سوى الواجب هو العدم الصرف الخالص مع انّه بعد فرض وجود العالم فيه كما هو المطابق للواقع يحصل فيه الامتداد القابل للزيادة والنقصان ، فانّ الامتداد الحاصل في الزمان من وقت حدوث العالم إلى هذا الآن أكثر من الامتداد الحاصل من زمان نوح إلى هذا الآن مع انّه لم يقع إلاّ في العدم الصرف ، ولو فرض عدم وجوده لم يكن إلاّ العدم الخالص الغير القابل للامتداد والانقضاء.
ثمّ الامتداد والتفاوت وإن لم يكن معلوما لنا لو لم يوجد الزمان إلاّ أنّه بعد وجود الزمان يظهر لنا ثبوت الامتداد والتفاوت فيه ؛ فكذا الحال في العدم الخالص الّذي لم يوجد فيه الزمان ، فانّ العقل يحكم / ٤٨DA / بأنّه لو وجدت فيه الزيادة يحصل فيه الامتداد الغير المتناهي. فيظهر انّه يمكن تحقّق وعاء واقعي غير ممتدّ لو وجد فيه الزمان لكان غير متناه.
والمنازع إن قال : لا يمكن أن يفرض وجود الواجب منفكّا عن العالم بدون امتداد واقعي نفس أمري ؛ فهو مكابر ، لأنّه مع ما علمت انّ تحقّق الامتداد للواجب بديهي البطلان ؛ نقول : جواز فرض ذلك ممّا لا ينبغي الريب فيه ، فانّ ما هو محال في الواقع لا يستحيل فرضه.
وإن قال : وجود العالم والزمان لا يقع في العدم المفروض ؛ فهو اشدّ مكابرة.
وممّا يوضح قبول العدم المذكور لوقوع الأمكنة فيه واحاطته بها وقبولها للزيادة والنقصان بعد وقوعها فيه انّه لا ريب في أنّ قبل وجود العالم لم يكن البعد الّذي حصل فيه المحدّد بما فيه بعد وجوده شيئا خارجيا موجودا ، بل كان عدما لا خلأ ولا ملأ كما هو فوق المحدّد والآن ، ومع ذلك بعد وجود العالم حصل فيه الأمكنة والأبعاد القابلة للزيادة والنقصان.
ولو فرضنا وجود الابعاد والاماكن في العدم الخالص السابق على العالم لحصل فيه الامتدادات المكانية وكان قابلا لها ، بل لحصول الابعاد الغير المتناهية.
وبما ذكرناه يظهر اندفاع ما قيل : انّ العدم والوجود اللّذين في هذا الوعاء ان كانا متعاقبين ـ كما يظهر من بعض كلمات السيد الداماد قدسسره حيث قال فيما مضى