فائدة وزيادة توضيح وتحقيق ـ ان الانفعال قد يستعمل بمعنى قبول الاثر كما يقال انفعل منه اى قبل منه الاثر ويقال له التأثر وفى قباله الفعل والتأثير بمعنى صدور الاثر من الفاعل وايصاله الى القابل ، ولا شبهة ان الانفعال بهذا المعنى غير الفعل اذ هما معنيان متقابلان متضائفان احدهما عنوان ينتزع من الفاعل والاخر من القابل ، وقد يستعمل بمعنى انكسار سورة الشيء فى صفة واستحالته من مرتبة قوية لتلك الصفة الى مرتبة ضعيفة لها وهذا المعنى لا يضايفه الفعل بل للشىء المنفعل بهذا المعنى اضافة الى ضده المقاوم الّذي تنكسر سورته بسببه وبالعكس كالماء الحار والماء البارد اذا اختلطا وهى اضافة التكاسر وبهذا المعنى استعمله الشارح العلامة فى اعتراضه على المصنف ، وقد يستعمل بمعنى الاثر الّذي يقال له الفعل بالقياس الى الفاعل والانفعال بالقياس الى المنفعل كما يقال له المفعول والمقبول بالاعتبارين فان الاثر له اضافتان الى الطرفين ، والنزاع فى ان الفعل والانفعال واحد او اثنان نشأ من الخلط بين المعنى الاول والثالث والا فلفظى.
اذا عرفت هذا فالمادة انما تنفعل بالمعنى الاول فى نفسها لا فى غيرها بمعنى انها تقبل الكيفيتين المتضادتين.
ان قلت : قبولها لهما يستلزم اجتماع الضدين ، قلت : انهما بعد التكاسر لا تبقيان متضادتين بل تنقلبان الى كيفية واحدة متوسطة.
وبالمعنى الثانى تنفعل فى الكيفية بالتفسير الّذي قدمناه من ان المنفعل اى المستحيل فى الحقيقة هو الكيفية التى تفعل فى الكيفية المقابلة اى تكسر سورتها وتحيلها من مرتبة شديدة الى مرتبة ضعيفة وتنكسر منها وكذا الكيفية المقابلة فاذا كانت كل منهما كاسرة للاخرى ومنكسرة منها توجه ايراد اجتماع الغالبية والمغلوبية او صيرورة المغلوب غالبا والغالب مغلوبا ،
وهذا الايراد لا يتوجه على القول بكون الفاعل هو الصورة لان الصورة حينئذ تفعل فعلين اعطاء اثرها للمادة وكسر السورة فان الصورة النارية مثلا تجعل اثرها فى المادة وتكسر سورة برودة الماء ولكن تأثيرها الاول عام لسائر العناصر وتأثيرها