(٦) الإستبصار ١ / ٣٥ ، ح (٩٤) ٤ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤١ ، ح ٢٧ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٨٠ ، ح ٤.

٢٢٤

واشتمال هذه على نزح الجميع في البول مع اطراحها في ذلك عند موجبي النزح لا (١) يخرجها من (٢) الحجيّة بالنسبة إلى غيره.

ثمّ إنّ ظاهر هذه الأخبار يشمل القليل من الخمر وكثيرها إلّا ما سقط فيها على سبيل التقاطر.

والظاهر أنّ الحكم في غيره ممّا لا خلاف فيه.

وأمّا في القطرة فهو المشهور أيضا.

وفي المقنع (٣) : أنّه ينزح لوقوعها عشرون دلوا.

وظاهر المعتبر (٤) الميل إليه ، وكأنّه لرواية زرارة : بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر؟ قال : « الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كلّه واحد ينزح منه عشرون دلوا » (٥).

مع عدم دلالة الأخبار الأول على حال القطرة لورودها بلفظ « الصبّ » الظاهر في خلافها.

ويضعفه ضعف الرواية ، فلا تقاوم الأصل مع اعتضاده بالشهرة والإجماع بل قد يدّعى شمول الصبّ له أيضا خصوصا إذا لم يكن وقوعها على نحو التقاطر ؛ مضافا إلى أنّ ظاهر الرواية عدم الفرق بين القطرة من الخمر وما فوقها ما لم يغيّر الماء ، ولا يقول به.

وفي خبر كردويه عن البئر : يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر؟ قال : « ينزح منها ثلاثون دلوا » (٦).

وهو مطرح بين القائلين بوجوب النزح. وقد يستأنس به لمذهب الصدوق رحمه‌الله من جهة

__________________

(١) في ( ب ) : « إذ ».

(٢) في ( ب ) : « عن ».

(٣) المقنع : ٣٤.

(٤) المعتبر ١ / ٥٨.

(٥) الإستبصار ١ / ٣٥ ، ح (٩٦) ٦ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤١ ، ح ٢٨.

(٦) الإستبصار ١ / ٣٥ ، ح (٩٥) ٥ ، و ١ / ٤٥ ، ح (١٢٥) ٣ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٢ ، ح ٢٩ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٧٩ ، ح ٢ ، و ١ / ١٩٤ ، ح ٥.

٢٢٥

اشتماله على عدم وجوب (١) نزح الجميع (٢) للقطرة.

ويظهر من (٣) شرح الجعفريّة وجود القول بنزح العشرين للخمر مطلقا ، وكذا القول بنزح الثلاثين لها أيضا. ولم نجد شيئا من القولين في كلام غيره بل لم نجد القول بنزح الثلاثين لها أصلا ولو في القطرة ، وإنّما وردت به الرواية المذكورة.

ثمّ إنّ المذكور في الروايات المذكورة خصوص الخمر ، فإن قلنا بشمولها لغير المتّخذ من العنب كما يعطيه كلام بعض أهل اللغة ويستفاد من جملة من الأخبار دلّت على حكم سائر المسكرات ، وإلّا فالوجه فيها ـ مضافا الى الأصل والإجماع المعتضدين بالشهرة ـ ما يستفاد من جملة من الأخبار أنها بمنزلة الخمر كقوله عليه‌السلام : « ما فعل فعل الخمر فهو حمر » (٤) ، وقوله عليه‌السلام : « ما أسكر كثيره فالجرعة منه حرام » (٥) (٦).

إلى غير ذلك ، ويجري نحو ذلك في الفقاع أيضا.

مضافا إلى الإجماعات المستفيضة الدالة على أنها بمنزلة الخمر في الأحكام.

وأما المني فلم نقف فيه على نصّ فالمستند فيه الأصل ، والاجماعان المذكوران ، مع تأيّده بالشهرة المعلومة والمنقولة في كلام جماعة كالشهيدين والمحقق الكركي وجماعة من القدماء والمتأخرين كأبي علي والفاضلين والآبي وصاحبي المدارك والذخيرة وغيرهم ، صرّحوا بعدم عثورهم فيه على النص ، ولذا ألحقه في ظاهر المعتبر بما (٧) لا نصّ فيه ، وتبعه في ذلك جماعة ممّن تأخر عنه ، وهو ظاهر اللمعة حيث ترك ذكره في المقام.

ثمّ إن ظاهر الإجماع المحكي وكلمات الأصحاب عموم الحكم لمني الإنسان وغيره من

__________________

(١) لم ترد في ( د ) : « وجوب ».

(٢) لم ترد في ( ب ) : « الجميع للقطرة .. القول بنزح ».

