وخواصّها وأفعالها وتشخّصها مستندة إلى جاعلها الحقّ بمعنى أنّ الجميع فائضة منه ـ تعالى ـ ومستندة إليه ـ سبحانه ـ ، فهو كما خلق ماهية الانسان خلق نطقه وشعوره وجميع ما يلزمها من الآثار والصفات. إلاّ أنّ ماهية الانسان لا تتحقّق بدون تلك الصفات واللوازم بمعنى أنّه لو لا تلك الآثار والصفات لم يكن انسانا ، فانّ حقيقة الانسان هو أن تكون بتلك اللوازم والآثار. فالانسان الغير الناطق والحيوان ليس انسانا ، والحمار الغير الناهق ليس حمارا. فكلّ ماهية في حاقّ الواقع ومتن نفس الأمر حقيقتها أن تكون على النحو الخاصّ ومع الصفات واللوازم المعيّنة ، لا بأن يكون لها تحقّق وثبوت بل بمعنى أنّه لو وجد داهن وفارض يحكم بأنّ حقيقة الانسان كذا وحقيقة الفرس كذا وبعد ما يوجد في الخارج يكون على ما هو مقتضى طبيعته وحقيقته ـ أي : يكون معه ما يلزمه من الآثار والصفات ـ. وكذا حقيقة كلّ شخص من الأشخاص أن يكون بالآثار والمشخّصات المعيّنة بعد وجوده ، فجميع الموجودات بلوازمها وصفاتها وشخصياتها مستندة إليه ـ تعالى ـ. إلاّ / ٧٢MB / أنّ كلّ ماهية موجودة بعد وجودها يكون على النحو الخاصّ المشاهد ، لأنّ حقيقتها كذا ولا يمكن أن يوجد بغير هذا النحو ، ومع ذلك يكون تلك الحقيقة. فالمراد ممّا يقال : انّ المهيات ليست مجعولة بالجعل المركب هو هذا المعنى ـ أي : لا يجوز أن يجعل الفاعل الانسان انسانا ، بل هو خلق الانسان بلوازمه وخواصّه وأوجده ، وبعد وجوده يكون حقيقته كذا ـ.
وإذا ثبت ذلك فنقول : انّ كلّ فعل يصدر عن عبد فمن حيث انّ وجود العبد ووجود افعاله منه ـ تعالى ـ يمكن استناد الفعل من هذه الجهة إليه ـ تعالى ـ ، ومن حيث أنّ حقيقة هذا العبد بشخصه المعيّن بعد وجوده يكون بهذا النحو الخاصّ يمكن استناده إلى العبد من هذه الجهة ، لا بأن تكون ماهية هذا العبد مؤثّرة في الفعل ، لأنّ التأثير ليس إلاّ من عند الله ، بل من حيث أنّ حقيقته إذا وجدت لزم أن تكون بهذا النحو. وعلى هذا فيكون للفعل نسبة إلى لواجب وهو تأثّره منه ـ تعالى ـ وتأثيره ـ تعالى ـ فيه ، ونسبته إلى ماهية العبد وهو اقتضاء حقيقته على فرض وجوده لايجاد هذا الفعل فيه.
فإيجاد الذات والصفات والأفعال كلّها مستند إليه ـ تعالى ـ ولا يستند وجود