التعبّد بترتيب آثار الملكيّة عند الشكّ فيها ، بل من جهة كشفها عن الملكيّة الحاصل من غلبة كون ما تحت اليد ملكا لذي اليد عند عدم اعترافه بأنّه لغيره ، فيرون اليد طريقا وكاشفا عن ملكيّة ذي اليد ما لم يعترف بأنّه ليس له كسائر الظنون النوعيّة والطرق والأمارات العقلائية.
وبعبارة أخرى : الشيء تارة معلوم وجوده أو عدمه سواء أكان ذلك الشيء أمرا تكوينيّا أو اعتباريّا ، فالعقل يحكم بوجوب ترتيب آثاره عليه.
وهذا معنى حجّية العلم ؛ فليست حجّية العلم من المجعولات الاعتباريّة ، بل هي عبارة إمّا عن نفس هذا الحكم العقلي ، فيكون من لوازم العلم ، ويكون من قبيل الذاتي في كتاب البرهان. أو هي عبارة عن ملزوم هذا الحكم العقلي ، أي نفس الانكشاف والظهور ، فيكون من قبيل الذاتي الايساغوجي ؛ لأنّ العلم عبارة عن نفس الانكشاف والظهور ، وعلى كلا التقديرين ليست من المجعولات الاعتبارية ، بل هي غنيّة عن الجعل المستقل.
وأخرى مظنون أحدهما ـ أي وجود الشيء أو عدمه ـ وحينئذ لا شكّ في أنّ العقل لا يحكم بصرف الظنّ بوجود الشيء أو عدمه بوجوب ترتيب آثار وجوده في الأوّل ، وآثار عدمه في الثاني إلاّ أن يجعل طريقا في عالم الاعتبار بأن يعتبره العقلاء أو الشارع المقدّس طريقا وكاشفا ، سواء أكان اعتبار الشارع إحداثيّا أو إمضائيّا لما يكون طريقا عند العقلاء ، كما هو الحال في أغلب الطرق والأمارات الشرعيّة بل جميعها ؛ لأنّه لم نجد في الأمارات الشرعيّة ما لم تكن هي عند العقلاء أمارة.
نعم ربما يتصرّف الشارع في موضوع ما يراه العقلاء أمارة ، بازدياد قيد ، مثل عدالة الشاهدين في ثبوت ما أخبرا به مثلا ، أو حذف قيد ممّا هو موضوع الحجيّة عند العقلاء. ولا شكّ في أنّ الحجيّة في هذا القسم من المجعولات الاعتباريّة من طرف العقلاء ، أو الشارع ، أو من طرف كليهما بأن يكون مثلا من طرف العقلاء إحداثا ومن طرف الشارع إمضاء.