ولو كان البائع كافرا ؛ وذلك من جهة أنّ جعل هذا الحقّ له يلزم منه أن يكون للكافر حق انتزاع ملكه ، أي المشتري المسلم من يده قهرا عليه ورغما على أنفه ، فهذا الجعل يلزم منه السبيل والعلوّ للكافر على المسلم ، فمنفي بالآية والرواية.
ولا فرق في لزوم هذا الأمر بين أن يكون البائع مسلما أو كافرا ؛ لأنّ الشفيع يتلقّى الملك من المشتري ، ولا علاقة له بالبائع أصلا.
ومنها : أنّ نكاح الكافر تبطل بإسلامها إن لم يسلم الزوج الكافر في العدّة ، إذ بقاء الزوجيّة مع كفر الزوج يرجع إلى علوّ الكافر على الزوجة المسلمة وأن يكون له سبيل عليها ؛ لأنّ ( الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) (١). وقد قال بعض المفسّرين في شأن نزول هذه الآية : أنّها نزلت في سعد بن الربيع بن عمرو ، وكان من النقباء وفي امرأته حيبة بنت زيد بن أبي وقّاص ، وهما من الأنصار ، وذلك أنّها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أفرشته كريمتي فلطمها ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لتقتص من زوجها وانصرفت » فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ارجعوا ، هذا جبرئيل أتاني وأنزل. هذه الآية » فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير » ورفع القصاص.
ولكن أنت خبير بأنّ هذا النقل لا يخلو عن إشكال ، فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يفتي بغير ما أراد الله ، وعلى كلّ حال تدلّ الآية على علوّ الرّجال على النساء ، وعليهن أن ينهين بنهيهنّ ، ولا يخالفن أزواجهنّ فيما إذا أرادوا منهنّ البضع.
وقد روى الطبري في تفسيره روايات عن أشخاص متعدّدة في تفسير هذه الآية الشريفة ، كلّها يظهر منها أنّ الرجل له حقّ تأديب زوجته ، حتّى أنّه حكي عن الزهري أنّه كان يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس ، فمثل هذه السلطنة التي موضوعها الزوجيّة لا يمكن أن يكون مجعولا للكافر ، فيدور الأمر بين أن
__________________
(١) النساء (٤) : ٣٤.