والجواب ان تعلق النفس بالبدن اى بدن يمكن تعلقها به ليس من مصاديق رجوع ما بالفعل الى القوة ، بل النفس حافظة لصورها وكمالاتها الحاصلة بامداد المفارقات ، وتأخذ البدن آلة لادراك ما يناسخه والتأثير فيه فى اى عالم وقعت كما هو الشأن فى هذا العالم فان النفس تدرك الامور المادية وتفعل فيها بوساطة هذا البدن المادى.
ان قلت : كيف ذلك؟ وهو التزام بالتناسخ لان الاجزاء المنتشرة اذا جمعت واكتست صورة البدن استعدت لنفس جديدة ، فلو حلت فيه أيضا النفس السابقة لزم اجتماع النفسين فى بدن واحد ، وهذا مفسدة اخرى للتناسخ ، وهى تعدد الواحد ووحدة المتعدد ، قلت : تخصيص النفس بالبدن من قبل الفاعل لا القابل فان الفاعل يجعل البدن على خصوصية تستدعى النفس السابقة لا نفسا جديدة.
الشبهة السادسة ان تكوّن البدن العنصرى الّذي يقبل النفس يحتاج الى اعداد من السماويات وحصول استعداد بمرور الزمان كاحتياجه الى الفاعل ، والمعتقدون بالمعاد الجسمانى يقولون ان السماوات وما فيها تفنى يوم القيامة ، فمن اين يحصل الاعداد والاستعداد ، والجواب انها لا تفنى بالكلية ، بل تبدل الارض والسماوات غير هذه الارض والسماوات ويحصل ذلك من الارض والسماوات المبدلة.
الشبهة السابعة ان اعادة البدن لا يتصور لها غرض حكمى وما هو كذلك لا يصدر من الحكيم ، اما الكبرى فظاهرة ، واما الصغرى فلان الغرض من الاعادة على ما هو مذكور فى كلام القائلين بالمعاد البدنى ايصال الالم الحسى بالعاصى واللذة الحسية بالمطيع ، والاول لا يليق بالله الغنى الّذي لا يضره معصية من عصاه ولا يتصور فى حقه التشفي من الغيظ بالانتقام من الاعداء ، والثانى ليس فيه فائدة للعباد لان اللذة الحسية دفع للألم لان الاكل دفع لالم الجوع والشرب دفع لالم العطش والنكاح دفع لدغدغة وعاء المنى وهكذا ، ولا يليق بالحكمة ان يجعل العبد بحيث يتألم بشيء ثم يدفع ألمه بشيء آخر ، والجواب ان هذه الشبهة صدرت ممن لا عرفان له بشيء من المعارف فى المبدأ والمعاد ولم يفرق بين ما بالذات من الاغراض وما بالعرض منها ، فان الله تعالى خلق الخلق وجعلهم فى مسير الاستكمال وهيّأ لهم لذلك كل ما يحتاجون إليه على نحو