ثبوت ما ينتزع منه إلى موصوفه ، فإذا كان موصوفه الوجود فهو أيضا ثبوته كثبوت الوجود ، فرجع معنى ثبوت الوجوب في نفسه إلى ثبوت الذات المتّصفة بوجوب الوجود في نفسه ، فلا يكون متأخّرا عن ثبوت الوجود ؛ انتهى.
وأنت تعلم إنّ الجواب الّذي ذكره هذا البعض على اختيار الشق الثاني في غاية السقوط! ، لأنّ نفس النسبة أيضا متأخّرة عن الطرفين ، لكونها فرعا لوجود الطرفين ـ لأنّه ما لم يتحقّق الطرفان لم تتصوّر نسبة بينهما ـ. ولو سلّم عدم تأخّرها عنهما وعدم كونها فرعا لوجودهما فلا ريب في أنّها لا تكون متقدّمة عليهما ، بل تكون في مرتبتهما ، فالوجوب الّذي وصف لهما يجب أن يكون متأخّرا عنها ، وإذا كان متأخّرا عنها يكون متأخّرا عما هو في مرتبتها (١) ـ أعني : أحد الطرفين الّذي هو الوجود ـ.
امّا الجواب الّذي ذكره على اختيار الشقّ الأوّل فما ذكره أوّلا من حديث الاستلزام وانكار القاعدة الفرعية للجواب عن صورة ادّعاء تاخّر ثبوت الوجوب في نفسه عن ثبوت الوجود في نفسه محلّ الكلام ، وكونه أصحّ القولين غير معلوم ، وتحقيق القول فيه لا يليق بهذا المقام ؛
وما ذكره ثانيا للجواب عن صورة ادّعاء تأخّر ثبوت الوجوب في نفسه عن ثبوت الوجود في نفسه ، فحاصله : انّ الوجوب لمّا كان امرا اعتباريا انتزاعيا فليس له ثبوت على حدة كالصفات الحقيقية ، بل ثبوته انّما هو بمعنى ثبوت ما ينتزع عنه ـ كما هو الشأن في جميع الصفات الاعتبارية الانتزاعية ـ ، فمعنى ثبوت الوجوب في نفسه كمعنى ثبوت ساير الصفات الانتزاعية / ٢٥DB / يرجع إلى ثبوت الذات المتّصفة به. ولمّا كان الوجود هنا هو الموصوف فمعنى ثبوته هو ثبوت الوجود في نفسه. وتلخيص الجواب على تقدير الادعاء الأوّل والثاني : انّ الوجود ليس إلاّ ذاتا بسيطة واحدة هي حقيقة الوجود الخاصّ ، والوجوب أمر انتزاعي له ، حمله عليه لا يقتضي / ٢٦MA / التأخّر للاستلزام ، وليس له ثبوت في نفسه حتّى يلزم تأخّره للتعينية.
وأنت تعلم انّه يلزم على هذا أن لا يكون لشيء من الوجود والوجوب ـ سواء
__________________
(١) الاصل : ـ فالوجوب ... مرتبتها.