تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

حين ميلاده ؛ إذ هو وجه ضعيف لا عبرة به مع عدم مساعدة العرف وظاهر كلام غيره عليه.

وقد نص على الحكم المذكور (١) كثير من الأصحاب.

وعن الغنية حكاية الإجماع عليه.

وعن ظاهر السرائر (٢) انه مما لا خلاف فيه.

وعن المعتبر (٣) ان روايته مجبورة بعمل الأصحاب. وعن المنتهى (٤) ان الأصحاب قبولها.

وحكاية الشهرة عليه مستفيضة حكاه المحقق والشهيدان (٥) وابن فهد (٦) وصاحب الذخيرة (٧) وغيرهم.

والأصل في الحكم رواية ابن أبي حمزة ، عن الصادق عليه‌السلام قلت : بول الرجل؟ قال : « ينزح منها أربعون دلوا » (٨).

وضعفها منجبر بعمل الأصحاب والإجماع المحكي كما عرفت.

وهل يعم بول المسلم والكافر؟ وجهان ؛ من ظاهر الإطلاق وأن المتيقّن منها هو الأول. والظاهر ثبوت الحكم من جهة كونه بول الرجل دون جهة أخرى ، ويزيد بول الكافر ولذا لو لاقى البول نجاسة خارجية لم يكتف فيه مجرد ذلك أخذا بإطلاق المذكور فنجاسة المخرج بالمعارض ليس بأقوى من نجاسة بالأصل مضافا إلى ملاقاته لسائر أعضاء الكافر ، فظاهر إطلاق كثير من الأصحاب هو الأول. وحكي عن صريح جماعة منهم كالحلي (٩) والسرائر (١٠)

__________________

(١) في المخطوطة : « الذكر ». ولا تستقيم العبارة. ويمكن أن تكون « في الذكر » أو « للذكر ».

(٢) السرائر ١ / ٧٨.

(٣) المعتبر ١ / ٦٧.

(٤) منتهى المطلب ١ / ٨٦.

(٥) روض الجنان : ١٥٠.

(٦) مهذب البارع ١ / ١٠٢.

(٧) ذخيرة المعاد ١ / ١٣٣.

(٨) الاستبصار ١ / ٣٤ ، باب بول الصبي يقع في البئر ح ٢.

(٩) المعتبر ١ / ٦٨.

(١٠) السرائر ١ / ٧٨.

٢٦١

والعلامة (١) والشهيد الثاني (٢) في عدة من كتبهما وابن فهد في المهذب.

وفي الذخيرة (٣) أن ظاهر الأصحاب عدم الفرق.

وعن بعض المتأخرين احتمال الفرق أو النجاسة الكفر تأثير (٤).

وعن صاحب المعالم (٥) أن التحقيق اعتبار الحيثيّة بعدم تداخل الأسباب. وهو الأظهر على نحو ما استظهرناه وفي نظائره.

وفي جريان الحكم في بول المرأة قولان فعن جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان والشهيدان عدم الإلحاق لاختصاص النص الأول. وعن القاضي وابن أبي المجد الحلبي والحلي والعلامة في التحرير ونهاية الإحكام أنه كبول الرجل. وفي الغنية حكاية الاجماع عليه.

وأسند في السرائر إلى تواتر الأخبار في اثبات الحكم للإنسان ، وهو غريب ؛ إذ لا أثر له في الأخبار ، وقد نص عليه المحقق وغيره.

وعن الشهيدين والمحقق الكركي وغيرهما إلحاق بول المرأة بما لا نصّ فيه.

وعن المحقق في المعتبر (٦) : ينزح الثلاثين لبول المرأة والصبيّة ؛ أخذا برواية كريه (٧) واحتمله. واحتمل الإلحاق بما لا نص فيه في كشف اللثام (٨).

ولا يبعد الإلحاق بما لا نص فيه.

نعم ، قد ورد في صحيحة ابن عمار (٩) إطلاق نزح الجميع لبول الرجل.

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ / ٢٠٦.

(٢) روض الجنان : ١٥٠.

(٣) ذخيرة المعاد ١ / ١٣٣.

(٤) كذا ، ولعلّها : « إذ لنجاسة الكفر تأثير ».

(٥) انظر مفتاح الكرامة ١ / ٤٧١.

(٦) انظر مفتاح الكرامة ١ / ٤٧١.

(٧) لعلّه « كردويه » كما سيأتي.

(٨) كشف اللثام : ١ / ٣٣٣.

(٩) الاستبصار ١ / ٣٥ ، باب البئر يقع فيها البعير أو الحمار وما أشبههما أو يصيب فيها الخمر ، ح ٤.

٢٦٢

وفي صحيحة ابن بزيع (١) المتقدم أنه (٢) : « ينزح دلاء لقطرات البول ».

وهاتان الروايتان شاملتان لبول المرأة والصبية.

وفي رواية كردويه : « ينزح الثلثين لوقوع القطرة من البول » (٣).

وهي أيضا شاملة للجميع إلا أن الأخيرة لضعفها لا يمكن التعويل عليها.

