الأكثرون إلى الظهور (١) ، وانّما تعرّضوا بابطال الاولوية بالتفسير الأوّل ، ولذا ترى اكثر ادلّتهم مخصوصة به
ثمّ المتقدّمون من العقلاء لم يلتفتوا إلى احتمال الأولوية للممكن ولم يتعرّضوا لابطالها وكأنّ بطلانها كان عندهم بديهيّا ؛ وما قيل : « انّ الشيخ تعرّض لها في الشفاء وابطلها » لم نعثر عليه. وعلى أيّ تقدير بطلانها قريب من الضرورة ومسلّم عند جميع العقلاء.
وتدل عليه وجوه من البراهين القاطعة :
منها : أنّه لو كان لأحد طرفى الممكن رجحان غير بالغ حدّ الوجوب يقع به هذا الطرف من غير احتياج إلى غيره ، فلا يخلوا أنّه مع هذا الرجحان امّا أن يجوز وقوع / ٧MB / الطرف المرجوح جوازا ذاتيا ، أولا ؛ وعلى الثاني يكون الطرف الراجح واجبا وقد فرض ممكنا ، هذا خلف! ؛ وعلى الأوّل إذا فرض وقوعه فامّا أن يقع مع بقاء مرجوحيته فيلزم ترجيح المرجوح ، أو مع صيرورته راجحا على الطرف الراجح فهو مناف / ٦DB / للفرض ولمقتضى ذات الممكن (٢).
واورد عليه : بانّه يلزم المنافاة المذكورة لو كان اقتضاء ذات الممكن الاولوية لاحد الطرفين على سبيل الوجوب ، وامّا إذا كان ذلك الاقتضاء أيضا على سبيل الاولوية فلا يلزم ذلك. مثلا نقول : انّ الممكن تقتضى ذاته اولوية الوجود لا على سبيل الوجوب ، بل على سبيل الاولوية وتقتضى الاولوية الثانية أيضا على سبيل الاولوية وهكذا تترتب الاولويات إلى أن ينقطع الترتّب بانقطاع اعتبار العقل. وحينئذ إذا صار الطرف المرجوح راجحا وواقعا لا يلزم منه إلاّ اقتضاء ذات الممكن ما ينافي مقتضى ذاته على سبيل الرجحان والاولوية. وهذا غير ممتنع ، بل هذا عين المتنازع فيه!.
وجوابه : انّ الذات الّتي تقتضي رجحان الوجود مثلا يلزم أن تقتضي مرجوحية العدم أيضا ، لانّ الراجحية والمرجوحية متضايفتان ومرجوحية العدم بالنظر إلى
__________________
(١) راجع : المطالب العالية ، ج ١ ، ص ٧٤.
(٢) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣٩.