تبصرة الفقهاء - ج ١

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-000-6
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٥٢٨

هو الغاسل ، ولا أقلّ من الشك فلا يتمّ البراءة.

ولو لم يتعمد الآخر صبّ الماء عليه ففي الاجتزاء به وجه.

ولو نواه بمجرّد الكون في الماء احتمل الجواز.

والأقوى عدم الاجتزاء ؛ لمكان الشكّ في صدق اسم الغسل بمجرّده.

وقد يتخيّل عدم الاجتزاء في الوجوه المتأخرة ، فلا ينصرف الإطلاق إليها.

ويضعّفه أنّ مجرّد جريان الطريقة على نحو مخصوص لا يوجب صرف الإطلاق مع وضوح كون المذكورات من أنواع الغسل ، بل وشيوعها في غسل النجاسات ، سيّما بالنسبة إلى أوّل الخطابات.

وقد ورد في الصحيح الاكتفاء فيه بإصابة المطر مع غسله العضو.

والظاهر الاجتزاء بإمرار الخرقة النديّة على العضو بحيث يحصل به إجراء الرطوبة من جزء إلى آخر.

وكذا لو أمرّ الثلج أو مسح يده النديّة على العضو.

وفي القوي : « اغسله من أعلا وجهك إلى أسفله بالماء مسحا ، وكذلك فامسح الماء على ذراعيك ورأسك وقدميك » (١).

وهي محمولة على خصوص الجريان في المسح في غير الرأس والقدمين ، فيقيّد ما قلناه.

وفيه إشارة إلى عدم المباينة بين كلّ من المسح والغسل ، وسيجي‌ء الإشارة إليه.

__________________

(١) قرب الإسناد : ٣١٢.

٤٨١

تبصرة

[ في غسل ظاهر الوجه ]

يجب غسل ظاهر الوجه من البشرة والشعر المختصّ به ، فلا يجب الاستبطان فيما ستره الشعر كالحاجبين.

وفي الصحيح : « كلّ ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه ولا يبحثوا عنه ، ولكن يجري عليه الماء » (١).

فاللحية الكثيفة لا يجب تخليلها ، وهو محلّ وفاق.

وحكي في اللحية الخفيفة قولان ، والأقوى عدم وجوب غسل ما أحاط به الشعر بحيث يستر البشرة دون ما ترى منه ؛ إذ الظاهر من الصحيحة المتقدمة ذلك ، وهو الظاهر أيضا من الصحيحة الأخرى عن (٢) « الرجل يتوضّأ أيبطن لحيته؟ قال : لا » (٣) ؛ إذ ظاهر (٤) الإبطان ايصال الماء تحت الشعر الحاجب للبشرة.

والخلاف المحكي عن السيد (٥) والإسكافي في ذلك غير ظاهر ؛ إذ لا إشعار في العبارة المحكيّة عنها في ذلك ، بل الظاهر منها هو ما ذكرناه.

فالظاهر أن وجوب غسل المواضع الغير المستورة بالشعر ممّا لا خلاف فيه.

وعن المقاصد العليّة حكاية الإجماع عليه.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ٣٦٤ ، باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح ٣٦.

(٢) في ( ألف ) : « من ».

(٣) الكافي ٣ / ٢٨ ، باب حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل ، ح ٢.

(٤) زيادة في ( ب ) : « العلّامة في المختلف والشهيد في الألفيّة ».

(٥) الناصريات : ١١٤.

٤٨٢

وعن الأنوار القمريّة نفي الخلاف عنه.

وهو الظاهر من جامع المقاصد (١) والروض (٢).

وذكر المحقّق الكركي أنّه ممّا لا كلام فيه ، فيكون محلّ الخلاف إذن بمقتضى ما ذكره الجماعة في غسل البشرة المستورة بالشعر المفروض.

وحينئذ فلا تأمّل في وجوب غسل المستورة لما عرفت من الأدلّة بل لا يبعد نفي الخلاف عنه أيضا.

وعن بعض الأصحاب دعوى الاتّفاق على عدم وجوب غسله ، وقد جعل النزاع في البشرة الظاهرة على عكس الجماعة المتقدّمة ، فإذا بني على الجمع بين الإجماعين المذكورين ـ كما هو الأظهر ـ يعود النزاع لفظيّا. وبذلك يظهر بعد جعل النزاع في كلّ من الجانبين.

وقد حكى بعض الأفاضل عن البعض تخصيص الخلاف (٣) بالبشرة المستورة تحت الخفيفة بناء على عدم الخلاف في وجوب غسل الظاهر كما حكي عن آخرين عكسه مدّعيا (٤) للاتّفاق على عدم وجوب غسل المستورة.

وبعضهم خصّ الخلاف بالخفيفة الّذي يكون غالبه مستورا ، ويصدق عليه عرفا أنّه المناط به الشعر وإن لم يصدق لغة.

