الأمور السماوية وغيرها ، بشهادة الفطرة ووقوع الأشرف فالأشرف فالأشرف (١) ، ثم قال : وإذا كان الجوهر العقلي أشرف من النفس يجب أن يكون قبلها ، ولما كانت الأثيريات أشرف من العنصريات يجب أن تكون حاصلة قبلها بضرب من القبلية (٢) ؛ انتهى.
وأيضا : القدرة بالمعنى الأوّل انّما هو بمعنى صدور الفعل بالعلم والمشية ، فاذا استلزم عالمية المعلول لعالمية العلّة ثبت القدرة بهذا المعنى. ومع قطع النظر عن ذلك نقول : انّ هذا المعلول الّذي صدر عنه العالم لصدور الأفعال المحكمة المتقنة المشتملة على الحكم والمصالح عنه بحيث لا يتصوّر خلل ونقص في فعل من أفعاله ولا يتعقّل اتقان وانتظام فوق ما صدر وقد ثكل نوافذ الأفهام وثواقب الأوهام عن دقائق صنعه وعجائب / ٦٣DB / فعله يكون ذاته ـ أي : ذات هذا المعلول ـ أتقن وأحكم ، وتكون دقائق الحكم وغرائب الصنع الّتي تشتمل ذاته عليها أكثر ـ لانطواء ذاته بالحقيقة على جميع الحكم والغرائب الّتي ينطوي عليها العالم ـ. فاذا دلّ اتقان العالم واشتماله على الحكم والمصالح على علم هذا المعلول الّذي هو موجده بالفرض فيكون اتقان هذا المعلول واشتمال نفسه على الحكم والمصالح ادلّ على علم موجده ، لأنّه إذا كانت الحكم والدقائق الآفاقية والأنفسية مع انتشارها وتفرّقها واختصاص كلّ جزء من العالم وفعل من الأفعال بحكم محصورة دالّة على علم هذا المعلول الّذي هو موجدها بالفرض كان ايجاد معلول واحد يكون في ذاته الاقتدار على مثل هذا الايجاد والقوّة والتمكّن على صدور مثل هذا النظام ووضع كلّ شيء في موضعه واعطاء كلّ موجود ما يليق بحاله ادلّ على علم موجده! فكما أنّ وجود الحكمة والمصلحة في كلّ فعل من أفعال العالم يدلّ على انّ ايجاد الموجد هذا الفعل لاشتماله على تلك الحكمة والمصلحة فيكون عالما به وبتلك الحكمة. فكذلك تحقّق الاقتدار المذكور في هذا المعلول وتمكّنه من ايجاد مثل هذا النظام الأصلح يدلّ على أنّ ايجاد الواجب ايّاه إنّما هو لاشتماله على
__________________
(١) راجع : كتاب المشارع والمطارحات ـ المطبوع في مجموعه مصنفات شيخ اشراق ـ ، ص ٤٣٤. وتوجد بين المنقول في كتابنا هذا والمطبوع منه في هذه المجموعة اختلافات يسيرة.
(٢) راجع : نفس المصدر ، ص ٤٣٥.