وأما الأولان فيمكن حمل المطلق فيها على المقيد فيقال بالاكتفاء في القطرات بالدلاء وفي غيرها يحكم لوجوب نزح الجميع بعد إخراج بول الرجل عنه للنص المتلقّى بالقبول.

ويمكن المناقشة فيه بأن الأخبار المذكورة غير معمول بها في ظاهر كلام الأصحاب ، فالبناء عليها مع اعراضهم عنها مشكل جدا.

حينئذ لا يبعد إرجاعهما إلى ما لا نص فيه. ومن يقول بوجوب نزح الجميع فيما لا نص فيه إنما يقول بوجوبه في انصباب بول المرأة من تلك الجهة لا لورود الخصوصية في الصحيحة ، فهي مطرحة على القول المذكور أيضا.

ثم بناء على إلحاق بول المرأة والصبية بما لا نص فيه يجي‌ء الاشكال في بول الخنثى ، وقد نص في الروض (٤) بأنه ينزح له أكثر الأمرين من القدر لبول الرجل وما لا نص فيه ، وهو الوجه لدورانه بين الأمرين ، فيجب الأخذ بالأكثر استصحابا للنجاسة.

واستوجهه في جامع المقاصد ، واحتمل في الروضة (٥) الاكتفاء بالأقل من جهة الأصل ، وهو ضعيف على القول بالنجاسة. نعم ، إنما يتجه على القول بالتعبّد في وجه.

ثم إنه جعل فيه وجوب أكثر الأمرين معلّقا على القول بنزح الثلاثين أو الأربعين لما لا نص فيه ، وهم كما ترى.

__________________

(١) الاستبصار ١ / ٤٥ ، باب البئر يقع فيها الدم القليل أو الكثير ، ح ٢.

(٢) قد تقرأ عبارة « المتقدم أنه » في ( ب ) : « النقد ترأنه » ، صحّحناها بالقرائن ، وليس من عبارة الحديث لأنه نقل بالمعنى ، فراجع.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢.

(٤) روض الجنان : ١٥٠.

(٥) روضة البهية ١ / ٢٦٤.

٢٦٣

تبصرة

في نزح الثلاثين دلوا

ينزح ثلاثون دلوا لماء (١) المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلاب عند كثير من الأصحاب كما في الذخيرة (٢).

وقد نص عليه في الشرائع (٣) والقواعد (٤) وغيرهما.

ويدل عليه رواية كردويه والموجود فيها مضافا إلى المذكورات أبوال الدوابّ وأرواثها ، فعلى القول بطهارتها يكون وجودها كعدمها.

وأمّا على القول بنجاستها فينبغي ضمهما إليها في المقام وكأنهم اقتصروا على الثلاثة المذكورة لذهابهم إلى طهارتهم.

وربما يقال بشمولهما لأبوال وأرواث سائر الدوابّ التي لا يؤكل لحمها فيعمّ الأبوال والأرواث النجسة.

ولا يخلو عن بعد.

والرواية المذكورة بإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن كردويه قد رواه الشيخ في الكتابين (٥) والصدوق في الفقيه (٦) باختلاف يسير عنه أيضا قال : سألت أبا

__________________

(١) في المخطوط : الماء.

(٢) ذخيرة المعاد ١ / ١٣٤.

(٣) شرايع الإسلام ١ / ١١.

(٤) قواعد الأحكام ١ / ١٨٧.

(٥) الإستبصار ١ / ٤٣ ، باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة أو الرطبة ، ح ٥ ، تهذيب الأحكام ١ / ٤١٣ ، باب المياه وأحكامها ، ح ١٩.

(٦) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢ ، باب المياه وطهرها ونجاستها ح ٣٥.

٢٦٤

الحسن عليه‌السلام عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب؟ قال : « ينزح منها ثلاثون دلوا » وإن كانت منجرة (١).

وهي ضعيفة بكردويه فإنه مهمل في الرجال ، ولذا استجود في الذخيرة الرجوع إلى ما دل عليه الأخبار والصحيحة للنجاسات المفروضة.

وقد حكى ذلك عن الحلي حيث قال بأن النجاسة المخالطة على حكمها من نزح الجميع أو المقدر.

ويمكن أن يقال بانجبارها لعمل الجماعة بل ذكر بعض الأفاضل أن الخبر تلقّوه الأصحاب بالقبول عاملين بمضمونه.

مضافا إلى أن للصدوق (٢) طريقا إلى كردويه ، وهو يومي إلى جلالته ، ورواية ابن أبي عمير عنه يومي إلى الاعتماد عليه أيضا بل الظاهر (٣) من جهة تقدّمه بل صحيحة على ما اختاره جماعة من الأصحاب.

ويومي إلى ذلك تكريرها في الاصول المعتبرة.

وكيف كان ، فالتعويل عليها بعد ما ذكرنا بناء على القول بتنجس البئر غير بعيد.

ثم إن البول فيها يعم بول الرجل والمرأة والطفل ، ولا يفيد ذلك النص على حكم بول المرأة ليخرج بذلك عما لا نص فيه ؛ إذا الاكتفاء بذلك مع دخوله في ماء المطر لا يفيد الاكتفاء به مع انفراده على أن البول يستهلك في الماء فلا يبقى له عين ، بل قد لا ينجس الماء في المقام لاعتصام ماء المطر عن الانفعال إلا أن إطلاق الرواية يعم ما اذا كان امتزاج البول به قبل الانقطاع أو بعده.