(٣) لم ترد في ( ج ) : « ويظهر من .. المذكورة ».

(٤) الكافي ٦ / ٤١٢ ؛ وسائل الشيعة ٢٥ / ٣٤٣ ، ح ٢.

(٥) في ( د ) : « خمر ».

(٦) وسائل الشيعة ٢٥ / ٣٤٠ ، ح ١٠ ؛ من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٥٤ ؛ بحار الأنوار ٧٤ / ٤٧ ، ح ٣.

(٧) في ( ب ) : « ممّا ».

٢٢٦

ذوات الأنفس السائلة ، فما نسب (١) إلى بعض الأصحاب من التفصيل في ذلك وإلحاق الثاني ممّا لا نصّ فيه لا وجه له بعد اشتراكها في عدم النصّ وشمول الإجماع لها إن ثبت.

وأما الدماء الثلاثة فقد نصّ على نزح الجميع لها الشيخ رحمه‌الله والديلمي والحلبي والقاضي وابن زهرة والطوسي والحلي والعجلي والعلّامة رحمه‌الله في جملة من كتبه والشهيد وابن فهد والمحقق الكركي.

وأسنده في جامع المقاصد إلى الأصحاب ، ولم نقف فيها أيضا على نصّ.

واعترف جماعة من الأصحاب بعدم العثور فيها على النصّ.

وفي الروض : ذكره الشيخ رحمه‌الله وتبعه الأصحاب معترفين بعدم النصّ.

فالدليل عليه الأصل (٢) والإجماع المنقول المعتضد بفتوى الجماعة والشهرة المنقولة عليه في الشرائع والروضة.

وربّما (٣) يعلّل بغلظ (٤) حكمها بالنسبة إلى غيرها من الدماء.

وهو كما ترى.

واقتصر الشيخ في النهاية على ذكر الحيض. ولم يفرّق الصدوقان والمفيد والسيد رحمهم‌الله بين هذه الدماء وغيرها ، بل أطلقوا القول في بيان ما ينزح للدم إلا أنّ بينهم اختلافا في التقدير كما يأتي.

وظاهر ذلك إلحاقها بسائر الدماء كما هو نصّ المحقق (٥).

والتحقيق أنه لا إطلاق فيما ورد في الدم بحيث يشملها سوى ما ورد في القطرات ، وهو لا يفيد حكم غيرها فلم (٦) ، يشملها إطلاق رواية زرارة المتقدمة ، لكنّها ضعيفة.

__________________

(١) في ( د ) : « نسبه في الروض » بدل « نسب ».

(٢) لم ترد في ( ج ) : « الأصل و ».

(٣) لم ترد في ( ج ) : « وربّما .. كما ترى ».

(٤) في ( ألف ) و ( ب ) : « بغلط ».

(٥) خ. ل : المعتبر. كما في نسخة ( ألف ) و ( ب ) ، وفي ( ج ) وفي ( د ) : « المعتبر » بدل « المحقق ».

(٦) في ( ب ) : « نعم » ، بدلا من : « فلم ».

٢٢٧

فإلحاق (١) غيرها بما لا نصّ فيه بعد الغضّ عن الإجماع أولى.

وأما نزحها لموت البعير فيدلّ عليه بعد الأصل (٢) والإجماعين المنقولين والمحكي عن كشف الأساس (٣) صحيحة الحلبي المتقدمة.

ولا يقاومها رواية عمرو بن سعيد بن هلال الحاكمة بنزح الكر للجمل ؛ لضعفها ـ مع تأيّد الصحيحة (٤) بالشهرة المقطوعة واعتضادها بالأصل والحائطة.

والذي نصّ عليه جماعة منهم في المقام وفي الوصايا تعميمه للذكر والأنثى من الإبل (٥).

ونصّ عليه جماعة من أهل اللغة بل حكي اتفاق أئمة اللغة عليه إلّا أنّه قد يقال باشتهاره عرفا في الذكر ، ولذا صرّح الغزالي بعدم دخول الناقة فيه.

وقال الأزهري (٦) : إنّ شموله للنوعين في كلام العرب ولا يعرفه إلّا خواص أهل العلم باللغة.

وقال أيضا في توجيه قول الشافعي حيث حكم بانصراف البعير في الوصيّة إلى الجمل : إنّ شموله للناقة من محتملات اللغة الّتي لا يعرفها إلّا الخواص ، والوصيّة مبنية على عرف الناس.

وكأنّه لذا فسّره في القاموس (٧) بالجمل ، ثمّ قال : وقد يطلق على الناقة.

