تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

ولو توقّف على فعل كثير كتبديل الحبل وشرائه من السوق أو رفع (١) الدلو إذا طالت به المدّة قوي لزوم الاستيناف.

ويستثنى من ذلك عند جماعة منهم الشهيد وابن فهد والمحقق الكركي الصلاة جماعة والاجتماع في الأكل (٢).

واقتصر الشهيد الثاني على الأول (٣).

وكأنّ الوجه في الأول ما دلّ بعمومه على رجحان الجماعة والصلاة في أوّل الوقت ، فلا يترك لذلك.

وفي الثاني جريان العادة به.

ويضعفان بأنّه لو بنى على ذلك لجرى في غير الجماعة من سائر المستحبّات كأداء الرواتب وقراءة القرآن وقضاء حوائج الإخوان ونحوها ، وأن المتعارف إنّما يثبت في الأجير ، فلا دخل له في الأحكام الشرعيّة إلّا أن يقال بحصول عرف في مثله يوجب انصراف اللفظ إليه ، وهو محلّ تأمل (٤).

__________________

(١) في ( د ) : « رقع ».

(٢) زيادة في ( د ) : « وحكى بعضهم عليه الشهرة ».

(٣) زيادة في ( د ) : « مصرّحا بالمنع من الثاني ومن الاجتماع في الصلاة من دون جماعة ».

(٤) من هنا إلى قول المصنف أعلى الله مقامه « تبصرة في المضاف والأسئار » لم توجد في ( د ).

٢٤١

تبصرة (١)

[ في نزح الماء للدوابّ ]

المعروف كما عن جماعة (٢) نزح الكرّ للدوابّ الثلاث أعني الفرس والبغل والحمار.

وعزاه في النهاية إلى القائلين بانفعال القليل.

ونصّ في الغنية على ثبوت الحكم في الخيل وشبهها في الجسم ، ونقل الإجماع عليه.

وحكى في المهذّب البارع والروض الشهرة في الحمار والبغل ، وعزا إلى الاخير حكاية عمل الأصحاب عليه.

وحكى الشهرة في جامع المقاصد والمدارك بالنسبة إلى الفرس.

والمستند في الحكم رواية عمرو بن سعيد بن هلال قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عمّا يقع في البئر [ ما بين ] الفارة إلى السنّور إلى الشاة ففي ذلك كلّه يقول : « سبع » حتّى بلغت الحمار والجمل فقال : « كر من ماء » (٣).

وهي وإن ضعف إسنادها بعمرو لجهالته إلّا أنّ في بعض الأخبار ما يفيد نحو ركون إليه مع تقدّم عبد الله بن المغيرة الذي هو من أصحاب الإجماع عليه. مضافا إلى تأيّده بالشهرة العظيمة بالنسبة إلى الحمار.

قال المحقق (٤) : إن الرواية (٥) وإن ضعف منه فالشهرة يؤيدها ، فإنّي لا أعرف من

__________________

(١) ليس في ( د ) : « تبصرة ، المعروف كما ... تبصرة ، في المضاف والأسئار ».

(٢) لم ترد في ( ج ) : « كما عن جماعة ».

(٣) الإستبصار ١ / ٣٤ ، ح (٩١) ١ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٥ ، ح ١٠ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٨٠ ، ح ٥.

(٤) المعتبر ١ / ٤٧ ، لكن عبارته هكذا : « ولو كان ذلك ضعيفا لانجبر بالعمل ، فإني لا أعرف من الأصحاب رادّا لها » ، وقال المحقق السبزواري ، في ذخيرة المعاد ١٥ / ١٣٠ : « وإن ضعف مسندها ، فالشهرة يؤيدها وإني لا أعرف من الأصحاب رادّا لها ».

(٥) لم ترد في ( ج ) : « انّ الرواية .. فإنّي ».

٢٤٢

الأصحاب رادّا لها.

وفي المنتهى (١) (٢) : إن أصحابنا عملوا بها في الجمل.

وفي شرح الدروس : إن الإجماع الظاهري (٣) يجزيها (٤) وفي المقام لا نعلم فيه خلافا لأحد من الأصحاب.

وفي البحار : إنّه لم يظهر فيه مخالف. واشتمالها على المحلّ مع إعراض الأصحاب عن العمل بها فيه ومعارضتها بالصحيحة المتقدّمة لا يوجب طرحها بالنسبة إلى غيره كما قرّر في محله.

واحتمل الشيخ رحمه‌الله أن يكون الجواب مختصّا بالحمار.

وفيه بعد وإلغاز في العبارة لا يناسب منصب الإمامية.

ثمّ إن هذه الرواية إنّما يفيد ثبوت الحكم في الحمار ، فلا ينبغي التأمل في الحكم بالنسبة إليه فاحتمال إلحاقه بالثور لاندراجها في نحوه كما في المدارك ليس على ما ينبغي وإن اتجه البناء عليه على طريقته.

وإما البغل فيمكن أن يحتجّ عليه بالخبر المذكور بناء على ما في المعتبر حيث ذكر فيها البغل أيضا سيّما بعد ما ذكره من أنه لا يعرف رادّا لها ، فإنّ في حكاية الثقة كفاية لتقدم الزيادة على النقيصة ، وكأنّه أخذها من بعض الأصول القديمة.

