اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) يوم القيامة ».
وروي أيضا عن آخرين عن عليّ أمير المؤمنين مثله.
وروي أيضا بإسناده عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى ( لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) قال : ذاك يوم القيامة ، وأمّا السبيل في هذا الموضع فالحجّة ، وروي أيضا عن السدي إنّه الحجّة (١).
ولكن أنت خبير أنّ تفسير الإمام عليهالسلام ببعض مصاديق ما هو المتفاهم العرفي من اللفظ لا ينافي عموم المراد ، ولا يقتضي الخروج عمّا هو ظاهر اللفظ ، بل يكون الظهور باقيا على حجيّته فيؤخذ بظاهر اللفظ الذي هو عبارة عن نفي غلبة الكافر على المؤمن ، سواء أكان بالحجّة يوم القيامة ، أو في الدنيا بالنسبة إلى عالم التشريع.
نعم تفسيره عليهالسلام بالحجّة في يوم القيامة حيث أنّه في مقام أنّه ليس المراد من نفي السبيل نفي القهر والغلبة الخارجية التكوينيّة ، فتكون تلك الغلبة خارجة عن عموم نفي السبيل ، وخروج مثل هذه الغلبة عن العموم أمر واضح محسوس في الخارج ، فقد قال الله تبارك وتعالى في قضيّة انكسار المسلمين في غزوة أحد ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ ) (٢).
والحاصل : أنّ الإمام عليهالسلام بصدد بيان أنّ هذا العموم ليس عقليّا كي لا يكون قابلا للتخصيص ، وأنّ الغلبة الخارجيّة خارجة عن تحت العموم.
ثمَّ إنّه عليهالسلام بيّن بعض مصاديق المراد الذي هو قريب إلى فهمهم ، وهو الغلبة بالبرهان والحجّة في يوم القيامة.
هذا كلّه فيما إذا كان المراد من السبيل المنفي هي الغلبة ، وأمّا بناء على ما استظهرنا من أنّ المراد منه الحكم الشرعي والغلبة في عالم التشريع فلا إشكال حتّى يحتاج إلى
__________________
(١) « جامع البيان في تفسير القرآن » ج ٥ ، ص ٢١٤.
(٢) آل عمران (٣) : ١٤٠.