وذلك من جهة أنّه على تقدير ثبوت هذه القاعدة فما ذكر أى عدم جواز انتقال العبد المسلم إلى الكافر ، يكون من أوضح مصاديق هذه القاعدة ؛ لأنّه أيّ سبيل وعلوّ يكون أعظم من كون المسلم عبدا مملوكا للكافر ( لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ )؟
ولذلك لو تملّكه بالملك القهري ـ كالإرث فيما إذا كان المورث أيضا كافرا ، أو أسلم في ملك الكافر ـ يجبر على البيع ولا يقرّ يده عليه ، بل يباع عليه ، ولا يعتنى بمولاة ، كما هو صريح ما قاله أمير المؤمنين عليهالسلام في عبد كافر أسلم وهو في ملك مولاه الكافر :
في المرسل عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أتي بعبد ذمّي قد أسلم ، فقال عليهالسلام : اذهبوا فبيعوه من المسلمين وادفعوا ثمنه إلى صاحبه ولا تقرّوه عنده » (١).
وأمّا ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره في هذا المقام ـ من معارضة هذه القاعدة بعموم أدلّة صحّة البيع ، ووجوب الوفاء بالعقود ، وحلّ أكل المال بالتجارة عن تراض ، وعموم « الناس مسلطون على أموالهم ». (٢) فيدفع بما ذكرنا في الجهة الثانية من حكومة هذه القاعدة على العمومات الأوّليّة وإطلاقاتها ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعلهم بمنزلة الموتى في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والكفّار بمنزلة الموتى » ، فالكفّار خارجون عن تحت تلك العمومات والإطلاقات خروجا تعبّديّا ، وهذا معنى حكومة القاعدة عليها.
وسائر المناقشات التي أوردها في هذا المقام واضح الدفع ، ولذلك تركنا ذكرها والإيراد عليها.
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٣٢ ، باب النوادر ( من كتاب القضاء والأحكام ) ، ح ١٩ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٨٧ ، ح ٧٩٥ ، باب من الزيادات في القضايا والأحكام ، ح ٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٢٨٢ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، باب ٢٨ ، ح ١. وفي الكافي والتهذيب : « أتي بعبد لذمّي قد أسلم ».
(٢) « المكاسب » ص ١٥٩.