ثم ان الهداية فى كل مرحلة متوقفة على التى قبلها ، فان امتنع العبد فى مرحلة عن القبول كان القبول فيها باختياره لم يتحقق الهداية من الله تعالى فى المراحل المتأخرة مع ان الهداية فى كل المراحل منه تعالى ، فاذا لم يهد الله فقد ضل لان من يهدى الله فهو المهتدى ومن لم يهده ويضلله فليس له ولى مرشد من دون الله تعالى ، فكل ما فى القرآن من اسناد الاضلال إليه تعالى وعدم هدايته للظالمين والكافرين والفاسقين فيحمل على واحدة من المراحل الثلاث الاخيرة لسوء اختيار العبد فى المرحلة الثانية او الثالثة او الرابعة.
ثم ان المعانى الثلاثة للهداية المقابلة لمعانى الاضلال الثلاثة فى كلام المصنف تنطبق على المراحل الثلاث الاخيرة ، والاخير من معانى الاضلال فى كلامه ينطبق على المرحلة الاخيرة ، والفرق بين الاشارة الى الخلاف وفعل الضلالة ان الاول يكون الضلالة بفعل الضال نفسه وان كان جعل المقدمات او بعضها من الغير والثانى يكون الضلالة من فعل الغير فيه ، والاشاعرة ذهبوا بناء على اصلهم الى ان الضلالة فى العبد تكون من قبيل الثانى اى يخلق الله تعالى الضلالة فى العبد ، وقد بينا ان الاضلال من الله تعالى هى عدم الهداية فى اى من المراحل لعدم القابلية لا انها فعل الضلالة الا فى المرحلة الاخيرة فانها الاهلاك والعقاب وكان ذلك حقا على العبد لسوء اختياره فى بعض المراحل السابقة ، لكنها فى هذه المرحلة أيضا عبارة عن عدم الهداية بالنظر الفلسفى.
قول الشارح : فالله تعالى نصب الخ ـ هذا اشارة الى المرحلة الثالثة والرابعة.
قول الشارح : وفعل الهداية الضرورية الخ ـ هذا اشارة الى المرحلة الثانية.
قول الشارح : ولم يفعل الايمان فيهم ـ خلافا للاشاعرة حيث قالوا : ان الله تعالى يخلق الايمان والهداية فى العبد كما يخلق الكفر والضلال فيه.
قول الشارح : فمعانى الهداية صادقة الخ ـ اى فمعانى الهداية الثلاثة المذكورة فى المتن صادقة فى حقه تعالى ، لكن الثانى منها انه ليس بمعنى ان الله تعالى