التفصيل الذي تقدّم في بيع العنب لمن يعلم أنّه يصنعه خمرا لأنهما من واد واحد ، ومناط الحكم فيهما واحد.
ثمَّ أنّه لا فرق في صدق الإعانة على الإثم فيما ذكرنا من إجارة الدار أو الدكّان أو محلاّ آخر ممّا يشبههما بين أن يكون تسليم الدار أو الدكّان إلى المباشر الآثم بعنوان الوفاء بعقد الإجارة ، أو كان بعنوان الإعارة ، أو بعنوان آخر ممّا يوجب نقل المنفعة أو حلّية الانتفاع لذلك الذي يصدر منه الحرام.
وكذلك في مسألة بيع الخشب أو مادّة أخرى ممّا يصنع منه الصليب أو الصنم لمن يعلم أنّه يصنعهما ، لا فرق بين البيع والهبة والصلح وسائر النواقل الشرعيّة الاختيارية للأعيان التي لها ماليّة.
وكذلك الحكم في بيع الخشب أو أيّ مادة أخرى تصلح لصنع البرابط والمزامير والعود وسائر أدوات اللهو وآلاته ، على التفصيل المتقدّم في بيع العنب لمن يعلم أنّه يصنع منها آلات اللهو وأدواته.
وأيضا لا فرق بين أن يكون نقل هذه المواد إلى الذي يعلم أنّه يصنعها آلات اللهو بالبيع ، أو كان بناقل شرعي اختياري آخر ، كما ذكرنا في الفروع السابقة ؛ لوحدة مناط الحكم في الجميع.
ومنها : إجارة السفينة أو الدابّة أو ما يشبههما كالسيارة والطيارة والقطار لحمل الخمر ونقله من مكان إلى مكان آخر لغرض عقلائي. ولا يأتي فيه التفصيل المتقدّم كما هو واضح بأدنى تأمل.
ثمَّ إنّهم عدّوا من شرائط صحّة الإجارة أن تكون المنفعة مباحة ؛ لأنّ حقيقة الإجارة تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم ، والفرق بين البيع والإجارة أنّ البيع يتعلّق بالأعيان ويكون عبارة عن تمليك الأعيان المتموّلة بعوض مالي ، والإجارة تتعلّق بالمنافع وتكون عبارة عن تمليك المنافع المتموّلة في نظر الشارع ، فإذا كانت المنفعة