وبذلك يظهر ضعف ما قد يستشكل في الرواية من أن بعضا من المذكورات له قدر

__________________

(١) في ( ج ) : « منجبرة » ، وهو غلط ، وما أدرجناه من المصدر. قال في هامشه : البئرة المبخرة التي يشم منها الرائحة الكريهة كالجيفة ونحوها.

(٢) في المخطوطة : « الصدوق ».

(٣) هنا فراغ بمقدار لفظة في المخطوط.

٢٦٥

مخصوص يريد وحده ذلك ، فالمنزوح لبول الرجل أربعون دلوا وللعذرة مع الذوبان خمسون ، فكيف يكتفي مع اجتماعها بالثلاثين ؛ إذ لا مانع من أن يكون اختلاطها بماء المطر موجبا لوهن حكمها مضافا إلى أن حكم البئر مبنيّ على التعبد فأيّ مانع من ثبوت الحكم المذكور في الصورة المفروضة؟

وقد يدفع ذلك أيضا بأن الحكم هنا مبنيّ على استهلاك تلك النجاسات في الماء ، فلا بقاء لعينها حتى يرد لانتقال المذكور.

ويدفعه أن الاستهلاك في المقام إنما يتصور في البول وحصوله في غيره بعيد جدا. وعلى فرض حصوله نادرا لا وجه لحمل الإطلاق على الفرض النادر.

مضافا إلى ما فيه من ترك الاستفصال المنزل منزلة العموم في المقال.

وعن بعض الأصحاب حمل الرواية على ما إذا حصل هناك ظنّ بحصول تلك النجاسات في الماء دون ما إذا علم بها فيكون الأمر بالنزح لزوال النفرة الحاصلة من أجل المظنة المذكورة. وهو محمل بعيد.

ولو خالط الماء أحد المذكورات الثلاث اكتفى بالثلثين عند الشهيد أخذا بمفهوم الموافقة.

وحكى في الروض عن بعض الأصحاب اختصاص الحكم بصورة الإجماع ، فلا يعمّ غيره.

ولا يخلو عن ضعف.

واختار في الروض (١) التفصيل بين ما إذا لم يكن له مقدارا وكان ، وكان أكثر. أما لو كان أقل كبول الرضيع الداخل في إطلاق البول المذكور في الرواية أو عمومه فالظاهر الاكتفاء به لأن مصاحبته لماء المطر إن لم يضعف حكمه ـ كما هو الظاهر ـ فلا يزيده.

ويشكل بأن جريان حكم النجاسة في المتنجس بها محل تأمل ، فضعف حكم البول من حيث امتزاجه بالماء لا يقضي ضعف حكم الماء المتنجس به.

نعم ، إن قلنا بجريان حكمه في المتنجس به صح ما ذكر.

__________________

(١) روض الجنان : ١٥١.

٢٦٦

وسيجي‌ء الكلام فيه إن شاء الله.

ولو وقعت المذكورات في البئر من دون الامتزاج بالماء لم يجر فيه الحكم المذكور.

وكذا لو وقع واحد منها حسبما أشرنا إليه.

ولو تنجس ماء المطر بالنجاسات المفروضة من دون امتزاجه بها لو تنجس بواحد منها كذلك فالظاهر الاكتفاء بالثلاثين لدلالة الفحوى.

ولو امتزجت بغير ماء المطر ففي جريان الحكم فيه تأمل من خروجه عن مورد النص أنه بمعناه ؛ إذ لا يظهر فرق بين المياه في ذلك.

ويؤيد الثاني ذكر « ماء الطريق » بدل ماء المطر في الرواية المذكورة على ما في الفقيه (١).

ولو خالطت الماء المضاف أو غيره من المائعات فالظاهر عدم جريان الحكم المذكور.

هذا ، ثم إن قوله عليه‌السلام ... (٢)

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢ باب المياه وطهرها ونجاستها ح ٣٥.

(٢) إلى هنا في نسخة ( ج ) ، وهذه الصفحات ساقطة من بقية النسخ ، فاغتنمها.

٢٦٧

تبصرة (١)

[ في المضاف والأسئار ]

وعرّف بأنّه ما لا يصدق عليه اسم الماء بإطلاقه.

وقد يرد عليه سائر المائعات لاشتراكها معه في عدم صدق الماء كذلك. ولذا زاد بعضهم التقييد بقوله « مع (٢) صدقه عليه مع القيد ».

ويمكن الجواب عنه بأن تقييد النفي بالإطلاق (٣) بنفيه مع انتفائه فيصدق عليه « مع القيد » إرجاعا للنفي إلى القيد.

وقد يقال : إنّه إن أريد صدق الماء عليه مع الإضافة على سبيل الحقيقة ، فهو لا يوافق ما ادّعوه من مجازيّة الماء فيه ، وجعل التقييد قرينة عليه.

وإن أريد صدقه عليه على سبيل المجاز فنقول بصحة إطلاق الماء على كثير من سائر المائعات على سبيل المجاز كماء العين وماء الأنف ونحوهما.