ومن ذلك ينقدح الاشكال في المسألة إلّا أنّ الأظهر وفاقا لجماعة من علمائنا من غير

__________________

(١) في ( ب ) : « فالخلاف ».

(٢) لم ترد في ( ج ) : « الأصل و ».

(٣) في ( د ) : « الالتباس » ، وهو الظاهر.

(٤) هكذا استظهرنا وقد يقرأ في ( ج ) ، وفي ( ألف ) و ( ب ) : « مع تأييده بصحيحة » ، وفي ( د ) : « مع تأيده بالصحيحة ».

(٥) زيادة في ( د ) : « وقد يستفاد من السرائر دعوى الاتّفاق عليه في المقام ».

(٦) كشف اللثام ١ / ٣٢١ ، نقلا عن المصباح المنير ١ / ٧٤ ( مادة يعى ).

(٧) القاموس المحيط ١ / ٣٧٤ ( بعر ).

٢٢٨

خلاف يعرف منهم (١) هو التعميم ؛ لعدم وضوح غلبة توجب صرف اللفظ عن أصله.

ولذا حكى الغزالي عن طوائف من أصحابه القول بشموله في الوصيّة للناقة ، ولو سلّم الغلبة فحصولها في زمن صدور الرواية غير معلوم ، فيبنى على المعنى الأصلي حتّى يتبيّن المخرج.

وحكى الغزالي أيضا عن أئمّة اللسان أن البعير (٢) كالإنسان من الآدمي ، وظاهر ذلك شموله للكبير والصغير.

وقد يظهر ذلك من فقه اللغة للثعالبي كما حكي ، ولذا حكم جماعة من أصحابنا كالطوسي والفاضلين والشهيدين رحمهم‌الله بالتعميم إلّا أنّ (٣) المصرّح به في كلام (٤) جماعة (٥) من أئمّة اللغة اختصاصه (٦).

وفي القاموس (٧) : إنّه يقال للجمل البازل والجذع (٨).

وعن العين (٩) : أنه البازل.

فبملاحظة ذلك مع عدم وضوح تعميمه للصغير في العرف يتقوى اختصاصه بالكبير. ولعله بالجد (١٠) وما فوقه لنقل اولئك الأجلّة ، فيكون ما دونه داخلا في غير المنصوص.

هذا ، وقد ذكر وجوب نزح الجميع لأمور أخر غير ما ذكرنا :

__________________

(١) في ( د ) : « بينهم ».

(٢) في ( ب ) و ( ج ) و ( د ) زيادة : « من الابل ».

(٣) في ( ب ) : « أنّه ».

(٤) في ( ج ) زيادة : « ذكره في الصحاح والمحيط ومهذّب اللغة منه ».

(٥) زيادة في ( د ) : « ذكره في الصحاح والمحيط ومهذّب اللغة ( منه ).

(٦) زيادة في ( د ) : « بما .. ».

(٧) القاموس المحيط ١ / ٣٧٤ ( بعر ).

(٨) في النسخ : « الحمل » ، وما أدرجناه من القاموس ، وانظر الصحاح ٢ / ٥٩٣ ( بعر ).

(٩) كتاب العين ٢ / ١٣٢ ( بعر ).

(١٠) هذا هو الذي استظهرناه ، والنسخ مختلفة متشتتة! ففي ( د ) : « الحدء » ، وفي ( ب ) : « بالجدء » ، وفي ج : « بالحد » ، وفي ( ألف ) : « بالجدع ».

٢٢٩

منها : الثور ، وبه قال الصدوق رحمه‌الله والفاضلان والشهيدان (١) وأكثر المتأخرين.

وعزاه جماعة إلى الأكثر ، وهو الأقوى ؛ لصحيحة ابن سنان الماضية.

وظاهر جملة من كتب الأصحاب كالمقنعة والمبسوط والمراسم والمهذّب والكافي والغنية والوسيلة والاصباح والسرائر نزح الكر له. وفي ظاهر الغنية (٢) الإجماع عليه.

وعزاه في كشف اللثام إلى ظاهر الباقين بعد نقل قول الصدوق رحمه‌الله. وكأنه لما يعطيه ظاهر رواية عمرو بن سعيد الآتية من ثبوت الحكم لما يشبه الحمار في المقدار.

وفيه ـ بعد ضعف الرواية سندا ودلالة وعدم انجبارها بالشهرة في المقام ـ أنّها لا تقاوم الصحيحة المذكورة مع اعتضادها بالأصل والاحتياط.

ومنها : البقرة ، و (٣) قد ألحقها بالثور في المدارك وغيره لزيادة نحو الثور في الصحيحة المتقدمة في التهذيب ، وهو يشمل البقرة قطعا ، والمشهور فيه نزح الكر.

