سعة الخيال فضلا عن ادراكها بالعين الباصرة فان كلا منهما محدود بحسب الزمان والمكان ، وقد أدلى بذلك الامام أبو جعفر (ع) حيث سئل عن قوله تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) (١٧٣) فقال (ع) : « أوهام القلوب ادق من ابصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف ابصار العيون؟ .. » (١٧٤)
ان البصر ينقلب خاسئا وهو حسير في تصوره لذات الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة ، يقول ابن أبي الحديد :
فيك يا اعجوبة
الكون |
|
غدا الفكر عليلا |
كلما أقدم فكري |
|
فيك شبرا فرّ
ميلا |
أنت حيرت ذوي |
|
اللب وبلبلت
العقولا (١٧٥) |
إنه ليس هناك شيء ابعد من ادراك ذات الله تعالى فانها تمتنع على العقول وتعجز من ان تلم بأي جانب من جوانبها ، وقد سأل عبد الرحمن ابن أبي النجران الامام أبا جعفر عن الله تعالى فقال : إني اتوهم شيئا ، فقال (ع) له :
« نعم غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه ، ولا يشبهه شيء ، ولا تدركه الأوهام ، وهو خلاف ما يعقل ، وخلاف ما يتصور ، إنما يتوهم شيء ، غير معقول ولا محدود .. » (١٧٦)
__________________
(١٧٣) سورة الانعام : آية ١٠٣.
(١٧٤) نسب هذا الحديث الى الامام الجواد.
(١٧٥) شرح النهج ١٣ / ٥١.
(١٧٦) أصول الكافي ١ / ٨٢.