ويمكن الجواب بأنّ لفظ الماء مقيّدا بالمضاف أو المجموع المركّب من اللفظين حقيقة فيه بخلاف سائر المائعات ، فإنّ صدق الماء عليها ولو مع الإضافة على سبيل المجاز.

والحاصل أن الماء المضاف يصدق حقيقة على كلّ من المياه المضافة قطعا بخلاف غيرها من الماء المطلق وسائر المائعات المذكورة.

وما ذكروه من مجازيّة الماء في المضاف إنّما أرادوا به لفظ الماء مع إطلاقه كما هو قضية

__________________

(١) في ( د ) : « الفصل ».

(٢) لم ترد في ( د ) « مع صدقه عليه ».

(٣) في ( د ) : « بالإطلاقات قاض بدل : « بالإطلاق ».

٢٦٨

التبادر وغيره من علائم الحقيقة ، والمجازية (١) (٢) ( فيه كذلك لا يستلزم مجازية مع التقييد مع وجود علائم الحقيقة فيه واستحقاق ) المطلق للفظ الماء مع أن الاطلاق لا يستدعي استحقاقه مع التقييد بالمضاف ؛ نظرا إلى وجود المطلق فيه لوضوح أن المراد بالمطلق هنا ما كان من دون القيد المذكور ، فاستحقاقه له بشرط لا (٣) يقضي باستحقاقه مع الشرط إذ هو فرع وضع اللفظ ، وهو ما يختلف باختلاف القيود والاعتبارات المأخوذة فيه.

وقد يقال : بأن المراد من استحقاقه للماء مع القيد هو استحقاقه للفظ الماء المضاف إلى خصوصيّة ما انضمّ إلى الماء كماء الورد وماء الزعفران وماء اللحم ونحوها حسبما مرّ ، فالمقصود في الحد هو ذلك.

وهذا إنّما يتمّ مع دعوى كون ذلك حقيقة فيه ، وإلّا جاء الإشكال المذكور ، ولا بعد فيه أيضا كما مرّت الإشارة إليه.

إلّا أنّ الحمل على الأعم بحيث يشمل لفظ الماء المضاف هو الأولى كما هو واضح ؛ نظرا إلى الإطلاق والاعتبار.

ثمّ إنّه ينقسم [ الماء ] إلى الممتزج والمعتصر والمجمّد (٤).

وخصّه في الشرائع بالأولين. ولا يخلو من وجه ؛ إذ في الصعيد نحو من المزج أو الاعتصار ، إذ لو جمد في الاعتصار حقيقة لزم خروج ما يخرج من الأجسام من دون عصره كالماء الخارج من اللحم أو البقول بسبب النار ونحوها من الأقسام.

ثم إنّ انحصاره في الأقسام المذكورة غير معلوم ، ولو قلنا بجواز خروج الماء من الإطلاق لطول المكث كان رابعا للأقسام.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « مع التقييد بالمضاف نظرا إلى وجود » ، بدل ما بين الهلالين.

(٢) في ( د ) : « مجازيته » بدل : « المجازيّة ».

(٣) زيادة في ( د ) : « لا ».

(٤) في ( د ) : « المصعّد ».

٢٦٩

تبصرة

[ في امتزاج المضاف بالمطلق ]

لو امتزج المضاف بالمطلق لوحظ صدق الاسم سواء اختلفا في الأوصاف أو (١) اتفقا مع انسلاب صفة المضاف أو زيادة صفة مما ثلة لصفة المضاف في الماء. وهو واضح ؛ إذ لا تقييد في الشرع ، فيدور الحكم مدار الاسم كما هو الشأن في غيرها.

والحكم في الأوّل موضع وفاق قد حكي الإجماع عليه من جماعة على ما ذكره صاحب المدارك (٢) وأخوه (٣).

وأمّا الثاني فقد نصّ جماعة بما قلناه منهم العلّامة والشهيد وصاحب المدارك والذخيرة وغيرهم. وهو قضيّة إطلاق جماعة.

وقد خالف فيه الشيخ والقاضي حيث حكم الأوّل في مسلوب الصفة من المضاف إذا خالط الماء أنّ العبرة في الخروج من الإطلاق بأكثرية المضاف للأصل والاحتياط إلا أنه احتياط ما يجمع بين الوضوء والتيمّم.

ونصّ الثاني بأنّ العبرة بأكثرية الماء للأصل والاحتياط ، [ و ] في شرح النافع للسيد نور الدين حكاية الشهرة على اعتبار الأكثر منهما.

ثمّ ذكر قول الشيخ مع المساواة ، وعن العلامة تقدير المخالفة في الصفة كالحكومة في الحر.

وهل يعتبر حينئذ أوسط الأوصاف أو أضعفها؟ وجهان ؛ والأوّل محكيّ عن الشهيدين والمحقق الكركي ، والثاني عن صاحب المعالم.

__________________

(١) في ( ب ) : « و ».

(٢) مدارك الأحكام ١ / ١١٤.

(٣) في ( ب ) : « آخره ».

٢٧٠

ويعلّل الأوّل بالأغلبيّة والثاني بأنّه لو بقي شي‌ء من الأشدّ لم يقدر الزائد قطعا فلا يقيد أيضا مع زوال الجميع.

