وأورد عليه : بانّه لا ربط لحديث البقاء هاهنا ، إذ النزاع في حال الوجود ـ أي : الحدوث ـ. ولئن سلّم انّه في حال / ٨٤MA / الوجود مطلقا فلا وجه أيضا لهذا الايراد ، بل لا يرد على هذا الدليل شيء غير ما أجيب به عنه أوّلا.
وقد وجّه بعض الفضلاء الدليل المذكور بأنّ وجوب كون القدرة مع الفعل ينافي مفهومها ومعناها الّذي هو التمكّن من الفعل والترك المقتضي لصحة تعلّق القدرة المتعلّقة بالفعل من حيث هي قدرة عليه بالترك أيضا ، الموجب لامكان كونها في الحالين واحدة.
وثانيها : انّه لو لم تكن القدرة قبل الفعل ـ بل كانت مقارنة له غير مفارقة عنه ـ لزم أحد المحالين : إمّا قدم العالم ؛ أو حدوث قدرة الله ـ تعالى ـ ضرورة عدم انفكاك كلّ من القدرة والفعل حينئذ عن الآخر ، والتالي بقسميه باطل.
وأجيب عنه : بأنّ كلامنا في قدرة العبد ، ولم ندّع انّ القدرة على الاطلاق مقارنة للفعل ليرد علينا قدم العالم أو حدوث قدرة الله ، بل قدرة الله ـ تعالى ـ قديمة ولها تعلّقات حادثة مقارنة للأفعال الصادرة عنّا. وسيأتي ما يرشدك إلى أنّ المتنازع فيه ما ذا؟.
وثالثها : انّه لو لم تتحقّق القدرة قبل الفعل لم يكن الايمان حال الكفر مقدورا للكافر ، فيكون تكليف الكافر بالايمان تكليف غير القادر ، ولم تكن الطاعة حال العصيان مقدورة. فيكون عذر العاصى ترك المأمور به مقبولا ، بل يلزم عدم تحقّق عصيان أصلا!.
وأجيب عنه : بأنّ تكليف الكافر في الحال بايقاع الايمان في ثاني الحال والقدرة انّما يحتاج إليها حين الفعل ، لا حين التكليف.
وفيه : انّ هذا الالتزام آن تخيير المكلف ليس ثابتا قبل الفعل ـ أي : حال الكفر ـ.
ولا شكّ في بطلانه ، إذ ظاهر انّ الكافر في كلّ آن مكلّف منجّزا بالاسلام بدلا عن كفره في هذا الآن ، ويأثم بتأخيره إلى الآن الآخر. وهذا ظاهر والمانع مكابر مقتص عقله.
وأيضا حاصل الجواب المذكور : انّ الكافر في آن كفره مكلّف بأن يقع عنه الإيمان