وسيطرتان في الخارج : أحدهما على العين ، والأخرى على المنفعة ، بل ليس في الخارج إلاّ الاستيلاء على العين ، وهذا الاستيلاء الواحد كما يصحّ أن ينسب إلى العين يصح أن ينسب إلى المنفعة. وبعبارة أخرى : المنفعة غالبا أمر غير قارّ لا توجد إلاّ تدريجا.
نعم هناك عند العرف قد تطلق المنفعة على بعض الأعيان الخارجيّة ، كاللبن في الضرع ، والثمرة على الشجرة. فهذه وأمثالها خارجة عن محلّ الكلام ، ولا شكّ في إمكان وقوعها مستقلا تحت اليد ، فكلامنا في ما هو من قبيل الأوّل ـ أي المنافع التي لا وجود لها استقلالا ـ بل هي حال النزاع كما قلنا معدومة ولا توجد إلاّ تدريجا ، فليس حال النزاع شيء موجود حتّى نقول بأنّه تحت اليد مستقلا ، نعم إنّها تحت اليد بتبع العين ، بمعنى أنّ اليد على العين يد أيضا عليها ؛ وبهذا صحّحنا الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد بالنسبة إلى المنافع غير المستوفاة من باب ضمان اليد.
والحاصل : أن اليد على العين يد على المنافع غير القارّة حقيقة وواقعا ، وليس من قبيل الوصف بحال متعلّق الموصوف ، أي ليس العين واسطة في العروض بل واسطة في الثبوت ، فإذا استولى على العين لا يصحّ سلب السلطنة واستيلائه على المنفعة.
وبعد ما ظهر ما قلنا فنقول : فلو كان المدّعي هو المالك فحيث أنّ ذا اليد معترف بأنّ يده أماني ومن قبل المالك ، ففي الحقيقة يده يد المالك ، كما بيّنّا سابقا أنّ يد كلّ أمين مالكي يد المالك ، فلا يبقى مجال للمخاصمة مع المالك بمثل هذه اليد ؛ لأنّه أسقطها عن الاعتبار بالنسبة إلى المالك باعترافه أنّ يده أمانيّة.
وأمّا بالنسبة إلى الأجنبي فلا ، من جهة أنّ اليد موجودة على الفرض ، ولم يصدر عن ذي اليد اعتراف يضرّ بأماريّتها بالنسبة إلى الأجنبي.
نعم يبقى مطالبة الدليل على اعتبار مثل هذه اليد التبعي ، فنقول : لو كان المدرك لهذه القاعدة هو الأخبار فالإنصاف أنّ إثبات حجيّتها حتّى فيما إذا كان المدّعي غير المالك مشكل ؛ لأنّ أغلب الأخبار موردها الأعيان ، والخروج عنها إلى المنفعة يحتاج