الأوّلية المثبتة للأحكام على موضوعاتها بعناوينها الأوّلية.
ولكنّ الشيخ الأعظم الأنصاري أفاد في المقام أنّ عدم جواز تصرّف المالك في ماله وحرمته فيما إذا كان التصرّف ضرريّا بالنسبة إلى الغير ، ولم يكن تركه ضرريّا على نفسه ولكن كان فيه نفع للمالك ، فترك مثل هذا التصرّف وحرمته حرجي للمالك ؛ لأنّه لا شكّ في أنّ عدم قدرة المالك على التصرّفات النافعة حرج عليه ، فيقع التعارض بين قاعدة الضرر وقاعدة الحرج ، والثانية حاكمة على الأولى. وعلى فرض عدم الحكومة تكون قاعدة السلطنة هو المرجع بعد تساقط لا ضرر ولا حرج بالمعارضة (١).
وفيه : ما تقدّم من أنّه لم نعرف وجها يمكن الاعتماد عليه ، لحكومة قاعدة الحرج على قاعدة لا ضرر ، فالصحيح أنّ المرجع قاعدة السلطنة بعد تساقط لا حرج ولا ضرر بالمعارضة.
وما أفاده شيخنا الأستاذ من عدم اجتماع مورد هاتين القاعدتين لأنّ مفاد قاعدة لا ضرر نفي السلطنة إذا كانت ضرريّة ، ونفي السلطنة على تقدير كونه حرجيّا أمر عدمي ولا يرتفع بلا حرج حتّى تقول أنّ نفي النفي إثبات ، فيرجع إلى بقاء السلطنة فيقع التعارض ، وذلك من جهة أنّ مفاد لا حرج نفي الحكم الموجود الذي يكون حرجيّا ، لا إثبات حكم لرفع الحرج (٢).
يمكن أن يجاب عنه : بأنّ مورد الحرج في المقام حرمة ذلك التصرّف النافع للمالك الموجب للإضرار بالغير ، والحرمة حكم وجودي ، فارتفاعها بلا حرج مع ارتفاع جواز التصرّف بلا ضرر ممّا لا يجتمعان ، فيقع التعارض بين لا حرج ولا ضرر ، وبعد تساقطهما بالمعارضة يكون المرجع قاعدة السلطنة.
وعلى تقدير القول بعدم إطلاق دليل السلطنة بالنسبة إلى التصرّف الذي يكون
__________________
(١) « المكاسب » ص ٣٧٥.
(٢) « منية الطالب » ج ٢ ، ص ٢٢٦.