وأنت تعلم انّ هذا الجواب لا يخلوا عن اختلال ما ـ كما لا يخفى ـ. مع أنّه مبني على كون الشبهة جارية في القدرة الملزومة للحدوث ، وقد عرفت أنّها ليست جارية فيها بل جارية في القدرة بالمعنى المشهور ؛ هذا.
وقيل في الجواب عن الشبهة : انّا نختار انّ القدرة حال عدم الاثر لكنها عبارة عن التمكن من الفعل في ثاني الحال ؛ فلا ينافيه العدم في الحال ، بل يجتمع معه.
وغير خفيّ انّه يمكن أن يحمل هذا الجواب على محملين :
أحدهما : هو انّا نختار انّ القدرة في حال العدم ، لكن معناها التمكّن على الفعل والترك بالنسبة إلى زمان واحد. وهو ثاني الحال. وعلى هذا الحمل يكون المراد من القدرة معناها الحقيقي المعتبر عند أهل التحقيق ـ أعني : التمكّن من الفعل والترك بالنسبة إلى زمان واحد وهو ثاني الحال ـ ، بمعنى انّه يصدق على القادر في حال العدم انّه قادر على كلا طرفي الفعل في الاستقبال ، لا على الوجود فقط. وكذا في حال الوجود يكون قادرا على كلا طرفي الفعل في الاستقبال ، لا على العدم فقط.
ويرد على هذا الحمل : انّ ثاني الحال لا يخلوا عن وجود الفعل وعدمه ، فيعود السؤال على التقديرين ـ أي : على تقدير وجود الفعل وعدمه ـ ، لأنّ ثاني الحال إن كان حال وجود الفعل فلا يتمكّن من الترك ، وإن كان حال عدم الفعل فلا يتمكّن من الفعل ، فلا يتحقّق القدرة على المستقبل. فلا بدّ لاتمام هذا الجواب حينئذ من التمسّك بالجواب الّذي ذكرناه أوّلا من أنّ وجوب أحد الطرفين وعدم التمكّن على الطرف الآخر بالارادة لا ينافي الامكان بالنظر إلى ذات القادر ، فيطول المسافة في الجواب. على أنّه لا تخصيص لاختيار الشقّ الثاني حينئذ ، إذ كما يمكن اختيار الشق الثاني باعتبار التمكّن من الفعل والترك بمعنى ابقاء الترك على ما كان في ثاني الحال كذلك يمكن اختيار الشقّ الأوّل باعتبار التمكّن على الترك والفعل بمعنى ابقاء الفعل على ما كان في ثانى الحال ، أو باعتبار التمكّن على الفعل والترك بمعنى ابقاء الترك على حاله قبل زمان الفعل.
وثانيهما : انا لا نعني بالقادر من يتمكّن من الفعل والترك كليهما في زمان واحد ،