أو القضاء عليه من ناحية الإسلام ، وإلاّ فهو بعد أن أسلم يرى ذلك الحكم باطلا لو لا أنّ الإسلام يقرّه ويمضيه ، فيكون الآن اشتغال ذمّته به حتّى في ذلك الوقت بحكم الإسلام في نظره واعتقاده ، لا من جهة دينه السابق ؛ لأنّه الآن يرى أنّ ذلك الدين كان باطلا من أصل أو كان منسوخا.
وأمّا في غير العبادات ـ كما لو كان دية قتل الخطأ ، أو الجرح والجناية على أعضاء الغير ولو كان عن عمد ، فيما إذا رضي المجني عليه بالدية ثابتا في دينه السابق قبل أن يسلم ـ فشمول الحديث لمثل هذا المورد مشكل جدّا.
أمّا أوّلا : لما ذكرنا في استظهار المراد من الحديث أنّه عبارة عن أنّ ما صدر عنه من قول أو فعل أو كان له عقيدة كلّ ذلك إن كان قبل أن يسلم وكان من أحكام الإسلام ـ ترتّب ضرر أو مشقة أو عقوبة على ذلك القول أو على ذلك الفعل أو على تلك العقيدة ـ فالإسلام يرفع ذلك الأثر والضرر.
والمفروض أنّ في المفروض والمورد ليس من هذا القبيل ، بل كان هذا الأثر والضرر يترتّب على قوله أو فعله حتّى في دينه ، وما احتملناه ووجّهنا به الجبّ في نظيره في العبادات لا يخلو من نظر وإشكال ، كما هو غير خفيّ على الناقد البصير.
وثانيا : قلنا إنّ هذا الحديث في مقام الامتنان ، والجبّ في المفروض وإن كان امتنانا على الفاعل لكنّه خلاف الامتنان في حقّ المجني عليه.
ولكن ورد أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّ كلّ دم كان في الجاهلية فهو تحت قدمي هاتين » (١) مع أنّهم كانوا معتقدين بالقصاص والدية في الجاهليّة. غاية الأمر كان دية الأشخاص مختلفة عندهم ، حتّى أنّ دية بعض الطبقات كان ألف بعير ؛ فمع أنّهم كانوا معتقدين بها أسقطها صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الإسلام وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تحت قدمي هاتين ».
وأيضا يظهر من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمغيرة بن شعبة ـ بعد أن غدر بأصحابه وقتلهم وأخذ
__________________
(١) « الكافي » ج ٨ ، ص ٢٤٦ ، ح ٣٤٢ ؛ « سنن ابن ماجه » ج ٢ ، ص ١٠٢٣ ، كتاب المناسك ، باب ٨٤ ، ح ٣٠٧٤.