وقد عزا إلى المهذب البارع (٥) والروض (٦) والروضة وغيرها وجود البغل في الرواية. وهو موجود أيضا في بعض نسخ التهذيب على ما حكاه بعض الأجلّة.

__________________

(١) لم ترد في ( ج ) : « وفي المنتهى .. من الأصحاب ».

(٢) منتهى المطلب ١ / ٧٤ ، لكن العبارة هكذا : « إلا إن اصحابنا عملوا فيها بالحمار ».

(٣) لم ترد في ( ب ) : « و ».

(٤) كذا استظهرناها من ( ب ).

(٥) المهذب البارع ١ / ٩١.

(٦) روض الجنان : ١٤٨.

٢٤٣

وعن كشف اللثام (١) : إن البغل موجود في موضع من التهذيب.

فبملاحظة ذلك كلّه مع اشتهار القول به والإجماع المتقدم لا يبعد القول بثبوت الحكم فيه.

وقد اقتصر (٢) جماعة منهم الشهيد في الذكرى (٣) والمسالك (٤) في الحكم المذكور على الحمار والبغل.

وأما الفرس فلم نقف على مستند فيه ، وقد يحتج عليه بأنّ المنساق من الرواية المذكورة ثبوت الحكم لما بلغ في الجثة إلى الحمار والبغل ، فذكر (٥) الحمار والجمل ليس لإرادتهما بالخصوص بل المقصود سؤاله عمّا بلغ في الجثّة إلى ذلك ، فيحتمل إذن عدم ذكره مخصوص الجمل في السؤال فتقيّد إذن بما دل على وجوب نزح الجميع له حملا للمطلق على المقيّد.

وقد يجعل ذلك حملا للرواية من جهة اشتمالها على ذكر الجمل ، وهو كما ترى بعيد عن مقتضى العبارة.

نعم ، لا يخلو الرواية عن إيماء إليه إلّا أنّ الاحتجاج بها بمجرّد ذلك لا يخلو عن إشكال.

واحتج عليها في المنتهى (٦) بصحيحة الفضلاء عن الصادقين عليهما‌السلام في البئر يقع فيها الدابّة والفأرة والكلب والطير فيموت ، قال عليه‌السلام : « يخرج ثمّ (٧) ينزح منها دلاء ثم اشرب وتوضأ ».

وقد تكلف للاحتجاج بما لا يخفى وهنه ؛ إذ ليس في تلك الصحيحة إيماء إلى ذلك حتّى يتمّ فيه التقريب ببعض الوجوه.

__________________

(١) كشف اللثام : ١ / ٣٢٦.

(٢) لم ترد في ( ج ) : « وقد اقتصر .. والبغل ».

(٣) الذكرى : ١٠.

(٤) مسالك الإفهام ١ / ١٦.

(٥) لم ترد في ( ب ) : « فذكر الحمار والجمل ».

(٦) منتهى المطلب ١ / ٧٥.

(٧) لم ترد في ( ب ) : « ثمّ ».

٢٤٤

واحتمل في المدارك (١) العمل بتلك الصحيحة والاكتفاء بنزح الدلاء للدواب الثلاث ، واحتمل أيضا إلحاقها بنحو الثور.

وأنت خبير بأنّ إضراب القائلين بالنجاسة عن العمل بها يقضي بعدم التعويل عليها بناء على النجاسة.

وقد يحمل الدابة فيها على الدوابّ الصغار كما يشير إليه عطف الفأرة عليها.

وعن المعتبر (٢) تقريب إلحاق الفرس بما لا نصّ فيه.

وقد يقال : إن الموثق الدالّ على أن أكثر ما ينزح لما يموت في البئر السبعون فلا يجب الزيادة عليه بشي‌ء من الحيوانات الّا ما خرج بالدليل.

ثمّ إن المذكور في كلام جماعة من الأصحاب ثبوت الحكم المذكور في البقرة. وقد نصّ عليه في المقنعة والمراسم والاصباح والوسيلة والسرائر بزيادة ما أشبهها في الجسم ، وقد حكى الشهرة عليه جماعة منهم المحقق الكركي والشهيد الثاني وصاحب المدارك.

وقد زاد عليها الشهيد الثاني : ما أشبهها.

ولم نقف على مستنده في شي‌ء من الأخبار إلّا أن يستفاد ذلك من الرواية المتقدمة بالتقريب المذكور.

وقد عرفت ما فيه.

ولا يبعد إلحاق البقرة بالثور ؛ إذ هي أبين من غيرها في الاندراج في نحوه الواردة في الصحيحة المتقدمة.

وقد (٣) ورد في صحيحة (٤) محمّد بن مسلم نزح العشرين للميتة إذا كانت لها رائحة. وفيها دلالة على الاكتفاء به للخالي من الرائحة بالأولى فقد يجعل ذلك أصلا في جميع الميتات

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ / ٧٤ ـ ٧٥.

(٢) المعتبر ١ / ٦٢.

