قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحقّ به » (١) المنجبر ضعف سنده بالاشتهار عند الكلّ واستناد الجميع إليه.
ولكن الاستيلاء على الشيء بدون قصد التملّك وإن كان يصدق عليه السبق إلى الشيء ، ولكن السبق إلى المباحات الأصليّة لا يوجب حسب مضمون الحديث إلاّ الأحقيّة من الآخرين ، والأحقّية غير الملكيّة ؛ لأنّها تجري فيما لا يقبل التملّك ، كالأوقاف العامّة مثل المساجد والمشاهد المشرفة والرّبط وخانات الوقف ، فالذي سبق إلى مكان من هذه الأماكن ، وأخذ لنفسه وعياله محلاّ منها فليس لأحد مزاحمته ، بل يكون هو أحقّ من جميع الناس بذلك المكان ، مع أنّ تلك الأماكن غير قابلة لأنّ تصير ملكا لأحد.
فهذا الحديث الشريف لا يدلّ إلاّ على حصول حقّ السبق بالنسبة إلى الأمكنة التي هي وقف عامّ كالموارد التي ذكرناها ، أو بالنسبة إلى المباحات الأصليّة إذا استولى عليها لا يقصد التملّك. وأمّا إذا استولى عليها بقصد تملّكها فيصير ملكا قطعا ، لبناء العقلاء والسيرة القطعيّة عند المتديّنين على حصول الملكيّة في المباحات الأصليّة إذا كان الاستيلاء بقصد التملّك ، وذلك كالاحتطاب والاعتشاب.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مطلق الأحقّية وإن كان غير ملازم للملكيّة ؛ لما ذكرنا من أنّها قد توجد فيما ليس بقابل لأن يصير ملكا لأحد كالأوقاف العامّة ، ولكن الأحقّية المطلقة مساوقة مع الملكيّة ولا تنفكّ عنها ؛ لأنّ الأحقيّة المطلقة عبارة كون صاحبها أحقّ من جميع من عداه بالنسبة إلى جميع التصرّفات ، ومنع غيره عن جميع التقلّبات. ومثل هذا المعنى في نظر العرف والشرع عين الملكيّة ؛ وذلك من جهة أنّ الملكيّة اعتبار عقلائي بلحاظ هذه الآثار ، فإذا حكم الشرع أو العقلاء بترتّب هذه الآثار على شيء ، وفي مورد معناه أنّه أو أنّهم اعتبروا ملكيّة ذلك الشيء ، فإذا دلّ الحديث الشريف على
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٣ ، ص ٤٨ ، ح ٤ ؛ « سنن البيهقي » ج ٦ ، ص ١٤٢ ، باب من أحيا أرضا ميتة ليست لأحد.