واستوجه (٤) المحقق إلحاقها بما لا نصّ فيه.

ومنها : ما كان مثل البعير في الجسم أو كان أكبر منه كالفيل. ذهب إليه في المهذّب ، وكأنه لتنقيح المناط.

ويضعّفه أنّه لا منقح له في المقام.

ومنها : العصير العنبي إذا غلا واشتدّ ، فقد ذكر في الذكرى (٥) : أنّ الأولى دخوله بعد الاشتداد في حكم الخمر لشبهه به إن قلنا بنجاسته.

وقد قطع جماعة من المتأخرين بعدم إلحاقه بها ؛ قال في المعالم : إنه قياس لا نقول به.

وفي المدارك : أنه لا يلحق به العصير العنبي قطعا.

__________________

(١) لم يرد في ( د ) : « والشهيدان ».

(٢) زيادة في ( د ) : « حيث حكى الإجماع على وجوب نزح الكرّ للخيل وما أشبهها في الجسم ( منه ) ».

(٣) لم ترد في ( ب ) : « وقد ألحقها .. يشمل البقرة ».

(٤) في ( ب ) : « استوجبه ».

(٥) الذكرى : ١١.

٢٣٠

قلت : وليس المنع من إلحاقه بها تلك المثابة من الظهور لما يظهر من الأخبار من كونه بمنزلة الخمر ، فيكون عموم المنزلة قاضيا بثبوت أحكام الخمر له ، ومن جملتها الحكم المذكور إلا أن اندراج ذلك الحكم فيما ذكر محلّ (١) تأمّل ؛ إذ لا يستفاد من ذلك إلّا المشاركة في الأحكام الظاهرة واندراج ذلك فيها غير ظاهر ، فالظاهر عدم فهم المشاركة في الحكم المذكور وإن احتمله على بعد.

ومنها : عرق الإبل الجلّالة والجنب من الحرام. وقد حكم بإلحاق الأوّل في المهذب وحكى إلحاق الثاني عن البعض.

ولم نعرف المستند في الأمرين إلّا أنّه ذكر في الوسيلة : أنّه روى بعض الأصحاب فيها (٢) ذلك.

ومنها : بول وروث ما لا يؤكل لحمه. فقد أوجب الحلبي فيها (٣) نزح الجميع عدا بول الرجل والصبي.

وكأنّ مستنده في البول إطلاق صحيحة ابن عمّار الماضية بعد تخصيصها بغير بول الرجل وترك العمل بها في بول الصبيّ من جهة النصّ والعمل.

وفيه اختصاص الرواية بصورة الصب فلا يشمل وقوعه على نحو التقاطر ، مضافا إلى احتمال انصراف البول فيها إلى بول الإنسان. وأمّا الروث فلا يعرف مستنده فيه إلّا أن يدّعى اشتراكه للبول في الحكم أو يقول به من جهة عدم النص ، فلا يتّجه إذن ذكره بالخصوص.

ومنها : خروج الكلب والخنزير حيّين. وحكي القول به عن البصروي ، وكأنه يقول به أيضا مع الموت للأولويّة.

فالوجه فيه إذن إطلاق موثقة عمّار عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال : « ينزح

__________________

(١) في ( ألف ) : « فعل » ، بدلا من : « محل ».

(٢) في ( د ) : « فيهما ».

(٣) في ( د ) : « فيهما ».

٢٣١

كلها » (١).

واشتمالها على الفأرة مع ترك العمل بها في خصوصها لا يوجب ترك الرواية.

ويضعّفه ما حكاه في المنتهى من الإجماع على عدم وجوب نزح الجميع بذلك (٢) قال (٣) : « إنّ أحدا من أصحابنا لم يوجب نزح الجميع بموت الكلب والفأرة والخنزير ».

على انّ الرواية معارضة بما هو أصحّ منها خصوصا في الكلب لورود أخبار كثيرة فيه بخلاف ذلك.

وكأنّه لذلك ذهب بعضهم فيما حكاه البعض (٤) إلى وجوب نزح الجميع لموت الخنزير عملا بالموثقة في خصوصه مع حملها على صورة الموت ، ويحتمل أن يكون حكمه به من جهة إدخاله في نحو الثور المذكور في الصحيحة المتقدّمة.

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٣٨ ، ح (١٠٤) ٨ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٢ ، ح ٣٠ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٨٥ ، ح ٨.

(٢) في ( ألف ) و ( ج ) : « فبذلك ».

(٣) منتهى المطلب ١ / ٧٣.

(٤) زيادة في ( د ) : « في الذخيرة ( منه ) ».