وهو أيضا كما ترى.

وكأنّ الخلاف في الخفيف الذي يستر البشرة في بعض الأحيان دون بعض ، فهل يغلب (٥) جانب الستر ، فلا يجب غسله حال الظهور أيضا أو بالعكس؟

__________________

(١) جامع المقاصد ١ / ٢١٤.

(٢) روض الجنان : ٣٢.

(٣) زيادة في ( د ) : « إلى المستورة. وقد عرفت ما فيه ، فلا يتّضح إذن في المقام ما يصلح أيكون محلّا للكلام وبعضهم خصّ .. إلى آخره فكما أنّه لا خلاف ظاهرا في عدم وجوب غسل المستور فلا يتّضح في المقام ما يصلح أن يكون محلّا للكلام وبذلك يظهر بعد ما حكي عن البعض من تخصيص الخلاف ».

(٤) في ( ألف ) : « عدميّا ».

(٥) في ( د ) : « يتغلّب ».

٤٨٣

والأقوى فيه إذن أنّ وجوب الغسل أمّا حال الظهور فظاهر ، وأمّا مع عدمه للشك (١) في قيام الشعر مقام البشرة وانتفاء اليقين بالبراءة مع عدمه.

ويحتمل التفصيل بين الحالين ، فيجب حال الظهور دون غيره.

ويتقوّى القول به في المتدلّي على البشرة ، فلو (٢) كشف عن الكثيف (٣) فظهرت البشرة احتمل وجوب غسله ، والصحيحة تدلّ على عدم وجوبه [ .. ] (٤) الكشف.

ولو لم يستر الحاجب لون البشرة وجب غسل ما تحته ، وإنّما يجب غسل ما يتراءى من البشرة تحته دون ما احتجب بالشعر.

ويحتمل إجراء الخلاف في اللحية الخفيفة هنا أيضا ، والأعمّ الخارج عن المعتاد إنّما يغسل ظاهر غمته ، ولا يجب عليه الاستبطان عملا بالاطلاق المذكور.

وكذا الكلام في سائر الشعور النابتة في الوجه سواء كانت في المحلّ المعدّ له أو غيره.

ثمّ إنّ الظاهر سقوط الغسل عن البشرة المستورة بتكاثر الشعر ، فالمستورة بتدلّي الشعر الواحد ونحوه لا يسقط غسله ، ولو تدلّى الشعر من غير محلّ الغسل عليه لم يجب غسله بل تعيّن غسل ما تحته ، أمّا المتدلّي من بعض مواضع الغسل على آخر فإن خرج عن حدود الوجه لم يجب غسله قطعا وإن لم يخرج فالظاهر وجوب غسله مطلقا.

وهل يكتفى به عن غسله ما تحته كذلك أو يقتضي بغسل الشعر عن غسل البشرة بالنسبة إلى منابتها وما يفارقها ؛ أخذا بظاهر ما يتراءى من الصحيحة المتقدّمة؟ وجهان ؛ أوجههما الأوّل مع صدق كونه مخاطبا للشعر ، وإلّا لزم غسله في وجه قويّ.

ثمّ إنّ الزيادات الحاصلة في المحلّ المغسول كالبثور واللحم الزائد تابعة للمحلّ في وجوب الغسل ؛ لدخولها في اسم الوجه ، وإن كانت في الذقن.

__________________

(١) في ( د ) : « فللشكّ ».

(٢) في ( د ) : « ولو ».

(٣) في ( ألف ) : « الكشف ».

(٤) هنا فراغ في النسخ المخطوطة.

٤٨٤

ويحتمل (١) عدم وجوب غسلها إذا خرجت عن منتهى الذقن ، والظاهر وجوبه مع دخولها في اسم الذقن ، ولذا يجب غسل الشعر النابت عليه المختصّ.

ولو خرجت من حدّه بحيث لا يشمله اسم الوجه ففيه إشكال مع ارتفاع بشرة الوجه معها ، والأظهر فيه أيضا عدم الوجوب.

__________________

(١) في ( ألف ) : « يحمل ».

٤٨٥

تبصرة

[ في غسل اليدين ]

الثاني والثالث من أفعال الوضوء : غسل كلّ من اليدين إلى المرفقين ، بلا خلاف بين الامّة بل هو من ضروريّات الدين.

ويجب غسل المرفقين بلا خلاف فيه.

وهل ذلك لدخوله في اليد أو لكونه مقدّمة للعلم؟ وجهان ، بل قولان مبنيّان على دخول الغاية في المغيّى وخروجها.

ويتفرّع عليه وجوب إدخال جزء من العضد في المغسول وعدمه.

وقضيّة الاحتياط في تحصيل البراءة اليقينيّة ترجّح الأوّل سيّما على القول بكون ألفاظ العبادات بإزاء الصحيحة مضافا إلى الصحيحة.