(٣) لم ترد في ( ب ) : « قد ».

(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٤ ، ح ٣٤ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٩٥ ، ح ١.

٢٤٥

إلّا ما خرج بالدليل.

وفي الروضة (١) أن إلحاق الفرس والبقرة بما لا نصّ فيه أولى.

__________________

(١) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : ١ / ٢٦١.

٢٤٦

تبصرة

[ في النزح لموت الإنسان ]

المعروف بين الأصحاب ـ بلا خلاف يعرف ـ نزح السبعين لموت الانسان. وعن الغنية حكاية الإجماع عليه.

وعن المنتهى (١) : أنّ عليه إجماع القائلين بالتنجيس.

وعن المعتبر والمدارك (٢) : إسناده إلى مذهب الأصحاب مؤذنا بالاتفاق عليه. ونحوه ما في المختار (٣).

وعن الدلائل : أنّه ممّا أطبق عليه الأصحاب.

وعن المعتبر (٤) والذكرى والروض اتفاق الأصحاب على العمل بمدلول الرواية الدالّة عليه ، وهي موثقة الفطحية : « وفيها ما سوى ذلك ممّا يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره (٥) الإنسان ينزح منها سبعون دلوا » (٦).

والرواية مع كونها معتبرة في نفسها منجبرة بعمل الأصحاب والإجماعات المنقولة ، فالحكم المذكور ممّا لا ينبغي التأمل فيه.

واستشكال صاحب المدارك (٧) فيه قائلا : إنه إن تم اتفاق الأصحاب فهو الحجة وإلّا

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٧٦.

(٢) مدارك الأحكام ١ / ٧٥.

(٣) في ( ج ) : « المختلف » ، بدل : « المختار ».

(٤) المعتبر ١ / ٦٢.

(٥) في بعض النقول : « فأكثره ».

(٦) تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٤ ، ح ٩ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٩٤ ، ح ٢.

(٧) مدارك الأحكام ١ / ٧٥.

٢٤٧

فللتوقّف في هذا الحكم مجال ؛ ممّا لا وجه له بحيث (١) يصدق موته في البئر.

ثمّ إن الوارد في الرواية وكلمات الأصحاب هو لفظ « الانسان » الشامل للذكر والأنثى والصغير والكبير ، والظاهر شموله للسقط إذا ولج (٢) فيه الروح.

ولو كان قبل ولوجه ففيه وجهان.

وظاهر إطلاقه يعمّ المسلم والكافر لكن في شمول الحكم لهما (٣) قولان ، فظاهر الأكثر عدم الفرق. وبه نصّ جماعة منهم الفاضلان والشهيد الثانى رحمه‌الله. وفي المدارك (٤) : أنه المشهور بين الأصحاب. وعن الروض إسناده الى الأصحاب.

وذهب الحلي رحمه‌الله إلى اختصاص الحكم بالمسلم ، وألحق الكافر بما لا نصّ فيه.

واختاره بعض محققي (٥) المتأخرين. وهو الأظهر ؛ إذ المفهوم من الرواية هو نزح السبعين باعتبار موت الإنسان.

والحاصل في الكافر جهة أخرى غير الموت ، وهي ممّا لا نص فيه. ألا ترى أنّ ظاهر لفظ « الانسان » يعمّ الطاهر والنجس مع أن ظاهرهم الإطلاق على اختصاصه بالأوّل ، فلو كان متنجّسا بالمني أو البول أو الدم أو غيرها جرى عندهم في الجميع ما ينزح لتلك النجاسات إلّا (٦) أن يقال بالتداخل ، فإذا قيل بذلك بالنظر إلى النجاسة العارضة فالقول به في النجاسة الأصليّة أولى ؛ حملا (٧) له على الشائع في محلّ صدور الرواية.

مضافا إلى أنّه لا يبعد انصراف الإنسان في المقام إلى المسلم ، ولا أقل من الشكّ في شموله لغيره ، فاستناد الأكثر إلى إطلاق الرواية ليس على ما ينبغي.

__________________

(١) لم ترد في ( ج ) : « بحيث يصدق موته في البئر ».

(٢) في ( ألف ) : « دلج ».

(٣) في ( ألف ) : « لها ».

(٤) مدارك الأحكام ١ / ٧٥.

(٥) في ( ألف ) : « محقق ».

(٦) لم ترد في ( ج ) : « إلّا أن يقال بالتداخل ».

(٧) لم ترد في ( ج ) : « حملا .. الرواية ».

٢٤٨

وأضعف منه الاستناد إلى زوال الكفر بالموت لزوال الاعتقاد الفاسد ؛ نظرا إلى ظهور عدم زوال أحكام الكفر بمجرّد الموت ، فمجرّد زوال الاعتقاد لخروج الروح لا يقضي بجريان أحكام المسلم على البدن ، بل من الظاهر خلافه.

ولهذا لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن مقابر المسلمين ولا يحكم بطهارة ما لا يحلّ فيه الحياة.

