كذلك قطعا ـ فالله تبارك وتعالى نهى عن إيكال الأمر إلى هبل وطلب الخير منه ، لأنّ هذا شرك صريح.
وأين هذا من الاستخارة التي هي إيكال الأمر إلى الله وتفويضه إليه. وكيف يمكن أن يقاس المقام ـ أي الاستخارة التي هي اطاعة وعبادة وإيكال إلى الله تعالى وتفويض الأمر إليه تعالى ـ مع عبادة الأوثان وطلب الخير والرزق من هبل الذي هو صخرة لا يضرّ ولا ينفع؟
وهل هذا إلاّ مقايسة الشرك بالتوحيد وعبادة الله والخضوع له وتفويض الأمور إليه بعبادة الأوثان وتفويض الأمر إليها؟
وكيف يمكن إنكار طلب الخير وإخراج الحقّ من الله وهو تبارك وتعالى ينقل في قصّة كفالة مريم ابنة عمران أنّ زكريا عليهالسلام مع سائر القوم من عبّاد بني إسرائيل طلبوا إخراج الحقّ من الله تبارك وتعالى بإلقاء أقلامهم في نهر الأردن أيّهم يكفل مريم ، حين يقول عزّ من قائل ( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) (١).
وإنّما طولنا المقام وأطنبنا الكلام لما حكي لنا من وقوع شبهة في أذهان جماعة من الشبان الذين تطرّقت في نفوسهم وساوس الشيطان ، فالله هو الهادي إلى سواء السبيل.
وممّا ذكرنا يظهر لك عدم صحّة ما ذكره المقدس الأردبيلي قدسسره في آيات أحكامه في تفسير قوله تعالى ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) : وعلى هذا يفهم منه تحريم الاستخارة المشهورة التي قال الأكثر بجوازها بل باستحبابها ، ويدلّ عليه الروايات ، إلى آخر ما قال (٢).
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٤٤.
(٢) « زبدة البيان في أحكام القرآن » ص ٦٢٥.