تبصرة (١) : الثاني والثالث من أفعال الوضوء غسل اليدين إلى المرفقين بلا خلاف فيه بين الأمة ، بل هو من ضروريّات الملّة. وظاهر الأصحاب وجوب غسل المرفقين.

وفي جوامع الجامع (٢) : إنّه مذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه.

وفي المدارك (٣) : إنّه قد قطع الأصحاب بوجوب غسل المرفقين.

وعلّله بأنّ « إلى » في الآية بمعنى « مع » أو أنّ الغاية مع عدم التميّز داخلة في المغيّى ،

__________________

(١) العبارات الأولى من هذه التبصرة تكرار لما قبلها ، إلّا أنها تختلف طريقة البحث عن الموضوع ، ولعلّ إحداهما مسودّة المؤلف قدّس سره ، فتأمّل.

(٢) تفسير جوامع الجامع ١ / ٤٧٨.

(٣) مدارك الأحكام ١ / ٢٠٣.

٤٨٦

فالظاهر من كلامه كون المذهب على وجوب غسلهما بالأصالة.

وعن مشرق الشمسين (١) بعد ما استند في إدخال المرفق في الغسل إلى فعل المغيّى أنّه قد أطبق جماهير الأمّة أيضا على دخوله ، ولم يخالف في ذلك إلّا شرذمة من العامّة لا يعتدّ بهم ولا بخلافهم.

وفي الأنوار القمريّة : الظاهر من كلام الأصحاب أنّه لا خلاف في وجوب غسلهما ، وإنّما الخلاف في سبب وجوبه أنّه النصّ أو من باب المقدّمة.

قلت : ويتفرّع عليهما وجوب إدخاله (٢) جزء من العضد في المغسول وعدمه.

وقد حكي القول بالأخير عن العلّامة في المنتهى (٣) وجمع من المتأخرين ، ونفي عنه البأس في المدارك (٤).

ويضعّفه أنّ غسله من باب المقدمة العلميّة لا يتوقّف على غسل جميع المرفق بل يكتفي فيه ببعض أجزائه المتّصلة بالذراع.

وكيف كان ، فبملاحظة الاحتياط الواجب في المقام بعد تسليم انتفاء الدلالة على دخول الغاية في المغيّى يرجّح المصير إلى الأوّل ، مضافا إلى الصحيحة الحاكية لفعله عليه‌السلام حيث ذكر فيه وضعه الماء على المرفق بناء على ظهور الفعل في الوجوب النفسي كالقول ، وفي عدة أخبار (٥) كون غسل كلّ من اليدين من المرفق بناء على استظهار دخول مدخول « من » في المقصود ، مضافا إلى اعتضاده بظاهر الإجماع المنقول ، وما عزاه في الجوامع إلى مذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

والوجه في الأخير الأصل ؛ إذ لا دليل يعتدّ به على دخول المرفق (٦) بالأصالة ، وجعل

__________________

(١) مشرق الشمسين : ٢٨١.

(٢) في ( د ) : « إدخال ».

(٣) منتهى المطلب ٢ / ٣٤.

(٤) مدارك الأحكام ١ / ٢٠٤.

(٥) أنظر من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٥ ، باب حد الوضوء وترتيبه وثوابه ، ح ٨٨.

(٦) في ( د ) : « المرافق ».

٤٨٧

« إلى » بمعنى « مع » في الآية مجاز لا يصار إليه إلّا بالقرينة ، وحمله على الغاية كما هو الظاهر يقضي بخروجها بناء على استظهار خروج الغاية عن المغيّى مضافا إلى ما في جملة من الوضوءات البيانيّة من غسل الساعدين.

وفيه : أنّه لا معوّل على الأصل في المقام ، واستظهار خروج الغاية غير واضح سيّما في المقام.

وذكر الساعدين في تلك الأخبار لا يدلّ على خروج المرافق كما لا يخفى.

ثمّ إنّه لا بدّ من استيعاب الغسل ظاهر اليدين كما مرّ في غسل الوجه ، ولا بدّ من غسل البشرة والشعر النابت في موضع الغسل إلّا أن يتكاثف الشعر بحيث يحجب البشرة ، فيتقوّى حينئذ الاقتصار على غسل ظاهره ؛ للصحيحة المتقدمة.

ويحتمل هنا وجوب الاستبطان (١) إلّا أنّ البناء على ظاهر عمومها هو الأظهر سيّما مع صدق غسل اليد عرفا بغسل الظاهر.

منها : ولو كان في محلّ الغسل لحم زائد أو إصبع زائد ونحوها وجب غسله.

وفي الحدائق (٢) : الظاهر أنّه لا خلاف فيه إلّا انّه ناقش في مستنده ، ثمّ حكم به من جهة الاحتياط.