٢٣٢

تبصرة

[ في تراوح الرجال ونزح ماء البئر ]

إذا تعذر نزح الجميع تراوح عليها أربعة رجال يوما إلى الليل بلا خلاف فيه يعرف.

وفي الغنية الإجماع عليه.

وفي المنتهى (١) : لا أعرف فيه مخالفا من القائلين بالتّنجيس.

لموثقة عمّار : « فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل ثمّ يقام عليه قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزحون (٢) يوما إلى الليل وقد طهرت ».

والطعن في الرواية ـ بوقوع جماعة من الفطحيّة في إسنادها واشتمالها على ما هو متروك بين الأصحاب ، بل ورد التراوح في خصوصها ، فلا يعمّ بل لا يفيد شيئا من المدّعى فلا يثبت منها الحكم فيما بنوا فيها على وجوب التراوح وباقتضائها وجوب النزح في يومين ولا يقولون به ـ مدفوع بما حقّق في محلّه من حجّية الموثّقات ، ولو سلّم فهي منجبرة بالشهرة العظيمة القريبة عن (٣) الإجماع ، بل الإجماع في الحقيقة.

وفي كشف اللثام (٤) بعد نقل الخبر ورواية الفقيه (٥) : والخبران وإن ضعّفا لكن لا نعرف من الأصحاب خلافا في العمل بها.

وبأنّ متروكيّتها في البعض لا يفيد تركها في الباقي كما حقّق في محلّه وأنّ المستفاد منها

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٧٣.

(٢) في ( د ) : « فينزفون ».

(٣) في ( د ) : « من ».

(٤) كشف اللثام ١ / ٣٢٤.

(٥) في ( د ) : « الفقه ».

٢٣٣

تفريع وجوب التراوح على وجوب نزح الجميع ، فيثبت فيما يثبت ذلك فيه (١).

وقد يستشكل فيه بأنّه مع طرح الرواية في موردها لا يتجه العمل بها في غيرها وإن لفظة ( ثمّ ) في المقام للترتيب الذكري ، وهو وإن كان خلاف الظاهر إلّا أنّه بعد فهم الأصحاب منها الحكم المذكور لا مندوحة في حملها عليه.

وقد حكي اتفاقهم على فهمه منها بعض الأجلّاء (٢) أو أنّها من زيادة النسّاخ أو من كلام الراوي يعني ( ثمّ قال عليه‌السلام ).

ويؤيّد ذلك سقوطها في بعض نسخ الحديث ، ونقلها المحقّق في المعتبر خاليا عنها.

ويؤيّد الحكم المذكور أيضا ما في رواية الفقيه (٣) وإن كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكترى عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغداة إلى الليل ومع بناء الحكم على الاستحباب كما هو الأقوى فلا شبهة في الاقتفاء بما عرفت من الوجوه.

ثمّ إنّه يلحق بالتعذر إمكانه مع المشقّة الشديدة ، ولذا وقع في كلام جماعة (٤) كالمقنعة والتهذيب منه (٥) فهم اعتبار الصعوبة بل لا يبعد شمول التعذّر لمثله ، فتتوافق العبارات فلو أمكن نزح جميعه يوما وليلة أو يومين ونحوهما وجب على الأقوى ولو لم يظهر من الأمارات ما يدلّ على نشفه بما يزيد على التراوح قوي الاكتفاء به ، ويحتمل لزوم استعلام الحال.

ولو كان الماء (٦) غالبا في بعض الأحيان جرى فيه الحكم في ذلك الوقت ولا يجب مراعاة وقت النقص ليمكن النزف على إشكال فيه مع قرب ذلك الوقت وعدم حصوله سعة (٧) في

__________________

(١) زيادة في ( د ) : « ذلك ».

(٢) في هامش ( د ) : « السيد نعمة الله في شرح التهذيب ـ منه ».

(٣) في ( د ) : « الفقه ».

(٤) زيادة في ( د ) : « منهم ».

(٥) لم يرد في ( د ) : « منه ».

(٦) لم ترد في ( ج ) : « ولو كان الماء ... التأخير اليه ».

(٧) في ( د ) : « حصول مشقّة » بدل « حصوله سعة ».

٢٣٤

التأخير إليه. ولو أمكن نزح الجميع بسدّ (١) المنبع (٢) لم يجب ، فالمقصود إمكان نزحه مع بقائه على حاله.

ولو أمكن نزح الجميع لا على النحو المعتاد ففيه وجهان.

ولو أمكن نشفه بغير (٣) نزحه كما إذا أمكن إجراؤه ببعض الآلات حتى ينشف أو إجراؤه إلى موضع آخر أسفل منها حتّى ينفذ ماؤها فالظاهر عدم لزومه.

