ولا نظر للحاكم إلى قلّة الأفراد وكثرتها.
ففي القسم الأوّل من القضيّة الحقيقيّة تخصيص أكثر الأفراد مستهجن ولو كان بعنوان واحد ، وفي القسم الثاني تخصيص أكثر الأنواع مستهجن ولو كان أفراد أكثر الأنواع الخارج بالتخصيص أقلّ بكثير من أفراد ذلك النوع الواحد الباقي تحت العام.
فالمناط كلّ المناط في الاستهجان هو تخصيص الأكثر ممّا هو مصبّ العموم ، سواء أكان هو الأنواع أو كان هو الأفراد ، وسواء أكان الخارج هو بعنوان واحد أو بعناوين.
فإشكال صاحب الكفاية ( قده ) وارد على ما ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره.
وما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره من الفرق بين القضيّة الحقيقيّة والخارجيّة ، وجعله تحقيقا في المقام (١) لا يخلو عن الخلل كما عرفت وجهه.
هذا كلّه بحسب الكبرى ، وأمّا بحسب الصغرى فلا شكّ أنّ مصبّ العموم في القاعدة هي الأفراد ، إذا مفادها كما استظهرنا من أدلّتها هو نفي كلّ حكم ضرري ، أي ينشأ من قبله الضرر. وليس مفادها نفي كلّ نوع من أنواع الأحكام الضرريّة حتّى لا يكون خروج نوع واحد موجبا للاستهجان ، ولو كان أفراده أكثر ممّا بقي تحت العام.
هذا ، مضافا إلى أنّ الخارج من هذا العموم ـ على فرض تسليم التخصيص ـ ليس عنوان واحد ، وإنّما هو صرف فرض شيخنا الأعظم الأنصاري قدسسره ، لأنّ الأحكام الضرريّة مجعولة بعناوين موضوعاتها ، كعنوان الحجّ والجهاد والخمس والزكاة ، وعنوان من أتلف واليد والمقبوض بالعقد الفاسد ، إلى غير ذلك من العناوين التي يجدها الفقيه المتتبع ، بل موضوع الأحكام الضرريّة موضوعات مسائل هذه الأبواب.
فالصواب في الجواب عن أصل إشكال تخصيص الأكثر : أنّ خروج هذه المذكورات عن تحت القاعدة بالتخصّص ، وليس تخصيص في البين أصلا.
__________________
(١) « منية الطالب » ج ٢ ، ص ٢١٠ ـ ٢١١.