موجودة ، فالعدم المتحقّق في ضمن الشرور الاضافية لا بدّ له من علّة موجودة / ١٠٧MB / ولا يمكن أن تكون علّته عدما محضا ، فلا بدّ امّا أن يقال : انّ علّته الواجب ـ تعالى ـ ولكنّه وقع بالعرض لا بالذات ـ ليلزم مناسبة الخير المحض للشرّ ـ ، فيرجع حينئذ إلى الوجه الأوّل ؛ أو يقال : انّ علّته بعض الممكنات وليس علّته واجب الوجود بالذات بلا واسطة ـ ليلزم مناسبة الخير المحض للشرّ ـ ، بل جميع الموجودات مستندة إليه ـ تعالى ـ. إلاّ أنّ الشرور ليست مستندة إليه ـ تعالى ـ بلا واسطة لكونه خيرا محضا ، بل هي مستندة إلى بعض الممكنات الموجودة منه ـ تعالى ـ. وليس ايجاد هذا البعض من الممكنات شرّا ، بل هو خير ، لأنّ اعطاء الوجود خير مطلقا والشرّ انّما صدر عن هذا البعض لا منه ـ تعالى ـ.
ولا يخفى انّ هذا الوجه ـ أي : استناد الشرور إلى بعض الممكنات ـ لا يثبت به تمام المطلوب ما لم يقيّد بكون تلك الشرور شرورا قليلة تابعة لخيرات كثيرة ، وبوقوعها في النظام بالعرض لا بالذات ، وبأنّ صدورها عنه ـ تعالى ـ ممكنة بالنظر إلى ذاته ـ تعالى ـ وإن لم يكن بالنظر إلى علمه بالأصلح. إذ لو لم يقيّد بالأوّل وجوّز كونها شرورا وكانت شرّيتها غالبة على خيريتها أو مساوية لخيريتها لم يكن النظام نظاما أصلح ، ولو لم يقيّد بالثاني وجوّز وقوعها بالذات ـ أي : كونها مقصودة له تعالى بالذات ـ لزم مناسبته للشرّ وان صدر عنه بالواسطة ، بل لزم وقوع الظلم والجور في العناية الإلهية. ولو لم يقيّد بالثالث وجوّز عدم افتقاره ـ تعالى ـ على ايجاد الشرّ بالنظر إلى ذاته لزم نفي عموم قدرته بالمعنى المشهور على جميع الممكنات. فالحقّ ـ كما اشير إليه ـ أن لا يكتفى في الجواب عن شبهة الثنوية والاشكال الوارد في وقوع الشرور في القضاء الإلهي بمجرّد القول بكونها واقعة بالعرض ـ كما في الوجه الاول ـ ، أو كونها شرورا قليلة تابعة لخيرات كثيرة ـ كما في الوجه الثاني ـ ، أو مستندة إلى بعض الممكنات المستندة إليه ـ تعالى ، كما في الوجه الثالث ـ. بل اللازم في الجواب أن يجمع بين الوجوه الثلاثة.
وحينئذ فالجواب الصحيح الّذي يندفع به الشبهة ويثبت به عموم القدرة والتحقيق التامّ الصريح الّذي يرتفع به الاشكال الوارد في وقوع الشرور في القضاء