و (٤) لا يعتبر فيه وقوع التراوح بنيّة التطهير كما هو الشأن في غيره من المطهّرات ، فلو اتّفق حصول التراوح لأمر آخر ثمّ ثبتت (٥) الحاجة إليه لأجل التطهير كفى ، ولا حاجة إلى إعادته.

ثمّ إن الظاهر من التراوح المذكور في الرواية وكلام الأصحاب أن يمتح اثنان ويستريح الآخران إلى أن يتعبا فيقومان مقامهما وهكذا.

وفي الروض (٦) والروضة : وليكن أحدهما فوق البئر يمتح بالدلو والآخر فيها يملأها.

وهو خلاف ظاهر الرواية وما يعطيه ظواهر إطلاقاتهم وصريح بعضهم (٧) مع أنّه لا فائدة في إملاء الآخر مع كثرة الماء.

نعم ، قد يحتاج إليه من جهة قلّة الماء ، والغالب في المقام خلافه.

وفي كشف اللثام (٨) : لا دلالة للنصّ على شي‌ء منها والأحوط اختيار ما ينزح به أكثر من الطريقين. انتهى.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « بسدّ المنبع .. ولو أمكن نزح الجميع ».

(٢) في ( د ) : « النبع ».

(٣) في ( د ) : « بعد ».

(٤) لم ترد في ( ج ) : « ولا يعتبر .. إلى إعادته ».

(٥) في ( ألف ) و ( ب ) و ( د ) : « تبيت ».

(٦) روض الجنان : ١٤٨ ؛ مسالك الإفهام ١ / ١٥.

(٧) في ( ج ) و ( د ) زيادة : « السرائر ».

(٨) كشف اللثام ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.

٢٣٥

وهو يومي إلى تجويز كلّ من الوجهين ، وقد عرفت ما فيه.

ولو توقّف النزح على الإملاء قوي اعتبار ثالث معهما ، فتأمل.

ولو تناوبا على التعاقب من غير إعياء ولا فصل يعتدّ به ففيه وجوه ؛ ثانيها (١) المنع مع حصول التعويق ، ولا بدّ من اجتماع اثنين منها في العمل فلا يجزي نزحهم منفردين.

ولو اجتمع ثلاثة منهم عليه ففيه وجهان من الأولويّة والخروج عن مدلول النصّ مع تعب المشترك ، فقد يوجب قصوره في العمل عند نوبته.

وكأنّ هذا أقوى ، ويجب اشتغال كلّ منهما بعد الأخيرين من غير تراخ.

وهل يعتبر اشتراكهما (٢) في الرشا (٣) والدلو ، فلا يجزي بانفراد كلّ عن الآخر وإن اجتمعا في النزح وجهان أوجههما الأوّل وقوفا إلى التعارف (٤).

وبه قال في السرائر.

ولا يجزي ما دون الأربعة في ظاهر كلام الأصحاب. وبه نصّ الشهيدان والمحقّق الكركي وغيرهم.

وفي المدارك أنّه المشهور.

وقرّب في المنتهى إجزاء الأقل إذا سدّ مسدّ الأربعة.

واستقر به في المدارك.

وقوّى في التذكرة الاكتفاء بالقويّين إذا نهضا بعمل الأربعة.

والأظهر الأوّل وقوفا مع ظاهر النصّ (٥). وأمّا الزيادة على الأربعة فالظاهر جوازه عملا بإطلاق الرواية. ولا يخالفه ظاهر كلام الأصحاب إن لم يدل بالفحوى على جوازه.

__________________

(١) في ( ج ) و ( د ) : « ثالثها ».

(٢) في ( ج وب ) : « اشتراكها ».

(٣) في ( ب ) : « الرشاء ».

(٤) في ( د ) : « مع المتعارف » بدل : « إلى التعارف » ، وفي ( ب ) : « ولو ما مع التعارف ».

(٥) لم ترد في ( ب ) : « النصّ وأمّا ... ولا يخالفه ».

٢٣٦

وكأنّ كلامهم مبنيّ على بيان أقل الواجب ولو اجتمع حينئذ على النزح ما يزيد على الاثنين ففي جوازه وجهان.

ولا يبعد الجواز مع عدم لزوم التعويق. وظاهر الجمهور اعتبار كونهم رجالا فلا يجزي الصبيان ولا النساء والخناثى.

وفي المدارك وغيره حكاية الشهرة عليه. وبه نصّ الشهيدان والمحقّق الكركي والسيوري وغيرهم. وهو الوجه وقوفا مع النصّ لظهور « القوم » في الرجال كما يعطيه ظاهر الاستعمالات.

