ذكره الطبرسي في مجمع البيان (١). فانّ المراد به هو الامتداد بمجرّد الفرض والتقدير من دون أن يكون له واقعية ونفس أمرية ، فانّ الاذهان البشرية إذا سافرت من بقعة الزمان والزمانيات إلى صقع الدهر والدهريات تخترع لالفها بالزمان أمرا ممتدا تقديريا تخيّليا / ٤٢DB / من غير شائبة تحقّق له في متن الواقع. ومثل هذا الامتداد نحن نقول به ، لأنّ القول به لا يوجب تحقّق امتداد في نفس الأمر قبل وجود العالم ، بل قبله عدم صرف وليس ساذج. وهذا التقدير انّما حصل منّا ، فالوجود يكون مسبوقا بالعدم الصريح مسبوقية غير زمانية.
ويؤيّد ما ذكرناه من انّ الزمان التقديري غير الزمان الموهوم وأنّ المتكلّمين انّما قالوا بالموهوم دون التقديري ما ذكره بعض المحدّثين من أصحابنا من انّ اوّليته ـ تعالى ـ وآخريته فسّرتا بوجوه :
الأوّل : أن يكون المراد بالأسبقية بحسب الزمان ، وهذا انّما يتمّ إذا كان الزمان أمرا موهوما ـ كما ذهب إليه المتكلّمون ـ ، أو بحسب الزمان التقديري ـ كما ذكره الطبرسي في مجمع البيان ـ.
وإذ ثبت انّ المراد بالزمان الموهوم هو الامتداد الواقعي النفس الأمري فنقول : ثبوت مثل هذا الشيء قبل ايجاد العالم باطل بوجوه :
منها : انّه لا يتصوّر في الدهر وفي العدم والليس الصريح المحض امتداد وتصرّم وحدّ وتمايز ولا نهاية ، إذ ذلك من لوازم وجود الحركة.
وأورد عليه : بانّا لا نسلّم انّ الاتصاف بالامتداد / ٤٤MA / والانقضاء وامثاله فرع وجود الحركة ، لم لا يجوز أن ينتزع من استمرار وجود الواجب أمر ممتدّ على سبيل التجدّد والتفصّي؟! ، بل الظاهر انّه كذلك ولا استبعاد فيه. كيف وانّهم يقولون انّ الحركة القطعية ينتزع من الحركة التوسطية والزمان ينتزع من الآن السيال ، فكما جاز هناك انتزاع الأمر الممتدّ المتجدّد المتفصّي من الأمر الشخصي الّذي لا امتداد فيه و
__________________
(١) الظاهر انّه اشارة إلى ما جاء به الطبرسي تفسيرا على مبتدأ سورة الانسان المباركة ؛ راجع : مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٠٦.