الامتداد بدون المعلول لا يطلق عليه اسم التخلّف ، لعدم تحقّق الأوّلية والآخرية والجزئية وأمثالها بدون تحقّق الزمان وعدم تحقّق طرف يصدق تحقّق التخلّف فيه. وغير خفيّ انّ بناء هذا الجواب على عدم وقوع التفاوت والاختلاف في ظرف الواقع ونفس الأمر بدون وجود الزمان ، وقد تقدّم ذلك مفصّلا ؛ فتأمّل!.
وثانيها : انّه لو كان العالم حادثا لكان مسبوقا بمادّة ، إذ كلّ حادث مسبوق بمادّة ، إذ امكان وجوده متقدّم على وجوده. وليس ذلك الامكان قائما بذاته ـ إذ ليس جوهرا ـ ولا بالفاعل ـ إذ ليس هو قدرة الفاعل عليه ، ولا يتعقّل أن يقوم بالفاعل سوى القدرة على ايجاد الحادث ـ ولا بالماهية ـ إذ ليس هو الامكان الذاتي المجامع / ٥٢MA / مع الوجود ـ ، فيكون قائما بمادّة الحادث أو موضوعه أو متعلّقة ، فلو كان العالم حادثا لزم أن تكون له مادّة سابقة على جميع اجزائه ؛ هذا خلف!.
وجوابه : انّ الامكان السابق على وجود العالم ليس إلاّ الامكان الذاتي مع اعتبار قيد العدم معه ، وتقدّمه على الوجود وعدم اجتماعه معه انّما هو لأجل ملاحظة قيد العدم المتقدّم عليه ، وذلك أمر اعتباري لا وجود له في الخارج حتّى يحتاج إلى محلّ غير الماهية ، بل هو بعينه الامكان الذاتي ، والفرق ليس إلاّ بانضمام قيد العدم وعدمه.
نعم! لو كان العالم موصوفا بصفات الموجودات كالقرب والبعد وامثالهما / ٤٩DB / الّتي للامكان الاستعدادي المعبّر عنه بالقوّة الّتي لا بدّ من تحقّقها فى غير ما هو قوّة له ـ أعني : فيما هو مادّة بالنسبة إليه ، كالقوّة الحاصلة في النطفة للجنين وفي الغذاء للنطفة ـ لكان محتاجا إلى مادّة أو موضوع ؛ والقائل بحدوث العالم لا يسلّم ثبوت الامكان الاستعدادي له قبل وجوده. كيف وهو يدّعى كونه مبدعا لا في زمان ولا يتعقّل للمبدع أن يسبقه المادّة؟! ، فانّ سبق المادّة انّما يكون لما يتصف بالقرب والبعد وامثالهما ممّا لا يتحقّق إلاّ في الزمان ، فغير المحتاج إلى الزمان لا يحتاج إليه. ولو كان مع كونه مبدعا لا في زمان محتاجا إلى مادّة لكان لقائل أن يقول : لو كان حادثا ذاتيا لاحتاج إلى المادّة أيضا ، اذ (١) امكان وجوده متقدّم بالذات على وجوده وليس قائما بذاته ولا بالفاعل و
__________________
(١) الاصل : و.