وكأنّ إطلاق (١) المذكور مبني على التحقيق في صدق الاسم أو في بيان الحكم في صورة الشك ، وإلّا فالرجوع في مثله إلى صدق الاسم بعد تحققه مما لا ينبغي الريب فيه.

والقول بدوران صدق ( الاسم ) (٢) على أكثرية الماء أو المضاف ضعيف جدّا ، وكذا اعتبار التقدير في الاستكشاف ؛ لتفاوت الحال في الخروج عن الاسم بين وجود الصفة وعدمها ، أو اشتدادها وعدمها فلا يمكن استكشاف الحال بالتقدير.

فالأظهر أن يقال له (٣) : إن تبيّن الحال بعد مراجعة العرف فلا إشكال ، ومع الشك يتقوى البناء على بقاء طهارته واعتصامه عن الانفعال إن كان معتصما بالكثرة أو غيرها ؛ استصحابا لطهارته ، والحكم عدم طهوريّته لتعارض الأصل من الجانبين ، وقضية الأصل بقاء الحدث أو الخبث الحاصلين.

ودعوى أصالة بقاء كلّ على حاله ـ فكلّما مرّ على المضاف مرّ عليه المطلق أيضا وهو كاف في الإزالة والرفع كما ذكره البعض ـ بيّنة الوهن ؛ لوضوح أنّ الماءين بعد امتزاجهما لا يبقى كلّ منهما على الحالة (٤) السابقة ثمّ (٥) إنّه لو وجد من المطلق ما لا يكفيه للطهارة وتمّمه (٦) من المضاف بما لا يسلبه الإطلاق جاز الوضوء به حسبما عرفت ، وقد نصّ عليه جماعة منهم الشيخ والفاضلان ، وعن غير واحد من الأفاضل حكاية الاتفاق عليه.

وهل يجب عليه ذلك مع انحصار الأمر فيه ولا يسوغ له التيمّم مع المكنة منه؟ قولان ؛ والأشهر فيه الوجوب.

__________________

(١) في ( د ) : « الخلاف ».

(٢) الزيادة في ( د ).

(٣) في ( د ) : « إنّه ».

(٤) في ( ألف ) : « حالة ».

(٥) لفظة « ثمّ » أدرجناها من ( د ).

(٦) في ( ألف ) : « عمه ».

٢٧١

وقد نصّ عليه العلامة والشهيدان وصاحب المدارك والذخيرة وغيرهم. وذهب الشيخ في المبسوط إلى انتفاء الوجوب ، وتبعه صاحب الدلائل ، وربّما يميل إليه في الإيضاح.

وعن المعتبر التردّد فيه ، والظاهر الأوّل لتمكنه من الطهارة الاختياريّة ، فلا ينتقل إلى الاضطرارية.

والظاهر أن المراد من وجدان الماء المذكور في الآية هو التمكن منه لا وجوده عنده كما قد يتوهّم ؛ إذ ذاك ممّا لا يشترط فيه قطعا ، ولذا يجب الطلب والتحصيل مع الإمكان.

ويدلّ عليه أيضا أن الظاهر أنّه لا تأمّل في وجوب إذابة الثلج ونحوه مع انحصار الأمر فيه مع أنّه من قبيل إيجاد الماء لخروجه بالجمود عن المائية.

وقد يستدلّ للشيخ بأنّ المزج لا يقتضي بإيجاد حقيقة الماء وإنّما يوجب الاشتباه على الحسّ ، فمع عدم العلم بعدم استيفاء الماء للأعضاء لا يصحّ العمل.

وكأنّه الوجه في حكم الشيخ عند العلّامة والشهيد الثاني في الروض حيث حكما بالتناقض بين حكميه ـ أعني الحكم بعدم وجوب المزج مع الانحصار والقول بصحة الوضوء مع المزج ـ ، وأجاب عنه في الإيضاح بأنّ حكم الشيخ في المقام مبنيّ على توقّف وجوب الوضوء على وجود الماء والتمكّن منه ، فلا يجب إيجاده (١) أو لا يجب تحصيل مقدمة الواجب المشروط ، فلا منافاة بين عدم وجوب المزج ووجوب الوضوء مع حصوله.

وعن الدلائل أنّ المتأخرين أطبقوا على فساد التعليل المذكور.

قلت : والوجه فيه واضح ؛ إذ لو جعل المكنة من الماء شرطا في وجوب الوضوء كما ذكرناه ممنوع ولا يترتب عليه عدم وجوب الإكمال ؛ إذا المفروض حصول المكنة في المقام ، إذ التمكّن من إيجاده تمكن منه وإن جعل وجود الماء شرطا فيه فهو ممنوع ، ولو استند فيه إلى ظاهر الآية فقد عرفت ما فيه. كيف وظاهرها اعتبار الوجدان ولا يقول أحد باعتباره فيه.

__________________

(١) في ( ألف ) : « اتّحاده ».

٢٧٢

على أنّه لو قيل باشتراط مجرد الوجود فيه مع وضوح فساده فهو حاصل في المقام لوجود الماء في نفسه.

