ولا يلجأ الى هذا المنطق الرخيص إلا كل جاهل يعوزه الدليل ، والبرهان وشعر زيد بألم حينما سب أخاه فالتفت الى الطاغية قائلا :
« سماه رسول الله الباقر ، وتسميه البقرة ، لشد ما اختلفتما لتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار .. » (٢٩)
وزعزعت هذه الكلمات عرش الطاغية وابرزته امام أهل الشام كأقذر مخلوق لا يستحق أن يكون شرطيا فكيف يكون خليفة على المسلمين؟ مع مخالفته لرسول الله (ص)؟ وفقد هشام صوابه فصاح بجلاوزته ان يخرجوا زيدا من مجلسه (٣٠) وخرج زيد وقد ملئ قلب هشام غيظا والما ، وراح الطاغية يقول لأسرته :
« ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا ، لا لعمري ما انقرض قوم هذا خلفهم ... » (٣١)
وخرج زيد وقد امتلأت نفسه حماسا وعزما على اعلان الثورة على الحكم الأموي الذي كفر بجميع القيم الانسانية واستهان بكرامة الناس ، وقد أعلن زيد شرارة الثورة بكلمته الخالدة التي اصبحت شعارا للثوار ونشيدا لهم على الخوض في ميادين الكفاح والنضال قائلا :
« ما كره قوم حر السيوف إلا ذلوا .. »
وقد جرت هذه المقابلة بين زيد وبين هشام في حياة الامام الباقر (ع) ولم تشر المصادر التي بايدينا الى السنة التي وقعت فيها وعلى أي حال فمنذ تلك اللحظة عزم زيد على الثورة ، والقيام بمناهضة الحكم الأموي ،
__________________
(٢٩) شرح النهج ١ / ٣١٥ ، عمدة الطالب ( ص ٨٣ ).
(٣٠) الكامل ٥ / ٨٤.
(٣١) عمدة الطالب.