بلا مالك.
وبعبارة أخرى : إنّ هذا المال إمّا للمقرّ له أو لغيره يقينا ، فإذا ثبت بواسطة إقرار ذي اليد أنّه ليس لغير المقرّ له فلا بدّ وأن يكون له ، فيكون هو المنكر وطرفه المدّعي وهو المدّعى في المقام ، وكون المقرّ له هو المنكر وطرفه المدعي يكون هكذا بناء على ما هو التحقيق من أنّ المدّعي من يكون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة ، والمنكر من يكون قوله موافقا للحجّة الفعلية.
هذا ما أفاده أستاذنا المحقق العراقي قدسسره وهو وإن كان في غاية اللطافة والدقة والمتانة ، لكن يرد عليه : أنّ دلالة اليد على نفي الملكيّة عمّن عدا ذي اليد كان من باب دلالة الالتزام ؛ لأنّ مدلولها ابتداء وبالمطابقة ملكيّة ما في اليد لذيها ، ولازم كونه ملكا لذي اليد نفيه عن غيره أيّ شخص كان ، فإذا بطل أماريّتها بالنسبة إلى الملزوم والمعنى المطابقي لا يبقى مجال لدلالتها على المعنى الالتزامي.
وقياسه بالخبرين المتعارضين في غير محلّه لأنّه هناك في الحقيقة أخبار متعدّدة ، فكما أخبر بالمعنى المطابقي كذلك أخبر بالمعنى الالتزامي. فدليل « صدّق العادل » يشملها جميعا في عرض واحد. ولو كان طوليّة في البين فبين الموضوعات لدليل حجيّة الأخبار ، فبعد تحقق الموضوع ـ ولو كان في طول إخبار الملزوم وبعد تحقّقه ـ يكون مشمولا لدليل الحجيّة في عرض مشموليّة الإخبار بالملزوم.
وأمّا في ما نحن فيه فلا يجري هذا الكلام أصلا ؛ لأنّه ليس هنا أمارات متعدّدة طوليّة حتّى تكون مشمولة لدليل الحجيّة في عرض واحد ، ويكون سقوط حجيّة بعضها غير مضرّ بحجيّة البعض الآخر ، بل ليس هاهنا إلاّ أمارة واحدة ، وهي اليد التي تكون أمارة على ملكية ما فيها لذيها. غاية الأمر حيث أنّ مثبتات الأمارات حجّية فكما أنّ اليد تدلّ على ملكيّة ما فيها لذيها ، كذلك تدلّ بالالتزام على نفيها عن غير ذي اليد ، فإذا بطلت هذه الدلالة المطابقيّة بإقراره لغيره لا يبقى مجال للدلالة التابعة