وحكى صاحب المدارك (١) عن المحقق الكركي رحمه‌الله والشهيد الثاني في الروض التفصيل (٢) بين وقوع الكافر ـ ميتا أو حيّا ـ وموته فيها بغير ذلك ، فحكما في الأول بالاكتفاء بالسبعين أخذا بإطلاق الخبر المتقدم ، وأوجبا نزح الجميع في الثاني لثبوت ذلك قبل الموت فلا يرتفع به.

ولا يخفى وهنه ؛ إذ لو سلّم اندراج الكافر في الرواية فإنّما يندرج في الصورة الثانية دون الأوّل (٣) ؛ إذ المفروض فيها وقوع الإنسان في البئر وموته فيها ، فلا يندرج فيها ما إذا مات في الخارج ثمّ وقع فيها ولو كان مسلما.

وحينئذ ففي تسرية الحكم إليه ولو في المسلم إشكال لخروجه عن مدلول الرواية إلّا أن يقال بدلالتها عليه بالفحوى ؛ إذ المناط ملاقاة الميّت حال نجاسته فلا يفرق الحال بين موته في البئر أو خارجه.

وقد نصّ بعض المتأخرين (٤) بجريان الحكم في الصورتين ولا يخلو عن تأمّل وإن كان الأظهر ذلك.

وحينئذ بعد تسليم الإطلاق يندرج فيه الكافر أيضا ، فلا يتّجه التفصيل المذكور.

__________________

(١) مدارك الأحكام ١ / ٧٧.

(٢) في ( ألف ) : « التغسيل » ، ولا معنى له.

(٣) كذا في ( ألف ) ، والظاهر : « الأولى ».

(٤) زيادة في ( ج ) : « الفاضل الهندي ».

٢٤٩

تبصرة

[ في ثبوت نزح الخمسين ]

يثبت نزح الخمسين في المشهور لأمرين :

أحدهما : العذرة الذائبة ذهب إليه الشيخان والديلمي والحلبي والقاضي والطوسي والحلي رحمهم‌الله وغيرهم وهما عليه في الغنية (١) إجماع الفرقة [ واكتفى الفاضل المجلسي في الحديقة في العذرة اليابسة بثلاث دلاء وعن ابن بابويه أنّه ينزح لها من أربعين إلى خمسين وذهب جماعة من المتأخرين إلى التخيير بين الأربعين والخمسين ونفى عنه الخلاف في ظاهر السرائر (٢) ، وهذه عبارته : « وينزح لعذرة بني آدم الرطبة أو اليابسة المذابة المتقطّعة خمسون دلوا فإن كانت يابسة غير مذابة ولا متقطّعة فعشر دلاء بغير خلاف ».

وحكى الشهرة عليه جماعة منهم الشهيد في الذكرى والمحقق الكركي والعلّامة المجلسي رحمه‌الله ] (٣).

والأصل في المسألة روايتا أبي بصير وعلي بن أبي حمزة عن العذرة تقع في البئر ، قال : « ينزح منها عشر دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا » (٤).

__________________

(١) في ( ب ) : « النهاية ».

(٢) السرائر ١ / ٧٩.

(٣) في ( ج ) : « ونفى عنه الخلاف في ظاهر السرائر وهذه عبارته : وينزح لعذرة بني آدم الرطبة أو اليابسة المذابه المتقطّعة خمسون دلوا فإن كانت يابسة غير مذابة ولا متقطعة فعشر دلاء بغير خلاف. وحكى الشهرة عليه جماعة منهم الشهيد في الذكرى والمحقّق الكركي والعلّامة. وعن ابني بابويه أنه ينزح لها من أربعين إلى خمسين. وذهب جماعة من المتأخرين إلى التخيير بين الأربعين والخمسين » ، بدل : « واكتفى .. المجلسي ».

(٤) الإستبصار ١ / ٤١ ، ح (١١٦) ١ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٤٤ ، ح ٣٣ ؛ وسائل الشيعة ١ / ١٩١ ، ح ١ و ٢.

٢٥٠

وقد احتجّ بها على كلّ من المذاهب المذكورة وهي كما ترى واضحة الدلالة على الأخير.

وقد قرّر الاحتجاج بها على الأوّل بوجوه :

منها : ـ وهو أقواها ـ أنّ الترديد فيها بين الوجهين من الراوي ، ولا أقلّ من احتماله. ومعه فلا بدّ من العمل على الأكثر استصحابا بالنجاسة إلى حصول اليقين بالطهارة.

ويضعّفه بعد الاحتمال المذكور عن العبارة ولا موجب للصرف عن الظاهر.

ومنها : أنّ لفظة ( أو ) يجي‌ء كثيرا في الكلام الفصيح للإضراب فيحتمل إرادته في المقام ، ومعه لا بدّ من العمل بالثاني لتحصيل اليقين.

وضعفه أظهر من الأول لبعد الاحتمال المذكور. ولو صحّ مجيئه للإضراب في الكلام الفصيح فهو في غاية الندرة ، فكيف يحصل الشكّ من جهته في الإطلاق؟!

مضافا إلى أنّ الإضراب ممّا يومي إلى حصول السهو في الأوّل حيث أعرض عنه بعد ذكره وهو لا يناسب كلام الأئمّة عليهم‌السلام.

