الدائمى بقسميه والقسم الاكثرى سبب ذاتى وعلى الغايات المترتبة على الفعل فى هذه الاقسام غايات ذاتية ، ويقال على السبب فى القسم المتساوى والاقلى سبب اتفاقى وبالعرض وعلى غايته غاية اتفاقية ، مع ان السبب بالذات والغاية بالذات يجب ان يكونا موجودين فى هذين القسمين بالضرورة فان الحفر مثلا بالقياس الى العثور على الماء سبب اكثرى بل دائمى ذاتى والعثور على الماء غاية ذاتية له الا انه بالقياس الى العثور على الكنز سبب اتفاقى بالعرض وهو غاية اتفاقية له بالعرض وذلك لان ما بالعرض لا بد ان ينتهى الى ما بالذات ولان من الواضح انه لو لم يكن الغاية الذاتية التى تقع فى تصور الفاعل أولا فى البين لم يقع حفر حتى يعثر على الكنز.
ثم ان هاهنا فرقتين على طرفى الافراط والتفريط : فرقة قالوا : ان فى الوجود اتفاقيات اى امورا بلا سبب كالعثور على الكنز والبرء من المرض فى المثالين المذكورين فانه ليس له سبب طبيعى اذ الحفر لو كان سببا طبيعيا لكان كل حفر مؤديا إليه ولا سبب ارادى اذ الحافر لم يكن عالما به والسبب الارادى لا بد له من تصور الفاعل للغاية ولا سبب قسرى اذ حيث لا إرادة ولا طبع فلا قسر لان الفعل القسرى ما كان على خلاف الإرادة او الطبيعة فى الفاعل ، بل بعضهم كذيمقراطيس واتباعه على ما نقل الشيخ ابن سيناء فى طبيعيات الشفاء فى الفصل الثالث عشر من المقالة الاولى من الفن الاول تجاوزوا عن ذلك وذهبوا الى ان كون العالم بالبخت والاتفاق وانكروا ان يكون له صانع اصلا ورأوا ان مبادى الكل اجرام صغار لا تتجزى لصغرها وصلابتها وانها غير متناهية بالعدد ومبثوثة فى خلا غير متناه وان جوهرها فى طباعها جوهر متشاكل وباشكالها تختلف وانها دائمة الحركة فى الخلاء فيتفق ان يتصادم منها جملة فيجتمع منها عالم وان فى الوجود عوالم مثل هذا العالم غير متناهية بالعدد مترتبة فى خلا غير متناه لكن مع ذلك يرون ان الامور الجزئية مثل الحيوانات والنباتات كائنة لا بسبب الاتفاق.
اقول : ان هؤلاء الانعام بل الاضلون الذين كانوا عن قديم الزمان الى الآن فى بدن الاجتماع كالقيح تارة برزوا وتارة كمنوا قد كفاناهم الفطرة عن مئونة