قلنا : هذا مجرّد استبعاد منشأه عدم تعقّل غير الزمانيات والف الذهن بها ، وهل التقدّم يلزم أن يكون منحصرا بالتقدم بالزمان؟!. وأمّا انّ تقدّم العدم الواقعي على الوجود من أيّ قسم من التقدّم فيأتي الكلام فيه.
ثمّ ما ذكره المورد أخيرا من مقارنة وجود الواجب للزمان كمقارنة وجود الاجسام فهو إجراء الصفات المادّي المحدث على المجرّد القديم وجهل بالله الكريم! ، وكيف يقارن صرف الوجود المجرّد عن المادّيات وغواشيها والمتعالي عن الجسمانيات وما يقربها والمحيط بالأجسام وما يلحقها من اعراضها من الزمان والمكان بالزمان!؟ ، وهل يشكّ عاقل بأنّ الأزمنة بآزالها وآبادها بالنسبة إلى حرم كبريائه كان واحد والأمكنة بعلوها وسفلها بالنظر إلى ساحة قدسه كنقطة واحدة؟!.
على أنّ المتكلّم الّذي يريد حفظ قوانين الشريعة الطاهرة كيف يتكلّم بمثل هذا الكلام؟!. مع أنّ ما ورد في الشرع / ٤٥MB / من الأخبار الدالّة على تقدّس ذاته ـ تعالى ـ عن الاتيان إلى الزمان ـ بأيّ طريق كان ـ أكثر من أن يحصى ؛
روى شيخنا الاقدم محمد بن يعقوب الكليني ـ رحمهالله ـ في الكافى عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ انّه قال : من زعم انّ الله من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر (١)! ؛
وروى الصدوق في توحيده عن أبي ابراهيم ـ عليهالسلام ـ انّه قال : انّ الله ـ تعالى ـ لا يوصف بمكان ولا يجري عليه زمان (٢) ؛
وعنه ـ عليهالسلام ـ انّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون ، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون ، تعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا (٣) ؛
وعنه ـ عليهالسلام ـ : انّ الله ـ تبارك وتعالى ـ كان لم يزل بلا زمان وهو الآن كما كان (٤).
__________________
(١) راجع : الكافي / الأصول ، ج ١ ، ص ١٢٨.
(٢) راجع : التوحيد ، ص ١٨٤.
(٣) راجع : نفس المصدر ، ص ١٨٤.
(٤) راجع : نفس المصدر ، ص ١٧٩.