ومنها : ما ذكره العلّامة رحمه‌الله في المختلف (١) ، وأشار إليه الشيخ في التهذيب في الرواية الواردة في الكلب كما سيجي‌ء ، وهي أنه مع العمل بالأكثر يحصل اليقين بالبراءة بخلاف البناء على الأقل.

وهو أيضا ضعيف ، بل لا وجه له أصلا.

وقد يوجّه ذلك بأنّ ( أو ) في المقام كما يحتمل التخيير كذا يحتمل الترديد ؛ إذ هو أيضا (٢) من معانيه فلا يقضي بعض المصالح كإرادة (٣) الإبهام وحينئذ فلا بدّ من الأخذ بأكثر الأمرين ، وهو أيضا بمكان من البعد.

وقد يقال بأن الرواية قد دلّت على حصول الطهر بكلّ من الوجهين المذكورين إلّا أنّها ضعيفة لا يتم الاحتجاج بها إلّا مع حصول الجابر ، وهو حاصل بالنسبة إلى الأخير دون

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ / ٢١٦.

(٢) لم ترد في ( ب ) : « من معانيه .. وهو أيضا ».

(٣) في ( ج ) : « لإرادة ».

٢٥١

الأول فيتعيّن البناء عليه.

وبه يوجّه المشهور مضافا إلى الأصل والشهرة والإجماع المنقول ، وقيام أحد الاحتمالات المذكورة وإن لم يخل الجميع عن البعد.

وما يقال من أن الرواية صحيحة على ما في الإستبصار ؛ إذ الموجود فيه عبد الله بن يحيى مكان عبد الله بن بحر المجهول المذكور (١) في التهذيب.

فلا مانع من التعويل على ظاهرها .. مدفوع بأنّه لا معوّل على الاستبصار بعد مخالفته للتهذيب ؛ إذ لا أقل من الشك لبعد وقوع الرواية على الوجهين مع اتحاد الراوي أو المروي عنه فيهما ، بل قد يرجّح عبد الله بن بحر بأنه هو الراوي عن أبي بصير كما نص عليه في ترجمته ، والرواية هنا عن أبي بصير وإن كانت بتوسط ابن مسكان مضافا إلى اشتراك عبد الله بن يحيى بين الكاهلي الممدوح وابن يحيى بن زكريا بن سنان الذي يروي عنه أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، وهو مجهول.

وكأنه الأنسب برواية الحسين عن ... (٢).

ثم إن العذرة يختص بفضلة الإنسان كما حكي عن عدة من كتب اللغة منها تهذيب اللغة والغريين. وبه نص جماعة من الأصحاب منهم الحلي قاطعا به والشهيد متظهّرا له.

ويشهد له الاعتبار ؛ إذ العذرة في الأصل اسم لأفنية الدور ، ولما كان يضعفونها في الأفنية سمّوها باسم المحل.

وعن المحقق في المعتبر (٣) انها والخبر مترادفان ويعمّان فضلة كل حيوان.

وقد أطلقها الشيخ في التهذيب على فضلة غير الإنسان فيقوم الاحتمال في المقام.

__________________

(١) من هنا إلى قوله قدّس سره « فالظاهر عدم جريان الحكم المذكور. هذا ، ثم إن قوله عليه‌السلام » لا توجد إلّا في ( ج ) ، وهي نسخة كثيرة الأغلاط ، فصحّحنا العبارات على قدر وسعنا ، وبهذه الأوراق ختام نسخة ( ج ) ؛ إذ هي ناقصة تبدأ من بداية الكتاب وتختم بهذه العبائر.

(٢) سقط في النسخة.

(٣) المعتبر ١ / ٤١١.

٢٥٢

والأظهر الأول لما عرفت ، ويشهد له ظاهر إطلاقات العرف. مضافا إلى الأصل إن أوجبنا الزيادة عليها لما لا نص فيه ، فهل يعم الحكم عذرة الانسان مطلقا أو يختص بالمسلم؟ وجهان ؛ من إطلاق النص ومن أن المفهوم عنه خصوص نجاسة العذرة ، والمفروض حصول النجاسة هناك من جهة أخرى فلا يكفي فيه ذلك.

كيف ، ولا ينقص النجاسة العينية عن النجاسة العارضية في المحل ، ولو كان المحل متنجسا بالعارض فلا ينبغي التأمل في عدم الاكتفاء بذلك ، فكيف مع ملاقاته لنجس العين مع الرطوبة ، وهو الأظهر.

وحكم في الذكرى (١) بعدم الفرق بين فضلة المسلم والكافر ، قال : مع احتماله لزيادة النجاسة.

هذا ، والموجود في النص خصوص الذوبان وظاهره تفرّق أجزائها وشيوعها في الماء سواء استهلكت فيه أولا ، فاعتبار والاستهلاك كما في كلام البعض لا يخلو عن بعد.

والحق جماعة منهم المفيد بالذائبة الرطبة وعزي الى الأكثر ، وهو خروج عن مدلول النصّ. وربما علّل بحصول الذوبان مع الرطوبة. وهو ضعيف.

