إلاّ أنّها مع احتمال موافقتها لمذهب العامة ـ كما حكي عن الوسائل (١) يرد عليها أنّ غير الأخيرتين منها أعمّ مطلقا من صحيحة ابن سنان (٢) ، إذ مدلولها وجوب قصر المسافر قبل دخول البيت أو المنزل أو المصر مطلقا سواء بلغ موضع سماع الأذان أم لا ، ومدلول الصحيحة وجوب الإتمام في بعض خاصّ منه وهو ما بعد سماع الأذان فيجب تخصيصها به ، بل وكذلك الموثّقة الأخيرة لأعميّة جانب المصر عن موضع سماع الأذان.
ولا يضرّ عموم الصحيحة باعتبار الممثّل له ، حيث إنّ له أيضا فردين : وجوب القصر عند عدم سماع الأذان ، والإتمام عند سماعه ، بل إجمالها لتعدّد ما يحتمل التشبيه به فلعلّ التشبيه في الأوّل خاصّة بجعل المشار إليه هو الجزء الأخير وهو قوله : « إذا كنت في الموضع الّذي لا تسمع الأذان فقصّر ».
لبعد ذلك الاحتمال جدّا وظهور إرادة التشبيه في الحكمين ، مع أنّه يثبت المطلوب مع تخصيص التشبيه بالجزء الأخير أيضا ، إذ الجزء الأخير ليس هو وجوب القصر في موضع لا يسمع الأذان خاصّة بل جملة شرطيّة لها منطوق ومفهوم ، فيدلّ بالمفهوم على عدم القصر إذا لم يكن في موضع لا يسمع الأذان.
ومنه تظهر تماميّة دلالة الصحيحة على ما في بعض النسخ الغير المشهورة منها من إسقاط الشرطية الاولى في حكم الذهاب ، لكفاية الثانية في ذلك أيضا ، مع أنّ اشتهار النسخة المتضمنة للشرطين سيّما مع تقدم الإثبات على الإسقاط كاف في المطلوب.
فلم يبق إلاّ الموثّقة الاولى ، وهي غير صريحة بل ولا دالّة على المطلوب لعدم تصريح فيها على كون الرجل من أهل الكوفة إلاّ أن يتمسّك بعمومها الحاصل من ترك الاستفصال الواجب تخصيصه بالصحيحة أيضا لأخصّيتها مطلقة.
مع أنّها معارضة في ذلك الحكم مع الصحيحة المحاسنيّة المنجبرة في هذا
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٧٥ أبواب صلاة المسافر ب ٧ ذيل الحديث ٦.
(٢) المتقدمة في ص ٢٩٢.