فيه شرائطه من الكافر والمؤمن ، وليس الايمان شرطا لحسنه ، فهو ثابت على المؤمن والكافر.
اقول : النزاع بين المثبتين والنافين ليس فى تكليف الكافر بالاصول وعقابه عليها لا سيما العقلية منها كاثبات الصانع والنظر فيما يأتى النبي من المعجزات ، وليس أيضا فى الفروع العقلية من حيث العقاب الاخروى كلطم الصغير وقتله ، بل انما هو فى تكليفه بالفروع الشرعية كالحج والصيام بمعنى ان الله تعالى يريدها منه كما يريدها من المسلم وانه يعاقب عليها فى الآخرة كما يعاقب على الاصول أم لا ، لا بمعنى ان على الحاكم ان يجبره على الامتثال وعلى المسلمين ان يأمروه بها لان غير الكتابى يقتل فى دار الاسلام او يستسلم ان اسلم ، والكتابى يفعل به احدهما او يؤخذ منه الجزية ، واما الاعمال فهو يقرر فيها على مذهبه لعموم الزموهم بما الزموا به انفسهم ، وما ثبت بالأدلّة العامة او الخاصة كإلزامه بشرائط الذمة واخذه بالحدود والديات والقصاص وباداء الخمس من الارض المشتراة من المسلم لا ينافى ذلك ، فمن ذلك علم ان المسألة كلامية.
ثم للمثبتين وجوه :
الاول ان رحمة الله تعالى واسعة ، ومقتضى ذلك إرادة تعريض كل احد للنجاة والفوز بالسعادة الدائمة والدرجات الرفيعة فى الآخرة ولذلك كانت دعوته عامة لجميع الخلق ، وان اراد شيئا اراد ما يتوقف عليه ، ومما يتوقف عليه التعريض للنجاة التكليف كما مر بيانه فى اوّل المسألة ، فالكافر يراد له التكليف اذ يراد له ما يتوقف على التكليف ، واعترض عليه بان التعريض لذلك ليس علة تامة بل هو مقتض والمانع موجود وهو الكفر ، والجواب ان الكفر ليس مانعا بل الاسلام شرط لصحة بعض الاعمال كالعبادات ، فالله تعالى يريد الحج مثلا من الكافر بشرط ان يسلم كما يريد الصلاة من المسلم بشرط ان يتطهر لا مطلقا ، ولا يريد هما حال الكفر والحدث ، ونفى المقيد لا يستلزم نفى المطلق ، وببيان آخر ان الكافر يعاقب فى الآخرة بترك الصلاة والصيام والحج وغيرها ، ولا يقبل منه عذر انى لم اكن مسلما لامكان تحصيل الشرط له.