النزاع انّما هو في الزمان من حيث الخصوصية لا مطلقا ، فلا يندفع النقض. وكذا لا يندفع المنع ، لانّ المراد منه انّ المعتبر في الممكن أن يجوز له الوجود والعدم باعتبار ذاته لا ما يجوز له الوجود تارة والعدم أخرى حتّى يجري ذلك في جميع خصوصيات الممكن.
وقال جماعة من الفضلاء : يمكن أن يوجّه الدليل بحيث لا يرد عليه شيء من الايرادات المذكورة. فقرّروه بوجوه :
اوّلها أن يقال : لو جاز وجود الممكن لمجرّد الاولوية الذاتية فاذا اخذ الممكن مع هذه الاولوية بدون انضمام امر اخر إليه فامّا أن يجوز له العدم مع بقاء تلك الأولوية ، أولا ؛ وعلى الثاني يلزم الوجوب وقد فرض غير واجب! ، وعلي الأوّل يفرض وقوع عدمه مع بقاء الاولوية ، ونقول : عدمه حينئذ امّا تقع مع مرجوحيته على وجوده فيلزم ترجيح المرجوح ، أو مع رجحانه على وجوده فيلزم انتفاء الاولوية ؛ هذا خلف!.
فان قيل : ما ذكرتم انّما يصحّ لو كانت الأولوية الذاتية موجبة للرجحان ، امّا لو كانت مرجّحة له فلا يجوز أن يزول الرجحان الّذي تقتضيه الاولوية بعنوان الرجحان عند فرض عدم الممكن ، فلا يلزم ترجيح المرجوح حال كونه مرجوحا ، انّما الممتنع زوال الرجحان إذا اقتضاه الأولوية بالوجوب ؛
قلنا : عدم الممكن مع بقاء رجحان وجوده بأىّ نحو كان محال ـ وهو ظاهر! ـ. وقد مرّ سابقا ما ينفعك في هذا المقام.
وثانيها أن يقال في الشق الأوّل : نفرض عدم وقوعه مع بقاء / ٩MA / الأولوية ونقول : أنّ عدم الوقوع / ٩DA / حينئذ إن كان بلا سبب لزم ترجّح الوقوع بلا سبب ، وان كان مع سبب فوقوع الطرف الاوّل ـ أعني : الوقوع ـ يتوقّف على عدم هذا السبب ، فليس مجرّد الأولوية كافيا.
وثالثها ان يقال : الممكن مع الأولوية الذاتية إن لم يجز عدمه كان واجبا ، هذا خلف! ؛ وإن جاز عدمه نفرض شخصين متساويين في رجحان الوجود ونفرض وجود أحدهما وعدم الآخر ، فيلزم ترجّح احد المتساويين.
وأنت تعلم انّ هذه التقريرات تخرج الدليل عن حقيقته وتجعله دليلا آخر ، فانّ