الصحّة إذا كان صحيحا واقعا ، سواء أكانت تلك الآثار آثارا شرعيّة ، أو كانت من اللوازم العقليّة التي لها آثار شرعيّة.
وأمّا إن كانت أصلا عمليّا سواء قلنا بأنّه من الأصول المحرزة أم لا ، بل كانت من الأصول غير المحرزة ، فلا يثبت بها إلاّ الآثار الشرعيّة التي تكون لذلك الفعل ، بلا واسطة أثر عقلي في البين.
وهذا الأمر ليس من مختصّات أصالة الصحّة ، بل يجري في كلّ أصل وأمارة. وهذا هو المراد من قولهم : إنّ مثبتات الأمارات حجّة دون الأصول.
وأمّا تعيين أنّها أمارة ، أو أصل محرز ، أو أصل غير محرز فهذا راجع إلى النظر في مدرك اعتباره.
فإن كان هو الإجماع ، فالقدر المتيقن من معقده هو ترتيب الآثار الشرعيّة التي للفعل الصحيح بلا واسطة لازمه العقلي ، سواء لم يكن لها واسطة أصلا ، أو كانت بواسطة الآثار الشرعيّة التي لذلك الفعل.
وأمّا إن كان هو بناء العقلاء كما اخترناه ، فإن كان بناؤهم على اعتبارها من جهة ظهور حال كلّ فاعل عاقل سواء كان مسلما أو غير مسلم في أنّه يفعل فعله وعمله صحيحا تاما ، لا ناقصا وفاسدا ، فإن قلنا إنّ بنائهم من جهة تتميمهم الكشف الناقص الموجود في ظهور حالهم ، فتكون أمارة وتكون مثبتاتها أيضا حجّة شأن كلّ أمارة.
وأمّا إن قلنا بأنّ بنائهم ليس من جهة تتميم الكشف ، بل يعملون طبق ذلك الظهور من دون أن يرونه طريقا وكاشفا تامّا في عالم اعتبارهم ، ولكن يعملون طبق ذلك الظهور عمل المتيقّن ، فيكون أصلا محرزا. وان كان عملهم طبق ذلك الظهور من دون بنائهم أنّه عمل المتيقّن ، فيكون أصلا غير محرز.
ولكن الظاهر من بنائهم هو الاحتمال الثاني ، فتكون من الأصول المحرزة ، وعلى كلّ حال ليس بناؤهم على ترتيب آثار الصحّة على فعل الغير من جهة كونه طريقا