فظهر بذلك (١) ما في كلام بعض الأفاضل (٢) من أنّ وجوب الطهارة (٣) المائية مشروط بالنسبة إلى إيجاد الماء وإن لم يكن مشروطا بالنسبة إلى تحصيله والوصول إليه ؛ لما عرفت من انتفاء الدليل عليه وعدم ظهور الآية ، بل الظاهر من الأخبار خلافه كما سبق في مباحث التيمّم.

هذا ، ونظير المسألة ما لو تمكّن من استخلاص المطلق من المضاف كتميّز الماء من الطين عند امتزاجه وخروجه عن اسم الماء ، فلا يجب ذلك بناء على التعليل الأخير.

ثم إنّه لا فرق بين كون الممزوج من المضاف أو غيره من المائعات بل الجوامد إذا توقف عليه الاستعمال كما إذا نقص الماء من الكرّ بحسب الوزن فتوقف تمكّنه من استعماله على خلطه بشي‌ء من التراب ، فيتمكّن من استعماله بعد الاعتصام.

__________________

(١) زيادة في ( د ) : « ضعف ».

(٢) زيادة في ( د ) : « الفاضل الهندي ».

(٣) في ( ب ) : « طهارة ».

٢٧٣

تبصرة

[ في تنجس المضاف ]

لا خلاف بين الأصحاب في طهارة المضاف في نفسه وانفعاله بالملاقاة ولو كان كثيرا أضعاف الكرّ. وقد حكى الإجماع على انفعاله بالملاقاة جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان والشهيدان.

ويدلّ عليه بعد ذلك القاعدة المسلّمة من تنجيس النجس ملاقيه (١) مع الرطوبة.

وقد دلّ عليه في المقام غير واحد من الأخبار كخبر السكوني عن الصادق عليه‌السلام أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة؟ قال : « يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل » (٢).

ورواية زكريا بن آدم ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قطرة نبيذ أو خمر مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير؟ قال : « يهراق المرق أو يطعم أهل الذمة أو الكلب ، واللحم اغسله وكله » (٣).

والمناقشة في إسناد الخبرين أو دلالتهما بعد وضوح الحال وموضوعيّة الحكم واعتضادهما بالاتفاق المعلوم والمنقول ليس في محلّها.

ثمّ إنّ الحكم في الساكن المتساوي السطوح ظاهر ، وكذا في مختلفها مع الوقوف وإن حكم بتعدّدهما في بادي الرأي كالحوضين الموصول بينهما بساقية ولو كانت دقيقة.

__________________

(١) في ( د ) : « لما يلاقيه » بدل « ملاقيه » ، وكلاهما صحيح.

(٢) الكافي ٦ / ٢٦١ ، ح ٢ ؛ الإستبصار ١ / ٢٥ ، ح (٦٢) ٥ ؛ تهذيب الأحكام ٩ / ٨٧ ، ح ١٠٠ ؛ وسائل الشيعة ١ / ٢٠٦ ، ح ٣.

(٣) الإستبصار ٤ / ٩٤ ، ح (٣٦٣) ٩ ؛ تهذيب الأحكام ١ / ٢٧٩ ، ح ١٠٧ ؛ وسائل الشيعة ٣ / ٤٧٠ ، ح ٨.

٢٧٤

ويأتي على قول من زعم من شذوذ من المتأخرين من عدم سراية النجاسة في الماء القليل المتفرّق مع اتصال بعضه بالبعض إلى ما تباعد عن محل الملاقاة جريانه في المقام لا طراد العلّة فيه.

وقد أشرنا إلى ضعفه فيما مرّ.

ولو كان جاريا متدافعا ـ سواء تساوى سطوحه أو اختلف ، اتحد الماء في بادي الرأي أو تعدد ـ تنجّس محل الملاقاة وما دونه قولا واحدا.

وأمّا ما فوقه فإن كان علوّه على سبيل التسنيم لم ينجس قطعا ، وقد حكى بعض الأجلّة الاتّفاق عليه.

ويدلّ عليه بعد ذلك الأصل ؛ إذ قضية الانفعال بالنجاسة تنجّس ما لاقى النجاسة في محل الملاقاة ؛ إذ لا معنى لتأثير النجاسة في غير ما يلاقيه ، ونجاسة الجميع في (١) المائعات إنّما يأتي من جهة السراية ، ولما كانت النجاسة من جهتها على خلاف الأصل فلا بدّ فيه من الاقتصار على محلّ الإجماع ، وهو الميعان مع استواء السطوح أو كونه ما دون محلّ الملاقاة فيبقى ذلك مندرجا تحت الأصل.

وكذا ما إذا كانت الرطوبة من دون الميعان ، فإنّه يختص النجاسة بمحل الملاقاة ولا تسري منه إلى غيره مطلقا.

فإن قلت : إنّ قضية الأصل سراية النجاسة مع الرطوبة ، فإنّه إذا تنجّس (٢) محل الملاقاة تنجّس ما يلاقيه به لكونه ملاقيا للنجس بالرطوبة و .. هكذا ، فما دلّ على تنجيس النجس بالملاقاة دالّ عليه ، فلا حاجة إلى ملاحظة نصّ أو إجماع في خصوص السراية.

