وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله ، وتوبة العام من الذنوب ، ولكل واحد منهم معرفة وعلم فى اصل توبته ومنتهى امره ، وذلك يطول شرحه هاهنا ، فاما توبة العام فان يغسل باطنه من الذنوب بماء الحسرة والاعتراف بجنايته دائما واعتقاد الندم على ما مضى والخوف على ما بقى من عمره ، ولا يستصغر ذنوبه فيحمله ذلك الى الكسل ، ويديم البكاء والاسف على ما فاته من طاعة الله ، ويحبس نفسه من الشهوات ويستغيث الى الله تعالى ليحفظه على وفاء توبته ويعصمه عن العود الى ما اسلف ، ويروض نفسه فى ميدان الجهد والعبادة ، ويقضى الفوائت من الفرائض ، ويرد المظالم ، ويعتزل قرناء السوء ، ويسهر ليله ، ويظمأ نهاره ، ويتفكر دائما فى عاقبته ، ويستعين بالله سائلا منه الاستقامة فى سرائه وضرّائه ، ويتثبت عند المحن والبلاء كيلا يسقط عن درجة التوابين فان فى ذلك طهارة من ذنوبه وزيادة فى عمله ورفعة فى درجاته ، قال الله عز وجل : ( فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ ).
وفى سادس البحار المطبوع حديثا باب التوبة عن تحف العقول عن كميل بن زياد قال : قلت لامير المؤمنين عليهالسلام : يا امير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار ، قال : يا ابن زياد التوبة ، قلت بس؟ قال : لا ، قلت : فكيف؟ قال : ان العبد اذا اصاب ذنبا يقول : استغفر الله بالتحريك ، قلت : وما التحريك ، قال : الشفتان واللسان يريد ان يتبع ذلك بالحقيقة ، قلت : وما الحقيقة ، قال : تصديق فى القلب واضمار ان لا يعود الى الذنب الّذي استغفر منه ، قال كميل : فاذا فعل ذلك فانه من المستغفرين؟ قال : لا ، قال كميل : فكيف ذاك ، قال : لانك لم تبلغ الى الاصل بعد ، قال كميل : فاصل الاستغفار ما هو ، قال : الرجوع الى التوبة من الذنب الّذي استغفرت منه ، وهى اوّل درجة العابدين ، وترك الذنب والاستغفار اسم واقع لمعان ستّ : اولها الندم على ما مضى ، والثانى العزم على ترك العود ابدا ، والثالث ان تؤدى حقوق المخلوقين التى بينك وبينهم ، والرابع ان تؤدى حق الله فى كل فرض ، والخامس ان تذيب اللحم الّذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع الجلد الى عظمه ، ثم تنشئ فيما بينهما لحما جديدا ، والسادس ان تذيق البدن الم