للمسائل الفقهيّة والأدلّة لها ، ولأجل هذا الغرض وهذه النتيجة ألّفوا على الأصول ، ولذا عرّفوه : بأنّه العلم بالقواعد التي تقع كبرى في قياس يستنتج منه الحكم الشرعي الفرعي الكلّي.
إذا عرفت ما ذكرناه ، فنقول : إنّ مفاد قاعدة الفراغ والتجاوز ليس إلاّ الحكم بصحّة العمل الذي فرغ منه ، وشكّ في أنّه هل أخلّ بذلك العمل المأمور به بترك جزء ، أو شرط ، أو إتيان مانع في قاعدة الفراغ ؛ وأيضا ليس إلاّ الحكم بإتيان جزء أو شرط إذا شكّ في إتيانه بعد تجاوز محلّه إذا عيّن له محلّ.
ولكن أنت خبير بأنّ هذا المعنى الذي هو مفاد القاعدتين بنفسه حكم شرعي فرعي كلّي ينطبق على مواردها انطباق جميع الأحكام الشرعيّة الفرعيّة على مواردها ، وليس واسطة لإثبات حكم شرعي فرعي كلّي آخر ؛ فليست من المسائل الأصوليّة بل هما قاعدتان فقهيّتان.
بقي شيء : وهو أنّه ما الفرق بين المسألة الفقهيّة وقاعدتها؟ ولما ذا سمّيتهما بالقاعدة الفقهيّة دون مسألتها.
والجواب أنّه صرف اصطلاح ، وإلاّ فليس ها هنا فرقا جوهريّا نعم جرى اصطلاحهم على تسمية المسائل العامّة التي تحتها مسائل ، وتنطبق على أبواب متعدّدة كمسألتينا ، هاتين حيث أنّهما تنطبقان على كلّ عمل شكّ في وقوع الخلل فيه وصحّته بعد الفراغ في قاعدة الفراغ ، وفي وجود أيّ جزء أو شرط شكّ في وجوده بعد التجاوز عن محلّه في قاعدة التجاوز في أيّ باب من أبواب الفقه ، بناء على عدم اختصاص قاعدة التجاوز بالصلاة ، وإلاّ تكون منحصرة فيها بأبواب الصلاة من أجزائها وشرائطها.
فقاعدة الفراغ تجري في جميع أبواب العبادات والمعاملات ، وقاعدة التجاوز أيضا كذلك ، بناء على عدم اختصاصها بالصلاة. وأمّا بناء على الاختصاص سمّيت بالقاعدة