قلت : فرق ، (٣) بين سبق حصول النجاسة على الملاقاة ولحوقه ، والذي قام الدليل على كونه سببا للتنجيس إنّما هو الأوّل ؛ إذ هو مورد الإجماع ، وأما الملاقاة السابقة فلا يوجب

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « في ».

(٢) لم ترد في ( ب ) : « تنجّس محلّ الملاقاة ».

(٣) زيادة في ( د ) : « بيّن ».

٢٧٥

تنجيس الغير لخروجه عن مورد الإجماع.

ويشهد له أنّه لا يصدق عرفا ملاقاة سائر الأجزاء للنجاسة وإن صحّ كونه ملاقيا بالتدقيق المفروض فلا عبرة به بعد خروجه عنه في ظاهر العرف.

لا يقال : إنّه ليس هناك لفظ يدلّ على اعتبار الملاقاة في التنجيس ليقال فيه بالرجوع فيه إلى العرف ، فلا يندرج فيه الصورة المفروضة ؛ إذ من الواضح أنّ العقل لا مسرح له في باب النجاسات ، والذي قام عليه الإجماع في تأثير النجاسة مع الملاقاة هو الصورة الأولى وهو الّذي ينصرف إليه إطلاقات (١) الملاقاة دون الصورة الأخيرة ، وصدق الملاقاة هناك بملاحظة تدقيق العقل لا يقضي بالنجاسة كما (٢) عرفت ، فيلزم البناء على مقتضى الأصل لخروجه عن موارد (٣) الإجماع.

نعم ، قد دلّ الإجماع وغيره على سراية النجاسة في الصورة المفروضة مع الميعان فيقتصر عليه.

وليس في الأدلة ما يفيد إطلاق تنجيس النجاسة بالملاقاة على نحو يشمل المفروض من نصّ أو إجماع ؛ أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فلعدم استفادته من كلمات الأصحاب بل ملاحظة إطباقهم على بطلان السراية في غير المائع ـ وكذا ما حكم جماعة به في المقام ـ يشهد بخلافه.

وربّما علّله كثير منهم بالأصل. وفيه أقوى شاهد على عدم الاكتفاء بالملاقاة السابقة.

فقد ظهر بما قرّرنا أن سراية النجاسة عن محلّ الملاقاة على خلاف الأصل ، فلا بدّ من الاقتصار فيه على مورد الدليل ويحكم في غيره على مقتضى الأصل ومنه ما (٤) على محلّ الملاقاة كما هو المفروض في المقام.

__________________

(١) في ( د ) : « اطلاق ».

(٢) لم ترد في ( ب ) : « كما عرفت .. سراية النجاسة ».

(٣) في ( د ) : « مورد ».

(٤) زيادة في ( د ) : « علا ».

٢٧٦

فإن قيل : إنّ ما دلّ على انفعال المضاف بالملاقاة يدلّ على انفعال جميعه مع ملاقاة النجاسة لبعضه ، فإذا فرض اتحاده في العرف ففي ذلك بانفعال جميعه ؛ أخذا بإطلاق الدليل.

قلنا : لم نجد الإطلاق المذكور في شي‌ء من الأخبار ليقوم (١) حجة على المطلوب ، وما ورد في كلمات الأصحاب محمول على غير تلك الصورة لتصريح جماعة منهم بعدم التسرية ، فلو لا انعقاد الإجماع على انتفاء النجاسة في المقام فلا أقلّ من عدم قيام الإجماع على خلافه ، فلا يتمّ الاحتجاج بالإجماع أيضا.

وما قد يقال : من أن قضيّة ما دلّ على تنجّس القليل بالملاقاة إنّما يدلّ على نجاسة الكلّ به من دون حاجة إلى ملاحظة قاعدة السراية ، فيثبت ذلك في المضاف بالأولى ؛ إذ لا يزيد حكمه على الماء.

مدفوع ـ بعد المناقشة في الأولوية ـ بأنّ السراية إلى العالي منتفية في الماء إجماعا بل ضرورة ، فكيف يمكن الاحتجاج بالأولويّة : مع عدم ثبوت الحكم في الأصل على أنّه ليس في أدلّة انفعال القليل إطلاق بيّن يدل عليه بل معظم ما دل عليه أخبار حاكمة بنجاسته في موارد مخصوصة (٢) كذلك مشكل جدا.

فظهر بما ذكرنا صحّة احتجاج صاحب المدارك (٣) في المقام للأصل السالم عن المعارضة (٤). واتّضح فساد ما قد يتسارع إلى بعض الأفهام من الحكم بسراية النجاسة في المقام.

هذا ، ولو كان العلو على غير نحو التسنيم ففي طهارة العالي وجهان (٥) لا يبعد القول (٦) به

__________________

(١) في ( ب ) : « يقوم ».

(٢) زيادة في ( د ) : « لا يندرج فيها نحو ذلك. نعم ، في أخبار الكرّ إن ثبت إطلاقها بالنسبة إلى ذلك إشارة إلى ذلك إلّا أنّ الحكم بإطلاقها ».

(٣) مدارك الأحكام ١ / ١١٤.