ولو سلّم فلا فائدة إذن في الالحاق.

والموجود في نهاية الإحكام والبيان اعتبار الرطوبة خاصة من دون ذكر للذوبان.

وربما يستفاد ذلك من الشيخ في الإستبصار وعزاه في النهاية إلى القائلين بالانفعال مؤذنا باتفاقهم عليه.

وقد يحمل ذلك على تفسير الذائبة بها أو دعوى حصول الذوبان معها. وكلتا الدعويين في محل المنع.

الثاني : الدم الكثير على المعروف بين الأصحاب.

وحكى في الغنية عليه الاجماع.

__________________

(١) الذكرى : ١٠٠.

٢٥٣

وعن السرائر (١) أنه لا خلاف فيه الا من المفيد وعن جماعة منهم الشهيدان (٢) حكاية الشهرة عليه.

وعزاه جماعة منهم المحقق الكركي إلى الشيخ والأتباع.

وعن جماعة منهم الصدوق في الفقيه والشيخ في الاستبصار والفاضلان في غير واحد من كتبهما والآبي أن المنزوح له من ثلاثين إلى أربعين.

واستحسنه الشهيد في الذكرى وقوّاه ابن فهد.

وعن المفيد في المقنعة (٣) أنّ فيه عشر دلاء.

وعن السيد أن في الدم نزح ما بين الواحد إلى العشرين من غير تفصيل بين الكثير والقليل.

وقد يحمل كلامه على اختلاف ذلك باختلافه في القلة والكثرة والمروي صحيحا في المقام في شاة ذبحت فوقعت في البئر وأوداجها تشخب دما : « إنّه ينزح منها ما بين ثلاثين إلى أربعين ».

وقد عمل بها الجماعة المذكور من القدماء والمتأخرين ، فالاقوى البناء عليها.

ومجرد مخالفتها للأكثر أو المشهور إن سلّم لا يوجب طرحها مع عدم وضوح معارض لها سوى مجرد الشهرة الخالية عن المستند.

ثم إن المعزى إلى الأكثرين إطلاق الدم الكثير ، وقد يستظهر منه الرجوع إلى العرف وجعله بعضهم ظاهر كلام الأصحاب ، وهو قضية ما حكيناه من إجماع الغنية.

ونفى الخلاف المذكور في السرائر ، وقد نص عليه الشهيد الثاني في الروض.

وعن القطب (٤) الراوندي أنه يعتبر بينه ملاحظة حال البئر في الغزارة والنزارة فيختلف

__________________

(١) السرائر ١ / ٧٩.

(٢) روض الجنان : ١٤٩.

(٣) المقنعة : ٦٧.

(٤) نقل عنه في روض الجنان : ١٥٠.

٢٥٤

فيه الحال باختلاف الأحوال فيعتبر حال الدم والبئر معا.

وحكاه القطب الراوندي عن العلامة ، وربما يرجع الاول إلى ذلك لاختلاف العرف باختلاف ذلك.

ولا ينافيه ظاهر كلام الأكثر ؛ إذ الموجود في كلامهم وقوع الدم الكثير في البئر فيحتمل عبائرهم ملاحظة حال البئر أيضا. ولا يذهب عليك أن ذلك إنما يتم في كلمات الأصحاب ، وليس في الروايات ما يفيد إناطة الحكم به ، وإنما المستند في المقام صحيحة علي بن جعفر ، والمذكور فيه دم الشاة ، وجعلوا ذلك مناطا للكثرة وليس في تلك الرواية استنصال عن حال البئر ، فيفيد إذن إناطة الحكم بنفس الدم ، وهو المستفاد من كلام جماعة حيث فسّروه بدم الشاة ونحوها ، فالبناء عليه هو الأظهر في المقام.

وهل يختص الحكم بدم ظاهر العين أو يعم الجميع ما عدا الدعاء الثلاثة؟ وجهان ، واستوجه الثاني في الروضة ، ونفى عنه البعد في الروض ؛ أخذا بالإطلاق وقوّى المحقق الكركي الأول ، وبه جزم بعض المتأخرين ، وهو الأظهر ؛ لما عرفت من اختلاف الجهة وأنه لا إطلاق في المقام ليمكن الاستناد إليه في ذلك ، والصحيحة المتقدمة إنما وردت في دم الشاة ، فإلحاق نجس العين بها يحتاج إلى الدليل ، والإجماع على عدم الفرق غير ثابت في المقام.

وربما يحتج للمفيد بصحيحة ابن بزيع (١) الواردة في قطرات البول والدم ، وقد ذكر الشيخ لها تقريبا في الاحتجاج ، وهو في غاية البعد مع أن إرادة الكثير من القطران لا يتّجه أصلا ، ولم نقف على حجة المشهور ولا على مختار السيد.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ / ١٩٤ ، باب ما ينزح من البئر لموت الانسان وللدم القليل والكثير ، ح ٣.

٢٥٥

تبصرة

في نزح الأربعين دلوا

ينزح في المشهور أربعون دلوا لأمور :

أحدها : الكلب ، وبه قال الشيخان (١) والديلمي والقاضي والجعفي والحلي (٢) وغيرهم.