ويدلّ عليه بعد ذلك دخوله في اسم اليد ، ومجرّد ندرة وجوده لا يقضي بخروجه عن الإطلاق بعد شمول اللفظ له عند وجوده.

نعم ، لو كان بحيث لا يندرج في إطلاق اليد فالظاهر عدم وجوب غسله ولو كان الزائد أخرى أشكل اندراجها في اليد الأصلي إلّا أنّ الأظهر وجوب غسلها ؛ أخذا بيقين الفراغ ، مضافا إلى قطع جماعة من الأصحاب بالوجوب من دون تأمّل فيه.

وفي المدارك (٣) نفي الريب عنه.

__________________

(١) الزيادة من ( ب ) و ( د ) : « حملا للرواية على الغالب ».

(٢) الحدائق الناضرة ٢ / ٤٤٧.

(٣) مدارك الأحكام ١ / ٢٠٦.

٤٨٨

ولو كانت الزيادة من عند المرفق بني على دخول المرفق في المغسول اصالة وعدمه ولو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها مع العلم بالزيادة سواء كان لها مرفق آخر أو لا.

وعن بعض الأصحاب لزوم غسل الزائد ؛ أخذا بعموم الآية.

وهو ضعيف ؛ لعدم شمولها لمثل ذلك ، ومع الغض عنه فالآية من قبيل خطاب المشافهة لا عموم فيها.

نعم ، لو لم يتميز الأصلي من الزائد أو كانا أصليّين قوي وجوب غسل الجميع.

ويحتمل في الأخير التخيير.

ويدفعه توقّف اليقين بالفراغ على الجمع ، ولو انكشط الجلد عن محلّ الغسل ، جرى في محلّه حكم الغسل ، وإن بقي الجلد (١) متدلّية وجب غسلها إذا كان بحيث يعدّ من أجزاء اليد كاللّحم الزائد إن تدلّى عن محلّ الغسل سواء انكشط عن محلّ الغسل أو لا ، وإلّا (٢) لم يجب غسلها.

__________________

(١) في ( د ) : « الجلدة ».

(٢) زيادة : « وإلّا » من ( د ).

٤٨٩

تبصرة

[ في مسح الرأس ]

الرابع من أفعال الوضوء : مسح الرأس ، وهو في الجملة ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين بل هو من ضروريات الدين.

والكلام فيه في أمور :

أحدها : الواجب من المسح هو مسمّاه على المشهور بين المتأخرين ، فلا يتقدّر بقدر مخصوص.

وظاهر الشيخين (١) أنّ أقلّ ما يجزي مقدار إصبع واحدة.

وعزي القول به إلى الراوندي. واختاره العلّامة في المختلف (٢) والشهيد في الدروس (٣).

وفي المختلف (٤) : أنه المشهور. ولم يذكر فيه القول بالمسمّى.

وقد يؤوّل كلام بعض هؤلاء بأنّ المراد المسح بالإصبع إلا اعتبار كون الممسوح ذلك لا داعي إليه ، وقد يحمل ذكر الإصبع على المثال ، والمقصود حصول المسمّى (٥) به ، وحمل كلام الشيخ والمنقول عن الراوندي عليه بعيد.

ويقرب ذلك في عبارة المختلف ، بل يتعيّن حملها عليه بقرينة ما ذكره في الاحتجاج على ما اختاره ، وما نصّ عليه في غيره من كتبه كالتذكرة وإرشاد الأذهان وغيرهما.

__________________

(١) النهاية : ١٤ ، المقنعة : ٤٨.

(٢) مختلف الشيعة ١ / ٢٨٩.

(٣) الدروس ١ / ٩٢.

(٤) مختلف الشيعة ١ / ٢٨٩.

(٥) في ( ب ) : « الشي‌ء ».

٤٩٠

وعن الصدوق في الفقيه (١) والسيد في المصباح والشيخ في الخلاف (٢) اعتبار المسح بثلاث أصابع.

وربّما يعزى القول به إلى بعض أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام مع تعيينه الأصابع بالسبابة والوسطى والّتي يليها.

وقد يحمل عليه إطلاق غيره.

وللشيخ مذهب ثالث ، وهو التفصيل بين حالتي الاختيار والاضطرار فاعتبرنا الأولى أن يكون بمقدار الأصابع الثلاث المضمومة. واكتفى في الثانية بالاصبع الواحدة. وعزي القول به إلى السيّد في مسائل خلافه.

وربّما يعزى إلى بعض المتأخرين أيضا ، والأظهر الأوّل : لظاهر إطلاق الكتاب مضافا إلى ما ورد في تفسيره في صحيحة زرارة ، وفيها : « فعرفنا حين قال برؤوسكم أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء » (٣).

وتلك الصحيحة بنفسها حجّة كافية فيه (٤).