(٤) في مخطوطة ( ألف ) : خ. ل وفي ( د ) : المعارض.

(٥) زيادة في ( د ) : « و ».

(٦) في ( د ) : « بها ».

٢٧٧

مع الانحدار التام (١) على ما مرّ نظيره في الماء (٢) لو كان الدفع من السافل إلى العالي كالفوارة ، ففي ثبوت السراية وجهان.

__________________

(١) في غير ( د ) : « انحدار المقام ».

(٢) في ( د ) زيادة : « و ».

٢٧٨

تبصرة

[ في الاختلاف في طهورية المضاف أحيانا ]

المعروف من المذهب ان المضاف كسائر المائعات لا طهورية فيها عن الحدث ولا الخبث في حال الاختيار ولا الاضطرار ، وقد وقع هناك خلاف ضعيف.

أما الأول فقد خالف فيه الصدوق في ظاهر الهداية (١) والفقيه بالنسبة إلى خصوص ماء الورد (٢) إلى قوم من أصحاب الحديث ، والظاهر اختصاص الخلاف بماء الورد دون غيره من أنواع المضاف.

ويشهد له ما في المعتبر (٣) حيث قال : اتّفق الناس جميعا على أنّه لا يجوز الوضوء بغير ماء الورد من المائعات ، ولم نجد من وافقه ممّن سبقه أو تأخر عنه سوى صاحب المفاتيح. وهو ضعيف جدا للأصل والإجماع على الظاهر المصرّح به في التهذيب (٤) والإستبصار (٥) والغنية (٦) والشرائع (٧) والنافع (٨) والمنتهى (٩) والتذكرة والسرائر (١٠) والطالبيّة.

__________________

(١) انظر : الهداية ٦٤.

(٢) في ( ب ) و ( د ) زيادة : « حيث جوّز الوضوء والاغتسال به وحكي ذلك عن أماليه أيضا. وعزا في الخلاف جواز التوضؤ بماء الورد » ، انظر : أمالي الصدوق : ٧٤٤ ، ح ١٠٠٦.

(٣) المعتبر ١ / ٨٢ ، الفقيه : ١ / ٣٤٥.

(٤) التهذيب ١ / ٢١٩ ، ذيل ح ٦٢٧.

(٥) الإستبصار ١ / ١٤ ، ذيل ح ٢٢٧.

(٦) الغنية : ٥٠.

(٧) الشرائع ١ / ١٢.

(٨) المختصر النافع : ٣.

(٩) المنتهى ١ / ١١٨.

(١٠) السرائر ١ / ٥٩.

٢٧٩

ونفى عنه الخلاف بين الطائفة في المبسوط وبين المحصّلين في السرائر.

و ( في ) (١) الذكرى (٢) أن الصدوق مسبوق بالإجماع.

وفي الروض (٣) وغيره : مسبوق بالإجماع ملحوق به.

وفي شرح القطيفي : إن الفتوى على عدم دفعه والقول به شاذّ لا يعوّل عليه.

وعن غاية المرام وكشف الالتباس الإجماع عليه ممّن عدا الصدوق.

وفي شرح التهذيب للفاضل الجزائري : أطبق أصحابنا إلّا الصدوق على عدم جواز الطهارة بالماء المضاف ، وظاهر (٤) الآية الشريفة الحاكمة بانتقال الحكم إلى التيمّم مع عدم وجدان الماء الصادق مع وجدانه ، وقوله عليه‌السلام في خبر أبي بصير وقد سأله عن الماء باللبن (٥) : « لا إنّما هو الماء والصعيد » ، مضافا إلى اعتضاده بالشهرة العظيمة بل الإجماع محققة كما عرفت.

ويؤيّده الحكم بطهورية الماء المطلق في معرض الامتنان ، ولو تمّ (٦) الحكم لغير المطلق لأشير (٧) إليه بحسب المقام ليكون الامتنان أكمل (٨) ، وإن ظاهر إطلاق الغسل في الآية والأخبار قد ينصرف إلى ما يكون بالماء إما لأخذه في مفهوم الغسل أو لأنّه الفرد الغالب ، فتعيّن للاستعمال ، وكان مستند الصدوق في ذلك رواية يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ للصلاة ، قال : « لا بأس » (٩).

__________________

(١) الزيادة من ( د ).

(٢) الذكرى : ٧.

(٣) الروض : ١٣٢.

(٤) في ( د ) : « لظاهر ».

(٥) الإستبصار : ١ / ١٤ ، ح (٢٦) ٢ و ١٥٥ ، ح (٥٣٤) ١ ؛ التهذيب ١ / ١٨٨ ، ح (٥٤٠) ١٤ ؛ الوسائل ١ / ٢٠١ ، ح ٥١٨ ، ٣ / ٣٥١ ، ح (٣٨٤٣) ٦.

(٦) في ( د ) : « عمّ ».

(٧) في ( ب ) : « لا يشير ».

(٨) في ( ب ) : « الحمل ».

(٩) الإستبصار ١ / ١٤ ، ح (٢٧) ٢ ؛ التهذيب ١ / ٢١٨ ، ح ٦٢٧ ؛ الوسائل ١ / ٢٠٤ ، ح ٥٢٣.

٢٨٠