/ ٥٠MA / كونه في مكان له تحقّق في الواقع ويصدق عدم المعية بين الواجب وبين غيره من الممكنات في المكان ، بل لو قيل بتحقّق الانفكاك بين كلّ مكان وبين الواقع الدهر ـ الّذي هو ظرف تمكّنه تعالى ووعاء استقراره ـ لكان صحيحا ، ومعنى استقراره وتمكّنه في وعاء الواقع والخارج هو قيامه بذاته الواجبة بنفسها. ولو ادّعى انّه لو فرض بينهما بعد لكان غير متناه لم يكن بعيدا. والسرّ عدم امكان تحقّق النسبة بينهما وعدم جواز وقوع الواقع في أحد طرفي البعد ، كما يجوز وقوع مكان ما في أحدهما ، فهو ـ تعالى شأنه ـ مع انّه أبعد الأشياء إلى كلّ مكان يتصوّر فهو أقربها إليه!.
وقس على ذلك نسبته ـ تعالى ـ مع كلّ زمان وزماني ، فانّه مع عدم كونه في زمان له تحقّق في الواقع ويصدق عدم المعية بينه وبين غيره من الزمانيات في الزمان ، ويصحّ القول بتحقّق الانفكاك بين كلّ زمان وبين الواقع الّذي هو ظرف وجوده ـ تعالى ـ.
ومعنى كون الواقع ظرف وجوده هو كونه ثابتا بنفسه مصونا عن التغيّر والتجدّد وقيامه في حدّ ذاته. ولا يبعد ادّعاء انّه لو فرض بين الواقع الّذي هو ظرف وجوده وبين كلّ زمان زمان لكان غير متناه ، والسرّ عدم امكان تحقّق النسبة بينهما وعدم تعقّل وقوعهما في طرفى الزمان ، فهو ـ تعالى ـ مع أنّه أبعد الأشياء إلى كلّ زمان فهو أقربها إليه. وكما يصدق أنّه ـ تعالى ـ مباين (١) عن كلّ مكان وكان موجودا فيما لم يوجد متمكّن فيه كذلك يصدق انّه ـ تعالى ـ مباين (٢) عن كلّ زمان ، وكان موجودا ولم يوجد العالم أصلا.
وممّا يوضح قبول العدم المذكور لوقوع الازمنة فيه واحاطته بها واتصافها بالامتداد والزيادة والنقصان بعد وقوعها فيه : انّه لا يمتنع أن يفرض الواجب ـ تعالى ـ منفردا بدون تحقّق شيء من الزمان والزمانيات والمكان والمكانيات إلى هذا الآن ، فنفرضه كذلك ونقول : على هذا الفرض يلزم أن لا يتحقّق قبل هذا الآن غير الواجب شيء لا موجود خارجي ولا واقعي نفس امري ، فلا يتحقّق امتداد أصلا ، بل المتحقّق
__________________
(١) الاصل : متباين.
(٢) كما في التعليقة السالفة.