ويستفاد من ظاهر الآية وقول زهير ، ونصّ عليه بعض أهل اللغة ولا أقل من الشك في التعميم فيقتصر على محلّ اليقين مضافا إلى التصريح به في رواية الفقيه وجوّز في التذكرة نزح من عدا الرجال لصدق القوم عليهم.

وفي المدارك بعد حكاية ذلك عن بعض الأصحاب أنّه حسن مع عدم قصور نزحهم (١) عن نزح الرجال.

وظاهر تقييده يعطي استناده في ذلك إلى تنقيح المناط.

ومع (٢) البناء على قضاء الفحوى بجوازه ففي جواز الاستقاء بالحيوانات كالبقر مع قيامه بعمل الرجلين وزيادة ؛ وجهان أظهر هما ذلك بعد البناء المذكور سيّما إذا كان البئر مما يستقى منها على الوجه المذكور.

ولو انضمّ الصبيّ أو المرأة إلى الرجلين ففي الاجتزاء وجهان.

ولا يبعد الجواز مع استقلالهما بالنزح ليكون الانضمام تقوية.

ولا فرق في الرجال بين الأقوياء والضعفاء والشباب والشياب والأصحاء والمرضى إلّا إذا منع الضعف عن الاشتغال بالنحو المعتاد ، ولا بين الفحل والخصي والمجبوب ، و (٣) لا بين

__________________

(١) كذا ، والظاهر : « نزحهنّ ».

(٢) لم ترد في ( ج ) : « ومع البناء .. الوجه المذكور ».

(٣) لم ترد في ( ج ) : « ولا بين .. من وجه ».

٢٣٧

العاقل والمجنون والمسلم والكافر إذا لم يقض نزحه بنجاسته من وجه.

ولا بدّ من وقوع التراوح في يوم كامل فلا يجوز النقص عنه ولو بشي‌ء يسير ، ولا التلفيق منه مرتين (١) من الليل أو من يوم آخر ، ولا الليل (٢) وإن كان أطول من النهار ، ولا نصف النهار مع اجتماع النجاسة على دلو من يتراوح كلّ أربعة على دلو.

ولا فرق بين قصيره وطويله ومتوسّطه ، فيتخير بين الجميع.

وهل هو يوم الصائم أو من طلوع الشمس إلى غروب القرص أو يوم الأجير فينصرف إلى المتعارف في الإجارة؟ وجوه أوجهها الأوّل كما ( ذكره جماعة منهم الفاضلان والشهيدان والسيوري وابن فهد والصيمري والمحقّق الكركي غيرهم.

وفي المفاتيح : اليوم هنا هو الشرعي من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الحمرة المشرقية.

وفي المنتهى (٣) : لا نعلم خلافا في أنّ المراد باليوم من طلوع الفجر إلى المغرب.

وفي المعتبر بعد كحايد جملة من عباراتهم : ومعاني هذه الألفاظ متقاربة فيكون النزح من طلوع الفجر إلى غروب الشمس أحوط.

وفي الذكرى بعد نقل جملة من العبائر : والظاهر أنّهم أرادوا به يوم القوم ، فليكن من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ؛ لأنّه المفهوم من اليوم مع تحديده باللّيل.

وقال المحقّق الكركي : اليوم الشرعي هو الظاهر من عبارات الأصحاب كما ) (٤) نصّ عليه الشهيد وابن فهد والمحقق الكركي رحمه‌الله وغيرهم (٥).

وفي المنتهى (٦) : لا نعلم خلافا في أن المراد باليوم من طلوع الفجر إلى الغروب.

__________________

(١) لم ترد في ( ج ) : « مرّتين ».

(٢) لم ترد في ( ج ) : « ولا الليل : .. على دلو ».

(٣) منتهى المطلب ١ / ٧٣ كما في مفتاح الكرامة ١ / ٤٤٨.

(٤) ما بين الهلالين زيادة وردت في ( د ).

(٥) لا حظ : جامع المقاصد ١ / ١٣٩ في تطهير المياه النجسة ، التنقيح الرائع ١ / ٤٩ في منزوحات البئر ، مسالك الإفهام ١ / ١٥ وغيرها.

(٦) منتهى المطلب ١ / ٧٣ ، وعبارة المنتتهى هكذا : « لو تعذر نزح الجميع لكثرته تراوح عليها أربعة رجال

٢٣٨

وبه نصّ المحقّق والصيمري والسيوري والشهيد رحمه‌الله في الذكرى إلّا أنّه صرّح الشهيد (١) بكون آخره مغيب الحمرة.