ويدلّ عليه أيضا صحيحته الأخرى : « فإذا مسحت بشي‌ء من رأسك أو بشي‌ء من قدميك ما بين كعبك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك » (٥).

ويؤيّده إطلاق الروايات الحاكية للوضوءات البيانية ؛ إذ لم يذكر في شي‌ء منها تعيين الممسوح ، وهو ظاهر في فهمه عدم ملاحظة الخصوصيّة ، وإلّا لأشير إليها.

ويحتجّ للثاني بالخبرين :

أحدهما : « في الرجل يتوضّأ وعليه عمامة (٦) قال : يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٥.

(٢) الخلاف ١ / ٨٢.

(٣) الكافي ٣ / ٣٠ ، باب مسح الرأس والقدمين ، ح ٤ ، تهذيب الأحكام ١ / ٦١ ، باب صفة الوضوء ح ١٧.

(٤) لم ترد في ( ب ) : « فيه ».

(٥) الإستبصار ١ / ٦١ ، باب مقدار ما يمسح من الرأس والرجلين ، ح (١٨٢) ١.

(٦) في ( د ) : « العمامة ».

٤٩١

فيمسح على مقدّم رأسه » (١).

والآخر : « عن الرجل يمسح رأسه من خلفه وعليه عمامة باصبعه أيجزيه ذلك؟ فقال : نعم » (٢).

وفيهما مع ضعف الإسناد ومخالفة ظاهر الأخير لإجماع الأصحاب أنّ الأوّل لا إشارة فيه بمقدار الممسوح ، بل ظاهر إطلاقه يقتضي الاكتفاء بمسمّى المسح ، فهو في الحقيقة من الشواهد على المختار.

والثاني : لا إشعار فيه بعدم إجزاء الأقل ، والثالث بخبر مضمر (٣) : « يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع » (٤).

وصحيحة زرارة « المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا تلقي عنها خمارها » (٥) ؛ لظهور لفظ الإجزاء في أقل الواجب ، وثبوت الحكم في المرأة قاض بثبوته في الرجل ؛ لعدم القائل بالفصل وظهور الاشتراك في الحكم.

وما رواه الكشي في الصحيح أنّه سأل حريزا ـ وهو من أجلاء الأصحاب (٦) ـ وكان يونس يذكر عنه فقها كثيرا (٧) أنّه : كم يجزيك أن تمسح من شعر رأسك في وضوئك للصلاة؟ قال : « بقدر ثلاث أصابع » وأومأ بالسبابة والوسطى والثالثة (٨).

فإن ظاهره عدم الاجتزاء بالأقل.

ويدفعه ضعف الرواية الأولى سندا ودلالة ، والثانية دلالة لعدم وضوح دلالة الأجزاء

__________________

(١) الإستبصار ١ / ٦٠ ، باب كيفية المسح على الرأس والرجلين ، ح (١٧٨) ٣.

(٢) الإستبصار ١ / ٦٠ ، باب كيفية المسح على الرأس والرجلين ، ح (١٧٩) ٤.

(٣) في ( د ) : « معمّر ».

(٤) الكافي ٣ / ٢٩ ، باب مسح الرأس والقدمين ، ح ١.

(٥) الكافي ٣ / ٣٠ ، باب مسح الرأس والقدمين ، ح ٥.

(٦) في ( د ) : « أصحابنا ».

(٧) في ( ألف ) : « فقهاء كثير ».

(٨) بحار الأنوار ٧٧ / ٢٨٧ ، ح ٤١ ، نقل الرواية في هامشه من رجال الكشي : ٢٨٥.

٤٩٢

على كونه أقل الواجب ، على أنّه قد يكون التعبير به من جهة عدم القاء الخمار.

مضافا إلى أنّ انتفاء القول بالفصل غير معلوم.

كيف ، وقد عزا الشهيد (١) إلى الإسكافي التفصيل بين الرجل والمرأة ، فاكتفى في الأوّل بالاصبع واعتبر في الثانية الأصابع الثلاثة ، وهو قول خامس في المسألة.

وكأنّه استند في المرأة إلى الصحيحة المذكورة وفي الرجل إلى ما دلّ فيه على الاجتزاء بالإصبع.

وضعفه ظاهر ممّا مرّ ، مضافا إلى شذوذ القول به ، وإطباقهم بعده على عدم الفرق.

وما روي عن حريز لا حجة فيه ، غاية الأمر أن يكون ذلك مذهبا له ، على (٢) أنّ التعبير عن المندوب بمثل ذلك ليس بذلك البعيد سيّما في عبائر القدماء كما يظهر من ملاحظة فتاوى الشيخ (٣) والصدوق وغيرهم.

