غفل ، لم يكتب عليه شيء.
فإذا أرادوا سفرا أو أمرا آخر يهتمّون به ، ضربوا على تلك السهام فإن خرج السهم الذي مكتوب عليه « أمرني ربي » يمضي في حاجته ويقدم على ذلك الأمر ، وإن خرج السهم الذي كتب عليه « نهاني ربّي » لم يقدم على ذلك الأمر ، وإن خرج السهم لم يكتب عليه شيء وهو غفل أعادوا العمل حتى يخرج أحد السهمين الّذين كتب على أحدهما الأمر ، وعلى الآخر النهي ، فيعمل على طبقه.
فالمتوهّم يقول : إنّ هذا العمل عين الاستخارة التي عند الإماميّة الاثنى عشريّة ـ زاد الله في عزّهم وشرفهم ـ فتكون المشي على طبق الاستخارة ، ونفس هذا العمل ـ أي الاستخارة ـ حراما وفسقا ؛ لقوله تعالى بعد هذه الجملة ، أي جملة ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ( ذلِكُمْ فِسْقٌ ) لأنّه إمّا مخصوص بهذه الجملة أو يشملها في ضمن الجميع.
وأمّا الثاني : أي الدفع ، فجوابه أنّ هذا الاحتمال في تفسير الآية باطل قطعا ؛ لأنّه من الواضح الجلي أنّ الآية الشريفة في مقام بيان كيفيّة أكل اللحوم في الجاهليّة ، وتميّز ما هو حلال منها وما هو حرام أي المذكى وغير المذكّى ؛ لأنّه تبارك وتعالى يقول : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ) (١).
وكانوا في الجاهلية إذا أجدبت سنة وصارت سنة قحط فالأغنياء من العشيرة يشترون جزورا ويجزونه أجزاء ، وكانت عندهم سهام وهي الأزلام ، أي القداح لا ريش لها وكانت تلك القداح بيد أمين لهم ، وهي عشرة سهام أسماؤها : الفذ ، والتوأم ، والرقيب ، والحلس ، والنافس ، والمسبل ، والمعلى ، والوغد ، والسفيح ، والمنيح.
__________________
(١) المائدة (٥) : ٣.