وقد نصّ المفيد والديلمي والحلبي وابن زهرة والحلي رحمه‌الله بالتراوح من أول النهار إلى آخره.

وحكى عليه في الغنية الإجماع.

والمراد به ما قلناه. وإليه يرجع باقي تعبيراتهم عنه ككونه من الغدوة إلى الليل كما عبّر عنه الصدوق والسيد ، أو من الغدوة إلى العشاء كما عبّر عنه الشيخ والطوسي رحمه‌الله ، أو من الغدوة إلى الرواح كما في الاصباح ، أو يوما إلى الليل كما في بعض كتب العلّامة والشهيد وقد عرفت تنزيل جماعة منهم عباراتهم على ذلك.

وقال المحقّق الأردبيلي (٢) : إنّه لا يبعد الاكتفاء باليوم العرفي في العمل.

وتبعه تلميذه في المعالم حيث تنظّر فيما حكيناه عن الشهيد من الحمل على يوم القوم ما يقتضي عدم الاجتزاء باليوم الّذي يفوت من أوّله جزء وإن قلّ.

وعباراتهم لا تدلّ عليه بل ظاهرها ما هو أوسع من ذلك.

ولفظ الرواية محتمل أيضا لصدق اسم اليوم وإن فات منه بعض الأجزاء إذا كان قليلا.

واستجود ذلك بعض المتأخّرين كشارح الدروس.

واحتمل في المدارك الاكتفاء فيه من أوّله بما ينصرف إليه الإطلاق في الإجارة والنذر ونحوهما.

وقد ينزل عليه بعض عبارات القدماء أيضا حيث إنّ الغدوة ينتهي آخرها إلى طلوع الشمس ، فيكون النزح من الغدوة صادقا مع الشروع من عند طلوع الشمس.

__________________

ـ مثنى مثنى في طلوع الفجر الى الغروب ، ولم أعرف فيه مخالفا من القائلين بالتنجيس » ، والذي في المتن نقله عن المنتهى في مفتاح الكرامة ١ / ٤٤٨.

(١) نقله عن الذكرى في مفتاح الكرامة ١ / ٤٤٨.

(٢) مجمع الفائدة ١ / ٢٧٠.

٢٣٩

وبملاحظة جميع ذلك تبيّن أن التدقيق المذكور لا يخلو من إشكال إلّا أنّه بعد ملاحظة كلام الأكثر المؤيّد بفهم الجماعة يتقوّى الوجه الأوّل.

ويؤيّده أن تعيين آخره في الرواية بالبلوغ إلى الليل يشير إلى اعتبار التدقيق المذكور أيضا ، فيكون مبدؤه من أوّل النهار على وجه الحقيقة حسبما ذكروه ؛ إذ لو لا ما ذكروه من التدقيق في أوّله لما اعتبر ذلك في آخره ؛ مضافا إلى قضاء الاستصحاب ببقاء النجاسة في الماء إلى أن يعلم المزيل (١).

ولا بدّ من تمهيد مقدماته قبل الفجر لئلا يتأخّر الشروع عنه (٢) على ما نصّ عليه جماعة.

وجعله في الذكرى أولى.

وظاهر جماعة من المتأخّرين عدم لزوم التدقيق على النحو المذكور.

وذكر المحقق الأردبيلي (٣) إنه لا يبعد دخول زمان أو ليتأهب (٤) إذا كان قليلا ، ومع البناء على الأول فالظاهر (٥) الاكتفاء بالشروع بإدخال الرشاء أوّل الوقت ، فلا يجب تقديمه على الفجر.

نعم ، يعتبر إدخال جزء من أوّل النهار وآخره بحصول اليقين بالاستيعاب عند جماعة من الأصحاب كالشهيدين والمحقق الكركي.

ويحتمل الاكتفاء بصدق الاستيعاب في العرف ، فلا يحتاج إلى التدقيق المذكور وإن افتقر إليه عند الجمود على الحقيقة اللغوية ، فلا يجوز إخلاء بعض الوقت عن الفعل.

فلو حصل بعض العوائق المتعلّقة بالتراوح كوصل الحبل بعد قطعه ونحوه من الأفعال اليسيرة لم يمنع من التتابع.

__________________

(١) ما بين الهلالين ساقط من ( ج ) ، ومؤخر في ( ب ) و ( ألف ).

(٢) لم ترد في ( ج ) : « أعلى ما نصّ .. على الأوّل ».

(٣) مجمع الفائدة ١ / ٢٧٠.

(٤) في ( د ) : « التأهّب » بدل : « أو ليتأهّب ».

(٥) في ( د ) : « والظاهر ».

٢٤٠