لا بالماهية إلى آخر ما تقدّم.
وثالثها : إنّه لو كان العالم حادثا لكان الزمان متناهيا ، وإذا كان الزمان متناهيا كان عدمه سابقا على وجوده ـ سبقا لا يجامع السابق المسبوق ـ ، وذلك لا يكون إلاّ بزمان ، فيكون قبل الزمان زمان ، وهكذا إلى ما لا بداية له ؛
وجوابه : انّ تقدم عدم الزمان المتناهي على وجوده لا يحتاج إلى زمان آخر يكون ملاكا له ـ لأنّه ليس متقدّرا ولا متكمّما ـ ، بل ـ إذا ثبت عند العقل تناهي الزمان ينتزع منه بمعونة الوهم تقدّما لعدمه على وجوه تقدّما لا يجامع المتقدّم به المتأخّر شبيها بتقدّم اجزاء الزمان والزمانيات بعضها على بعض ؛ ولا فرق إلاّ بالتقدّر وعدمه ، كما ينتزع من تناهي المكان فوقية لعدمه عليه ـ وقد مرّ توضيح ذلك على ما ينبغى ـ.
وبما ذكرناه يظهر فساد ما توهّمه بعض المتأخّرين من قوّة أدلّة القدم ، فانّها لا تنتهض حجّة على القائلين بالحدوث الدهري مطلقا.
قال بعض الأعلام : ولعلّ مقدّم الفلاسفة ورئيسهم تفطنان بأنّ دلائل القدم كلّها مردودة حيث عدّا مسئلة أزلية العالم في طونيقا من المسائل الجدلية الطرفين الّتي لا برهان عليها ـ بل هي بعد مشكوك فيها! ـ. نعم! يمكن تتميم تلك الأدلّة على من قال بزمان موهوم مستمرّ متقدّم على وجود العالم هو ظرف عدم العالم أو مقدار بقاء الواجب ؛ فليتدبّر.
( تحقيق ) ( في كيفيّة ربط الحادث بالقديم )
ثمّ انّه يجب علينا هنا من بيان كيفية ربط الحادث بالقديم على ما اخترناه من القول بالحدوث الدهري. فقد زعم بعضهم انّه لا يمكن الربط على هذا القول بل يتوقّف على القول بزمان موجود وحركة قديمة ـ كما ذهب إليه الحكماء ـ ، أو بزمان موهوم ـ