ويحتمل قويا حمل عبارة الغنية (٤) والنهاية (٥) عليه أيضا ، مضافا إلى أنّ تعيين الأصابع بما ذكر غير مذكور في رواية ولا فتوى ففيه كما أشرنا إليه وللرابع الجمع بين ما دلّ على اعتبار الإصبع ، وما دلّ على الثلاث بحمل الأوّل على صورة الاضطرار للخبر : « قلت للصادق عليه‌السلام : رجل توضّأ وهو سقيم ، فيثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد؟ فقال : ليدخل إصبعه » (٦).

وفيه بعد الحمل المذكور وعدم ظهور الرواية في الاضطرار وضعف إسنادها فلا ينهض حجة على ذلك ، مضافا إلى ما عرفت.

__________________

(١) الذكرى : ٢ / ١٣٧.

(٢) زيادة : « على » من ( د ).

(٣) في ( ب ) و ( د ) : « الشيخين ».

(٤) غنية النزوع : ٥٥.

(٥) النهاية : ١٤.

(٦) الكافي ٣ / ٣٠ ، باب مسح الرأس والقدمين ح ٣ ، وفيه : « توضأ وهو معتمّ فثقل عليه » ، وانظر : تهذيب الأحكام ١ / ٩٠ ، باب صفة الوضوء ح ٨٨ ، وفيه : « توضأ وهو معتمّ وثقل عليه ».

٤٩٣

[ تنبيهات ]

وهاهنا أمور ينبغي الإشارة إليها :

أحدها : أن الظاهر من روايات الباب أنّ المقصود من تعيين الأصابع الثلاث هو بيان مقدار الممسوح من الرأس لا تعيين الماسح. ويحتمله أيضا ما دلّ على اعتبار الإصبع ، وظاهر عبارة الفقيه اعتبار المسح بالثلاث ، فإن حملت على ظاهرها فلا شاهد عليه ، ولا يبعد تطبيقها على النصوص.

ثانيها : أنّه لا دلالة في الأخبار المحدودة (١) للمسح كونه في عرض الرأس أو طوله ، فقضيّة إطلاقها جواز كلّ من الوجهين وتأدية الواجب أو المندوب بكلّ من الصورتين.

وقد نصّ المحقّق الكركي (٢) بأنّ المراد من تعيين الثلاث هو ما كان في عرض الرأس ، وأمّا الطول فيكفي فيه بالمسمّى ، ولو بجزء من إصبع.

وعن الشهيد الثاني نحو ذلك إلّا أنّه ذكر الإصبع بدل المسمّى.

قلت : ولا يبعد أن يستظهر ممّا دلّ على اعتبار الثلاث أن يكون المسح بمجموع الثلاث طولا وعرضا كما هو ظاهر لفظ الأصابع ، فإنّه اسم لمجموع العضو ، وكأنّه الظاهر من الأصحاب المفتين بمضمونه ، فحينئذ يتحدد بذلك طول الممسوح وعرضه غير أنّه يشمل صورة وضع عرض الأصابع على طول الرأس وبالعكس ، فما ذكره المحقق المذكور من ملاحظة التحديد في العرض ثمّ الاكتفاء بالمسمّى في الطول ..

__________________

(١) في ( د ) : « المحدّدة ».

(٢) جامع المقاصد ١ / ٢١٨.

٤٩٤

تبصرة

[ في مسح الرجلين ]

الخامس والسادس من الأفعال مسح كلّ من الرجلين بلا خلاف فيه بين أصحابنا ، بل الظاهر أنّه من ضروريّات مذهبنا ، ومحلّ المسح هنا من رءوس الأصابع إلى الكعبين بالكتاب والسنة والإجماع ، والمشهور وجوب استيعاب الطول.

وقد حكى السيد وغيره عليه الإجماع.

وذهب شذوذ من المتأخرين إلى الاكتفاء به بالمسمّى. واحتمله في الذكرى مع القطع في غيره بوجوب الاستيعاب.

وأشكل فيه في الحدائق مع الميل إلى الأخير.

والأقوى هو الأوّل ؛ لظاهر الآية ، وعدّ من الأخبار المعتبرة نحو الآية الشريفة ، بل بعضها أظهر من الآية ؛ لعدم ذكر الغاية في المرافق.

واحتمال كون الغاية للممسوح لا ينافيه ؛ لظهور (١) العبارة أيضا في مسح الجميع ، مضافا إلى بعده عن ظاهر العبارة.

نعم بناء على قراءة الجر لا يخلو ذلك عن مناقشة ، ولا يجري ذلك فيما لم يذكر فيه الغاية « من ».

ومجرّد كون الغاية في الأوّل للمغسول لا يدلّ عليه الأخبار الواردة فيه ، وممّا يدلّ عليه موثقة الآخرين (٢) الحاكية للوضوء الفعلي ، وفيها « ثمّ مسح رأسه وقدميه إلى الكعبين » ، مضافا إلى الإجماع المحكيّ عليه المعتضد بإطباق الأصحاب قديما وحديثا عليه من غير نقل خلاف

__________________

(١) في ( ألف ) : « ظهور ».

