استحضارها متى تشاء من غير افتقار الى كسب جديد وبهذا الاعتبار تسمى عقلا بالفعل لشدة قربها الى الفعلية والحضور ، والعقل بالفعل متأخر عن العقل المستفاد حدوثا لان النظريات ما لم تكتسب ولم تستفد من العقل الفعال لا يمكن استحضارها بعد غيبتها ، واما بقاء فمتقدم بمعنى ان اقتدار الاستحضار باق وحضور النظريات ينتفى بغيبتها فلذا عدّ بعضهم العقل بالفعل فى المرتبة الثالثة والعقل المستفاد فى المرتبة الرابعة وبعضهم على العكس ، والاولى ان يقال كلاهما شأنان للنفس فى مرتبة ثالثة وللنفس فى هذه المرتبة أيضا فعلية واستعداد فعلية النظريات واستعداد احضارها من دون كسب جديد ، فالمراتب ثلاث : الاستعداد المحض ، استعداد اكتساب النظريات مع فعلية الضروريات ، استعداد احضار النظريات مع فعليتها اذ هى فى حال الغيبة حاصلة بالفعل أيضا بالقياس الى قبل الاكتساب ، وهذا الاستعداد يسمى استعدادا قريبا ، والقرب والتوسط والبعد بالنسبة الى الكمال المطلوب.
ومراتب العقل العملى أيضا اربع :
الاولى تحلية العبد ظواهر افعاله بفضائل الآداب وحسنات العادات باتباع الشرائع النبوية وتطبيق ما صدر منه لما ورد عن اصحاب الشرائع من الاوامر والنواهى ، والمتكفل لبيان ذلك هو علم الفقه.
الثانية تخليته عن رذائل الحالات والملكات النفسانية وقطع العلائق الحسية ونفض الآثار المادية عن الجوهر الملكوتى.
الثالثة تحليته بفضائلها والتخلق باخلاق المحسنين ونفسيات المخلصين ، والمتكفل لبيان هاتين هو علم الاخلاق.
الرابعة اتصاله بعالم الملكوت والاستغراق فى لجة الجبروت حتى يكون الله هو سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده التى يبطش بها ولا يشاء الا ان يشاء الله ويخاطب بما رميت اذ رميت ولكن الله رمى ، وهذا لا يتيسر الا لخلص اوليائه.
ثم لا بدّ للعقل العملى من قوى اربع حتى يتيسر للنفس الارتقاء فى مدارج الكمال : قوة التشخيص بين حسنات الافعال وسيئاتها بالشرع والعقل ، وقوة