وعن الغنية (٣) حكاية الإجماع عليه.

وعن الصدوقين (٤) أنه ينزح له من ثلاثين إلى أربعين. واستقرب بعض الأفاضل (٥) فيه ينزح الدلاء الصادقة عنده على الثلاث.

والأخبار فيه مختلفة أيضا ، ففي صحيحة أبي مريم (٦) وموثقة حمّاد نزح الجميع له.

وفي صحيحة أبي بصير : « فقدرت أن تنوح ماءها فافعل (٧) ».

ولا عامل بها.

وفي رواية ابن أبي حمزة المروية في المعتبر (٨) عن كتاب الحسين بن سعيد نزح الأربعين له.

وهي حجة المشهور بعد انجبار ضعفها بالعمل.

__________________

(١) المقنعة : ٦٦ ، النهاية : ٦.

(٢) مختلف الشيعة ١ / ٢٠٠.

(٣) غنية النزوع : ٤٩.

(٤) فقه الرضا : ٩٣ ، المقنع ٢٩ ، الهداية : ٧٠.

(٥) في الهامش : « السيد نعمة الله ـ منه ». وقد خلطه الكاتب بالمتن.

(٦) وسائل الشيعة ١ / ١٨٢ ، باب ما ينزح من البئر للسنور والكلب والخنزير وما أشبهها ح ١.

(٧) وسائل الشيعة ١ / ١٨٥ ، باب ما ينزح من البئر للسنور والكلب والخنزير وما أشبهها ح ١١.

(٨) المعتبر ١ / ٦٩.

٢٥٦

وفي موثقة سماعة (١) نزح الثلاثين أو الأربعين للسنور وما هو أكبر منه ، فيندرج فيه الكلب.

وكأنها حجة الصدوقين إلا أنها لا تنطبق على ما ذكرناه آنفا.

وفي رواية أخرى لابن أبي حمزة « ينزح العشرين أو الثلاثين أو الأربعين » (٢).

واحتج الشيخ (٣) بهذين الخبرين على المشهور أخذا بالزائد للإجماع على الاكتفاء به دون ما نقص عنه ، وهذا كما ترى. وغاية ما يوجه به ما عرفته في المسألة السابقة من الوجود المذكورة.

وكيف كان فقد يعتضد بهما المشهور بعد دلالة الرواية المذكورة عليه.

وفي صحيحة الشحام نزح « الخمس مع عدم التفسخ وتغير طعم الماء » (٤).

وحملها الشيخ على خروجه حيا ، وهي كما ترى صريحة في خلافه.

وفي صحيحة علي بن يقطين (٥) وصحيحة الفضلاء ورواية البقباق (٦) إطلاق نزح الدلاء ، وهي حجة من ذهب إلى الاكتفاء بالثلاثة أخذا بأقل الجمع بناء على استظهار عدم الفرق بين جموع القلة والكثرة في المخاطبات العرفية كما هو الظاهر.

فظهر بما ذكرنا قوّة القول المشهور بناء على القول بالانفعال ، والأمر فيها كنظائرها ـ على ما قوّينا ـ ظاهر.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٦ ، باب تطهير المياه من النجاسات ، ح ١٢.

(٢) قريب منه ما رواه حسين بن سعيد ، عن قاسم عن علي في تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٥ ، باب تطهير المياه من النجاسات ح ١١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٦.

(٤) الإستبصار ١ / ٣٧ ، باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير وما أشبههما ح ٦ ، وفيه : « فإذا لم ينفسخ أو لم يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء ».

(٥) الإستبصار ١ / ٣٧ ، باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير وما أشبههما ح ٥.

(٦) الإستبصار ١ / ٣٧ ، باب البئر يقع فيها الكلب والخنزير وما أشبههما ح ٤.

٢٥٧

ثانيها : السنور ، وبه قال الشيخان (١) والديلمي والقاضي والحلبي (٢) والطوسي (٣) والحلي (٤) وغيرهم.

وفي الغنية (٥) حكاية الاجماع عليه.

وعن والد الصدوق (٦) نحو ما ذهب إليه في الكلب. وإليه ذهب الصدوق في المقنع (٧) والهداية (٨) وقال في الفقيه (٩) بالاكتفاء فيه بالسبع. واكتفى بعض المتأخرين فيه بالدلاء الثلاثة ، ويدل على المشهور رواية ابن أبي حمزة المروية في المعتبر (١٠) عن السنّور ، فقال : أربعون وللكلب وشبهه. وضعفها منجبرة بالشهرة والأصل ؛ إذ لا قائل ظاهرا بالزيادة.

وفي موثقة سماعة ورواية علي بن أبي حمزة ما مرّ في الكلب. واستدل بهما على المشهور بالتقريب المتقدم.

وفيه أيضا ما مرّ.

ويظهر الوجه في ما ذهب إليه (١١) الصدوقان مما مر. ويدل على مذهب الصدوق رواية عمرو بن سعيد بن هلال ، وفيها أنه ينزح لها سبع دلالة (١٢).

__________________

(١) المقنعة : ٦٦.