(٢) في ( د ) : « الاخوين ».

٤٩٥

فيه ، سوى من ظهر منه الخلاف من المتأخرين ، مع تأيّده بعمل الطائفة عليه من قديم الدهر إلى الآن ، وقيام السيرة به حجة الاكتفاء فيه بالمسمّى إطلاق الكتاب بعد حمل الغاية فيه على (١) تحديد الممسوح كما يستفاد من الصحيح.

ويومي إليه حملها عليه في المرافق وجملة من أخبار الباب ممّا ليس فيها ذكر الغاية أو ذكرت لحملها على تحديد الممسوح ، وخصوص صحيحة الآخرين (٢) بعد ذكر الآية الشريفة : « فإذا مسح بشي‌ء من رأسه أو بشي‌ء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه » (٣).

وصحيحة زرارة المعروفة الدالّة على كون الباء في الآية تبعيضيّة ، وفيها : « فعرفنا حين وصلها بالرأس أنّ المسح على بعضها ، ثمّ فسّر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للناس فضيّعوه » (٤).

والمستفيضة المشتملة على غير واحد من الصحاح الدالّة على عدم وجوب استبطان الشراكين ، والرواية الدالّة على جواز المسح على الرجل ، « وهي في الخف إذا كان مخرقا (٥) ، فظاهرها الاكتفاء (٦) بمسمّى المسح.

ويدفع الجميع أنّ الآية ظاهرة في استيعاب الطول ولو مع كون التحديد للممسوح.

ومع الغضّ عنه فلا أقل من احتمال الوجهين ، ودلالة الصحيحة على كون الغاية للمسوح محلّ خفاء ، وكذا الكلام في الأخبار المذكورة.

على أنّ جملة من الأخبار ظاهرة فيما ذكرنا ، ومع الغضّ عن جميع ذلك فلا يزيد ما ذكر عن الإطلاق ، فيقيّد بما دلّ على اعتبار الاستيعاب.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « فيه على ... الغاية ».

(٢) في ( د ) : « الاخوين ».

(٣) الكافي ٣ / ٢٦ ، باب صفة الوضوء ، ح ٥.

(٤) الكافي ٣ / ٣٠ ، باب مسح الرأس والقدمين ح ٤.

(٥) الكافي ٣ / ٣١ ، باب مسح الرأس والقدمين ح ١٠.

(٦) في ( ألف ) : « اكتفاء ».

٤٩٦

وصحيحة الآخرين (١) غير واضحة الدلالة على ذلك ؛ لاحتمال أن يكون قوله « ما بين كفّيك » بدلا عن قوله « بشي‌ء » ، والظاهر كون « ما » موصولة ، فيفيد لزوم استيعاب الطول.

وحمله على الموصوفة غير ظاهر ، ومجرّد احتماله كما ذكره بعضهم لا ينفع في الاستدلال.

نعم ، قد يستظهر كونه بدلا عن « القدمين » ، وحينئذ فيدلّ على ما ادّعوه إلّا أنّه بعد تسليمه ليس بتلك المثابة من الظهور.

وصحيحة زرارة لا يزيد على الإطلاق ، والأخبار الدالّة على عدم استبطان الشراكين لا يفيد عدم لزوم استيعاب الطول ؛ لوقوع الشراك على الكعب الخارج عن الممسوح على (٢) ما هو الأظهر في معنى الكعب ، على أنّ جماعة من الأصحاب قالوا باستثناء ذلك من وجوب مباشرة الماسح للمسوح ؛ للأخبار المذكورة.

وقد يستفاد ذلك من بعض رواياته ، فلا دلالة فيها على ذلك أيضا إلّا أنّ الأظهر حملها على الأوّل ، والرواية الدالّة على الاكتفاء بمسح الرجل في الخف المخرق مع ضعف إسنادها لا دلالة فيها على عدم لزوم الاستيعاب كما لا يخفى.

وهل يدخل الكعبان في الممسوح؟ وجهان ، بل قولان مبنيان على مسألة دخول الغاية في المغيّى وخروجها ، وقد يكتفى فيه باحتمال الدخول بناء على لزوم الاحتياط في مثله إلّا أنّ الأظهر عدمه ؛ لظاهر صحيحة الآخرين (٣) والأخبار الدالّة على عدم لزوم استبطان الشراك.

وفي البحار : إنّ المشهور بين علمائنا عدم دخوله في المسح.

هذا كلّه في طول الرجلين وأمّا في العرض فالمشهور الاكتفاء فيه بمسمّى المسح ، فيجزي ما دون الإصبع ؛ لإطلاق جملة من الأخبار وخصوص صحيحتي زرارة والآخرين (٤) مضافا

__________________

(١) في ( د ) : « الأخوين ».

