شيء ، ولا يندم على شيء ، ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض وما بينهما ، وما تحت الثرى .. » (١٧٨)
وألمت هذه القطعة الذهبية من كلام الامام العظيم بأزلية واجب الوجود وتوحيده ، وتنزيهه عن المشابهة لمخلوقاته التي يحدها الجنس والفصل والتي تخضع في وجودها وعدمها الى العلة ، وتفتقر إلى الزمان والمكان وتعالى الله عن جميع ذلك فانه الاول والآخر ، والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ... وقد سئل بعض المحققين عن الله ما هو؟ فقال : الأوحد ، فقيل له : كيف هو؟ فقال : ملك قادر ، فقيل له : اين هو؟ فقال : بالمرصاد ، فقال السائل : ليس عن هذا أسألك ، فقال : ما اجبتك به هو صفة الحق فأما غيره فصفة الخلق.
لقد أرادوا أن يتعرفوا على ذات الله تعالى حتى كأنه شيء من الاشياء التي تخضع للحواس وسائر المدركات العقلية ، ولم يعلموا أن الله تعالى فوق ما يدركه العقل ، وفوق ما تتصوره الأوهام ، لا إله إلا هو الحي القيوم.
وعلى أي حال فان كلام الامام (ع) قد عرض لأدق المسائل الكلامية التي لم يطرقها أحد من متكلمي المسلمين وفلاسفتهم سوى جده الامام أمير المؤمنين (ع) اما الاحاطة بكلام الامام (ع) وإيضاحه فانه يحتاج الى دراسة مفصلة ، وقد عنى فلاسفة الاسلام بالاستدلال على النقاط التي وردت في حديث الامام (١٧٩).
__________________
(١٧٨) أصول الكافي ١ / ٨٨ ـ ٨٩.
(١٧٩) عرض لذلك بصورة موضوعية الفيلسوف الاسلامي الكبير صدر الدين الشيرازي في كتابه ( الشواهد الربوية ).