ما هو الحاصل بالوجدان بالتعبّد ـ وإمّا ناقص ويحتمل الخلاف ، فحينئذ إن جعله الشارع حجّة بتتميم كشفه في عالم الاعتبار بأنّ يعتبر هذا الكشف الناقص تامّا فهذا يصير امارة فإذا كان في شيء هاتان الجهتان نسمّيه بالأمارة.
وجهة الكشف قد يكون من جهة الملازمة بين الكاشف والمنكشف ـ بأن يكون أحدهما علّة والآخر معلول ، أو يكونان معلولي علّة ثالثة. وهذا القسم من الكشف يكون كشفا تامّا لا يحتمل الخلاف ، وإلاّ يلزم تخلّف العلّة عن المعلول أو المعلول عن العلّة ـ وقد يكون من جهة أخرى ليست موجبة لدوام المطابقة ولكنّها موجبة لكون ذلك الشيء غالب المطابقة. وهذا القسم يكون كشفا ناقصا يحتمل الخلاف ويسمّى بالظنّ ، كما أنّ القسم الأوّل يسمّى بالقطع.
ولا شكّ في أنّه بعد ملاحظة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : « ليس من قوم تنازعوا ثمَّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ خرج سهم الحق » (١) وبعد ملاحظة قول أبي الحسن الكاظم عليهالسلام في ذيل رواية محمّد بن حكيم : « كلّ ما حكم الله به فليس بمخطئ » (٢) بعد قول الراوي أي محمّد بن حكيم ـ : « إنّ القرعة تخطي وتصيب » يطمئن الإنسان بأنّها غالب المطابقة ، إن لم نقل بأنّ هذا الكلام وأمثاله ممّا يوجب القطع بدوام المطابقة.
وذلك كما في الاستخارة أقوالهم عليهمالسلام « ما خاب من استخار » يوجب الاطمئنان بإصابتها للواقع ، ولذلك نقل لي عن بعض الأعاظم ( قده ) أنّ الاستخارة من أقوى الأمارات وأقوى الحج على إثبات الصانع ؛ لأنّه لو لم يكن صانع كان أيّ ارتباط بين عدد الزوج أو الفرد ، وبين ما فيه المصلحة والمفسدة؟ ولكن الله تعالى شأنه هو الذي يجعل ما فيه المصلحة أو المفسدة زوجا أو فردا بعد تفويض الأمر إليه تعالى ، وكذلك الأمر في القرعة.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٦١ ، رقم (٣).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٦٠ ، رقم (١).