(٢) الكافي للحلبي : ١٣٠.

(٣) المبسوط ١ / ١١ ، النهاية : ٦.

(٤) إرشاد الأذهان ١ / ٢٣٧ ، نهاية الأحكام ١ / ٢٥٩.

(٥) غنية النزوع : ٤٩.

(٦) فقه الرضا : ٩٤.

(٧) المقنع : ٣٠.

(٨) الهداية : ٧٠.

(٩) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٧.

(١٠) المعتبر ١ / ٦٩.

(١١) هنا في نسخة ( ج ) ـ الوحيدة في هذه الأوراق ـ عبارة لم نفهم ربطها بالمقام ، وهي : « الأصل بقاء النجاسة ».

(١٢) وسائل الشيعة ١ / ١٨٥ باب ما ينزح من البئر للسنور والكلب والخنزير وما أشبهها ح ١٠ وفيه : أنه ينزح للسنور سبع دلاء.

٢٥٨

وهي ضعيفة لا يقاوم ما مرّ.

ومن الغريب حكمه في المختلف بجودة سند هذه الرواية قائلا بأن عمرا إن قيل إنه كان فطحيا فهو ثقة ، وهذا بناء منه على كونه عمرو بن سعيد المدائنى ، وهو فاسد قطعا لوضوح المغايرة بينهما إذ المدائني من أصحاب الرضا عليه‌السلام فكيف يروي عن الباقر عليه‌السلام ، ويروي عنه عمر بن يزيد الذي هو من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، مضافا إلى التصريح بكونه ابن هلال ، وهو غير موثق في الرجال إلّا أنه يظهر من بعض الروايات مدحه.

وقال بعض الأفاضل بدلالة حديث (١) على توثيقه.

وفي صحيحة الشحّام نحو ما في الكلب وهي أصح ما في الباب. وقد يميل ظاهر المختلف إلى العمل بها.

ويضعّفه إعراض جمهور الأصحاب عنها على القول بالانفعال.

وفي صحيحة علي بن يقطين إطلاق نزح الدلاء ، وهي حجة من اكتفى فيه بذلك.

وفيها ما عرفت.

نعم ، بناء على القول بالطهارة هو أدنى مراتب الاستحباب.

ثالثها : الشاة وما أشبهها ، ففي المقنعة (٢) الحكم بنزح الأربعين لموت الشاة والكلب والخنزير والسنور والغزال والثعلب وشبهه في قدر جسمه.

وحكى نحوه عن الشيخ في النهاية والمبسوط والديلمي والقاضي والطوسي والحلي.

وفي الغنية (٣) : وما يوجب نزح أربعين هو موت الشاة أو الكلب أو الخنزير أو السنور أو ما كان مثل ذلك في مقدار الجسم ، ثم ادّعى الإجماع عليه بعد ذلك ، فيندرج فيه نحو السؤر أيضا.

وقد يندرج ذلك في العبارة المتقدمة المنقولة عن الجماعة بناء على تعلق ضمير الشبه

__________________

(١) كذا ، والظاهر : الحديث.

(٢) المقنعة : ٦٦.

(٣) غنية النزوع : ٤٩.

٢٥٩

بكل من المذكورات.

وعن ابن سعيد (١) الاقتصار على الشاة ونحوها.

وعن المحقق والآبي الاقتصار على الكلب وشبهه.

وحكى في الروضة أيضا الشهرة. والأصل في الحكم رواية ابن أبي حمزة المتقدمة المروية في المعتبر حملا لشبه الكلب على ما يشبهه في المقدار كما فسّره به الشيخ ، واستفادة شبه السنور منها غير ظاهرة.

وقد يستدل أيضا برواية ابن أبي حمزة المتقدمة بالتقريب المتقدم.

وفيه ما عرفت.

وكأنّ الأظهر الوقوف على ما أفاده النصّ من جريان الحكم في السنور والكلب وشبهه فيندرج فيه الثعلب والارنب والغزال والشاة ونحوها أخذا بظاهر الخبر المذكور المعتضد بعمل الجماعة بل الشهرة كما هو الظاهر والمحكي في الذكرى (٢) وغيره والاجماع المتقدم.

وعن الصدوق في الفقيه (٣) أنه ينزح للشاة وما أشبهها سبعة (٤) إلى عشرة. وجعله في كشف الرموز أولى. وعن الصدوق في المقنع (٥) نزح العشرين للخنزير ، ولم أقف على مستنده في المقامين.

وقد نص جماعة على اندراج الخنزير في شبهه. وهو على إطلاقه محل إشكال.

واستظهر في المدار لإلحاقه بنحو الثور ، فينزح له الجميع.

رابعها : بول الرجل ، على المعروف بين الأصحاب. والمراد به الذكر البالغ كما هو المفهوم منه بحسب العرب ، ويستفاد من أهل اللغة وإن احتمل في القاموس صدق الرجل عليه من

__________________

(١) انظر : كشف اللثام ١ / ٣٣١.

(٢) الذكرى ١ / ٩٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢١.

(٤) في المصدر : « تسعة ».

(٥) المقنع : ٣٤.

٢٦٠