(٢) لم ترد في ب : « على ... للممسوح ».

(٣) في ( د ) : « الأخوين ».

(٤) في ( د ) : « الأخوين ».

٤٩٧

إلى الإجماع المحكي عليه في كلام الفاضلين (١) ، مع اعتضاده بالشهرة العظيمة بين الطائفة (٢).

وعن الشيخ (٣) والراوندي اعتبار الإصبع ، وعن ابن زهرة (٤) اعتبار الإصبعين.

ولا نعرف مستندهما ، وقد يحملان على التمثيل.

وعن بعضهم اعتبار الثلاث ؛ للخبر : « يجزى (٥) المسح على الرؤوس ثلاث أصابع وكذا الرجل » ، لظهور الإجزاء في أقل الواجب.

وفيه : مع ضعف الإسناد عدم ظهور في الدلالة. نعم ، يمكن القول باستحباب الثلاث حملا لها على الندب كما مرّ في مسح الرأس.

وقد نصّ به العلّامة وغيره ، والأفضل المسح بكلّ الكف ؛ لصحيحة البزنطي المتقدّمة ، للزوم حملها على الندب ؛ إذ لا قائل بظاهرها.

قال في المدارك (٦) : لو لا الإجماع المنقول على الاكتفاء فيه بالمسمّى لأمكن القول بوجوب المسح بكلّ الكفّ انتهى.

وهو كما ترى ؛ إذ إعراض الأصحاب عن ظاهرها مع معارضتها بالصحيحتين المقدّمتين اللّتين هما كالنصّ في خلافها كاف في ذلك ، وإن لم يثبت الإجماع المذكور.

ومن الغريب ذهاب بعض المتأخرين إلى العمل بظاهرها زعما منه إطلاق غيرها من الأخبار ، فيحمل على المقيّد.

وضعفه ظاهر.

وقد يؤيّد ذلك بالقوي : « قلت للصادق عليه‌السلام : عثرت فانقطع ظفري ، فجعلت على إصبعي مرارا كيف أصنع بالوضوء؟ قال : يعرف هذا وأمثاله من كتاب الله ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ

__________________

(١) المعتبر ١ / ١٥٠ ، تحرير الأحكام ١ / ٨٠.

(٢) بحار الأنوار ٧٧ / ٢٤٤ وفيه : عدم دخولهما في المسح.

(٣) الخلاف ٢ / ٢١٧.

(٤) غنية النزوع : ٥٦.

(٥) في ( د ) زيادة : « من ».

(٦) مدارك الأحكام ١ / ٢٢١.

٤٩٨

فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) امسح عليه » (٢).

ويضعّفه أنه لا شاهد في الرواية على إرادة الإصبع من الرجل.

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) الكافي ٣ / ٣٣ ، باب الجبائر والقروح والجراحات ، ح ٤ ؛ تهذيب الأحكام ، باب صفة الوضوء والفرض منه ، ح ٢٧.

٤٩٩

تبصرة

[ في تحديد الكعبين ]

المعروف من المذهب أن الكعبين هما العظمان النابتان في ظهر القدم عند معقد الشراك ، وهما قبّتا القدم.

وبه أفتى العماني والشيخان (١) والسيدان (٢) والحلبي (٣) والحلّي (٤) والمحقق (٥) والشهيدان (٦) والمحقّق الكركي (٧) وغيرهم ، بل لا يظهر فيه خلاف بين الفرقة إلى زمن العلّامة ، ولا أشاروا إلى وقوع اختلاف فيه بين الخاصة في الكتب المعدّة لذكر المسائل الخلافيّة ، وإنّما خصّوا الخلاف فيه بالعامة.

نعم ، المحكي (٨) عن الإسكافى أنّ الكعب ظهر القدم دون عظم الساق ، وهو المفصل الّذي قدّام العرقوب.

فقد يستفاد منه ما يأتي نقله عن ظاهر (٩) العلّامة بل ادّعى شيخنا البهائي رحمه‌الله صراحته فيه. وهو كما ترى ؛ إذ ظاهر قوله « في ظهر القدم » يومي إلى عدم كونه المفصل بين الساق

__________________

(١) الخلاف ٥ / ٤٣٧ ، والمقنعة : ٤٤.

(٢) الانتصار : ١١٥.

(٣) الكافي للحلبي : ١٣٢.

(٤) السرائر ١ / ١٠٠.

(٥) المعتبر ١ / ١٥١.

(٦) الذكرى ٢ / ١٤٩ ، ورسائل الشهيد الثاني : ٩١.

(٧) جامع المقاصد ١ / ٢٢٠.

(٨) مختلف الشيعة ١ / ٢٩٣.

(٩) لم ترد في ( د ) : « ظاهر ».

٥٠٠